أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حكاية العم عبد عنيد مطرود














المزيد.....

حكاية العم عبد عنيد مطرود


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7544 - 2023 / 3 / 8 - 02:19
المحور: الادب والفن
    


في ليلة شتائية باردة جدا ولدت خاجية اول وأخر مواليدها بعد أن نام الجميع في كوخها الي يجمعها وزوجها عنيد أل مطرود وأمه وأثنين من أخواته، في الزاوية البعيدة حيث ما زالت رائحة الدخان تعبق في المكان وصوت أهاتها يسمعه الجميع دون أن يستطيع أحد أن يقدم المساعدة سوى العجوز التي من خبرتها القليلة تحاول أن تصبرها على الصمود حتى الصباح، خاجية التي أرهقها الحمل الأول والعمل طول النهار بين جمع الحطب والخبز ورعاية البقرة الوحيدة التي تشكل كل رأس مال العائلة، بينما الكبيرة من شقيقات زوجها تسرح بها في الجوار تقوم الشقيقة الثانية بالحش كما هي العادة يوميا من أطراف الأرض المجاورة، أم عنيد كانت تحلم برؤية حفيدها الأول وكأنه المنقذ الذي سيحمل سلال البركات لها ويرفع لعنة الفقر والمرض عن هذه العائلة التي تسكن في هذا الكوخ، وكوخ أخر أسكنوا فيه ثروتهم التي لا تقدر بثمن مع بضع دجاجات وأحيانا يشاركهم الكلاب عندما يهطل المطر...
في هذا العالم الرمادي ولد عبد أو كما تسميه جدته "إعبيد" في حين أن أمه لم تستطيع أن تناديه بأي اسم قد رحلت عن عالم عبد عصر اليوم التالي لولادته، هكذا ولد أعبيد الذي لم يختلف تماما عن أبيه فقد خلق وولد ووجد ليخدم سيده صاحب الأرض التي يملكها ويملك من عليها، هذا لا يهم ما دام الأمر يتعلق بالمعيشة وأن تمضي كما يريد الله لك، في موسم الأحزان وما أكثرها في قريته التي عاش بعد أن ولد فيها يتيما من أم، سمع رجلا وقرا صالحا أعتاد أن يراه كل عام في نفس الموعد يقول، أنه في أخر الزمان سيولد الغيب مولودا غائبا من زمان لكنه حاضر بيننا، والعيب أن أبصارنا لا ترى نوره السماوي لذلك نعده غائبا وهو الحاضر في كل زمان ومكان، ومن أراد أن يراه ويسعد بالجنة عليه أن ينزع حب الدنيا من قلبه وأن يكون هذا الحاضر الغائب أحب إليه من أمه وأبيه...
من تلك الدقيقة التي لم ينم فيها أعبيد ليلته وهو الذي ما كان يشغل قلبه سوى حبه لأمه التي ضحت من أجل أن يولد لتودع الحياة له، هذه الليلة الصعبة التي أختار فيها أن يرى الغيب والغائب والمغيب مقايضا حب أمه بها....
من الصباح قرر أن يذهب للمضيف ويعلن للرجل الوقور الذي يأت كل عام ليبلغهم رسالات ربه أن نزع من قلبه كل شيء، وعازم على أن يرى ما لا يراه غيره، قبل تلك اليد الناعمة الطرية التي لا تشبه حتى أيدي أترف نساء القرية من رقة ملمسها، أنه سيكون ذلك الذي سيبيع كل شيء من أجل جنة الغائب،..
_ فقط يا مولاي الكبير علمني حتى لا أفشل في رؤية حلمي.
_ وهل تستطيع؟.
_نعم يا مولاي فليس عندي شيء أخسره يساوي لحظة واحدة من رؤية ذلك النور الذي يشع في الكون منذ مئات ألاف السنين.
_ إذا عليك أن تعرف دينك أولا.
_ وها أنا بين يديك مولاي...
من تلك اللحظة طلق أعبيد أل أعنيد أل مطرود الدنيا باحثا عن حلم منذ خمسين عاما، يعيش يومه بليلة بين مقام ومقام ومسجد و مسجد، لا يعرف عملا غير أن يحمل أمتعة الناس في سوق المدينة الصغيرة طيلة الأسبوع حتى يتسنى له أن يذهب للزيارة، لا يملك شيء أو يتذكر غير ما سكن ذاكرته التي لم يعد فيها ما في ذاكرة الأخرين سوى حلم النظرة الواحدة...
الأن هو مستلقي على سرير المرض ينظر لكل غريب يقدم للردهة أن يكون هو ذلك الغيب الغائب لكن دون جدوى، الطبيب يسأل عن أي شخص يمكن أن يكون قريبا أو يعرف أعبيد الذي لا يعرف أحدا عنه شيئا سوى أسمه أعبيد أل أعنيد أل مطرود، فقد أوشك الرجل على أن ينفق وبالكاد يفتح عينه ليرى...



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلم مطرود القديم
- الممكن العقلي الكائن بين الطبيعي أصلا الواقعي فعلا.
- (وما على الرسول إلا البلاغ المبين)
- الموتى.... لا يعرفون الزمن...
- رصيف مقهى رضا علوان
- بعض الإشكاليات الساخرة في منطق العقل المسلم..
- رسائل وسؤلات لأبونا الذي كان في الفلك المشحون
- نحو جنة جديدة
- عشرة أساطير هزت مكانة الإسلام في العقول. ج2
- عشرة أساطير هزت مكانة الإسلام في العقول. ج1
- العصمة التكوينية عند الإمامية وعصمة السلف الصالح عند خصومهم.
- في رحاب السماء
- أحلامي التي لا تكون
- العراق والعرب والعجم وحكاية التضليل
- نهايات الطريق بالموت وبدايات جديدة
- زيارة الى محراب النار
- انا من انا
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم 2
- اللغة المحكية شعبيا تنتزع حق البقاء والديمومة
- كيف لنا أن نفهم الدين العراقي القديم


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حكاية العم عبد عنيد مطرود