أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الفضل شلق - هل بدأ أفول الدولة الدينية














المزيد.....

هل بدأ أفول الدولة الدينية


الفضل شلق

الحوار المتمدن-العدد: 7547 - 2023 / 3 / 11 - 06:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الدين الذي أساسه الإيمان هو علاقة مع الله. علاقة بين الفرد والله. الدين الذي أساسه العقيدة والطقوس والممارسات علاقة بين البشر. يستطيع الملالي وعموم المشايخ وبقية من يعتبرون أنفسهم ممثلي الله على الأرض السيطرة على الدين بمظاهره الخارجية بما في ذلك العبادات المنصوص عليها في الكتاب العزيز، والعبادات الأخرى التي تضاف إليها بقرارات من المؤسسات الدينية. تتخذ الطقوس (والعقائد المفروضة) وسيلة للبرهان على الإيمان، وتستخدمها السلطة لفرض سيطرتها، أما الإيمان فهو ما يتعلّق بالضمير الفردي. وهذا لا تستطيع السلطة النفاذ إليه. تفرض السلطة قيوداً إضافية على الناس بداعي التحقق من إيمانهم. تريد السلطة براهين على الإيمان ولا تستطيع ذلك إلا من خلال مظاهر خارجية ولو تعلّق ذلك بالعبادات.

يبدو أن الدين الطقوسي ما عاد بإمكانه السيطرة على الدين الإيماني، وأن برانية النفس لا تسطيع احتواء جوانية الروح، وأن الدين بشكل عام بدأ يضعف في سيطرته على المجتمع ككل، وأن شعار الإسلام هو الحل بدأ يتراجع؛ وهذا الشعار كما في أمور ايديولوجية أخرى أخذته الثورة الإسلامية في إيران والأحزاب الدينية التي تتبعها عن الإخوان المسلمين. ما يحدث في إيران هو ثورة ثقافية ضد نمط حياة فرضته المؤسسات الدينية منذ جاء الخميني الى السلطة. فهل يشير ذلك الى بداية تحوّل المجتمعات الإسلامية كلها، ووهن هذه السلطة في فرض قبضتها على المجتمع كله؟ الدولة الدينية لم تعد ممكنة، وهي تشبه في قبضتها ورفضها السياسة والتعبير عن الناس ووجودهم، وإصرارها على قضايا تفرضها، بحيث تجعل المجتمع صدى لما يعتقد الملالي والمشايخ، ما كان عليه الكوادر العليا في الاتحاد السوفياتي قبل سقوطه. التحوّل عن الدولة الدينية يحدث في إيران بوسائل العنف، وفي السعودية بالانفتاح وإرخاء القبضة. هل يعني ذلك تحوّل في مزاج المسلمين بشكل عام، بعد أن مضت عقود والوعي مشدود الى السلطة الدينية أو خاضع لها، عن طيب خاطر أو خوفاً من عنفها؟ وهل تفوّق التوق للحرية على الخوف؟ وهل تحرر المجتمع من مزاج كان راضياً به، مطمئناً إليه؟ إذا كان الدين هو الإيمان وحسب، فإن تغيّر المزاج العام ورفض إملاءات السلطة الدينية والشروع في ثورة ثقافية لا يعني إلغاء الدين بل السعي لإحداث تغيّر في الدين الاجتماعي بما لا تشتهيه السلطة. إيمان الناس هو دينهم، أما الدين الاجتماعي، بما فيه الطقوس، فهو مسألة سياسية تتعلّق بالسلطة. الثورة الثقافية التي عبّر عنها مطلب رفع الحجاب هي في نهاية الأمر ثورة سياسية. تحوّل مزاج المجتمع، بالأحرى وعيه، فصار ضرورياً تغيير شكل السلطة وصولا الى إلغاء القبضة الدينية الطقوسية، قبضة الملالي والمشايخ، وإلا يصل الأمر الى العنف؛ وقد وصل.

