عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7526 - 2023 / 2 / 18 - 02:51
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
تختلف أشكال التعبير عن المشاعر، من شخص لآخر، ويمكن للمشاعر المتناقضة ان تتداخل مع بعضها أحيانا. فليسو قلائل أولئك الذين يذرفون دموعا عند بلوغهم ذروة الفرح، مع ان الدموع تعبر، عادة، عن مشاعر الحزن.
وليسو نادرين ألعشاق والمحبين، الذين تمتزج لديهم مشاعر الحب بالكراهية، نحو الحبيب الذي تغيرت مشاعره، واختار طريقا آخر.
لكن تشوه الوعي وتحجره، ربما يؤدي الى التعبير عن مشاعر الحب والكراهية بأشكال غاية في الغرابة. فكلنا يذكر ان الآباء، وتعبيرا عن حبهم لأبنائهم، كانوا يلجأون الى القسوة في تربيتهم لـ (( يؤدبوهم ويقوموهم ويكسبوهم قدرا من القوة في مواجهة الحياة )). وربما تقترب القسوة المستخدمة في هذه الأساليب من التوحش.
وعندما تتصل المشاعر بالمقدس، تعبيرا عن الذوبان فيه، أو الدفاع عنه، وارتباطا بتشوه الوعي وتحجره، يجري التعبير عن المشاعر بأشكال بالغة الغرابة أحياناً. فمشاعر الحب للمحيط، تمتزج بالسخط عليه لكون أفراده (( يعيشون ضلالا لا يدركوه )) يعرضهم لنقمة الرب.
من يفكر بهذه الطريقة يخشى على من يحبهم، من المصير الرهيب الذي ينتظرهم في الحياة الأخرى، ويعيش، من جانب آخر، رعباً من العقاب، في حال عدم قيامه بفريضة (( الدفاع عن الدين المهدد ))، و (( إعلاء كلمة الله وتنفيذ حكمه في الأرض )). فيحاول ان ينقذ نفسه من العذاب المخلد الذي ينتظره في (( دار البقاء ))، بانهاء حياته في (( دار الفناء )) بقتل أخوته الذين تحولوا، الى أعداء له وللدين.
ولا يبتعد عن ذلك كثيرا، نمط تفكير المتأثرين بالفكر العنصري، أو القومي المتطرف، الذي يشحن الفرد منهم، بمشاعر حب جارف لـ (( عرقه النبيل ))، أو قوميته (( ذات التأريخ الناصع التليد ))، بما يجعله على استعداد، لأقتراف الفضائع، أنتصارا لـ (( عرقه النبيل ))، و (( رسالة أمته السامية الخالدة )).
ليس في هذا تبريرا لتوحش والأرهابيين وبريرية النازيين والقومين المتطرفين، أنما هو محاولة لفهم الدوافع التي النفسية، التي قد تقف وراء أنحراف البعض، وتبيان انعكاس وعي الأنسان على مشاعره وطرق تعبيره عن تلك المشاعر.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