|
الشباب المغربي: رهانات متعددة
عبد الواحد بلقصري
الحوار المتمدن-العدد: 1708 - 2006 / 10 / 19 - 07:02
المحور:
المجتمع المدني
أصبحت إشكالية الشباب في زمننا المعولم، تكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى عدة اعتبارات. الاعتبار الأول : هو أن هذه الفئة العمرية تمثل أغلبية الساكنة بالنسبة للعديد من الدول، وبالأخص الدول العالمثالثية . الاعتبار الثاني : هو أنه مع إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء في هذا العالم المعولم. نجد أن هاته الفئة تعرضت للتهميش والجهل والبطالة وانعدام التغطية الصحية والاجتماعية. بالإظافة إلى ظاهرة العزوف عن السياسة بالنظر بالنظر إلى أسباب تبدوا منطقية في أحيان كثيرة ( تعفن المشهد الحزبي والسياسي في الدول التسلطية....) دون أن ننسى ظواهر تشكل حلقة ربط بين العديد من الدول مثل ظاهرة الهجرة السرية ( الحريك) التي أصبحت تطال شباب العالم الفقير، كل هذا أدى إلى كوارث لهذه الفئة لا تحمد عقباها الاعتبار الثالث : وهو نتيجة للإعتبارين السابقين . حيث أنه مع تعقد المجتمع الدولي وظواهره. أصبحت العديد من الدول والمنظمات الدولية تنادي بالاهتمام بهذه الفئة العمرية وإدماجها عبر مقاربات عديدة. الشباب والتنمية، الشباب والأمن الاقتصادي، الشباب والمواطنة. كل هذا زاد من أهمية الموضوع وجعلنا أمام معالجات تتخذ زوايا مختلفة. وهذه المقالة هي تقريب للإشكاليات والفرضيات التي تدور في حلبة هذه المفاهيم والمقاربات. مع العلم أن تقسيم السباب وربطه بهذه المفاهيم هي مقاربة أكاديمية صرفة من أجل تدقيق العناوين والابتعاد عن العموميات المفرطة التي لا طائل منها. وسوف أعالج في هاته المقالة ثلاث مقاربات: • المقاربة الأولى: الشباب والمواطنة. • المقاربة الثانية: الشباب والتنمية. • المقاربة الثالثة: الشباب وواقع العمل الشبيبي بالمغرب. 1. الشباب والمواطنة: عندما نطرح السؤال، علاقة الشباب بقيم المواطنة. ما نقصد بالشباب؟ ماذا نريد بهذا المفهوم وهذا العنوان؟ هل نريد معرفة التوجهات، المرجعيات المتداولة بين الشباب، تمثلات الشباب لقيم المواطنة...... إن هاته القيم ليست مندمجة في مجتمعنا، فالمواطنة كمفهوم مجتمعي ظهر في عهد اليونان، والذي يرمز يجدد واجبات المواطن، نوعية العلاقة بينه وبين الدولة، قيمة المواطن، اهتمامات المواطن، قيمة العلاقة مع الدولة. وقد ظهرت واقتربت عند اليونان بالمشاركة... لكنه في عصر الأنوار ارتبط هذا المفهوم بوجود نخب مفكرة وارتبط بإشكالية التعاقد، تعاقد بين الفرد والدولة، أقصى ما وصل إليه هو المشاركة السياسية. وأصبحنا نقوم قيم المواطنة: المشاركة، تكافؤ الفرص، قيمة الفرد، قيمة الحرية. وبالتالي أصبحنا أمام قيم للمواطنة متعلقة بمفاهيم الحق والاتفاق والحرية أي أصبحنا أمام رابطة قانونية وثقافية وترابية. في عصرنا المعاصر أصبحنا نتداول المواطنة العالمية. الاحتجاج العالمي، الاندماج الوطني، الوحدة. مما سبق نستنتج أن قيم المواطنة اتخذت صيغا مختلفة عبر مختلف المجتمعات والتحولات التي عرفتها. لكننا عندما ندرس فئة الشباب وعلاقته بهذا المفهوم، هاته الفئة الطليعة التي حددتها الأمم المتحدة ما بين 18 و 22، وهناك من حددها من 18 إلى ما فوق... أي قضية الزمن ليست هي الإشكال الأساسي. لكن المشكلة هو أنه في مجتمعنا نجد أن واقع الشباب هو واقع مزري (ركوب قوارب الموت، اليأس، الإنحراف). كل هذا جاء نتيجة لغياب ثقافة المواطنة، والتي نجد أن السياسة الممنهجة من طرف الدولة هي السبب الرئيسي في ذلك. حيث أن هاته السياسة تكرس مبدأ اللامشاركة منذ عقود. لأن المواطنة وقيمها ليست مفاهيم تتداول ولكنها مفاهيم موجهة إلى السلوكيات. هي سلوكيات يومية. إذن هنا يطرح سؤال التحرر من بواثين الاستبداد القائم من أجل إعطاء القدرة على الإنتاج والشباب أولا وأخيرا هو يصنع تاريخه. 