أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إدريس - جوهر المشروع التنويري الأصيل














المزيد.....

جوهر المشروع التنويري الأصيل


أحمد إدريس

الحوار المتمدن-العدد: 7546 - 2023 / 3 / 10 - 11:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


« القرآن لا يُفسِّر نفسه بِنَفسِه، و الإسلام لا يُطبِّق نفسه بِنَفسِه، و إنما يَتِم ذلك من خلال المسلمين. و ما أَسْوَأ ما فعل المسلمون بالإسلام. و الإسلام لا يتنافى مع روح العصر، أي عصر، في كل ما هو إنساني سمح و عادل. » (فرج فودة)


أعلم أن كثيراً و رُبما أغلب مشايخنا التقليديين ينظُرون بعين الريبة إلى التنويريين الجُدد و رُبما يُحذِّرون منهم العامة. لذا أود لفت انتباه هؤلاء السادة الكِرام إلى أننا من جهتنا نبتهج و نطرب عندما نرى باحثاً غربياً يستخدم الفكر النقدي في تعامله مع المَوروث الثقافي و الروحي لأمته، و ننبري لمدحه و إطرائه و نُضفي عليه أجمل و أحسن النُّعوت إذ نَصِفه بالشجاعة الفكرية و النزاهة العقلية و بأنه يعمل بإخلاص على رد بني قومه إلى جادة الصواب. لَيت هؤلاء و كل المُتذمِّرين المُستائين المُتطيِّرين من حركة التنوير الحالية، التي ما ادَّعى أصحابُها العِصمة لأنفسهم و لا لإجتهاداتهم بأي حال، لَيتهم يتدبرون و يُطبِّقون المقولة الآتية فهي من أعمق ما قرأت في حياتي : « لا تستعجل الحُكم على ما لم تعرف كُنهه و حقيقته، فليس كل غريب على عقلك خاطئاً. فالدواء المُر غريب على لسانك، لكنَّ جسدك لا يصح إلاَّ به » (نور الدين أبو لحية).

من جهتي أدعو قائلاً : اللهم انصر أمتنا على جُملة من التصوُّرات و الأفكار و المُعتقدات، التي لا أساس لها من الصحة و التي أصفها دون تردُّد بالشريرة، فقد أبعدتها عن سماحة و سَعة آفاق و الرحمة الشاملة لدين الإسلام : مجموعة من التصوُّرات و المُعتقدات التي نتَوارثُها على مر الأجيال و التي يستحيل أن يقوم عليها مجتمع سوي. نعم هذه الأمة في حاجة ماسَّة إلى ثورة، الوحيدة التي ستأتيها بربيعِ إقلاعٍ حضاري جديد، الوحيدة التي سَتُمكِّنها من مُواجهة تحدِّيات العصر الراهن باقتدار و تحقيق حضورها الفاعل و الواعي و المُؤثِّر إيجابياً في العالَم، الوحيدة التي بدونها فإن قِطار الزمن سَيُخلِّفها وَراءَه، ثورة في الأفكار التي بداخل العقول. ثورة تُصالحنا مع كُل الوجود : مع الخلق، مع أنفسنا، مع العصر، مع الحياة، مع الدنيا، مع غيرنا، مع الخالق. هذا لن يُفضي طبعاً إلى نهاية شتَّى أنواع المشاكل و النزاعات و التحديات في حياة الأمة سواء كانت أسبابُها داخلية أو خارجية، لكنه سيُفضي إلى تحوُّل نَوْعي بل جِذري في التعامل معها و يكونُ ذلك بأسلوب حضاري راقٍ مدعومٍ بروحانية عالية و أصيلة. إذ يبدو أنَّ النزاعات و الخلافات، هنا في هذه الدنيا، باقية و مُستمرة إلى اليوم الآخِر.

