أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسقيل قوجمان - الحزب الماركسي الحقيقي هو حزب الطبقة العاملة















المزيد.....

الحزب الماركسي الحقيقي هو حزب الطبقة العاملة


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1709 - 2006 / 10 / 20 - 11:24
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


قرات في العدد ۱٦٩۳ من الحوار المتمدن مقالا للاخ ماجد فيادي يناقش فيه مسودة النظام الداخلي المعد للمؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي. اقتبس الكاتب في الفقرة الاولى من مقاله العبارة التالية من المسودة كما يلي:"انه حزب الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين وسائر بنات وأبناء شعبنا من شغيلة اليد والفكر ..." وبقية العبارة لا تهم موضوع هذا المقال.
وانتقد الكاتب هذه العبارة بفقرة اقتبسها كلها لاهميتها:
"فتأخير كلمة المثقفين عن طبقة العمال والفلاحين يمثل تعارض مع النظام الداخلي المعمول به, والذي يشترط دخول المواطنة والمواطن العراقي للحزب أن يمر بمرحلة تثقيف بزجه في حلقات ماركسية أو شبابية أو طلابية تأهله أن يكون عضوا في الحزب الشيوعي العراقي, وهذا يعني أن الحزب الشيوعي العراقي هو حزب المثقفين أولا, ولا عجبا فان قادت الحزب هم من المثقفين والكتاب والأدباء وحاملي على الشهادات العليا في مختلف الاختصاصات, كما أن كلمة مثقف لا ترتبط بالضرورة بحاملي الشهادات, فالعامل في أوربا يدخل مرحلة دراسة تمتد ثلاث سنوات تأهله لشعل فرصة عمل ( هذا في المانيا على سبيل المثال ), ثم أن أعضاء الحزب من التجار والفلاحين ممن يمتلكون الأراضي أو المقاولين ( باختصار البرجوازيين الصغار), في أي خانة سيصنفون, وماذا عن الطلبة. هل ننسى أن منظري النظرية الاشتراكية لم يكونا من الطبقة العاملة ماركس وانجلس. من هنا أرى تقديم كلمة المثقفين على طبقة العمال والفلاحين لتكون أكثر واقعية, حتى تتطابق مع باقي الفقرة التي تقدم النضال ضد الاضطهاد السياسي والقومي على الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي."
اقتبست العبارة كاملة لانها تحتوي على الكثير من الحقائق المعروفة. فليس خافيا على احد ان ماركس كان من اثقف علماء العالم ان لم يكن اثقفهم. ولم يكن انجلز عاملا بل كان مديرا لمصنع والده اضافة الى كتاباته التي تنم عن ثقافة عالية قلما حازها علماء اخرون. وحقيقة اخرى معروفة هي ان اغلبية اعضاء الاحزاب الشيوعية تاريخيا كانوا من المثقفين وليس من العمال. ومن المعروف ايضا ان الاحزاب الشيوعية ضمت عددا من الفلاحين وحتى التجار. ويشير الى حقيقة اخرى هي ان العامل نفسه في البلدان المتقدمة صناعيا يجب ان ينال قسطا من الثقافة تؤهله للعمل في الصناعات المتقدمة. ويشير ايضا الى ان المرشح للانتماء للحزب يجب "ان يمر بمرحلة تثقيف بزجه في حلقات ماركسية او شبابية او طلابية تؤهله لان يكون عضوا في الحزب الشيوعي العراقي."