2. الشباب والتنمية: ما هي علاقة الشباب بالتنمية؟ وهل مقاربات التنمية اليوم تأخذ بعين الاعتبار هاته الفئة؟ إن مصطلح التنمية بالرغم مع أن ظهور طرح منذ الخمسينات ويصعد بها الزمن من مردودية حاجيات الأفراد في المجتمع. أما اليوم فقد اتخذ عدة أطروحات: الأطروحة الأولى: تؤكد أن التنمية الاقتصادية يمكن أن تؤدي إلى التنمية السياسية باعتبار أنه لا يمكن تحقيق التنمية بدون نمو اقتصادي. الأطروحة الثانية: تؤكد العكس، أن التنمية السياسية هي التي تؤدي إلى التنمية الاقتصادية وبالتالي إل التنمية الاجتماعية. بالنسبة للشباب تختلف وضعيته من بلد إلى آخر، الوضع في الدول المتقدمة ليس كما هو عليه الحال في الدول المتخلفة. إذن عندما يطرح علاقة الشباب والتنمية في المغرب يجب أن نستحضر واقع هذا الشباب. على المستوى الدولي، نجد غياب للوسائل الملائمة، وزارة الشبيبة والرياضة لا تمثل إلا 0.16% من الميزانية العامة للدولة، نجد أن دار الشباب واحدة لكل 35000 شاب منخرط، ولا تتعدى التكلفة التربوية لكل شاب منخرط في دار الشباب 5.54 درهم في السنة. إن الشباب له حاجيات اجتماعية وسياسية واقتصادية، كالتعليم والشغل والتكوين السياسي والترفيه، هاته الحاجيات تصطدم بمجموعة من الإكراهات كالفقر والتفقير والأمية والبطالة. كل هذا يعطل لنا التنمية البشرية التي ننشدها خطاباتنا وليس ممارساتنا. إن الشباب والتنمية ليس مجرد إدماج لفظي وتداولي حيث أننا نجد أن الجمعيات التنموية تتبنى قضية الشباب وكذلك الشأن بالنسبة للدولة والأحزاب، لكن هذا التبني المجرد الذي هو عبارة عن شعارات رنانة لا تخدم الفئة أو هذا الرأسمال البشري والذي يعاني من أشنع أنواع التعطيل والتهميش. إن التنمية الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا بإرادة حقيقية تحمل في طياتها ثقافة المشاركة والإدماج بدل الإقصاء والإستبعاد. 3. الشباب وواقع العمل الشبيبي بالمغرب: بالنسبة لواقع العمل الشبيبي بالمغرب هاته مقاربة تتطلب مقالة لوحدها أو لنقل بحوثا ميدانية جريئة. ولكن في هاته الخطاطة سوف أعطي خطاطة عامة لهاته المقاربة. الشباب المغربي ارتبط بالعمل الحزبي منذ حصول المغرب على الاستقلال وحتى في الأحزاب التي تأسست قبل الاستقلال كان هو الطليعة التاكتيكية لهاته الأحزاب، كل هذا ساهم في بروز شبيبات مختلفة المشارب (الشبيبة المدرسية، الشبيبة الاستقلالية... الاتحادية... الاشتراكية...) ولإبراز أهمية العمل الشبيبي والتراكمات التي عرفها ومدى قياس هاته التراكمات يجب تبيان أولا الأحداث السياسية التي ميزت تاريخ المغرب المستقل. وللإجابة بشكل دقيق كيف ساهم وماذا قدم وأعطى الشباب المغربي لمختلف هاته الفترة الحرجة (من اتفاقية إيكس ليبان، الإجماع الوطني، التقويم الهيكلي، سنوات الرصاص... الاعتقال السياسي... الاتحاد الوطني لطلبة المغرب... الامشهد الحزبي...) وهذا يتطلب بحوثا جيدة للخروج بخلاصات قد تثمر رهانات الشباب المغربي وتجيب على متغيراته المعقدة.... في الأخير يمكن القول إن رهانات الشباب المغربي متعددة وأن الشباب المغربي قادر على رفع تحديات هاته الرهانات شريطة ثقة الفاعلين الدوليين وغير الدوليين في قدراته ومواهبه. لأن الشباب هو من يصنع التاريخ وأفكار هذا التاريخ.
#عبد_الواحد_بلقصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
2007. مقاربة الشباب والسياسة
-
قراءة في كتاب سوسيولوجيا الشباب المغربي جدل الادماج والتهميش
-
الوجه الآخر للإصلاح
-
في الحديث عن الانفتاح السياسي بالمغرب
المزيد.....
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|