سرياليات
يكتبها من بغداد - سيف الخياط
[email protected]
ليس طبيعيا ذلك التغيير الذي طرأ على الحركة السياسية العراقية بداية التسعينيات او ما يزيد عليها بقليل، بدءا بتغيير اسمها من الحركة الوطنية العراقية بكل ما تحمله من دلالات عميقة، إلى (المعارضة العراقية) التي سوغت في ما بعد الشرعية لكل من هب ودب للدخول إلى صفوفها، دون الوقوف على تاريخه ومواقفه واسباب انقلابه المفاجئ، وتعودنا في ما بعد سماع القائد الفلاني في جهاز استخبارات نظام صدام وهو لاجئ في كندا وقد اسس حزبا معارضا، والرفيق البعثي المجرم وهو يشكل تحالفا معارضا في الدانمارك، وعدنا وقلنا (اهلا وسهلا ومرحبا) لكل من صحى ضميره وانتقل إلى صفوف المعارضة التي دائما ما تعارض نفسها بنفسها.
لكن يبدو ان البلد بخير وان المناضلين في الجناح السري اكثر من عدد النجوم، فبعد ان عدنا من تلك المنافي الباردة، فوجئنا بكم هائل من الاسماء الرنانة التي كانت تزخر بها صحف النظام المقبور والتي كانت تمجد بعظمة القائد وعبقريته، قد زينت ايضا صحف المعارضة مع الاحتفاظ ايضا حتى بصفة رئيس التحرير ومدير التحرير وسكرتير التحرير، فسئلنا كما يسأل الطفل الذي اضاع امه وسط الزحام، عن سر هذا الذي كتب يوما (لا سجون في العراق) وذاك الذي كتب يوما (القائد في ضمير التاريخ)، حتى جاءنا الجواب رادعا لكي لا نكمل من تساؤلات (انه من تنظيماتنا السرية)، فقلت ربما يكون (صدام حسين) مناضلا عنيدا تحدى اعواد المشانق وكان اقوى من الموت، ولكنه كان مضطرا لقتل الناس وحفر المقابر الجماعية، خشية ان يفتضح امره ويكشف تنظيمه السري، ونظرا لتضحياته في مواجهة الدكتاتورية نرشح ان يكون المناضل (صدام حسين) رئيس للعراق، ربما نكن نحن الذي تشردنا وسجنا وصودرت اموالنا المنقولة وغير المنقولة اعداء الثورة والنضال السرية، فتبادر إلى ذهني ان اكتب اعتذارا لكل المناضلين البعثيين الصامدين الذين تحدوا الدكتاتورية وقاوموها بدمائهم وحرصهم على تنظيمهم من ان ينكشف، ويبدوا انني كنت مغفلا لانني لم التحق بهذه التنظيمات السرية في داخل الوطن واحصل كما حصل مدير تحرير الجريدة الفلانية من امتيازات في زمن الدكتاتور، وما تبعها من امتيازات في زمن التحرير، وصرت كما يقول المثل (وجه كباحة).