أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ذكرى مذبحة الأقباط في ليبيا














المزيد.....


ذكرى مذبحة الأقباط في ليبيا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7534 - 2023 / 2 / 26 - 12:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مرّت قبل أيام ذكرى مذبحة ٢١ مصريًّا مسيحيًّا في "سِرت" الليبية على يد تنظيم "داعش" المجرم منتصف شهر فبراير عام ٢٠١٥. ونحن لا ننسى جميع َشهدائنا مهما انقضتِ العقودُ ومرّتِ السنوات. لم ننسَ ولن ننسى شهداءنا على الجبهة، في جميع معارك مصر ضدَّ الكيان الصهيوني، من أبناء الجيش المصري العظيم الذين رووا بدمائهم النبيلة ترابَ الوطن، حتى يعزَّ الوطنُ ويسلمَ أبناؤه. فهم أحياءٌ في فردوس الله، وأحياءٌ في قلوبنا وفي ذاكرة الوطن، نذكرهم وندين لهم بأمننا وسلامنا. على أن مذبحة أقباط مصر في ليبيا على يد تنظيم داعش الإرهابي الآثم، تحتلُّ الركنَ الموجع المظلم والمرعب من الذاكرة الجمعية المصرية، لأن لها سماتٍ خاصّةً غريبةً ومستهجنةً على معارفنا وعلى أدبيات المنطق الحضاري. من تلك السمات: ١ أنها مُسجّلةٌ بالصوت والصورة، فكأنما حدثت أمام عيوننا تلك المشاهد المخيفة من إلباس الضحايا بدلاتٍ حمراءَ شأن المُقدمين على الإعدام، ثم جرّهم بالحبال على شاطئ البحر مُسلسلين بالأصفاد، ثم إركاعهم ونحر أعناقهم بدم بارد، ثم وضع الرؤوس المقطوعة فوق الجثامين، ثم تلوين مياه البحر الأبيض بحُمرة الدم المغدور. ٢ أنها كانت قتلا على العقيدة الدينية! فقد غُدِر الشهداءُ المصريون فقط "لأنهم مسيحيون"! وهذا ناتئٌ عن أدبيات الحضارة وأدبيات اللحظة التاريخية الراهنة! وقد عنون المجرمون فيديو وقائع المذبحة بـ"رسالة موقّعة بالدماء إلى أمة الصليب"؛ وكانت تنفيذًا لأوامر الإرهابيّ "أيمن الظواهري" زعيم "تنظيم القاعدة" بعد إسقاطنا جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر في يونيو ٢٠١٣، إذ ظهر في فيديو يأمر فيه الجهاديين صراحةً باستهداف المسيحيين واستباحة دمائهم وأموالهم لشراء السلاح، لقتل معارضي الإخوان. ٣ لم تكن نِدًّا لندٍّ! فتلك المذبحة المجرمة لم تكن حرب جنودٍ مسلحين أمام جنود مسلحين، شأنَ جميع معاركنا النظامية النبيلة الندّية ضدَّ إسرائيل؛ بل كانت مذبحة نذلة خسيسة بين عصابة إرهابية مُسلحة بالسيوف والغدّارات، أمام مُسالمين عُزّل من بسطاء مصر سافروا وتغرّبوا من أجل تأمين لقمة العيش لأسرهم الفقيرة في مصر. وكان المسلحون من الخسّة والجبن بحيث ظهروا ملثمين وكأنهم يدارون سوءة أرواحهم الجبانة. ٤ أن الدولة المصرية ردّت من فورها على تلك المذبحة الخسيسة ردًّا صافعًا صاعقًا. فبعدما أعلن الرئيسُ السيسي الحدادَ الرسميَّ في مصر سبعةَ أيامٍ، وتوجه إلى الكاتدرائية لتقديم واجب العزاء لقداسة البابا، تحركت القواتُ الجوية المصرية فورًا لتدمير معسكرات ومناطق تمركز وتدريب داعش ومخازن أسلحتها وذخائرها في ليبيا، ثأرًا لأرواح شهداء مصر. وفي اليوم التالي مباشرة تردد على مدار الساعة في أرجاء مصرَ بيانٌ شديدُ اللهجة من القيادة العامة للقوات المسلحة أعلن إتمامَ القصاص للشهداء، وحمل إنذارًا ووعيدًا لجميع التنظيمات الإرهابية التي تستهدفُ الأرواحَ المصرية داخل مصر وخارجها. ومازالت كلماتُ البيان محفورةً في ذاكرتنا الجمعية لا ننساه: (تؤكد القواتُ المسلحة المصرية أن الثأرَ للدماء المصرية حقٌّ واجبُ النفاذ. وليعلمِ القاصي والداني أن للمصرين درعًا يحمي ويصونُ أمنَ البلاد، وسيفًا يبترُ يدَ الإرهاب والتطرف. ) بيانٌ عسكري سياديّ عظيمٌ أشعرنا بأن لنا صخرةً تحمينا، ويُظلِّلنا جيشٌ جسورٌ يحمي شرفنا، ويذود عن أرواحنا داخل الوطن وخارجه، ولا يسامحُ في قطرة دم مصرية، لا مجال للمساومة بشأنها.