لا يتعلّم من نصبوا أنفسهم وكلاء الله على الأرض وناسها أن وجود الناس، وحياتهم اليومية، وتلبية حاجاتهم، أهم من القضايا التي يطرحونها ويجبرون الناس عليها، وينغصون الوجود البشري بها. ولا يتعلّم هؤلاء الوكلاء أنهم هم الذين يجب أن يستجيبوا للناس لا العكس بفرض استجابة الناس لهم. على القضايا أن تعبّر عن الوجود، وأن لا يكون الوجود كمّاً مهملاً. كل أنظمة الاستبداد تستعلي على الناس، وتغلق المجتمع، وتلغي السياسة، وتفرض أن لا يكون الحوار في المجال العام إلا استجابة للزعماء، وهم في هذه الحالة من نصبوا أنفسهم وكلاء، يطلبون سمعاً وطاعة لهم. تدعي هذه السلطات أن فهمها للدين يفوق وعي المجتمع وإن على الناس الطاعة بسبب قصورهم في الاطلاع على ما في كتب الفتاوى الموروثة من أجل تبيان ما يجب أن يكون عليه سلوكهم. ورد في الحديث الشريف، “الناس أعلم بشؤون دنياهم”. وهذه الدنيا أوسع بكثير مما يتصوّر وكلاء الله على الأرض. لقد صار فصل الدين عن العلم (الحديث) ضرورة من أجل تطوّر سوي للمجتمع. والثورة الثقافية في المجتمعات الإسلامية تعبّر عن هذه الضرورة. الأمر لا يقتصر على المجتمع الإيراني وحده.

المزاج الديني الذي ساد المجتمعات الإسلامية في العقود الأخيرة أدى الى انغلاقها، بل عزلتها عن العالم الخارجي. وكل مجتمع مغلق يحكم على نفسه بالعزلة. الأنظمة الدينية، التي عبّرت عن هذا المزاج، ادعت أن ذلك ضرورة لمواجهة الغزو الثقافي. وهذا هو السبيل الوحيد بنظرها لمواجهة الامبريالية، وبالتالي فإن ما يحدث في الداخل من كوارث إنسانية، بما في ذلك ما يتعلّق بالإناث، هو من فعل العدو الامبراطوري. وكأن المجتمع في الداخل لا يعاني من تناقضات وتراجعات وانهيارات، سببها السلطة الدينية. لسنا بخير كي نرمي كل أسباب عللنا على الخارج. ليس الخارج بريئاً. لكن الإغفال عن التناقضات الداخلية، التي منها ما هو كارثي، يصب فيما يريده الخارج، عن قصد أو غير قصد. استخدام العنف ضد الناس الذين يطالبون بالحق أن يكون لهم القرار فيما يتعلّق بشؤون دنياهم هو سلوك يشتت المجتمع، ويضعفه في مواجهة أعدائه. تعليم النساء أو عدم تعليمهم، ولباس زي معيّن أو عدم لباسه، جزء من نمط العيش. وما يحدث في أفغانستان لا يختلف كثيراً عما يحدث في إيران على يد أصحاب السلطة، وهي سلطة دينية تصادر لنفسها ثقافة المجتمع بما يتنافى مع تاريخه، وتاريخ الهضبة الإيرانية بما فيها أفغانستان. تاريخ هذه الهضبة هو تاريخ مجتمع مفتوح يسعى من نصبوا أنفسهم وكلاء الله الى إغلاقه. وما تسعى إليه الثورة الثقافية هو إعادة التاريخ الى نصابه، أو ما يمكن أن يسميه البعض تصحيح مجرى التاريخ.



#الفضل_شلق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زلزالنا اجتماعي نتائجه مثل زلازل الطبيعة
- صناعة السلاح وضرورات الحرب والاستبداد
- تفوّق الطبيعة على الإنسان
- المطلوب استعادة الدولة والنفط أداة
- وعظ أبو ملحم حول العيش سوية
- انقلاب تدريجي يستهدف الحرية الفردية
- عبيد الأسماء
- دين بلا إيمان
- أفغانستان حالة قصوى للمجتمعات الإسلامية
- هل تنفصل آسيا عن النظام العالمي الحالي؟
- بوتين أحد بيادق الشطرنج الامبراطوري
- أردوغان ومتلازمة العظمة
- أنظمة القابضين على الماء باليد
- قراءة في رواية “الوجه الآخر للظل”
- ضرورة فك ارتباط الدين بالرأسمالية
- هل بدأت مراسم دفن الدين السياسي
- من الامبراطورية الى انتخاب رئيس لبناني
- ثورة الوجدان الفردي على المجتمع والسلطة
- أخطار الوجود البشري
- الأرض مشروع مؤقت للرأسمالية


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الفضل شلق - هل بدأ أفول الدولة الدينية