|
معاوية في التلفزيون
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 7537 - 2023 / 3 / 1 - 00:25
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
دعونا نسأل ببراءة مالحكمة من إعادة نبش التاريخ المظلم ؟ ، وما الحكمة من التركيز على شخصية كانت سيئة بأمتياز في كل أعمالها ؟ ، ومقدماً أرجوا من القراء المحترمين أن لا يجدو في كلامي هذا تحاملا أو ضغينة مسبقة ، وإنما أنا ذلك الإنسان الذي يبغي لناسه وأهله الخير والهدوء والأمان ، ولذلك أنا من الناصحين لمن بأيديهم سلطة الإعلام والتلفزيون ، أريد منهم أن لا يعيدو الناس أشتاتاً متفرقين طوائف وملل يتقاذفون الشتائم والسباب والتهم ، أريد منهم أن يوجهوا الإعلام لما ينفع الناس في حاضرهم ومستقبلهم ، ويتركوا الماضي بما فيه من عقد وألم ، فقد تعبنا من القيل والقال من أصحاب الهوى والمنافع ومثيري الضغائن والفتن .
ثم إن معاوية ليس تلك الشخصية الرائدة التي تستحق الثناء والإشادة والمدح ، ولا هو ذلك القائد التاريخي الفذ الذي صنع الأمجاد للعرب والمسلمين ، إنما هو ذلك الشخص المريض المعبء بكل عقد التاريخ و الحياة والأيام ، وقد حمل هذا في حياته نفاقا وغدرا وتوارثه وورثه لمن تبعه جيلاً فجيلا ، وإن قلنا إنه هو ذلك الرجس المنكوس لا نجافي الحقيقة والواقع ، بل إنه ذلك الشخص الذي مرد على النفاق مع كثير من أمثاله ممن لا نعتز بهم ولا نفاخر ، وأقولها : إن معاوية لم يؤمن يوماً برسالة السماء ولا برسول الله ، وليس في صفاته ما يُمكن الذكر الحميد بل أن كل صفاته كانت سيئة قبيحة كما يحدثنا عن ذلك تاريخ المسلمين ، وهو الذي كان يخلط في القول والفعل ، وكانت سنوات حكمه هي أسوء سنوات مرت على الجماعة الإسلامية على طول تأريخها .
ومعاوية شخص مخاتل يغدر ويفجر وهذه من صفاته ، ولهذا تجمع حوله ومعه شذاذ الآفاق ونبذة الكتاب والحق ، وهو لم يعمل ولو لمرة واحدة في حياته عملاً صالحاً يرفع فيه كلمة الحق ويجعلها العليا ، بل إنه هو من بدل و غير نظام الحكم والحياة لدى المسلمين ، ولهذا كانت معاهداته الذليلة مع البيزنطينين والروم وصمات عار تقبح وجه التاريخ ، وهي خير شاهد على نفاق الرجل وجبنه وعدم إيمانه وإنه لا يستحق حتى الذكر مطلقاً .
من هنا تأتي صرختنا بوجه أدعياء الفن ، ونقول لهم : لا تفعلوا ما يسيء لجماعة المسلمين ووحدتهم ، و لا تقدموا عملاً ليس فيه فائدة أو أو عمل نقتدي بها ، بقدر ما يساهم ظهوره في نبش هذا التاريخ المظلم بكل عوراته ، والذي كان سبباً مباشراً في زيادة الإرهاب والعنف والكراهية والفتن بين مذاهب المسلمين وطوائفهم .
أقول هذا من وحي فعله السيء الذي سود وجه تاريخ المسلمين بمهادنته الذليلة للبيزنطينين ولأمبراطورهم قنسطانز ووريثه قسطنطين الرابع ، وهذا ما أجمع عليه مؤرخي العرب والغرب ، من أبن سلام والبلاذري وابن الطقطقي والشيباني و المسعودي والنويري وأبن قتيبه والدينوري وأبن كثير والطبري ، كل هؤلاء قالوا إن معاوية تنازل صاغرا للبيزنطينين وقدم لهم المال والحلل ، وأُرغم إطلاق سراح أسرآهم .
قال ابن كثير : أن ملك الروم قد طمع في معاوية بعد أن كان يخشاه ، فزحف عليه بجيش كبير وأرغم معاوية لطلب الهدنة ، وهكذا قال خليفة بن خياط و اليعقوبي الذي أضاف : بأن معاوية بن أبي سفيان صالح ملك الروم على ان يدفع لملكهم مائة ألف دينار ، وأن معاوية هو من بادر بطلب الهدنة من الإمبراطور البيزنطي و قدم له وللبيزنطيين مائة ألف دينار .
وهكذا أشار المؤرخ ثيوفانيس على تعهد معاوية بدفع إتاوة سنوية للبيزنطيين هي عبارة عن ثلاثة آلاف دينار وخمسين حصانا أصيلا ، كما تعهد بإطلاق سراح خمسين أسيرا من البيزنطيين ، واتفق معه على أن تكون مدة الهدنة ثلاثين عاما .
قال موناخوس : أن العرب تعهدوا بتقديم مائة من الخيول الأصيلة كل عام .
هذا هو معاوية الذي كان شاهراً سيفه ومؤلباً العرب والمسلمين على بعضهم ، وهو من تجرأ على نكاية الجروح والتصدي لحق ليس له من كل باب ، من هنا نقولها : لا تنشروا بين الناس هذا الزيف ولا ترجعوا بنا القهقرى ، فلم تندمل بعد جراحات داعش ولم تسوى حقوق الإيزيدين الذين أضهدهم ذلك الفكر نفسه الذي قاد فتنة صفين والنهروان والجمل والتحكيم ومقتلة كربلاء ، دعوا الفتنة ولعن الله من أيقظها ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إكسروا الحصار عن سوريا
-
الأستاذ عبدالجليل الركابي .. التاريخ والسيرة الحلقة الثااث
...
-
الأستاذ عبد الجليل الركابي ..... التأرخ والسيرة
-
دعاء السمات ... وبني إسرائيل
-
أهلاً تشرين
-
غباء الشعوب الشرق أوسطية
-
الغرانيق القصص الزائفة
-
المستقبل المجهول
-
رمضان كريم
-
غزوة اوكرانيا
-
سعد الدين الهلالي و التخريف
-
العرب في الميزان
-
سمير جعجع و الفنتة
-
بيان حول أحداث مجزرة الناصرية
-
الماسونية ... الحلقة الثانية
-
الماسونية
-
العنصرية
-
كورونا ... والعراق
-
نظرة محايدة لدعاء كميل
-
مصطفى الكاظمي في ميزان العقل
المزيد.....
-
حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني
-
العراق.. مسيرة تركية تستهدف اجتماعا لحزب العمال الكردستاني
-
صديق القادري.. جنرال عراقي قاتل مع القياصرة ضد الثورة البلشف
...
-
رحيل المفكر العربي البناني – الفلسطيني إلياس خوري
-
مقتل عنصر وإصابة 2 من حزب العمال الكردستاني بغارة تركية في ا
...
-
مواجهات بين متظاهرين والشغب أمام مبنى ديوان محافظة ذي قار
-
سمير لزعر// مخطط تشريد الطبقة العاملة وتجويع الشعب يضع افوا
...
-
بين هرم زوسر وضريح لينين أو ما هو دور الوعي الديني في بناء ا
...
-
اليسار الفرنسي يبحث عن طريق للمضي قدمًا بعد منعه من المشاركة
...
-
نصف الراتب ومنشور«مُمزق».. والحافز من الإستثناء إلى الأجر
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|