أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى عبداللاه - الغزو الإسلامي لمصر ( هل كان غزواً سعيد )















المزيد.....

الغزو الإسلامي لمصر ( هل كان غزواً سعيد )


مصطفى عبداللاه
باحث

(Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 7549 - 2023 / 3 / 13 - 10:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثيرًا ما يُرسم لنا الغزو العربي الإسلامي لمصر في صورة الغزو المُخلص من بطش الرومان فهو الفتح المبين العادل، وكأنهم لم يستبدلوا الاحتلال باحتلال وكأن المصريين استقبلوا العرب بالورود والأحضان، والمدقق في الأحداث يجد أن ذلك الادعاء هو أبعد ما يكون عن وقائع التاريخ وأحداثه ليس فقط من وجهة نظر المصريين الذي لطالما هُمشت وجهة نظرهم وتم التعتيم عليها بل حتى من خلال ما أورده إلينا العرب في كتبهم وسيرهم ولنطلع على بعض ما كتبوه وأورده.


سبايا القبطيات واقتحام المدن

عندما دخل العرب مصر واجهوا كثير من المقاومة من قبل القبط الذي لم يكن أمامهم إلا الدفاع عن أنفسهم أمام المحتل الجديد فكان مصير كل من يعترض طريق العرب هو قتلهم وسبي نسائهم وأراسلهم إلى المدينة كما حدث في "بلهيت والخيس وسلطيس" وهو ما يورده لنا البلاذري في كتابه (فتوح البلدان) "وكانت قرى من مصر قد قاتلت، فسبى منهم. والقرى: بلهيت والخيس وسلطيس. فوقع سباؤهم بالمدينة(1)، وهو ما استدعى بأحد الأساقفة ويدعى أبو مريم أن يذهب إلى عمرو بن العاص، يطلب منه السبايا بعدما قتل الرجال وأخذ النساء والأطفال كعبيد فما كان من عمرو بن العاص، إلا أن رفض وطرده وهو ما يورده لنا ابن كثير، في صفقة تاريخ مصر(2)، ويورد لنا المؤرخ ألفريد بتلر، ما حدث في فتح مدينة البهنسا، من قتل لكل أهل المدينة حيث يقول: "ما زالوا كذلك حتى بلغوا مدينة أسمها البهنسا ففتحوها عنوة وقتلوا من وجدوا بها من رجال ونسوة وأطفال" (3). ويورد لنا ألفريد، حادثة أخرى مشابهة نقلًا عن المقريزي، وهى حادثة خراب مدينة وردان، التي مر بها العرب وهم في طريقهم إلى الإسكندرية فيقول: "وكان عمرو حين توجه إلى الإسكندرية خرب القرية التي تعرف اليوم بخربة وردان، وأختلف علينا السبب التي خربت لأجله، فحدثنا سعيد بن عفير، أن عمر لما توجه إلى نقيوس عدل وردان لقضاء حاجته فاختطفه أهل الخربة فغيبوه، فتفقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره فوجده في بعض دورهم فأمر باخرابها وإخراجهم منها، وقيل إن أهل الخربة رهبانًا كلهم فغدروا بقوم من صحابة عمرو، ووجه إليهم وردان فقتلهم وخربها، فهي خراب إلى هذا اليوم... (4)

الجزية من هوامش المقريزي وابن عبد البر
و يذكر المقريزي، أن بعد سقوط حصن بابليون شرع عمرو بن العاص، في فرض الجزية على المصريين وبلغ عدد المصريين الذين ضربت عليهم الجزية 6 ملايين ولم يجعل سقف لتلك الجزية بالرغم من أنه فرضها في أول الأمر دينارين إلا أنه تراجع عن ذلك المقدار، فعندما ذهب إليه حاكم أخنا أحد القرى المصرية ليسأل عمرو عن مقدار الجزية قال له وهو يشير إلى ركن الكنيسة: "لو أعطيتني من الركن إلى السقف ما أخبرتك، إنما أنتم خزانة لنا إن كثر علينا كثرنا عليكم وإن خفف عنا خففنا عنكم"، ولم يكتفي ابن العاص، بذلك بل ذهب إلى أن مجرد من يكنز من المصريين ذهبًا ولم يسلمه إليه فأنه قد حكم على نفسه بالموت وهو ما يورده لنا ابن عبد البر
"إن عمرو بن العاص، لما فتح مصر قال لقبط مصر من كتمني كنزا عنده فقدرت عليه قتلته" (5)، وهو لم يكن مجرد تهديد بل إنه ما حدث فعلًا مع بطرس المصري، كما يورد قصته ابن عبد البر "أن قبطيا من أهل الصعيد يقال له بطرس ذكر لعمرو أن عنده كنزا فأرسل إليه فسأله فأنكر وجحد، فحبسه في السجن، وعمرو يسأل عنه هل يسمعونه يسأل عن أحد فقالوا لا إنما سمعناه يسأل عن راهب في الطور، فأرسل عمرو إلى بطرس، فنزع خاتمه من يده ثم كتب إلى ذلك الراهب أن ابعث إليَّ بما عندك وختمه بخاتمه، فجاءه رسوله بقلة شامية مختومة بالرصاص ففتحها عمرو فوجد فيها صحيفة مكتوبا فيها ما لكم تحت الفسقية الكبيرة فأرسل عمرو إلى الفسقية فحبس عنها الماء ثم قلع منها البلاط الذي تحتها فوجد فيها اثنين وخمسين إردبا ذهب مضروبة فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد. (6) وهو ما جعل المصريين يخرجون كل ما لديهم إلى عمرو بن العاص، خوفًا من مصير بطرس. ويورد لنا ابن أبي رقية "أن القبط أخرجوا كنوزهم شفقة أن يبغا على أحد منهم فيقتل كما قتل بطرس...(7)

