|
أضاءة .. هل الأسلام لا زال مسكونا بالماضي
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7552 - 2023 / 3 / 16 - 10:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1 . الأديان / على أختلاف معتقداتها ، لا بد لها أن تخرج من شرنقتها الماضوية ، وذلك من أجل مواكبة التمدن الحضاري ، خاصة في الجوانب المجتمعية ، وحتى في مجال تجدد الفكر الديني ذاته ، فالمسيحية مثلا ، شهدت الكثير من القفزات العقائدية ، كان من أهمها أنشقاق الراهب مارتن لوثر 1483 – 1546 م ، وذلك عندما أنتقد وعارض بيع " صكوك الغفران " في عام 1517 م ، الأمر الذي بتراكماته تبلور بالتعديل البروتستانتي ، والذي تمخض عن بزوغ كنائس متعددة منها " اللوثريه ، الكالفينيه ، الانجيليه و الانابابتيه / التعميد الثانى .. " ، لأجله لا بد من أي دين من أن يتطور في العقائد والفكر والنهج والممارسات ، وذلك من أجل ملائمته للوضع المجتمعي والحياتي - وفق المتغيرات الزمانية والمكانية.
2 . من جانب أخر ، الأسلام ماضويا قد تمذهب بالكثير من المذاهب ( المذهب الحنفي ، المالكي ، الشافعي ، الحنبلي ، الظاهري ، الأباضي ، الجعفري والزيدي . ويقول الأمام عبد الوهاب الشعراني (ت 973 هـ) في كتابه " الميزان الشعرانية المدخلة لجميع أقوال الأئمة المجتهدين ومقلّديهم في الشريعة المحمديّة " قال إنه هناك 18 مذهبا من المذاهب المندثرة ، للاستباط الفقهي تابعين لأهل السنة والجماعة ، غير مذاهب الشيعة ، رتبها تاريخيا كما يلى / منها : 1مذهب عبد الله بن مسعود المتوفي عام 32 هـ . 2مذهب عائشة المتوفية عام 57هـ . 3 مذهب عبد الله بن عمر المتوفي عام 73 هـ. ..18 مذهب محمد بن جرير الطبري المتوفى عام 310 هـ / نقل بأختصار من مقال لمحمد عبدالحليم من موقع / دوت مصر ) .
3 . ومن أجل الأستزادة لأبد لنا من أن نورد أضاءة حول مفهوم المذهب ، وذلك من أجل بيان وتوضيح دور مذاهب الفقهاء بالمعتقد ، فهل ساهموا بتطوير المعتقد ! ، أم كان دورهم سلبيا وهامشيا ، وأرى أنه من الأهمية أن نعرف المذهب ( المذهب هو المسلك الذي يسلك ، يقال هذا مذهب فلان أي: طريقه الذي ذهب منه وسلكه . ويقال : فلان ذهب في مذهب فلان . بمعنى في طريقه الذي سلكه. ولكن اصطلح على أن المراد بالمذهب القول الذي يقتدى به بعده ، أو الذي يختاره ويرجحه ، ويسمى مذهباً له ، أي: مسلكاً سلكه وقولاً رجحه على غيره بدليل اقترن به. أما المذاهب فيراد بها الأقوال التي تنسب إلى أربابها ، ويطلق المذهب على كل قول قاله إمام مجتهد مات وهو مجتهد ومتمسك به ، سواءٌ اقتدي به فيه أو لم يقتد به ، وهو هنا أضاف المذهب إلى أهل الحديث / نقل بأختصار من كتاب اعتقاد أهل السنة لأبن جبرين ) .