من كل هذه الحقائق يتوصل الكاتب الى وجوب "تقديم كلمة المثقفين على طبقة العمال والفلاحين لتكون اكثر واقعية"
هذا الموضوع شيق حقا واعتقد انه نوقش في الادبيات الماركسية كثيرا ولا اعتقد انني ساقدم شيئا جديدا على النقاشات السابقة ولكني ساحاول ان اناقش هذا الموضوع الهام باسلوبي ولو ان ما سأقوله لا يتعدى تكرار النقاشات العديدة السابقة في الادب الماركسي. ولا بأس من التكرار في بحث مثل هذا الموضوع الشيق والهام. ولا اناقش الموضوع باعتباره نقاشا للنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي لاني في كل كتاباتي لم اعتبر الحزب الشيوعي العراقي القائم حزبا شيوعيا او حزبا ماركسيا. كذلك لا اتحدث في مقالي هذا عن الاحزاب الشيوعية عموما لان الاحزاب الشيوعية في ارجاء العالم قد تخلت عن الماركسية بتأثير المؤتمر العشرين وما اعقبه من السياسات التحريفية في الاتحاد السوفييتي وفي كافة الاحزاب الشيوعية تقريبا. لذلك اقتصر في كلامي عن الحزب الماركسي الحقيقي مهما كان الاسم الذي يطلق عليه او سيطلق عليه في المستقبل.
ان الحزب الماركسي الحقيقي هو حزب الطبقة العاملة وليس حزب الطبقة العاملة والمثقفين والفلاحين والطلاب والحرفيين والتجار الصغار.
لنبدأ اولا في النظرية الماركسية. ان الماركسية بالمعنى العلمي الدقيق هي دراسة حركة المجتمع ديالكتيكيا وتحديد اتجاه الحركة فيه التي تحددها قوانين ذلك المجتمع الطبيعية وليس القوانين التي تضعها الحكومات ودفع المجتمع في هذا الاتجاه عن طريق النضال للتعجيل في بلوغه الهدف الذي تحدده هذه القوانين. من هنا جاء القول الشهير بان مهمتنا هي ليست مجرد دراسة المجتمع وانما تغييره. (العبارة الاصلية تعود لكارل ماركس ولكني لا اذكر ذلك لاني لا استطيع ايجاد العبارة الاصلية لاقتباسها). وحركة المجتمع الراسمالي طبقا لهذه القوانين الطبيعية كما حددها ماركس هي باتجاه القضاء على النظام الراسمالي القائم وتحقيق نظام اشتراكي تتفق فيه علاقات الانتاج، اي ملكية ادوات الانتاج والانتاج، مع قوى الانتاج الاجتماعية. ومن دراسة التكوين الطبقي للنظام الراسمالي توصل ماركس الى ان التاريخ وضع على عاتق الطبقة العاملة مهمة قيادة المجتمع في هذا الاتجاه. ولكي تقوم الطبقة العاملة في قيادة المجتمع عليها ان تقود طبقات اخرى كالفلاحين ومراتب المثقفين والطلاب والحرفيين وغيرهم من الطبقات والمراتب التي يمكن للبروليتاريا ان تقودها في سبيل الوصول الى الهدف الاساسي، هدف الاطاحة بنظام الحكم الراسمالي وتحقيق نظام حكم عمالي. فالنظرية الماركسية اذن هي نظرية الطبقة العاملة لا لان الطبقة العاملة تحتكر هذه النظرية وتمنع الاخرين من استخدامها او ممارستها كما يحلو للبعض ان يقول ويكتب. انما لان اي استخدام حقيقي صحيح للنظرية الماركسية يسير لمصلحة الطبقة العاملة اي لمصلحة تقدم المجتمع الراسمالي الى الهدف الطبيعي الذي تحتمه قوانين المجتمع الراسمالي ذاتها. فلو فرضنا ان حزبا راسماليا او حزبا بتي برجوايا استخدم الماركسية استخداما صحيحا فذلك يعني ان هذا الحزب يحاول دفع المجتمع بالاتجاه الذي تفرضه هذه القوانين الطبيعية،اي باتجاه تطور حركة الطبقة العاملة او حركة المجتمع نحو تحقيق هدف الطبقة العاملة الاستراتيجي. فليس باستطاعة حزب برجوازي استخدام الماركسية استخداما حقيقيا صحيحا لمصلحة الراسمالية وضد مصلحة الطبقة العاملة، اي لزيادة استغلال الطبقة العاملة، لان المصالح الراسمالية معارضة للاتجاه الطبيعي لتقدم المجتمع وتحاول ايقاف المجتمع عن تطوره الحقيقي.
