|
البوليساريو: خذوا حذركم
قصي لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 1705 - 2006 / 10 / 16 - 05:07
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
ابتهج الصحراوين بتقرير عن مهمة قامت بها المفوضية السامية لحقوق الإنسان الأممية من 15 إلي 23 أيار (مايو) و 19 حزيران (يونيو) 2006 إلي الصحراء الغربية و مخيمات اللاجئين في تيندوف. بل إن أمين عام جبهة البوليساريو اعتبره انتصارا لشعب الصحراء الغربية، و المغرب وجه وزير خارجيته رسالة إلي المفوضة يحتج فيها علي ما جاء في التقرير بل اعتبره غير محايد، رغم أن التقرير لم يأت إلا بوصف وضع قائم، تاركا الباب مفتوحا لمعاودة الكرة سواء في أرض الصحراء الغربية أو مخيمات اللاجئين، و هي طريقة ذكية دأب الموظفون الدوليون علي إتباعها للتجوال و أخذ مصاريف جيب علي حساب سكان المناطق التي يزورونها، فالصحراويون مند 1991 ينتظرون حل قضيتهم المزمنة و أعضاء بعثة الأمم المتحدة لإجراء استفتاء في الصحراء الغربية (مينورصو MINURSO ) ينعمون في فنادق فاخرة و رواتب خيالية و الصحراويون يذبحون أمام أعينهم في مدينة العيون كبرى مدن الصحراء الغربية، والتي يوجد بها المقر المركزي لهذه البعثة. تصف مذكرة من الشباب الصحراوي بالمدن التي يسيطر عليها المغرب موجهة إلي الأمين العام لجبهة البوليساريو مؤرخة 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2006: " ... و لأن معاناة شعبنا طال أمدها بفعل القمع المغربي الممنهج منذ احتلاله للوطن المتوج من لدن القوى العظمى المجحف في حق تضحيات شعبنا الجسام عبر تصويت اوتوماميكي و شبه مذهبي يأخذ علي رأس كل ستة أشهر بضع دقائق فقط من عمل مجلس الأمن للمصالح الضيقة، رغبة في تغيير مسار القضية الوطنية من تصفية الاستعمار إلي فرض الأمر الواقع الذي جسده ضمنيا شعار بيكر القائل و للأسف بأن: - المنهزم في قضية الصحراء لا يخرج خالي الوفاض-... فبعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ رسميا انطلقت مرحلة جديدة اختلط فيها الحابل بالنابل جئ خلالها بقوات دولية عرفت بالمينورصو، تنفذ ما أنيطت به خلال مدة لا تتجاوز سنة، مددت لسنوات، تحولت بفعلها هذه القوات من منفذة لمخطط التسوية إلي حارس حدودي يراعي مصلحة الدولة الغازية، مقابل توفيرها حانات الخمر و الحشيش لهذه القوات و انتقل بذلك الشعب الصحراوي لمرحلة جديدة كل من موقعه ينتظر انقضاء السنة على أمل انتهاء المعاناة و معانقة الأحبة ...." . نعود إلي استنتاجات المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة: - مهما كان الحال فوضعية حقوق الإنسان مقلقة جدا، و خاصة في الجزء الذي يديره المغرب من الصحراء الغربية. حاليا شعب الصحراء الغربية لم يمنع فقط من حقه في تقرير المصير و لكنه ممنوع أيضا من ممارسة الحقوق الأخرى، خاصة الحقوق الوثيقة الصلة بحق تقرير المصير. - رغم مستوي التعاون الذي قوبل به الوفد في مخيمات اللاجئين الصحراويين تبقي الحاجة قائمة إلي متطلبات أخرى هامة و ضرورية. و من بين توصيات أعضاء البعثة، بعد التطرق إلي أن حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية يجب أن يضمن و يتم تطبيقه دون أي تأخير و أن الوفد استنتج أن الخروقات و الانشغالات بخصوص شعب الصحراء الغربية سواء تحت سلطة الأمر الواقع للحكومة المغربية أو جبهة البوليساريو تنجم عن عدم تطبيق هذا الحق. كما تم التأكيد علي إلزامية المراجعة الدائمة لوضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ... و علي كل الأطراف المعنية التعاون التام مع الأمم المتحدة لإنجاز هذه المهمة. يمكن القول