|
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٠
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 7551 - 2023 / 3 / 15 - 16:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٠ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا قُمتُم إِلَى الصَّلاةِ فَاغسِلوا وُجوهَكُم وَأَيدِيَكُم إِلَى المَرافِقِ وَامسَحوا بِرُؤوسِكُم وَأَرجُلَكُم إِلَى الكَعبَينِ وَإِن كُنتُم جُنُبًا فَاطَّهَّروا وَإِن كُنتُم مَّرضى أَو عَلى سَفَرٍ أَو جاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغائِطِ أَو لامَستُمُ النِّساءَ فَلَم تَجِدوا ماءً فَتَيَمَّموا صَعيدًا طَيِّبًا فَامسَحوا بِوُجوهِكُم وَأَيديكُم مِّنهُ ما يُريدُ اللهُ لِيَجعَلَ عَلَيكُم مِّن حَرَجٍ وَّلـاـكِن يُّريدُ لِيُطَهِّرَكُم وَلِيُتِمَّ نِعمَتَهُو عَلَيكُم لَعَلَّكُم تَشكُرونَ (٦) علمنا أن مصطلح «الَّذينَ آمَنوا» المستخدم في القرآن يعني المسلمين، فهم الذين آمنوا بألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والقرآن كتاب الله والإسلام دين الله. هنا يُعلِّم الله - حسب القرآن - المسلمين كيف يتوضأون، إذا أرادوا أن يصلوا، حيث جعل الوضوء شرطا لصحة الصلاة، إذا فهم فعل الأمر هنا بقول «فَاغسِلوا» ثم «وَامسَحوا» أنه أمر تكليفي، مما يعني الوجوب، وليس أمرا ترخيصيا، مما يعني الاستحباب دون الوجوب، بحيث يمكن أن تصح الصلاة من غير وضوء، ولكننا يمكن هنا أن نعوّل على إجماع المسلمين على وجوب الوضوء للصلاة. لكن النص المتعلق بالوضوء، جاء فيما يتعلق بالغسل محكما، لكن فيما يتعلق بالمسح المتعلق بالأرجل جاء متشابها، لذا فهمته كل من الطائفتين على نحو غير ما فهمته الأخرى. وكلا الفهمين يمكن أن يكونا صحيحين من حيث اللغة، فمسح الرجلين يصح، لأن الأرجل ذكرت بعد الرؤوس التي يجب مسحها، وليس غسلها بقول «وَامسَحوا بِرُؤوسِكُم». بينما يصح فهم الطائفة التي تقول بوجوب غسل الأرجل، حيث تستند إلى أن الأرجل منصوبة، ولذا فهي تعود إلى الغسل الذي ذكر في البداية فيما يتعلق بالوجوه والأيدي، بينما يحتج الفريق القائل بالمسح بأن مسح الرأس جاء بدليل اقترانه بالباء، مما فهموا منه بعض الرأس وليس كله، وهو دليل لا يفيد القطع، بل يبقى في حدود الاحتمال، ثم ربما يذهبون إلى أصالة اليسر في قوله القرآن «يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ»، وكون المسح أيسر من الغسل، خاصة في زماننا، خاصة ولأن الإسلام حسب عقيدة جميع المسلمين إنما هو لكل زمان. ثم ما يضعف حجة القائلين بالمسح على الرجلين، هو إن فقهاءهم أفتوا بمسح بعض ظاهري القدمين، بينما يفهم من فعل الأمر «اغسِلوا» المتعدي إلى مفعول به «أَرجُلَكُم» بنصبها، أن يكون المسح على كامل القدمين، ظاهريهما وباطنيهما. ثم حتى في غسل اليدين اختلفت الطائفتان، فذهبت إحداهما إلى أن تغسل كل من اليدين من المرفق إلى رؤوس الأصابع، أي من أعلى إلى أسفل، بينما ذهبت الأخرى إلى العكس، وهذا هو أقرب إلى النص بحكم قول «إِلَى المِرفَقَينِ»، بحيث يمكن بل يرجح - ولا يجب - أن تعني «إلى» (إلى غاية المرفقين). ثم الآية عموما لم تكن دقيقة في التعبير، فاستخدمت الأيدي بمعنى الأذرع واستخدمت الأرجل بمعنى الأقدام. وكان المفروض أن تنص على الآتي، إذا كان المقصود غسل القدمين: «فَاغسِلوا وُجوهَكُم وَأَذرُعَكُم إِلَى المَرافِقِ وَامسَحوا بِرُؤوسِكُم وَأَقدامَكُم إِلَى الكَعبَينِ». وإذا أرادت مسح القدمين، كان المفروض أن تكون كالآتي: «فَاغسِلوا وُجوهَكُم وَأَذرُعَكُم إِلَى المَرافِقِ وَامسَحوا بِرُؤوسِكُم وَاغسلوا أَقدامَكُم إِلَى الكَعبَينِ». وبالتالي يدل هذا بأن مؤلف القرآن لم يكن دقيقا واضحا في التعبير فيما تجب فيه الدقة والوضوح والتعبير المحكم لا المتشابه. ثم ما أدرانا أن «أَرجُلَكُم» كانت فعلا منصوبة، وليست مجرورة «أَرجُلِكُم» معطوفة على «بِرُؤوسِكُم»، لكون التنقيط والتشكيل حصل متأخرا. لكن يمكن هنا التعويل على الإجماع، رغم أنه ليس بحجة. واذكُروا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم وَميثاقَهُ الَّذي وَاثَقَكُم بِهِي إِذ قُلتُم سَمِعنا وَأَطَعنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَليمٌ مبِذاتِ الصُّدورِ (٧) نعم، يمكن القول أن هناك ميثاقا بين الله والمسلمين، ذلك إذا اعتمدنا قاعدة الإلزام، أي أن يلزم كل إنسان بما ألزم به نفسه، إذ كان الميثاق بين المسلمين والله، صحيح ليس بشكل مباشر، بل بواسطة من مثله بالنسبة إليهم، وهو الذي آمنوا بأنه رسول الله، وبالتالي فهو كيله بوكالة عامة مطلقة بالنسبة لهم. فم عندما قالوا لوكيل الله «سَمِعنا وَأَطَعنا» فكأنما قالوها لله ووقعوا على الميثاق والمعاهدة معه. ومن هنا يعد تشريفهم بتكيفهم بهذا الميثاق نعمة أنعم الله بها عليهم، إذا افترضنا صدق النبوة. ومن هنا تريد هذه الىية ككثير غيرها أن تنبه أن مجرد الإيمان لا يكفي، بل عليهم أن يرتفعوا بإيمانهم إلى درجة التقوى، والتي تعني استحضار رقابة اللهخ لهم وخوفهم من عقلابه وبالتلاي وجوب أن يقوا أنفسهم من عذابه، وما تعني كذلك التقوى من معنى الاستقامة، التي بعضها هي استقامة بالنمعنى الأخلاقي العام، ولكن أكثرها بمعنى الاستقامة بمعايير الدين، أي بمعايير الإسلام. ومن أجل حثهم على التحلي بالتقوى، تذكرهم الآية في ختامها «إِنَّ اللهَ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ».
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٩
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٨
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٧
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٦
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٥
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٤
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٣
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٢
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥١
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٠
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٤٩
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٤٨
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 147
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 146
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 145
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 144
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 143
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 142
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 141
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 140
المزيد.....
-
أردوغان يهنئ يهود تركيا بعيد حانوكا
-
“السلام عليكم.. وعليكم السلام” بكل بساطة اضبط الآن التردد ال
...
-
“صار عندنا بيبي جميل” بخطوات بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور
...
-
“صار عنا بيبي بحكي بو” ثبت الآن التردد الجديد 2025 لقناة طيو
...
-
هل تتخوف تل أبيب من تكوّن دولة إسلامية متطرفة في دمشق؟
-
الجهاد الاسلامي: الشعب اليمني حر ويواصل اسناده لغزة رغم حجم
...
-
الجهاد الاسلامي: اليمن سند حقيقي وجزء اساس من هذه المعركة
-
مصادر سورية: الاشتباكات تدور في مناطق تسكنها الطائفة العلوية
...
-
إدانات عربية لعملية اقتحام وزير إسرائيلي باحة المسجد الأقصى
...
-
افتتاح الباب المقدس في كاتردائية القديس بطرس بالفاتيكان إيذا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|