أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة














المزيد.....

المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7556 - 2023 / 3 / 20 - 10:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة !


سبق للمفكر السوري (برهان غليون) أن أنجز دراسة قيمة في مضمونها بقدر ما هي جريئة في طروحاتها بعنوان ؛ المحنة العربية : الدولة ضد الأمة . وبصرف النظر عما إذا كنا مؤيدين أو معارضين لما حملته تلك الدراسة من تصورات فكرية أو إيحاءات سياسية استهدفت إقناع القارئ / المتلقي العربي بطبيعة مضامينها وتوجهاتها ، إلاّ ان أحدا"لا ينكر أنها وضعت يدها على بعضا"من أوجاع المآسي المتوطنة في بيئة البلدان العربية الموبوءة ، ليس فقط في مجال السياسة المضطرب باستمرار والتاريخ الملتهب على الدوام فحسب ، بل وكذلك في مجالات الاقتصاد الخرب والاجتماع المحترب والثقافة المجدب والوعي المستلب .
وإذا كان (غليون) قد وجّه أصابع الاتهام الى (الدولة) العربية لاعتقاده بدورها المحوري في إعاقة نهضة (الأمة) العربية من كبوتها المزمنة ، ومن ثم الحيلولة دون استئناف سيرورتها في مضامير التطور العلمي والثقافي والحضاري ، فان فداحة (المحنة العراقية) تدعونا هذه المرة لأن نوجه أصابع الاتهام ليس الى (الدولة) بما هي كيان مؤسسي مختطف من قبل الجماعات العصبية والكيانات الأصولية بعد أن تم تجريدها من عناصر سيادتها الإقليمية ومكونات هيبتها القانونية ، وإنما الى (السلطات) العديدة المذاهب والمتنوعة المشارب والمتعارضة المآرب ، والتي لم تفتأ تناصب الدولة العداء على أكثر من مستوى وفي أكثر من صعيد ، مثلما تسعى جاهدة لاخصائها بشتى الطرق والأساليب ، للحدّ الذي يجعلها ضعيفة الإرادة وعنينة القدرة وغير مؤهلة لحماية نفسها والذود عن سلطتها ، ناهيك عن حماية المجتمع الذي تحكمه داخليا"وتمثله خارجيا"، والذي يفترض بها أن تحفظ كرامته وتدافع عن مصالحه .
ولعل من مفارقات التاريخ في إطار المحنة العراقية أن تأتمر (الدولة) بأوامر (السلطة) وليس العكس ، كما ينبغي أن يكون الأمر في واقع التجربة الإنسانية الممتدة على مسار التاريخ . وإذا ما حدث – كما في بعض الحالات – وأن تجرأت (سلطة) ما على إزاحة (الدولة) من عرينها والحلول مكانها الشرعي والاستحواذ على مكوناتها المادية ومقوماتها الرمزية ، فان العواقب الناجمة عن هذا الفعل كانت – وستكون – وخيمة ليس فقط بالنسبة لمستقبل (الدولة) المنتهكة فحسب ، بل وكذلك بالنسبة لمصير (السلطة) التي تجاسرت على الخوض في هذا الغمار الشائك والخطر . ذلك لأن فعل (الاغتصاب) المؤسسي للدولة من قبل السلطة سيترجم تباعا"الى خراب في المؤسسات السياسية والأمنية ، وتداعي في الهياكل الاقتصادية والاجتماعية ، وتصدع في البنى الثقافية والرمزية ، وتفكك في المنظومات التاريخية والرمزية ، على خلفية تشظي جماعات السلطة الى أحزاب متصارعة ، وتذرر كياناتها الى قبائل متحاربة ، وانشطار ولائها الى طوائف متقاتلة .
