|
نحو فقه أسلامي معاصر
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7546 - 2023 / 3 / 10 - 22:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من أجل الولوج في الموضوع ، لا بد لنا أن نقدم تهيئة أو أرضية مناسبة ، وذلك حتى يتوضح للأخر ما نحن نصبو أليه . المقدمة : أولا - بداية يجب أن نعرف الفقه " الفقه الإسلامي هو العلم الذي يبحث لكل عمل عن حكمه الشرعي . والفقه في اللّغة : ( ف ق هـ ) الفقه هو فهم الشيء . وقيل : هو عبارة عن كلّ معلوم تيقّنه العالم عن فكر . وفي الاصطلاح هو : العلم بالأحكام الشّرعيّة العمليّة المكتسب من أدلّتها التّفصيليّة .. / نقل بأختصار من موقع المعرفة " .
ثانيا - و .. " هناك مصطلحات فقهية أو أصولية عامة ، هي الفرض ، الواجب ، المندوب ، الحرام ، المكروه تحريماً ، المكروه تنزيهاً ، المباح ، وهي أنواع الحكم التكليفي عند الأصوليين من الحنفية ، ويلحق بالواجب: الأداء والقضاء والإعادة . والركن والشرط ، والسبب ، والمانع ، والصحيح ، والفاسد ، والعزيمة ، والرخصة ، وهي أنواع الحكم الوضعي عند الأصوليين .. / نقل بأختصار من كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي - وهبة الزحيلي " .
ثالثا - ومن أجل معرفة الفقه الذي نحن نتعامل معه الأن ، لا بد لنا من معرفة مراحله ، ( وقد مر مفهوم الفقه بأطوار ثلاثة تغير خلالها مدلوله والمقصود منه ، الطور الأول : وفيه كان لفظ الفقه مرادف للفظ الشرع ، فهو معرفة كل ما جاء عن الله سبحانه وتعالى ، سواء ما يتصل بالعقيدة أو الأخلاق أو أفعال الجوارح .. الطور الثانى : وفيه دخل بعض التخصيص ، فاستبعد علم العقائد ، وصار علمًا مستقلاً سمى بعلم التوحيد أو علم الكلام .. ، وهذا التعريف يتناول الأحكام الشرعية العملية التى تتصل بأفعال الجوارح ، كما يتناول الأحكام الشرعية الفرعية التى تتصل بأعمال القلب كحرمة الرياء والكبر والحسد ، وكوجوب كافة أعمال البر والخير ، إلى غير ذلك من الأحكام التى تتصل بالأخلاق .. الطور الثالث : وهو الذى استقر عليه رأى العلماء إلى يومنا هذا ، من أن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية المستمدة من الأدلة التفصيلية . . ومما سبق يتبين أن مصطلحات ( الفقه والشريعة والدين ) كانت مصطلحات مترادفة ، ومع تطور مدلول هذه المصطلحات ، صار مدلول الفقه ، فيما استقر عليه علماء العصر ، أخص من مدلول الشريعة ، ذلك أن الشريعة تعنى ما سنه الله لعباده من أحكام عقائدية أو عملية أو خُلقية ، أما الفقه فصار يقتصر فقط على الأحكام العملية ، سواءً كانت تخص العبادات أو المعاملات من جملة الأحكام التى تضمها الشريعة والتى شملت المعاملات والعقائد والأخلاق ./ نقل بأختصار من مقال " أطوار الفقه الإسلامي " ل عماد حمدي البحيري - موقع أسلام أون لاين ) .
رابعا - وهذا التطور بالفقه قاد الى ظهور العديد من المذاهب والفرق الأسلامية ، والتي تمثل مجموعة توجّهات عقائدية وفقهيّة كلّها متفرّعة عن الدّين الإسلاميّ ، والأختلاف بين المذاهب أنسحب الى محاور أخرى ، فظهرت لفظتان متقابلتان لهما معانيهما الدّينيّة والسّياسيّة وحتّى الاجتماعيّة وهما : الشيعة و أهل السنة أو السنة . والشيعة تعرف بالأمامية أو الجعفرية / نسبة لجعفر الصادق .. " ولم يبقى من الفرق الشيعية المعروفة سوى الزيدية والأسماعيلية " ، أما أهل السنة ، فتتمثل بالمذاهب الرئيسية الأربعة وهي : المذهب الحنفي ، والمالكي ، والشافعي ، والحنبلي . أما على مستوى المعتقدات أو ما يسمى بعلم الكلام فهناك : الأشاعرة والماتردية والمعتزلة .. وهناك فرق أخرى كالأباضية والصوفية .. ويوجد فرق متأخرة منها : السلفية ، الوهابية ، الديوبندية والظاهرية / بنيت هذه الفقرة وبأختصار من موقعي ويكي شيعة و موضوع . القراءة : 1 . فيما مضى ، يتبين لنا ، أن الأسلام كان أسلاما واحدا ، فأصبحت المذاهب بفقهها ، كل منها تعبر عن توجه محدد من التفاصيل العقائدية ، وطريقة للمعالجات الشرعية وأسلوب خاص من نهج العبادات .. وبذات الوقت كل مذهب يعتبر فقهه هو المعبر عن الأسلام الأصح ! وهذا بحد ذاته ، أدى ويؤدي الى كوارث من الخلافات والأختلافات ، بين جمهور المذاهب ، وأثر على العلاقات بين أئمة وفقهاء المذاهب - دينيا وأجتماعيا وسياسيا ، وأول من كل ذلك فقد أثر طائفيا بين المسلمين !.
