|
نظرية المعرفة(1-3)ا
عادل الامين
الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 08:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
خلق الله آدم في الجنة وعقله يزخر بالمعارف والعلوم كلها ، كان يعيش حياة كاملة ، وعندما هبط إلى الأرض احتجبت هذه المعرفة بغطائين ، حجاب ظلماني (Dark Screen) وهو حجاب الغريزة (شهوتي البطن والفرج) وأصبح هناك جزء من عقله يؤدي وظائف الجسد ومطالبه يسمى عقل المعاش (Living Mind) والجزء الآخر برمجت فيه المعرفة الأزلية يسمى عقل المعاد (Post Living Mind) أما الحجاب الثاني فهو حجاب نوراني (Light Screen) وهو حجاب العقل نفسه ذلك العقل الذي يفسر الأشياء بأضدادها ، نجد أن تركيبه الإنسان من روح وجسد لعبت دوراً كبيراً في انقسام عقل الإنسان تبعاً لذلك ليؤدي مطالب الروح التي تنشد المعرفة الأزلية التي تعلمتها في عالم الذر .
قام آدم بتوريث هذه المعرفة إلى ذريته التي جاءت من بعده ، إن الإنسان في هذه الحياة يتذكر ولا يتعلم ، أي أن المعرفة تنبع من داخل عقل الإنسان ، والإنسان المجود للسلوك والمتأمل يستطيع أن يرفع الحجب ويبدأ مشوار السير إلى الله ، والسير إلى الله ليس بقطع المسافات ولكن بتقريب الصفات إلى الصفات . إن آيات الآفاق وآيات النفوس هي دليل الإنسان في البحث عن الحقيقة ، قال تعالى [سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، أوَلم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد] (53 فصلت) .
إن التعارض في النفس البشرية بين مطالب الجسد والروح هو الذي يجعل الإنسان يتأرجح بين الخطأ والصواب ويتقدم إلى الأمام في حياة الفكر والشعور ، لذلك الخطأ شيء موجود في تركيبة الإنسان ولا بد منه حتى يتعلم الإنسان ويتذكر ، إن حياة الجسد والروح في تركيبتهما الفريدة حياة ذات حدين إما كان الجسد سجن للروح يجعلها تتوق للإنعتاق عنه أو أصبح الجسد بيت لها تستأنس به وتحضه على عمل الأعمال الصالحة وبذلك يكون الإنسان في حالة تقلب بين الخير والشر.
إن العبادات من صلاة وصوم وزكاة جاءت لتعين الجسد على خدمة الروح التي تتوق للكمال وإن تجويد الإنسان للعبادات يجعله يحس بالسمو والتقدم من الحالة الحيوانية التي يعاني منها إلى مصاف الإنسان الذي خلق لأجله كل هذا الكون .
إن المعرفة الإنسانية تنقسم إلى قسمين ، معرفة إيمانية وهذه المعرفة معرفة تصديق . إذ لا يكون السامع أو المتلقي ملزم بأن يصدق الخبر أو لا يصدقه … مثلاً إذا قلنا لأحد سكان الأسكيمو في القطب الشمالي أن هناك فاكهة عند خط الإستواء يقال لها البطيخ ، خضراء اللون من الخارج وحمراء من الداخل وحلوة المذاق فإنه في هذه الحالة قد يصدق ما نقوله أو لا يصدق وتصبح المعلومة في عقله في حالة عدم اتزان.
النوع الآخر من المعرفة هي المعرفة اليقينية وهذه معرفة تحقيق إذ إنه لا يصل إليها الإنسان إلى بعد إجراء تجربة عملية للتأكد من الخبر الذي نسمعه ، نعود للمثل الذي ضربناه في الفقرة السابقة ، إذا ركب هذا الرجل الأسكيمو الطائرة وجاء إلى بلد عند خط الإستواء وذهب إلى السوق . وسأل عن البطيخ فدلوه عليه فاشترى قطعة فنظر إليها فوجدها خضراء من الخارج وشقها بالسكين وجدها حمراء من الداخل ، ثم تذوقها فوجدها حلوة الطعم ، بذلك يكون حصل على معرفة مؤكدة للخبر الذي سمعه أول مرة في بلاده .
إن الفرق بين المعرفة الإيمانية والمعرفة اليقنية فرق مقدار كما أن الفرق بين الإيمان واليقين هو أن الإيمان معرفة قلقة ناقصة إلى حد ما بينما اليقين معرفة مستقرة تكاد تكون كاملة . قد سبق القرآن فلاسفة الغرب في ماهية العلم المادي التجريبي (Matrial Expermental Science) إلى نوع أسمى من المعرفة يمكننا أن نطلق عليها مجازاً العلم الروحي التجريبي(Spritual Expermental Science) ولندلل على ذلك نذكر تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام في إثبات قدرة الله المطلقة على إحياء الموتى والتي تضمنتها الآيات قال تعالى [وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أوَلم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم أدعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم] (260البقرة).
ومن هنا نرى أن التجربة التي قام بها سيدنا إبراهيم كانت تجربة تأكيدية لقدرة الله على إحياء الموتى ونال بذلك طمأنينة القلب وبرد اليقين ، وقد ذكر ذلك في سياق آية أخرى : [ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين] (75 البقرة) .
إن الناس تتباين في المعرفة وفقاً لطبيعة المعلومات التي يتلقونها وتختزنها عقولهم ، ويمكننا أن نقسمها إلى ثلاث أنواع من القضايا :-
(1) 2 + 2 = 4 قضية صائبة ( درجة أولى )
(2) ص + س = 4 قضية ظنية ( درجة ثانية )
(3) 2 + 2 = 3 قضية خاطئة ( درجة ثالثة ) .
بذلك يكون الناس أربعة ، مثقف ومتعلم وأمي وجاهل ، وفقاً لطبيعة القضايا التي يحملونها أو مبرمجة في عقولهم ، فالمثقف إنسان يجيد القراءة والكتابة ومستقيم أخلاقياً وتأثيره إيجابي على المجتمع وجل القضايا التي يختزنها عقله من الدرجة الأولى ، المتعلم يجيد القراءة والكتابة ، ضعيف أخلاقياً وينطبق عليه المثل الإنجليزي (The half Lerned man is a dengrous man) وتأثيره سلبي على المجتمع والمعلومات في عقله من النوع الثاني والثالث .. الأمي إنسان لا يجيد القراءة والكتابة ، مستقيم أخلاقياً وتأثيره إيجابي على المجتمع ، المعلومات في عقله من النوع الأول والثاني ، أخيراً الجاهل وهذا لا يجيد القراءة والكتابة ضعيف أخلاقياً وتأثيره ضار في المجتمع والمعلومات في عقله من النوع الثالث في الغالب ..
#عادل_الامين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميتافيزقيا الزمان والمكان
-
حكاية حليمة الصومالية
-
الدين والاخلاق عبر العصور
-
نوستالجيا
-
الانسان اولا
-
.........الطاووس
-
العراق وسباق المسافات الطويلة
-
موت شاعر
-
الرأسمالية ليست نهاية التاريخ
-
قصة قصيرة:.........الكلب........
-
الاصولية المزعومة والعلمانية المفترى عليها
-
العراق والسودان في مخيلة النخبة العربية
-
الدولة الدينية والدولة المدنية-الحلقة الاولى
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|