ما يسعى له التنويريون الصادقون المُخلصون - و هم كُثر - تُلخِّصه مقولة في منتهى الروعة لمفكر أصيل : « لا بد من إعادة تقديم الدين في أصوله النقية، و بلغة عالَمية عصرية تخاطب الكل في كل مكان، و ليس بلغة طائفية مُنغلقة مُتعصبة. لا بد من تقديم الدين في روحه و جَوهرِيَّته و ليس في شكليَّاته : الدين كتوحيد و خُلق و مسؤولية و عمل بالدرجة الأولى، الدين كحُب و وعي كَوْني و علم و تقديس للخير و الجمال » (مصطفى محمود، "نار تحت الرماد"، 1979). مقولة أخرى لعالِم أزهري عالي القدر تلخِّص جيداً ما نذرت له نفسي و أسعى للمُساهمة في تحقيقه : « إن التصوُّر الصحيح للدين قبل مُمارسته و تطبيقه هو الخطوة الأولى على طريق النهوض بالمجتمع الإنساني. » (عطية صقر، "نعم الإسلام هو الحل، و لكن أين الطريق ؟"، 1990)

ذلك هو حجر الأساس لأي مشروع تحرُّري نهضوي حقيقي في أوطاننا و ضمانُ إسهامنا الفعَّال في بناء حضارة الخير و الحب و السلام التي تهنأ في ظلها جميع مخلوقات الله. و عليه فإني أهتف بحرارة أننا في حاجة مُلحة أكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة شاملة فردية و جماعية لِمَقولاتنا الفكرية المتوارَثة و لأنماط تفكيرنا و أساليب حكمنا على الأمور و حلِّنا لمشاكلنا و لأدوات تحليلنا و تفسيرنا للوقائع و الأحداث و لِطُرق تعاملنا مع العالَم. هذا من شأنه أن يُوَسع أُفق النظر إلى الأمور كما أنه يُكسبنا قدرة أكبر على التفاعل مع الآخرين و الإنفتاح على ثقافاتهم و الإستفادة منها و من دروس و خبرات التجربة الإنسانية الطويلة بشكل عام. كل ذلك من أجل أن نكون في مستوى الإستجابة الإيجابية لا لأهواء و إنما لمُقتضيات العصر. و لكي ندخل التاريخ من جديد.


« ليست المشكلة أن نُعلِّم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المُهم أن نَرُد إلى هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرَها الإجتماعي، و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نُبَرهِن للمسلم على وجود الله، بقدر ما هي في أن نُشعِره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدراً للطاقة. » (مالك بن نبي)



#أحمد_إدريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاجلاً أو آجلاً، الصدق محمود العواقب ؛ عاجلاً أو آجلاً، الكذ ...
- فليسقطْ حُكم الرِّدة المُجرم !
- إسلام الأنوار هو طريق الخلاص
- ضرورة أن ننتقل من نقد يُكرِّر نفسه و مُوغل في السَّلبية إلى ...
- نحو ثورة في الفكر الديني
- تَحرَّرُوا من العبودية الطَّوْعِية !
- عن وفاة القرضاوي
- الوهم الأخطر على الإطلاق : وهم امتلاك الحقيقة المطلقة
- فهمنا الحالي للإسلام لا يُعين كثيراً الحياة
- عن الفكر النقدي و استخدامه في عملية التجديد الديني
- أليس فيكم رجل رشيد، يا فُقهاء و أئمة الإسلام ؟
- ما اضطُررت لفعله قبل فترة في سعيي لكي ينتصر التنوير
- و لَسَوف تعرفون الحقيقة…
- من الأَوْلى بِوَصف كافر : الذي ينكر غيبيات أم الذي ينكر مرئي ...
- أنا موجوع يا الله !
- هذه هي قِصتي
- جريمة عُظمى ارتُكِبتْ بحق الإسلام : تشريع فُقهائه السابقين ل ...
- المسلمون سيظلُّون على وضعهم الحالي المُؤسف ما داموا ينعَتون ...
- يجب أن تتغيَّر نظرتُنا للعالَم، لِنُسهم فِعلاً في خلاص العال ...
- خلاصة القول


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إدريس - جوهر المشروع التنويري الأصيل