لماذا؟

نصارعبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 1709 - 2006 / 10 / 20 - 05:53
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    

سؤال : لماذا لا يحال النائب العام إلى المحاكمة بتهمة القذف فى حق مواطن، إذا ما صدرحكم قطعى ببراءة مواطن نسب إليه أنه ارتكب جريمة ما ؟.... لماذا لا يحال النائب العام إلى المحاكمة فى هذه الحالة رغم أنه بمقتضى قرار الإتهام قد : " أسند علانية إلى المتهم أمورا لو صحت لأوجبت عقابه بالعقوبات المقررة قانونا، ولأوجبت أيضا تحقير شأنه بين بنى وطنه !"؟؟، لماذا ، رغم أن المتهم الذى قد ثبتت براءته يظل فى غالب الأحوال معانيا أشد المعاناة من آثار الإتهام والمحاكمة ؟؟ .. الجواب على السؤال السابق هو أن النائب العام أو وكلاؤه ، حين يسندون إلى مواطن معين ما قد يسندونه إليه من الإتهامات ، فهم يفعلون ذلك بمقتضى ما يفرضه عليهم واجبهم المهنى الذى يستهدفون من خلاله تحقيق مصلحة المجتمع ككل ، ولا يستهدفون من ورائه ـ فيما هو مفترض ـ أى مأرب شخصى أيا ما كان هذا المأرب، صحيح أن اتهامهم لشخص معين سوف يترتب عليه إلحاق الأذى النفسى والمادى الذى لن يمحوه فى أغلب الأحيان حكم البراءة ، لكن هذا الأذى لم يكن مقصودا ولا مرغوبا قط من جانبهم!، بل إنه قد ترتب على قرار لم يكن لديهم إزاءه فى أغلب الحالات خيار، ولم يكونوا يملكون سوى أن يتخذوه، إذا ما تجمع لديهم من الأدلة والقرائن والملابسات ما يكفى لتوجيه اتهام ما إلى شخص معين، وإلا كانوا مخلين بواجبهم المهنى ومتنكرين للأمانة التى حملهم الجتمع إياها فى ملاحقة المخالفين والمنحرفين والجناة وتمكين المجتمع من القصاص منهم . .. هل ترى ـ عزيزى القارىء ـ أن الإجابة السابقة كافية ومقنعة .. إذن سأنتقل إلى سؤال آخرهو: لماذا يقدم الصحفيون إلى المحاكمة بتهمة القذف إذا ما قاموا بكل ما تفرضه مقتضيات حسن النية بأداء الواجب الذى تفرضه عليهم مهنتهم من ملاحقة المسئولين الذين يتجمع ضدهم من القرائن والملابسات ما يكفى لطرح أمرهم على صفحات الجرائد والمجلات حتى يعلم به الرأى العام الذى هو مصدر جميع السلطات فى الدولة، ولماذا لم يقم المشرع بحماية الكاتب والصحفى لدى ممارسته لواجبه المهنى بأن يمنع تحريك دعوى القذف ضده، إلا إذا قامت دلائل قوية تشير إلى سوء نيته ، وبحيث يمنع كذلك معاقبته بالعقوبات المقررة قانونا لمرتكب جريمة القذف إلا إذا ثبت بشكل قاطع لا شك فيه أنه كان يتوخى مأربا شخصيا من وراء كتابة ما يكتب أو نشر ما ينشر، لماذا لم يقم المشرع بإسباغ مثل هذه الحماية على الكاتب والصحفى، بل على العكس من ذلك تماما، فقد نص على مضاعفة الحدود الدنيا والقصوى للعقوبة المقررة لجريمة القذف إلى ضعفيها إذا ما ارتكبت تلك الجريمة بطريق النشر فى إحدى الجرائد أوالمطبوعات !!! الجواب على ذلك ببساطة هو أن المشرع لا يعتبر كشف الحقائق أمام الرأى العام واجبا مهنيا يستوجب بسط الحماية القانونية على من يقوم به، ولكنه على العكس من ذلك يعتبره من المحظورات التى ينبغى محاصرة كل من يقومون بها والتضييق عليهم، وهو واضع شائع ومفهوم فى ظل جميع الأنظمة التى يجىء فيها أغلب أعضاءالسلطة التشريعية إلى مقاعدهم عن طريق تزويرإرادة المواطنين ، وبالتالى فإنهم سوف يكونون هم أنفسهم أول المضارين من كشف الحقائق.

#نصارعبدالله (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات