بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 7532 - 2023 / 2 / 24 - 04:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نجد في التراث الديني الإسلامي الكثير عما كتب في “عدم طاعة” الإبليس للإله في السجود لآدم، مما جعل الرب يغضب عليه ويلعنه؛ أي يطرده من الجنة حيث اللعن في اللغة العربية تعني الطرد، طبعاً هذه قراءة فلسفية لمن يسمون بالعلماء المسلمين وفقائها بحيث باتت واحدة من المسلمات في الفكر الشعبي لدى شعوب المنطقة، بالرغم أن البعض أراد أن يفسرها منطقياً مثل الكاتب والمفكر السوري؛ صادق جلال العظم، وذلك حينما وجد في سلوك إبليس ما يبرره حيث فسرها بأن الأخير لم يرد أن يشرك في عبادته للإله أحدٌ آخر؛ آدم، كون السجود له يعني عبادته وبالتالي الشرك في العبادة وبذلك يكون إبليس أكثر المتعبدين للرب وهو يدفع ثمن ذاك الإيمان المطلق به، طبعاً ذاك هو في بعده الفلسفي العقائدي وبحسب قراءة العظم، لكن وبقناعتي إن الحكاية في بعده ومنحاه الاجتماعي والتاريخي الحضاري هو أكثر عمقاً ودلالة ويتعلق بصراع المجتمعات من خلال رموزها ومعانيها الدينية الفلسفية، فلو رجعنا إلى كل من رمزية آدم وإبليس، سنجد؛ بأن الأخير يمثل أحد أهم الرموز الثقافية الدينية لدى الشعوب الآرية ومنهم الكرد ودياناتهم الميثرائية والآيزيدية وحتى الزاردشتية حيث إن الإبليس هو كبير الملائكة ومخلوق من النار، كما أخذ عنهم الإسلام، بينما آدم مصنوع من الطين الصلصال وبحسب تراتبية الطبيعة وعناصرها الأربعة، فإن النار أسماها بينما الصلصال أدناها!
وبالتالي لا يجوز أن يسجد من هو السامي لمن هو أدنى منه تراتبية وقداسة بحسب قواني الطبيعة، لكن الفلسفة الإسلامية حينما أرادت أن تجعل إبليس يسجد لآدم هي رمزت إلى سجود الفلسفة الآرية وشعوبها للثقافة الجديدة؛ الإسلام والعرب الساميين، وحينما رفض هؤلاء في صراعهم الحضاري الخضوع والسجود للغازي، فما كانت من الفلسفة الإسلامية إلا أن تلعنهم وتطردهم من “جنتها” وبيئتها المجتمعية الحضارية، كما طرد الإله إبليس من جنته وذلك في حالة إسقاط رمزي تعبيري عن حالة الصراع بين الحضارتين.. نعم للأسف إن “السامية” المخادعة والتي سرقت الاسم لنفسها، تريد أن تقنعنا؛ بأن على المخلوق الناري السامي؛ إبليس أن يسجد للمخلوق الصلصالي الداني؛ آدم، أي أن تخضع تلك المجتمعات الآرية وبرمزية تعابيرها الفلسفية العقائدية للغازي الجديد ولحضارتها وثقافتها وهذا ما تم واقعاً بعد ذلك من خلال فرض العقيدة الجديدة على مجتمعاتنا بحيث بتنا نحن أحفاد تلك الثقافة الآرية النارية نلعن إبليس لأنه رفض السجود لآدم مع أن قوانين الطبيعة نفسها لا تسمح بذلك وكذلك وكما فسرها العظم فلسفياً، بأن ذاك السجود كان سيعني الشرك بالإله وبالتالي فمن الخطأ الجسيم أن نلعن ذاك الكائن الناري السامي إبليس وهو الأكثر إيماناً وعقيدة فلسفياً عقائدياً والأكثر سمواً وعلواً من آدم بحسب تراتبية العناصر في الطبيعة، كما إنها تعني الخضوع لإرادة الغازي المحتل سياسياً حضارياً!
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