|
العلمانية النظرية وزيف العلمانية العربية -2
لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل
(Labib Sultan)
الحوار المتمدن-العدد: 7520 - 2023 / 2 / 12 - 20:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
2. حول زيف العلمانية العربية المعاصرة خلال اية مراجعة لتاريخ مجتمعاتنا الحديث، وخلال القرن العشرين تحديدا، يمكن فرز طورين في دورة الحركة العلمانية فيها: الأول: طور ادخال وصعود الفكر والتوجه العلماني بدأ هذا الطور مع نهاية الاحتلال العثماني لمعظم البلاد العربية واستمر قرابة نصف قرن ،أوحتى ربما اقل منه، ويمكن تسميته بطور التنوير حيث نجح رواده في ادخال المفاهيم العلمانية الى الحياة الاجتماعية والثقافية تدريجيا من خلال التعرف على افكار الحضارة الغربية ومناهجها وانجازاتها وساعد ذلك دخول الانكليز والفرنسيين لوراثة سيطرة العثمانيين، الذي استمر لخمسة قرون مظلمة كانت مجتمعاتنا بعيدة كل البعد ومحجوبة عن اي مفهوم للتحضر الذي جري في العالم والتحولات التي شهدها على كافة المستويات الفكرية والحضارية والصناعية ، بل وحتى على مستوى التعليم المبتدئ (كانت نسبة الامية تفوق 95 بالمئة من السكان تقريبا في عشرينات القرن المنصرم ) ، عدا سيطرة الخرافات الدينية والاستبداد العصملي القمعي المشهور. بدأ هذا الطور مع بداية القرن بحركات المطالبة بالمشروطية ( أي الدستورية) وانهاء الاستبداد والتي ابتدأت دعواته من عقر اسطنبول ومن عقر شاه ايران، ومن بعض المتنورين الاسلاميين الذين طالبوا بانهاء الاستبداد مثل الكواكبي ومحمد عبدة ، ومنه الانفتاح على فكر وحضارة الغرب لمجاراة تطورها ونظمها في الحكم . ولكن نقطة البداية للنهوض كانت فعلا منذ سقوط العصملية ودخول الورثة الجدد من الغرب الاوربي ، متمثلة بوعي الذات والهوية الوطنية المستقلة ، كما عبرت عنها ثورة سعد زغلول في مصر عام 1919 او ثورة العشرين في العراق وقبلهما في ثورة الحجاز على العثمانيين. انها لم تكن حركات علمانية بلاشك ، بل كانت وطنية ، وبداية البذر للعلمانية كمنهج لتقوية الوطنية التي قادتها نخبا مثل حزب الوفد وزغلول في مصر والحزب الوطني وجعفر ابو التمن في العراق، وعلى رأس النخب ملوكا متنورين مثل الملك فيصل الأول في العراق والملك فاروق في مصر وما حولهما من نخب تخطط لبناء وادارة الدولة، اسهمت جميعها في انشاء دولا على الطراز الاوربي في مصر والعراق وبعدها في سوريا ولبنان ، شجعت التعليم وفتحت المدارس والجامعات وابعدت مناهجها عن التعليم الديني في الملالي ، وجعلته بمنهج وطني بل وحتى علماني يأخذ بمناهج العلم الحديث ، وارسلت البعثات للغرب للتخصص ، واقامة جامعات على غرار الجامعة الاميركية في بيروت ، ونشأ منهما جيلا جديدا مشبعا بافكار الحضارة الغربية ومنها تشكلت نخبا علمية وثقافية كانت اطروحاتها وحركاتها ونواديها وصحفها تجد لها صدى وقبول في مجتمعاتنا العربية الخارجة للتو من سطوة الدين والتبعية العثمانية . واصبح الشعوب مبهرة ومتفائلة بالتقدم والتحضر الذي ينتظرها مستقبلا من خلال التعلم والتعليم والعلم وهي ترى انجازات وصعودا سريعا على كافة المستويات واصبحت السيارة والسينما والفن والمسرح وقراءة الكتب تنتقل من النخب العليا تدريجيا الى الجمهور ، ويتوسع بشكل عمودي وأفقي ، الذي صار يؤمن بهذه النخب والنظم الملكية ، وذلك من خلال التطور الملحوظ الذي احدثته في حياتها ، خصوصا وإن النظم الملكية الدستورية سمحت بقدر معقول من الحريات لتشكيل الاحزاب والجمعيات ووحريات للصحافة والرأي والمعتقد ووطنية الثقافة . وبصورة ملخصة عاشت مجتمعاتنا عرس العلمانية والتحضر وتقبلتها برحابة صدر لما وفرته لها من فرص تحسين حياتها ومعيشتها ( رغم فقر الدول العربية المدقع وضعف اقتصادها انذاك) من خلال السعي للتعليم وكسب مهارات جديدة تحتاجها الدولة والمجتمع والاقتصاد، الذي كان يسير بشكل متواز ويساهم في تطوير حياتهم وسبل معيشتهم ، فمع نمو قدرات الافراد ومهاراتهم تغتني الدول والمجتمعات . اني ادعو هذه الفترة بالتنويرية وصعود نجم العلمانية فكرا وممارسة في تطوير الحياة الاجتماعية والثقافية وحتى السياسية في بلدان المشرق العربي خصوصا. ولم تكن للحركات الاصولية الاسلاموية والايديولوجية امام هذه الحركة الوطنية للامام حضورا او حضوة عند الجمهور، واغلبها اساسا كان ضعيفا أو قيد التشكيل مستفيدة من جو الحريات