2 . لم تكن هناك أي جهود توافق أو حتى لقاء وسطي بين فقهاء المذاهب ، بل دائما كان هناك تطرف وتزمت وتناحر وصل حتى التكفير ، وقد جاء في موقع / أبن باز ، حول حكام أيران الشيعة التالي ( وحُكَّام إيران اليوم من أضلّ الناس وأكفرهم ، وإن تظاهروا بالإسلام ، لأنهم دعاة للشرك ، دعاة لعبادة غير الله ، دعاة للرفض ، دعاة لسبِّ الصحابة ، ولعن الصحابة ، والغلو في عليٍّ وأهل البيت ، وأنهم معصومون يعلمون الغيب ، وأنهم يُعْبَدون ويُدْعَون من دون الله : يُستغاث بهم ، ويُنذر لهم . ) وبذات الوقت هناك روايات للشيعة الجعفرية عن أهل السنة ، منها : لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجئ بولاية علي بن أبي طالب لأكبه الله في النار . وفي رواية عن زين العابدين - أن افضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن رجلا عُمِّر ما عُمِّرَ نوح في قومة ألف سنة إلا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم في ذلك الموضع ثم لقي الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك بشئ ، علما أن الرسول نهى عن التكفير : ( لا تكفّروا أهل ملتكم وإن عملوا الكبائر ) ! .
3 . لم يظهر الفقه بمراحله أي تأثير فعلي على العلائق مع باقي الأديان ، ولم يفتح حوارا فقهيا أو لاهوتيا أو عقائديا معهم ، ولكنه أهتم بخصوصيته الذاتية التي تميزه عن باقي المذاهب فقهيا ، وأرى أن هذا يعد قصورا في التطور الفقهي من جانب ، و من جانب أخر ، يعد تقوقعا مجتمعيا ، تجاه من يعيش مع المسلمين بذات الوطن .
4 . فقه المذاهب بأجمله فقه ماضوي ، ولم يجرأ أي فقيه أن يذهب بفقه المذهب الى التصور المستقبلي للوضع المجتمعي والسياسي والديني معا ، والفقهاء والأئمة مهتمون بذات التفاصيل القديمة ، مع أستحداث تصورات وتعديلات ثانوية على وضع المسألة ، وهم يجهلون بأن الوضع الماضوي للمسألة أو للمشكلة / الدينية أو الشرعية أو الفقهية - وهي مصطلحات مترادفة ، ستبقى دون أي حل جوهري ، وذلك لأنهم ينظرون ألى المسألة بفكر وعقلية ماضوية ، بعيدا عن الحداثة ! . خاتمة : * كان من الواجب على الفقهاء أن تكون لهم قياسات ثابتة في " تحديد أو توصيف الحكم الشرعي للمعاملات / المحرم المكروه المباح .. ، ولكنهم / أي الفقهاء ، أستندوا بما هم يستندون أليه عقائديا ، فأرى أن عملهم كان تنظيرا شخصيا ، محكوما بفكر فردي - وفق ظروف أجتماعية وسياسية معينة ، ومعتمدا على تأويلات أو تفسيرات أو شروحات لنصوص قرآنية أو على أحاديث نبوية ، معتبرين أن المنجز هو الحكم الأصح والأصوب للمسألة . * الأن الأمور الفقهية منحصرة بشكل رئيسي بين ركنين ، هما مؤسسة الأزهر ومرجعية النجف ، مع أجتهادات أخرى هنا وهناك ، المؤمل ونحن في القرن الواحد والعشرين ، أن يكون هناك فقها معاصرا ، لا أقول ولا أرمي عن توحيد الوصف والمعالجات الشرعية للمعاملات ، ولكن الذي أصبوا أليه هو أحكام شرعية تصدر ، بما يتناسب مع الوضع المجتمعي و يتلائم مع التطور الحضاري للأزمنة الحالية - أخذا بنظر الأعتبار بكل ما ورد من نقاط في أعلاه ، ونكون بهذا قد نزعنا الأسمال الماضوية للأحكام الشرعية للمعاملات ، وجعلنا لبوسها مدنيا حضاريا عصريا – ويمكن أن يعتبر هذا الأمر تطورا رابعا للفقه ، وهذا الذي أراه أن يدعى ب " الفقه المعاصر " .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور المرجعيات والمؤسسات الدينية .. في مستقبل الأسلام
-
تساؤلات .. هل الحكم يستمد من شرع الله ؟
-
حور العين .. هلوسة في مخيلة المعتقد الأسلامي
-
تساؤلات .. هل رجال الأفتاء هم نواب الله على الأرض
-
الرسول الأمي بين المخفي والمستور
-
أضاءة .. بين الهوية الدينية و الهوية الوطنية
-
أضاءأت .. شيوخ الأسلام والأرهاب الفكري
-
تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان
-
ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلاب النصوص
-
المثلية الجنسية .. أضاءة
-
أضاءة حول تكفير الفكر الأخر
-
مونديال قطر 2022 .. والدعوة للأسلام
-
شيوخ الأسلام و - الكهنوت -
-
الأحزاب والأنظمة الأسلامية .. و الوطن
-
قراءة للآية 55 آل عمران – وجهة نظر ثانية
-
قراءة للآية 79 من سورة الأسراء ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمو
...
-
قراءة في آية الفتح / 10 .. ودورها في تكريس السلطة
-
المجئ الثاني للمسيح .. أضاءة
-
المخفي والمسكوت عنه في آيات - ملك اليمين .. -
-
لمحة عن الحجاب .. مع أضاءة عن مقتل الأيرانية مهسا أميني
المزيد.....
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
-
مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
-
تسليم رهينتين في خان يونس.. ونشر فيديو ليهود وموزيس
-
بالفيديو.. تسليم أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يونس
-
الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي
...
-
القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي
...
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|