سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1708 - 2006 / 10 / 19 - 10:07
المحور:
الادارة و الاقتصاد
فى عام 1976 أسس الاقتصادي محمد يونس بنكا ليس كباقى البنوك، لا يسعى إلى الربح ولا يلهث وراء كبار رجال الأعمال والشركات العابرة للجنسيات. وانما بنك للفقراء. يمنح القروض لفقراء بلاده بنجلاديش، وبخاصة النساء، ليمكنهن من إدارة مشروعات أعمال صغيرة بدون ضمان.
ولم تكن أهمية هذا البنك الفريد من نوعه مقتصرة على أثره الاجتماعي والاقتصادى فى بنجلاديش، وانما امتدت لتقدم نموذجا جديدا للقروض المتناهية الصغر الموجهة للشرائح الفقيرة، وهو نموذج استلهمته بلدان كثيرة ، فى شتى أنحاء العالم.
وبعد نجاح بنك" جرامين" داخل بجلاديش حيث يقدم خدماته لاكثر من ستة ملايين مقترض تأسست مؤسسة " جرامين" التابعة للبنك عام 1997 وكونت شبكة عالمية شملت 52 شريكا فى 22 دولة قدمت العون لنحو 11 مليونا فى آسيا وأفريقيا والأمريكتين والشرق الأوسط.
وها هى جهود محمد يونس تكلل بحصوله على جائزة نوبل للسلام، وقال دانبولت مجويس رئيس لجنة نوبل ان يونس وبنك جرامين يكافأن على عملهما فى "التنمية الاجتماعية الديموقراطية"
وأضاف أنه " لا يمكن التوصل إلى سلام دائم إلا إذا منح عدد كبير من الناس الفرصة للخروج من حالة الفقر. وبهذا المعنى فان التنمية مفيدة لحقوق الانسان والديموقراطية..
وفى الحقيقة فان منح محمد يونس (66سنة) هذه الجائزة الرفيعة يمثل حدثاً بالغ الأهمية، ليس فقط من حيث انه تكريم مستحق للجهد الانسانى الدءوب لهذا الاقتصادى المتميز، وأنما ايضا من حيث انه اعتراف بان الفقر هو العدو اللدود للسلام، وأن حكومات العالم يجب ان تولى اهتماماً أكبر لمكافحة هذا الفقر الذى تتزايد رقعته فى وقت كانت التوقعات تشير إلى أنه فى طريقه إلى الانحسار.
لكن السياسات المتوحشة للدول المتنفذة فى النظام الاقتصادى العالمى أدت إلى مزيد من البؤس لملايين البشر الذين يعيشون تحت خط الفقر.
وليس هذا بمثابة سوأة أخلاقية فقط فى جبين البشرية وإنما قنبلة موقوتة تهدد الاقتصاد العالمى كما تهدد السلم العالمى .
ولعل اهتمام مؤسسة نوبل بمنح هذه الجائزة المرموقة للاقتصادى محمد يونس ولبنك الفقراء ان يلفت النظر إلى ضرورة تنفيذ مقررات الألفية التى تبنتها الأمم المتحدة من قبل من أجل تقديم يد العون إلى الدول الفقيرة مع العلم بأن هذه ليست "مساعدات" بقدر ما هى "تعويضات" لتلك الأمم الفقيرة والأكثر فقراً، لأن فقرها الحالى هو أحد النتائج المرة لعقود وقرون من مقدراتها فى الحقبة الاستعمارية ، ثم شروط التبادل غير المتكافئ بعد ذلك وحتى الآن.
وقد آن الآوان لرد الدين.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