جاء الردُّ الجويُّ القاصم من قواتنا المسلحة ثأرًا لدم شهدانا في ليبيا، استمرارًا وتأكيدًا على نهج الدولة المصرية المدنية في أن كرامةَ أي مواطن مصري هي كرامةُ مصر وشرفها. وتأكيدًا حاسمًا لا فصال فيه على إعلاء "مبدأ المواطنة" واحترام وتقديس حق المواطن المصري في وطنه، مهما تكن عقيدتُه. فالعقيدةُ شأنٌ خاصٌّ بين الإنسان وربه، بينما الوطنُ شأنُنا العام نحن جميع المواطنين، وهمّنا المشترك.
ويشهد تاريخُنا المصريُّ العريق بأن تعاقبَ الأديان على المصريين قد غرس فينا بذرة التسامحَ العّقّديّ. فيذكر المؤرخون أن الأقباط المسيحيين كانوا يستعيرون في أعيادهم البُسُطَ والقناديل والشمعدانات من المساجد والمعابد اليهودية، مثلما كان الأقباطُ المسلمون يستعيرون الأشياء ذاتها من الكنائس في أعيادنا. وكانت الأديان الثلاثة تنظّم موكبًا مقدسًا مشتركًا على ضفاف نيل مصر إن تأخر الفيضان، يتقدمه السلطانُ، ثم الخليفةُ، ثم قاضي القُضاة ثم شيخُ الأزهر الشريف وبابا الكنيسة المصرية وأحبار اليهود. يتبعهم حَمَلَةُ الكتب المقدسة الثلاثة، لكي يتضرعَ الجميعُ إلى الله، كلٌّ عبر معتقده، حتى يفيضَ النيلُ وتزدهرَ البلاد. هكذا أراد اللهُ لمصرَ، وهكذا أردنا نحن المصريين. هكذا كنّا، وهكذا سنظلُّ، إلى أن يستردّ اللُه الأرضَ ومَن عليها. رحم الله جميعَ شهدائنا وأحسن مُقامهم في عِليّين وحفظ مصرَ الجميلة الحانية على أبنائها، وحفظ جيشنا الباسل العظيم. تحيا مصر.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشارلي ... الصامتُ إذا تكلّم!
- أضيئوا بالحبِّ قلوبَكم
- أخبرني الخيميائي … عن الماكياج
- المتواضعُ العظيم … السنبلةُ الثقيلة
- إقبال بركة … الجميلةُ التي أقبلت
- بقلم: البروفيسور أحمد عكاشة
- كيف تقتلُ الأدبَ؟
- معرض الكتاب … على اسم مصر .. وذكرياتي
- سلاح التلميذ ... وكتابي الجديد
- سؤالٌ مُفخَّخ … في امتحان!
- مع عمر… أعيشُ طفولتي!
- مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة
- كلّنا واحد
- نوال مصطفى… وسامُ الإنسانية من البحرين
- حبيبتي 2022… رغم عذاباتكِ... أشكرك!
- معلّمو الرهافة … المتوحّدون
- إيه فيه أمل! عن الطفل شنودة
- حينما الموسيقى … صوتُ السماء!
- دولةُ الأوبرا تحتضنُ مليكتَها
- اتهامات مفيد فوزي ... وهداياه


المزيد.....




- تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...
- مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
- تسليم رهينتين في خان يونس.. ونشر فيديو ليهود وموزيس
- بالفيديو.. تسليم أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يونس
- الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي ...
- القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي ...
- الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين ...
- وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي ...
- سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ذكرى مذبحة الأقباط في ليبيا