أن هناك غموض، و هذا دأب الأمم المتحدة و المنظمات التابعة لها حتى يجد كل طرف ما يريده. و إذا كانت جبهة البوليساريو اعتبرت التقرير نصرا لها، و عارضه المغرب فإن كوفي عنان لن يغفر للبوليساريو و أصدقائها إفشال تصوره المقدم لمجلس الأمن شهر نيسان (أبريل) 2006، و إذا كانت الجزرة قدمت للصحراويين من خلال تقرير المحافظة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإن العصا ستهوى علي رؤوسهم من خلال التقرير الذي سيقدمه كوفي عنان هذا الشهر إلي مجلس الأمن، فالرجل كما يقول يتكلم اللغة الانجليزية لكن بلكنة فرنسية، و فرنسا معروفة عند القاصي و الداني بتحالفها العملي مع المغرب فيما يخص قضية الصحراء الغربية، كما أنه قال يوما - ربما زلة لسان – أنه سيقضي بقية حياته في المغرب. كوفي عنان في نهاية مأموريته لا يمكن إلا أن يسير علي خطى سلفيه، بيريز دي كولار الذي قدم تقريره لمجلس الأمن نهاية 1992 ليصدر هذا الأخير قراره يوم 31 كانون الثاني (يناير) 1992 آخر يوم من عهدة دي كولار و كأني بقضية الصحراء الغربية تهدد السلم العالمي كالعراق في الكويت أو لدي الصحراويين رؤوسا نووية، و قد جازاه المغرب دون أن ندخل في التفاصيل، و السلف الثاني هو بطرس غالي الذي ارتكب نفس الفعلة و هو يغادر مبني الأمم المتحدة سنة 1996. كما أريد أن أعرج بالقارئ الكريم إلي ما جاء في كتاب " جلالة الملك، لوالدك فضائل كثيرة علي " للكاتب و الصحفي الفرنسي جون بيير تيكوا و الصادر عن دار النشرالفرنسية الشهيرة - ألبان ميشيل - و قد لخصته جريدة القدس العربي في مقال للسيد شوقي أمين بتاريخ 11/3/2006 تحت عنوان : "صحفي فرنسي يكشف ضعف الدبلوماسية المغربية في إدارة ملف الصحراء الغربية". و لجوء هذه الدبلوماسية إلي الرشوة لاستمالة المجتمع الدولي، و إدريس البصري الرجل القوي في عهد الحسن الثاني الراحل يتعرف بذلك. يتناول الكتاب الملف الدبلوماسي المغربي حول موضوع نزاع الصحراء، و كشف الكثير من نقاط الظل عن ممارسات دبلوماسية خارج المألوف، انتهجها المغاربة للدفاع عن أطروحتهم. و يرى تيكوا أن المخزن لم يتردد في سلك كل السبل لتذليل العقبات الدبلوماسية الدولية.. لإقناع هذا البلد أو ذاك كي يكون نصيرا له في قضيته في المحافل الدولية، بل إنه تبني منذ أمد بعيد سياسة الأظرفة المالية، و هي كناية عن الرشوة الموصوفة التي تحولت إلي عقيدة دبلوماسية، و اختصاص لدى المسئولين المغربيين للتغطية على ضعفهم الدبلوماسي في تسيير الملف الصحراوي. فالمؤلف أجرى عدة حوارات مع إدريس البصري باعتباره المسئول الأول وقتها عن الملف الصحراوي، بالإضافة إلي لقاءات أخرى أجراها الكاتب مع ممثلين للهيئة الأممية تضيف جريدة القدس العربي. يقول الكاتب في هذا السياق إن كل الإستراتيجية المغربية تلخصت في شراء ذمم بعض مسئولي جبهة البوليساريو، و الدبلوماسيين الأجانب، و المسئولين عن الملف الصحراوي في هيئة الأمم المتحدة. استند إلي تصريحات ( برنارد ميلليلي) المستشار السابق في قصر الاليزيه و ما من شك أن شهادة هذا الدبلوماسي الفرنسي المحنك الذي اشتغل من سنة 1997 إلي سنة 2000 مستشارا دبلوماسيا لكوفي عنان تلقي الضوء على الدبلوماسية المغربية، قادته مهمته إلي الرباط حيث التقى الحسن الثاني كما زار مخيمات اللاجئين الصحراويين ثم موريتانيا فالجزار. يقول هذا الدبلوماسي: " السلطات المغربية أمنت لي إقامة فخمة بفندق هيلتون الدولي بالرباط رغم أني كنت بمفردي، و ضعوا تحت تصرفي غرفتين و غرفتي حمام وضعوا في إحداها ما لا يقل عن 300 نوع من العطور، لقد كانوا يريدون شراء ذمتي". و يتهكم معلقا: " إنها هدية حسن