من هوامش القبط
إن أحد الأصوات المصرية القليلة التي تكلمت عن الغزو العربي الإسلامي كان الأسقف يوحنا النقيوسي، الذي عاصر الغزو العربي وأورد لنا الكثير من الجرائم التي أرتكبها العرب في حق المصريين، ومن تلك الجرائم هي حرق القرى التي كانت تحاول الدفاع عن نفسها فيقول "والمدن التي شرعت في المقاومة كان جيش الإسماعيليين ينشب النار في أسوارها وبيوتها وطرقها وزروعها" (8)، وعندما شرعوا في دخول مدينة نقيوس، التي منها الأسقف يوحنا قتلوا كل من فيها من رجال وأخذوا النساء والأطفال كعبيد بالرغم من أنها لم تبدي أي مقاومة فيقول: "عندما دخلوا مدينة نقيوس واحتلوها ولم يجدوا أحدًا من المحاربين فكانوا يقتلون كل مَن وجدوه في الطريق وفي الكنائس رجالاً وأطفالاً ولم يشفقوا على أحد ونهبوا كثيرًا من الأسلاب وأسروا النساء والأطفال وتقاسموهم فيما بينهم ، وقد نجد تشابه واضح بين ما ذكره يوحنا النقيوسي لما حدث في مدينة نقيوس وما ذكره البلاذري، عن قرى الخيس وسلطيس بل نجد يوحنا النقيوسي، يذكر الحال الذي صارعليه المصريين بعد ضرب بن العاص الجزية عليهم فيقول: "يستحيل على الإنسان وصف أوجاع المدينة بأكملها، فكان الأهالي يقدمون أولادهم للعرب بدلًا من المبالغ الضخمة المطلوب دفعها شهريًا، ولم يوجد هناك من يقوم بمساعدتهم" (9) ونجد هنا ربط واضح بين ما أورده النقيوسي، وبين ما أورده المقريزي، عن ابن العاص، الذي لم يجعل سقف لتلك الجزية بل إنه أعتبر أن مصر وجيوب المصريين خزانه له مما اضطر المصريين لبيع أولادهم وهو ما أوردناه سلفًا.


مما أوردناه من بعض هوامش أحداث الغزو العربي يتضح لنا أن العرب ( عرب البادية الذين عاشوا على الغزو والسلب ) كما قال ابن خلدون في مقدمته إذا تغلّبوا على أوطان أسرع إليها الخراب وأن ذلك الغزو لم يكن بأمر دين بل كان بأمر دنيا وأن الغزاة الأوائل لم يكن يهمهم إلا جمع المال ونهب الثروات على حساب الشعوب المقهورة وان تلك الشعوب لم تستقبل هؤلاء الغزاة بالترحاب وأنه لم يكن الغزو المخلص من البطش بل كان استبدال البطش ببطش أشد قسوة وإن الدولة الإسلامية في (فتوحتها) لم تكن إلا دولة استعمارية كغيرها من الدول في ذلك الوقت .


1 فتوح البلدان البلاذري : ج 1 : ص253
2البداية والنهاية ابن كثير :ج 10 :ص 90
3(فتح مصر :ص 254)
4( فتح مصر : ص 309 )
5فتوح مصر وأخبارها ابن عبد البر ج:1
6ابن عبد البر: المصدر نفسه
7ابن عبد البر : المصدر نفسه
8عمر صابر من مخطوطات يوحنا النقيوسي
9 المصدر نفسه



#مصطفى_عبداللاه (هاشتاغ)       Mustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى و التوراة
- المسكوت عنه في الموروث الإسلامي ( الحديث و الرواية)
- حوار مع الراهب
- مصر من التنوير إلى البداوة !
- الرواية والحديث في زمن الصحابة
- ميثرا و يسوع و الأسطورة
- في البدء كانت الأنثى ( الأنقلاب اليهودي)
- مشكلة الثورة
- مصر و العرب ( صراع الفاتحين )
- في البدء كانت الأنثى ( الثقافة والكتابة )
- نحن و التراث
- تابو الجنس الأنثوي
- أخلاق الدنيا و أخلاق الدين


المزيد.....




- بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر ...
- استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب ...
- ‏المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية ‏صاروخية كبيرة ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن رصد تحركات جنود العدو الإسر ...
- خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميي ...
- غرفة عمليات المقاومة الإسلامية تصدر البيان التالي
- غرفة عمليات المقاومة الاسلامية: بناء على توجيهات قيادة المقا ...
- بيان غرفة عمليات المقاومة الاسلامية: المرحلة الجديدة والتصاع ...
- بيان غرفة عمليات المقاومة الاسلامية: خسائر العدو الإسرائيلي ...
- بيان غرفة عمليات المقاومة الاسلامية: تم إسقاط مسيرتين من نوع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى عبداللاه - الغزو الإسلامي لمصر ( هل كان غزواً سعيد )