ولعل ما يجعل المحنة العراقية تبدو بهذا القدر من الفجيعة المنغمسة في الطابع الكارثي (العدمي) كونها وليدة مصدرين أساسيين من مصادر الخراب العراقي المستديم ؛ الأول هو أن (الدولة) استمرت – منذ نشأتها الأولى – تتعاطى مع الشأن (الوطني) الجامع من منظور (أقوامي – مذهبي) تجزيئي ، بحيث تعذر عليها تأسيس هوية معيارية (عراقية) شاملة تقوم على مبدأ (المواطنة) التي تلزم الفرد باحترام (الدولة) وتحضّه على أن يقيم وزنا"لقوانينها واعتبارا" لتشريعاتها . وهو الأمر الذي سيؤسس لاحقا"لصيرورة المصدر الثاني القائم على شعور الإنسان العراقي – فردا"كان أم جماعة – ب (اغترابه) عن كل ما يتعلق بكيان الدولة ومؤسساتها وأجهزتها ، بحيث تولد لديه – بالتقادم والتراكم - انطباع لن يمحى من ذاكرته بسهولة مفاده ؛ ان كل ما ينتمي الى الدولة ماديا"أو معنويا"هو (غريب) عنه وعديم (الثقة) به ، وبالتالي شرعنة انتهاكه سواء بالسرقة أو بالتحطيم ان تعذر عليه ذلك . لاسيما وان الانسان العراقي ظل يحمل موروثا"متداولا"يفيد بان الدولة العراقية ما هي إلاّ صنيعة الاستعمار الأجنبي (البريطاني) المتحالف مع الإقطاع الريفي والمتواطئ مع الرجعية المدينية .
وفي ضوء ما يعيشه العراق حاليا"– أرضا"وشعبا"- من فوضى وخراب ودمار على جميع الصعد والمستويات ، تبدو لنا صورة المستقبل قاتمة وموحشة حيث يضمحل الأمل وينعدم الرجاء في إمكانية الخروج من هذا المأزق الوجودي والخانق التاريخي ، خصوصا"وان جماعات (السلطة) المنفلتة من عقالها لا تبرح تتعملق - بقوة السلاح - على كيان (الدولة) المتصاغر على نحو مستمر . ومما يزيد الطين بلّة ان (المواطن) العراقي المستلب الحقوق والمنتهك الحريات ، لا يجد من يذود عنه طغيان العنف بشتى أنواعه واستشراء الفساد بمختلف أشكاله سوى جماعات (السلطة) الأقوامية والطوائفية والقبائلية والمناطقية ، بعد ترسخ لديه الاعتقاد ان (الدولة) العراقية لم تعد قادرة على حمايته وضمان أمنه وتحقيق مصالحه ، بقدر ما أضحت مجرد عبارة جوفاء تلوكها ألسن الناس العاجزين وتتداولها خطابات الأحزاب البائسة ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقات المثقف المؤدلج وفخ (الهجنة) الايديولوجية
- أرشيف الماضي وقاموس المعاني : قراءة في المقاصد والحدود
- السبق الحضاري في المجتمع المعطوب : فاعل عراقة أم عامل إعاقة ...
- الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية
- القاع والقناع : احتباس الوعي بين التاريخ والايديولوجيا (حالة ...
- السياسة والفلسفة : تقارب أم تضارب ؟!
- الاطر الحضارية للعلوم الانسانية
- مفارقات المجايلة في سيكولوجيا الجماعات العراقية
- مجتمع الاصطناع .. وفقدان الأمثولة المعيارية
- مناقب الجمهور ومثالب النخبة !
- هل الى صحة العقل من سبيل ؟!
- العامل الاقتصادي وبندول الشعور الوطني
- السؤال الموارب : هل حقا-أنا مثقف ؟!
- مصطلح (البدوقراطية) بين حق التأسيس وحق الاقتباس
- مزالق الايديولوجيا ومآزق الايديولوجيين !
- الايديولوجيا ضد الايديولوجيين !!
- خراب العقلية العراقية وطراز المثقف النيتشوي !
- صراع العقيدة والمعتقد : بين الفتاوى الدينية والتعاويذ الطائف ...
- الثقافة والديمقراطية .. تزامن أم تعاقب ؟
- صلاحية الديمقراطية في المجتمعات المتخلفة !


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة