|
من هو صدام حسين
سامان نديم الداوودي
الحوار المتمدن-العدد: 1709 - 2006 / 10 / 20 - 11:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل هو جدار برلين الشرق الاوسط الذي انهار مفسحا في المجال أمام بروز مرحلة سياسية جديدة مقبلة في المنطقة على حساب مرحلة بائدة أو في طريقها للانقراض ؟ هكذا على الاقل ، تصور صدام حسين عشرات الدراسات والبرامج التلفزيونية الغربية ، وبخاصة الامريكية ، والتي تصفه بأنه الوريث الأمين والشرعي ( لستالين) ذي النظرة الشمولية للحكم ، والذي يقتل خصومه ومناوئيه بالسهولة نفسها التي ينفث بها دخان سيجارة !!. ... أم انه الرجل الذي انتجه مجتمع تكريت ، المدينة التاريخية القديمة التي عاشت مطالع القرن الماضي ، وهي مرحلة طفولة صدام حسين فيها ، ظروف البؤس والقسوة والتناقض الحاد بين عصبيات جهوية داخلها ، كانت تدفع اهلها دائما للتوصل الى حل خلافاتهم عن طريق الغلبة والحروب الاستتباعية . ان تكريت القاسية والمتصارعة والمثخن جسدها الاجتماعي بالمؤامرات والدسائس ، هي ((الحمض النووي)) لجينات صدام حسين الانسانية والثقافية والاجتماعية .. هكذا ، تقدم الدراسات الغربية عن صدام حسين ، وتبلغ هذه الصور ذروتها الخبيثة ، حينما تغمز من قناة ان تكريت هي صورة مصغرة عن حياة العرب التاريخية والمعاصرة التي يسعى الامريكيون أنهم يسعون الى تحريرهم واخراجهم من اطارها ليدخلوا صورة محاكاة نيويورك والحياة الحديثة !؟ .. جوانب اخرى اساسية تركز عليها ايضا معاهد التفكير الامريكي في مجال اجابتها عن سؤال القرن الجديد ، من هو صدام حسين ؟ اهمها انه نصب وثني لحزب البعث العربي الاشتراكي ، المسؤول عن اعاقة الديموقراطية في هذه المنطقة لنحو قرن من الزمن والذي يتحمل المسؤولية امام الشعوب العربية ، عن زرع غدد اليأس والاحباط في نفوسهم ، ما جعلهم يبحثون في ظل تطبيق حزب البعث المشوه للعلمانية ، عن ملاذ سياسي بديل ، وجدوه في التطرف الاسلامي الذي اسس لفقه ثقافي سياسي ديني عن احداث 11 ايلول / سبتمبر ؟!. ويتم ايضا دفع صورة صدام حسين من قبل العقل الدعائي السياسي الامريكي ، الى زاوية ايحائية اخرى من المعاني ، مفادها فشل الدول النفطية العربية في بناء المجتمع المدني المتسامح والديموقراطي ، والحل لهذه المعضلة هي جعل هذه الدول تعيش فترة ثلاثةاجيال مقبلة من الانتداب الثقافي والسياسي والاقتصادي الامريكي ! يقول نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني (( ان موارد العراق النفطية التي تعد اهم اكبر الموارد النفطية في العالم ، ستشكل عاملا مهما في بناء الديموقراطية )) . ان هذه العبارة تتردد الان كثيرا في اوساط الادارة الامريكية وخارجها في الغرب ، وتقول مسوغاتها ان النفط – كغيره من الموارد الطبيعية الاخرى ، لا يساعد على ايجاد الرأسمالية او المجتمع المدني ، وبالتالي الديموقراطية . انه يعمل في الحقيقة على عرقلة هذه العملية ، فالدول التي يحتوي ترابها على كنوز لا تحتاج الى وضع أطر لقوانين والسياسات التي تحقق النمو الاقتصادي مما يؤدي بالتالي لخلق الطبقة الوسطى الحيوية المتنورة ، فهذه الدول تقوم ببساطة ، بحفر الارض لاستخراج الذهب الاسود ، وكونها تملك ارصدة الامان لا تعمل من اجل بناء اقتصادها ، وهي بالتالي لاتتطور اقتصاديا وسياسيا ، والثروة النفطية السهلة تعني في نهاية المطاف ان الدول لاتحتاج الى فرض الضرائب على مواطنيها ، ورغم ان هذا الامر يبدو جيدا للوهلة الاولى الا ان الحكومات التي لاتفرض الضرائب على شعوبها ، تقوم بالمقابل ، بمطالبة هذه الشعوب بدفع ثمن مقابل ، مثل عدم مسألةالحاكم في مواضيع الشفافية والديموقراطية!! وتصل هذه المقولة الى ذروتها عندما تقول ان المعادلة بين الضرائب والتمثيل السياسي تأتي في صلب الليبرالية الغربية التي تريد واشنطن في هذا العصر الجديد تعميمها على العالم العربي بالاقناع أو بالقوة !! ان مأساة صدام حسين لجهة الصورة التي يتم استخراجها له في هذه المرحلة ، تبدو محدودة ،قياسا بالصورة التي يتم الآن استخراجها للعرب ولتاريخهم ،استنادا على انها استنساخ لصورة صدام حسين؟! والواقع ، انه لايبدو ان هناك هوامش واسعة للدفاع عن سيرة صدام حسين السياسية ، فهي شخصية أفرطت في العنف للدفاع عن السلطة التي بحوزتها ، ولكن في المقابل ،شهدت سيرته ،باعتراف معارضيه ،مراحل ذهبية في بعض مراحلهافخلال الفترة الحزبية ، بدا صدام حسين محاورا وجديا ومسؤولا ومتفرغا للنضال الحزبي ، وخلال فترة السبعينات ، كان ينظر اليه من قبل كافة القوى العراقية ، بما فيها الاكراد والشيوعيون ، على انه الرجل المنفذ والذي يمكن الثقة به ، وبالمقابل هناك ايضا صفحات سوداء قاتمة في سيرته يحتاج الكثير لسرده . وبغض النظر عن حقيقة أن صدام حسين في النهاية هو حالة فردية اجتماعية تسلطية ، فكما تقصد رعاة البقرمن أن يجعلوا من ادانة هتلر(النازي) ، هي ادانة لألمانيا . فهل يريدون أن يجعلوا من ادانة صدام حسين(العفلقي) ، هي ادانة لكل العرب ؟! .
الهوامش اسرارمن بغداد / محمد حسين بزي / دارالامير- بيروت - الطبعة الاولى - 2005م من الذاكرة سيرة حياة / صالح دكلة / دار المدى- دمشق- الطبعة الاولى- 2000م
#سامان_نديم_الداوودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|