الاستقبال".... رغم أن محاولة المخزن في استمالة المبعوث الأممي لمصلحة المغرب أجهضت إلا أن مخططاته لم تتوقف عند هذا الحد حسب مؤلف الكتاب، بل تعدته إلي قلب الهيئة الأممية بنيويورك عن طريق سكرتيرة السيد برنارد ميلليلي نفسه، وهي معلومة علي قدر كبير من الأهمية و الصدق كونها جاءت من حديث لإدريس البصري أسر به للكاتب شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2005 مفيدا أن هذه السكرتيرة ساعدتهم كثيرا و يقول البصري. لقد استقبلتها في بيتي عدة مرات نظرا للمنصب الحساس التي كانت تتبوأه في عملية استباق للأحداث. كان الهدف الاستحواذ علي الوثائق و المراسلات التي كانت ترسلها بعثة الأمم المتحدة إلي مجلس الأمن حول قضية الصحراء الغربية. يقول البصري للكاتب: كان مهما لدينا عندما تقع بعض الوثائق بين أيدينا نرسلها فورا إلي جلالة الملك الحسن الثاني لتمكينه من ردة فعل سريعة مع رؤساء الدول الأعضاء في مجلس الأمن. يقول الكاتب: إن مجموعة من الدبلوماسيين الفرنسيين قدموا المساعدة و الاستشارة لنظرائهم المغربيين بإيعاز من الإيليزي، و يورد اسم جون برنارد ميريمي السفير الفرنسي السابق بالرباط، أحد أكبر المدافعين عن الموقف المغربي و كان ممثلا لبلاده في هيأة الأمم المتحدة، متخندقا ضمن اللوبي المغربي عبر القناة الأممية، و اتهمته الجزائر في الماضي بتلقيه عملات لقاء دفاعه المستميت عن أحقية المغرب بالصحراء الغربية، اتهام فنده إدريس البصري وقتها، لكنه اعترف للكاتب في تشرين الأول (أكتوبر) 2005، بأن السفير الفرنسي ميريمي مد للملكة يد العون، و كان يقوم بذلك مجانا، مستدركا يقول الكاتب بشكل لا يخلو من الجدية و التهكم في آن، و لكن لا يجب أن ننسى عطاءات و اغداقات الملك الحسن الثاني لأصدقائه، وحين غادر ميريمي من الخارجية الفرنسية شرفه البنك المغربي للتجارة الخارجية بمنصب نافذ في مجلس الإدارة لقاء أجر شهري معتبر، علاوة علي تمكينه من امتلاك منزل أنيق على بعد أمتارمن بحيرات وارززات الشهيرة و ذات المنزل حسب تيكوا استنادا إلي شهادة البصري نفسه هو عبارة عن بيت ريفي خشبي علي الطريقة السويسرية منحه إياه الحسن الثاني بما فيه الميدان المحيط به. هذه الفقرات أوردتها نقلا عن كتاب السيد تيكوا و جريدة القدس العربي المحترمة حتى لا يغتر قادة البوليساريو بهذا النصر الإنساني لأن الأمين العام للهيأة الأممية و هو على أبواب المغادرة غير متناسي للصفعة التي وجهت له نيسان (ابريل) الماضي مع نسق الدبلوماسية المغربية الراشية مما سيدفعه إلي للضرب بعصاه علي رأس شعب الصحراء الغربية.
#قصي_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين العرب من هؤلاء العرب؟
-
! كم أتألم لحاله
-
مهمة خاصة: نجاب و آخرون.
-
مهمة خاصة:من المجد إلي الحريم
المزيد.....
-
كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت
...
-
الآلاف يشيعون جثامين 6 مقاتلين من قسد بعد مقتلهم في اشتباكات
...
-
بوتين: نسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
-
-رسائل عربية للشرع-.. فيصل الفايز يجيب لـRT عن أسئلة كبرى تش
...
-
برلماني مصري يحذر من نوايا إسرائيل تجاه بلاده بعد سوريا
-
إطلاق نار وعملية طعن في مطار فينيكس بالولايات المتحدة يوم عي
...
-
وسائل إعلام عبرية: فرص التوصل إلى اتفاق في غزة قبل تنصيب ترا
...
-
الطوارئ الروسية تجلي حوالي 400 شخص من قطاع غزة ولبنان
-
سوريا.. غرفة عمليات ردع العدوان تعلن القضاء على المسؤول عن م
...
-
أزمة سياسية جديدة بكوريا الجنوبية بعد صدام البرلمان والرئيس
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|