4 . ولكن هل هذا التمذهب بين الفقهاء أضاف ركنا أو أغنى المعتقد ، الجواب لا ، فأهل المذاهب على أختلاف مشاربهم ، توسعوا وتفقهوا في مواضيع لا تضيف للمعتقد سوى الأختلاف والخلاف بمواضيع ثانوية وليست جوهرية - وذلك في شؤون ليست بذات أهمية ، ومن موقع المرسال ، أنقل التالي ( كان الإختلاف بين المذاهب الأربعة : في أكل الحيوانات البحرية ، والبرمائية: أحلو أكل الحيوانات البحيرية ، وحرم الشافعي أكل الحيوانات البرمائية ، بينما أجازها ابن حنبل . زكاة المال : أفتى الشافعي بأن الزكاة تجب على الأموال المشتركة إذا بلغت في مجموعها النصاب ، أما أبو مالك والحنفي أوجب الزكاه عندما يبلغ كل من الشركين النصاب . وجوب الحج: أوجب الحنفي وإبن حنبل الحج عند الاستطاعة ، أما الشافعي فلم يوجبه ) . وبذات الصدد أنقل التالي من موقع الساحة الأسلامية ( التيمّم : فقد أفتي ابن حنبل بوجوب مسح الوجه والكفين مرّة واحدة في التراب ، بينما باقي الأئمة ، رأو بأنّ من الواجب مسح الوجه مرّة ، واليدين إلى المرفقين مرتين . وضع مالك : نصيباً للفرس في الغنائم بسهمين ، والفارس بسهم ، بينما أبو حنيفة أجاز للفارس سهم ، وللفرس سهم آخر ، ولم يعطي البهيمة أكثر من الإنسان ) أي أن تمذهبهم لم يصب في المعتقد ذاته ، بل صب في بعض الممارسات. القراءة : شخصيا أرى ، أن من أهم التطورات التي حدثت للمعتقد الأسلامي ، هو بزوغ الوهابية في القرن الثامن عشر الميلادي على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب(1703 - 1792) م ، و نشوء جماعة الأخوان المسلمين سنة 1928 ، على يد مؤسسها الأمام حسن البنا 1906 – 1949 م . أولا . تأسيسا لكل ما سبق ، ماذا أوجد لنا الدين الأسلامي من تطورات مذهبية وعقائدية ! ، هل أوجد لنا مذهبا سمحا يقبل الأخر ، هل ألغى تكفير غير المسلم ، هل ألغى موضوعة الذمي ، هل ألغى دفع الجزية ، هل ساوى بين المسلم وبين غير المسلم على أساس أن الأثنان معا هما مواطنان بنفس الوطن ... الذي أوجده ، والذي تمخض عنه ، والذي وصل أو تطور أليه ، هو التطرف والتزمت ، فأوجد لنا " المذهب الوهابي " وهذا المذهب هو الذي تأسست على أفكاره كل المنظمات الأرهابية - كالقاعدة وداعش وغيرها ، وأورد بهذا الصدد مقطعا من كتاب " حلف نجد " للباحث حمادي الدريسي / الصادر سنة 2012 . الذي يعكس لمحة عن هذا المذهب ( أنّ الوهابية « دين مضاد » بحسب المصطلح الأنتربولوجي ، وتعريفه أنّه « دين ينفي كلّ ما سبق ، ويعزل كلّ ما هو غريب منه ، خارج عنه ، ويسوّي الاختلاف عنه بالكفر » ص18. ويمكن أن تُعدّ ، أيضاً ، فرقة إسلاميّة ، ولكنّ ما يميّزها ، بعمق ، عن غيرها من الفرق الإسلامية الأخرى المعاصرة لها ، الأدبيّات الراديكاليّة ، والأفعال الطهريّة لأتباعها ، ما يجعلهم يَعدّون أنفسهم صورة عن الصحابة ، ومحمد بن عبد الوهاب ، صورة عن الرسول . هي عقيدة إسلاميّة ، ولكنّها ارتقت بنفسها إلى عقيدة الإسلام ، وحكمت على غيرها بالضلال والكفر . وليس غريباً أنّ أكثر الصفات والأحكام التي تطلقها الوهابية ضدّ الآخرين ، سواء كانوا أفراداً أو جماعات ، أو مذاهب أو علماء ، هي الكفر . وقد خصّت نفسها بالإيمان وبالتوحيد فيما نعتت البقيّة بالجاهليّة والكفر . تبدو الوهابية إذاً استعادة للإسلام الأوّل ، وللصفاء الطهوري ، الذي يحكم الإسلام زمن النبوة وزمن الصحابة / نقل بأختصار من موقع مؤمنون بلا حدود ) .