ننتقل الان الى كارل ماركس. ما هي المصالح الشخصية الخاصة لمثقف بمستوى كارل ماركس؟ مصلحته الشخصية هي في ان يحوز على مركز اجتماعي عالي المستوى. ان يكون استاذا جامعيا او مستشارا اقتصاديا او وزيرا للاقتصاد او حتى مديرا لشركة راسمالية لكي يحقق له ولعائلته حياة مرفهة بكل ما يعني ذلك من معنى. ولكن كارل ماركس اكتشف القوانين الطبيعية للمجتمع الراسمالي والمجتمعات عموما. اكتشف المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. ووجد ان اتجاه هذه القوانين يؤدي الى الاطاحة بالنظام الراسمالي وقيام مجتمع اشتراكي او مجتمع شيوعي. اكتشف ان القوة القادرة على تحقيق هذا الهدف هي الطبقة العاملة. واكتشف ان الطبقة العاملة هي طبقة عالمية واحدة. ووجد ان من واجبه اذا اراد ان يكون عالما مخلصا لعلمه ولاكتشافاته العلمية هو ان يدفع التاريخ في الاتجاه المحدد له تاريخيا. ولكي يدفع المجتمع في هذا الاتجاه يترتب عليه ان يرفع من وعي الطبقة العاملة ويدلها على نظريتها التي تساعدها في توجيه نضالها نحو الهدف الطبيعي. ولكن هذا الاتجاه هو اتجاه مناقض للمصالح الشخصية الذاتية لكارل ماركس. فكان عليه ان يختار بين ان يلبي مطامحه الشخصية او ان يلبي واجبه العلمي الاجتماعي الذي فرضته عليه اكتشافاته العلمية. وقد اختار كارل ماركس ان يضحي بمصالحه الشخصية على حساب مصالح المجتمع وان يناضل ويواصل النضال في الاتجاه الذي فرضته عليه اكتشافاته العلمية وان يقود الطبقة العاملة وان يرفع من مستواها النظري وان يعمل على وحدتها العالمية. فاصبح بذلك معلم البروليتاريا وقائدها ومنظمها. وعانى في سبيل ذلك هو وعائلته من التشرد والبؤس والفقر والحرمان والجوع والالم بدون ان يتخلى عن الواجب الذي حتمته عليه اكتشافاته العلمية. لم يكن كارل ماركس المثقف الذي يريد استغلال ثقافته للحصول على المراكز والثروات وانما كان كارل ماركس المثقف الماركسي، مثقف الطبقة العاملة العالمية وقائدها وملهمها وبقي كذلك حتى يومنا هذا وسيبقى هكذا مادام هناك مجتمع انساني على الارض.
جابهت الاحزاب العمالية في مختلف مراحل النضال ظاهرة واسعة النطاق هي ان الاغلبية من اعضائها كانوا من المثقفين. بل ان اغلب قادة الاحزاب الشيوعية العالمية كانوا هم ايضا من المثقفين. فلم يكن لينين او ستالين او مولوتوف او سفيردلوف او جدانوف او غيره من العمال. وكان عدد قادة الاحزاب الشيوعية من العمال ضئيلا بالقياس الى عدد القادة المثقفين. فما سبب هذه الظاهرة التي سادت في جميع الاحزاب العمالية التاريخية بصرف النظر عن الاسماء التي اطلقت عليها في مراحلها المختلفة؟
هناك فرق بين اسلوب تفكير العامل واسلوب تفكير المثقف يكمن وراء هذه الظاهرة التي قد يراها البعض غريبة في الاحزاب العمالية. كيف يفكر العامل؟ ان العامل يشعر بحكم اسلوب حياته واسلوب الحصول على معيشته ومعيشة اطفاله بالظلم الذي يقاسيه من الاستغلال المفروض عليه. فهو لا يمتلك سوى قوة عمله سلعة يبيعها وليس هناك شار لهذه السلعة سوى الراسمالي. ولكنه منذ اليوم الاول لعمله يشعر بان الراسمالي يستغله استغلالا كبيرا ويحول حياته الى جحيم ولذلك يشعر بالحاجة الى الحصول على المزيد من الاجور لقاء العمل الذي يقدمه للراسمالي الذي يشتري قوة عمله. يريد ان يحسن اجوره. يريد ان يقصر يوم العمل لكي يتاح له الوقت للاستراحة ولتربية اطفاله وحتى للترفيه عنه وعن عائلته. وهذا يعني ان العامل يشعر بالماركسية كجزء من حياته. يشعر بالماركسية في حياته العملية والمعاشية والاجتماعية. يشعر بانه يجب ان يعمل ويناضل في سبيل الحصول على المزيد لان الراسمالي لا يعرف الا زيادة ارباحه بزيادة استغلال العامل والحصول منه على المزيد من الارباح لقاء الاجور التي يقدمها له. هذا يعني ان الماركسية كامنة في صلب حياة العامل وفي مجرى عمله ومسيرة حياته. وحين يجري اطلاعه على النظرية وعلى هدفها الاستراتيجي يستطيع هضمها وتبنيها والنضال في سبيلها بكل جوارحه لانها نظريته. ولكن معرفة الماركسية كنظرية وتطبيقها باسلوب واع ومنظم يتطلب مستوى عال من الثقافة ليست متوفرة في الطبقة العاملة. لذلك فان الاطلاع على الماركسية والتثقف بها كنظرية وتعلم تطبيقها هو اكثر صعوبة بالنسبة للعمال البسطاء ويتطلب ذلك جهودا كبيرة من اجل التوصل اليه.
ولكن المستوى الثقافي للطالب او المثقف يجعل دراسة النظرية الماركسية كنظرية وكتطور فكري اسهل من توصل العامل غير المثقف بدرجة كافية. فالمثقف يستطيع قراءة الكتب والابحاث والصحف وغيرها من وسائل الثقافة بحكم كونه مثقفا. فالمثقف يستطيع ان يدرس النظرية الماركسية من الكتب بسهولة نسبية. ولكن الكيان الفكري للمثقف والمصالح العملية الاجتماعية والاقتصادية للمثقف تختلف عنها لدى العمال. فالمثقف يحكم كونه مثقفا يطمح الى استخدام ثقافته للحصول على مراكز عالية ووظائف ممتازة تزيد من مداخيله وتوفر له حياة اكثر رفاها من حياة العامل الاجير. والمثقف بحكم كونه مثقفا يطمح الى الارتفاع الى مستوى اعلى دائما ويحلم بان يكون غنيا مرفها يحقق لنفسه ولعائلته مستوى عاليا من الرفاه الاجتماعي. ولكن طبيعة النظام الراسمالي قد تتيح لعدد من المثقفين تحقيق مصالحهم في الصعود الى مستوى الاغنياء ولكن الاغلبية الساحقة من المثقفين ومتوسطي الفلاحين يجابهون قوة تدفعهم الى التدهور الى مصاف الطبقة العاملة من الناحية الاقتصادية. وهذا يعني ان المثقف الذي يطلع ويدرس ويتقن الماركسية يدخل في صراع بين حياته العملية واسلوب التفكير الذي تفرضه عليه حياته العملية وبين اسلوب التفكير الذي تفرضه عليه الماركسية اذا امن بها. فبخلاف العامل ليست الماركسية مرتبطة باسلوب حياته واسلوب حصوله على موارد عيشه وانما هي اسلوب تفكير واسلوب عمل معارض ومناهض لاسلوب تفكيره واسلوب عمله بصفته مثقفا. هذا هو منشأ الظاهرة التي عانت منها الاحزاب الماركسية في مختلف مراحل تطورها. فالمثقف اقرب من العامل الى دراسة وفهم الماركسية كنظرية رغم انها معارضة ومناهضة لاسلوب حياته واسلوب تفكيره. واما العامل فان الماركسية كامنة في اسلوب حياته واسلوب عمله وطريقة حصوله على وسائل العيش ولكن الماركسية كنظرية وكثقافة وكطريقة واعية للعمل هي ابعد بالنسبة للعامل منها الى المثقف. فاذا امن المثقف بالنظرية الماركسية واتخذها اسلوبا لعمله فانه بذلك يسلك طريقا معاكسا لاسلوب عمله وتفكيره الطبيعي كمثقف. بينما اذا تعلم العامل النظرية الماركسية وامن بها فانها تبدو له استمرارا لاسلوب تفكيره واسلوب عمله واسلوب الحصول على موارد عيشه.
اورد الكاتب حقيقة معروفة ومطبقة في الاحزاب الماركسية الحقيقية فقال "ان يمر بمرحلة تثقيف بزجه في حلقات ماركسية او شبابية او طلابية تؤهله لن يكون عضوا في الحزب الشيوعي العراقي." تسمى هذه الفترة عادة فترة الترشيح. وهذه الفترة ليست فقط من اجل تثقيف المرشح للحزب وانما هي بالدرجة الاولى اختبار لمقدار اخلاصه وامانته وحماسه واستعداده للتضحية وكل الصفات اللازمة للعضو في الحزب الماركسي الحقيقي. وان الثقافة لتي يتلقاها المرشح ليست الثقافة التي يتلقاها المثقف في جامعته وانما الثقافة التي تجعله مؤهلا لكي يصبح عضوا في الحزب. واكبر دليل على ذلك ان المثقف الحائز على الشهادات الجامعية ايا كانت لا تؤهله ثقافته لكي يكون عضوا في الحزب بل عليه ان يمر في فترة ترشيح اطول من فترة الترشيح التي يمر بها العامل. ان المثقف الذي ينتمي الى الحزب ينتمي اليه لانه يؤمن بالماركسية ويعمل على تطبيقها باخلاص وامانة وان يتحمل في سبيل ذلك كل التضحيات التي قد تؤدي الى السجون والتعذيب والحرمان من العمل الثقافي وحتى الى الاعدام او القتل.
اذا تتبعنا تاريخ الاحزاب الماركسية سواء قبل تسميتها بالاحزاب الشيوعية او بعدها حتى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي نجد ان هذه الاحزاب كلها كانت تشعر بهذه الظاهرة، ظاهرة ضخامة عدد المثقفين بالنسبة للعمال في الحزب، وبضررها على مسيرة الاحزاب وتوجهها الصحيح في النضال. ولذلك كانت الاحزاب كلها تضع احد اهدافها زيادة نسبة العمال في اعضائها رغم ان ذلك كان يتطلب المزيد من الجهود في تثقيف الطبقة العاملة واطلاعها على نظريتها ودفعها في سبيل النضال وفقا لمتطلباتها. ولم يختلف الامر حتى لدى استيلاء الطبقة العاملة على السلطة في الاتحاد السوفييتي وتسلم الحزب البلشفي قيادة المجتمع السوفييتي نحو بناء المجتمع الاشتراكي. واذا تتبعنا ادبيات الحزب في تلك الفترة نجد ان من مهامه البارزة كان زيادة نسبة العمال في اعضاء الحزب البلشفي وفي هيئاته القيادية.