ثانيا . ومن أهم وأخطر تطورات الأسلام كفكر ، هي جماعة الأخوان المسلمين ، التي تعمل المستحيل من أجل تحقيق أهدافها ، حتى وأن كان ذلك مخالفا للأسلام وشرائعه ! ، ودائما الجماعة تهدف الى بذل كل السبل في غاية الوصول للسلطة والحكم ، وقد جاء في موقع المعرفة ، بشأنها التالي أنقله بأختصار ( جماعة الاخوان المسلمون تهدف أصلاح سياسي و أجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل ، وتسعى الجماعة في سبيل الاصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد ، والأسرة ، والمجتمع ، ثم الحكومة ، فالدولة فاستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام . أي أن الإخوان المسلمين يريدون بناء الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم والحكومة المسلمة ومن ثم أستاذية العالم . وشعار الجماعة "الله غايتنا ، والرسول زعيمنا ، والقرأن دستورنا ، والجهاد سبيلنا ، والموت في سبيل الله أسمي أمانينا".. ) . * الجماعة تؤمن بأن الأسلام هو الحل ، وهي ألبست الأسلام بالسياسة .. وأقصت الجماعة في تجربتها بمصر كل التيارات حتى الأسلامية منها كالسلفية ، وتخطط الجماعة للسيطرة على عقول الأخرين ، وتهدف خلاصة الى أخونة العالم بأفكارها . أضاءة : أن أمة الأسلام لا زالت تعيش في أروقة ودهاليز الماضي ، ولا يشكل لها الحاضر أي دافع للمستقبل ، وهذا الأمر له مسبباته ، حيث أن الموروث الأسلامي لا يشكل أي زخم مادي أو نفسي للأندفاع للتقدم ، ويعزز هذا الأمر شيوخ الأسلام ورجال الفكر الأسلامي المتزمتين المنغلقين على التقدم الفكري والمجتمعي الذي يمر به العالم . لذا بقى الأسلام كمعتقد ماضويا ، ليس به من دوافع تدفعه الى عبور الحقبة الماضوية ، وكل الفقهاء والأئمة والشيوخ لم يفكروا بتجديد الدين ، لأنه أعتبروه قالبا مقدسا ماضويا لا يمكن المساس به ، كل ما أجتهدوا به هو البحث في مسائل لا ترقى الى بعث هذا المعتقد من جديد ، كما أن كل الذين حاولوا تحطيم هذا القالب أتهموا أما بالكفر أوبالزندقة أوبالردة ، وخير مثال على ذلك فرج فودة ونصر حامد أبو زيد وسيد القمني ، والقائمة تطول . فلا يمكن لأي معتقد أن يستمر دون روح تتجدد في طياته العقائدية والفكرية ، والقوالب الماضوية الجامدة لا يمكنها ذلك لأنها فاقدة للروح ، لذا بقى الأسلام ماضويا يفتقد لروح التجديد ، التي كان من الممكن بها أن تبعث به روح التطور والتجدد .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو فقه أسلامي معاصر
-
دور المرجعيات والمؤسسات الدينية .. في مستقبل الأسلام
-
تساؤلات .. هل الحكم يستمد من شرع الله ؟
-
حور العين .. هلوسة في مخيلة المعتقد الأسلامي
-
تساؤلات .. هل رجال الأفتاء هم نواب الله على الأرض
-
الرسول الأمي بين المخفي والمستور
-
أضاءة .. بين الهوية الدينية و الهوية الوطنية
-
أضاءأت .. شيوخ الأسلام والأرهاب الفكري
-
تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان
-
ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلاب النصوص
-
المثلية الجنسية .. أضاءة
-
أضاءة حول تكفير الفكر الأخر
-
مونديال قطر 2022 .. والدعوة للأسلام
-
شيوخ الأسلام و - الكهنوت -
-
الأحزاب والأنظمة الأسلامية .. و الوطن
-
قراءة للآية 55 آل عمران – وجهة نظر ثانية
-
قراءة للآية 79 من سورة الأسراء ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمو
...
-
قراءة في آية الفتح / 10 .. ودورها في تكريس السلطة
-
المجئ الثاني للمسيح .. أضاءة
-
المخفي والمسكوت عنه في آيات - ملك اليمين .. -
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|