ان الاحزاب الماركسية الحقيقية تناضل في سبيل تحقيق مطالب العمال اولا ومصالح جميع الطبقات والمراتب الكادحة من فلاحين وحرفيين وطلاب ومن اجل رفع مستوى حياة المراة نصف المجتمع المستغل استغلالا مضاعفا. ولكن هذه الاحزاب تعمل على ذلك لانها لا تستطيع تحرير الطبقة العاملة من الاستغلال بدون تحرير جميع هذه الطبقات الكادحة معها. فهدف الطبقة العاملة هو انهاء استغلال الانسان للانسان بجميع اشكاله. فليس هدف الطبقة العاملة تحرير نفسها من الاستغلال عن طريق استغلال طبقة اخرى كما كان الحال في الثورات السابقة حيث تحولت طبقة حاكمة مستغلة الى طبقة حاكمة مستغلة اخرى. فتحرير الطبقات غير العمالية من الاستغلال هو جزء لا يتجزأ من نضال الطبقة العاملة. ولكن هذا النضال لا يجعل الحزب الماركسي حزبا للطبقة العاملة والمثقفين والفلاحين وسائر الكادحين. لان الاهداف والمصالح المباشرة للطبقات والمراتب غير العمالية مناقضة ومناهضة للاهداف المباشرة للطبقة العاملة. ان اهداف الطبقة العاملة تتطابق مع اهداف سائر الطبقات الكادحة بالمدى البعيد، في مستقبل هذه الطبقات والمراتب في المجتمع الاشتراكي وبعده في المجتمع الشيوعي. فالحزب الماركسي هو حزب الطبقة العاملة لانه يتخذ نظرية الطبقة العاملة اساسا واسلوبا لنضاله. فكما ان الماركسية هي نظرية الطبقة العاملة فان الحزب الماركسي الحقيقي هو حزب الطبقة العاملة. وان المثقف او الفلاح او الطالب الذي ينتمي الى الحزب الماركسي انما ينتمي اليه لانه يتبنى نظرية الطبقة العاملة ويعمل بها ويطبقها رغم انها تتعارض مع مصالحه الشخصية. هذا هو الاساس في اعتبار الحزب الماركسي حزب الطبقة العاملة. ولم يعلن اي حزب او اية اممية من الامميات الثلاث انها احزاب او امميات للطبقة العاملة والمثقفين وسائر الكادحين وانما اجمعت كلها على انها احزاب الطبقة العاملة وامميات الطبقة العاملة. ولذلك كان شعار هذه الاحزاب كلها وما زال حتى يومنا هذا وحتى بعد انحراف هذه الاحزاب عن النظرية الماركسية وسيبقى طالما بقيت على الارض طبقات عاملة، اي قبل انتهاء تقسيم المجتمعات الى طبقات ومراتب في المجتمع الشيوعي، شعار كارل ماركس الاول "يا عمال العالم اتحدوا".



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل مهمة حزب العمال ان يدافع عن مصالح الطبقة العاملة؟
- التعددية ليست شعارا عماليا
- حول بداية ونهاية الثورة البرجوازية
- عودة الى موضوع كيف يصبح الانسان ماركسيا
- حول مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي للمؤتمر الثامن
- مشاركة في الحوار حول نداء الماركسيين والاحزاب الماركسية
- أتعزيز لليونيفيل ام مسمار جحا؟
- التمييز ضد الطائفة اليهودية في العراق
- الاخ العزيز ابو نبراس العراقي
- ماذا وراء تعزيز اليونيفيل
- مبروك اولمرت – نجحت بامتياز
- من تدمير اسرائيلي الى احتلال اميركي
- هل اسرائيل تحارب الفلسطينيين وتدمر لبنان ام الولايات المتحدة ...
- التعايش السلمي بين الشعوب
- مصالحة مع صيادي الخنازير البرية
- الدعوة لحكومة علمانية خدعة كبرى للطبقة العاملة والكادحين
- قوانين المجتمع الطبيعية وكيفية نشوئها
- الفرق بين الانتقاد والكتابة عن سير الحياة
- كلمة شكر للاخ الدكتور فالح الجبار
- الحركات العمالية والاشتراكية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسقيل قوجمان - الحزب الماركسي الحقيقي هو حزب الطبقة العاملة