التي اتاحتها علمانية النظم الملكية والحريات التي وفرتها لمجتمعاتنا لتسير في بداية خطوات التحضر وبناء صرح الدول الوطنية شبه العلمانية. ومن مراجعة تاريخية ايضا ، يمكن اعتبار نكسة هذه العلمانية الناشئة ، التي بدأت تقف للتو على قدميها ، قد بدأت فعليا عام 1948 وبالتحديد بنكبة فلسطين وتأسيس دولة اسرائيل وحرمان الفلسطينين من دولتهم ، وهو امرا شعر الجمهور العربي بهوله واعتبره أهانة لوطنيته وعروبته الأصيلة ناتج من تخاذل الانظمة العلمانية العربية وتآمر دول الغرب معها عليها . لقد جاءت ردة الفعل المشاعرية هذه لصالح تصاعد الاصوليات بكل انواعها ومقولاتها المعادية للغرب وقيمه ومبادئه وحضارته، ومنه بدأت نكسة العلمانية ونظمها في المنطقة وصعود الاصوليات. 2. طور صعود الاصوليات ونكسة العلمانية ربطت في الجزء الاول من المقالة مفهوم العلمانية بالتحرر من سطوة الاصوليات ، خصوصا عند وصولها للسلطة ، فهي رغم اختلاف توجهاتها سواء كانت دينية، أو قومية ، أو ماركسية، تؤدي عند وصولها للسلطة لنظم ديكتاتورية وتفرض وتمارس الفكر الواحد واللون الواحد، ومنها تنهي الحريات واسس العلمانية كمنهج يهدف لتحرير الدولة والمجتمع والانسان من التسلط الاصولي ، فمفهوم العلمانية مرتبط وثيقا بمفهوم الحريات ومفهوم نبذ ثقافة التمييز وبث الكراهية بين المواطنين على اساس العقيدة والفكر، فكيف باصوليات تفرض على الدولة والمجتمع والفرد مقولاتها الاحادية التسلطية ، فالعلمانية اساسا تقف بالتضاد مع الاصوليات للاسباب اعلاه. وعودة لعام 1948 وربطه ببداية الطور الثاني وبداية انتكاسة العلمانية بصعود الاصوليات كان لهذه الاسباب تحديدا. ، وهو مااثبتته الاحداث واقعا خلال ماعاشته مجتمعاتنا العربية في الفترة التي تلتها، فالمسالة ليست فقط اطروحات نظرية من منهج العلمانية ،بل واقعا اثبت اطروحاتها الثلاثة جميعها ( كما تم تلخيصها في الجزء الاول ) ، ومنها فصل الدولة عن جميع الاصوليات وربطها بمبدأ احترام وحياديتها تجاه جميع العقائد ، ممارسة الحريات الفكرية والمساواة بين المواطنين ومنع التمييز وشجب ومنع فكر الكراهية لاسباب دينية او قومية او طبقية او عرقية او جهوية او غيرها من اسباب التمييز. بدأ هذا الطور النازل للعلمانية باثارة المشاعر والعواطف الشعبوية للجمهور ، سواء الدينية ببروز حركة الاخوان المسلمين في مصر وادعائها ان الدين هو العروة الوثقى لتحرير فلسطين ، وابتعادنا عنه كان سبب نكبة فلسطين. وماثلتها الحركات القومية التي نادت بالوحدة العربية التي ستمكن تجميع طاقات العرب واسترجاع فلسطين ، ومنهم الشق القومي المصري او البعث السوري ، حيث وجد بروزا سريعا ومتناميا ومتعاطفا من العسكر ومن جزء واسع من الجمهور. وفي العراق وجد الطرح السوفيتي المعادي للغرب والاستعمار ارضا خصبة باعتبار انهما وراء قيام اسرائيل والانظمة العربية الملكية هي رجعية وصنيعة الغرب وليست انظمة وطنية تدافع عن مصالح شعوبها من استغلال واستعمار الغرب لها ونهب ثرواتها. وهكذا ، فالاخونجية يطالبون بنظام ديني، والقوميون بنظام قومي، والماركسيون بنظام موال للسوفيت ، جميعها يسعى لينهي نظم الغرب عملائه في المنطقة. كل يرى انه قادر باطروحاته ان يحرر فلسطين ومعها مجتمعاتنا من سيطرة الغرب ، وكل منهم يكفر الاخر ويعتبره ايضا عميلا للغرب او للشرق في حالة الماركسيين. الاخونجية يكفرون الجميع، والقوميون والبعث يكفرون الماركسيين، والاخيرين يكافحون ضد الاخونجية، بينما الماركسيون يعتبرون ان القوميين ادوات بيد الامبريالية ، فالجميع يكفر الجميع ، يعمل على بث فكره وسيطرته على اوسع جزء من الجمهور وخصوصا على النخب المتوسطة التعليم ، اما نخب الوطنية العلمانية ففقدت جمهورها الذي كان يثق بها يوما ، كونها لم تعد دعواها تجد صدى بالحريات والاصلاحات للانظمة والاخذ بالتحضر الغربي العلماني الذي اصبح عدوا ، ومن عدائه تشفي الجماهير غليلها الغاضب . وهكذا توقفت المعركة الداخلية الوطنية واولها معركة علمنة مجتمعاتنا وادخال مفاهيم الاصلاح لنظمها الحاكمة واقامة دولا علمانية وطنية وديمقراطية واصبحت تتلاشى مع تعاظم شعبوية الاصوليات. بدأ الهجوم الاول على النظم الملكية الشبه علمانية بانقلاب البكتاشي جمال عبد الناصر المليئ حماسة ووعيدا بالقاء اليهود في البحر لو تم له توحيد الدول العربية ، ومنه تم ضم سوريا،وقام بالغاء الحياة الحزبية والحريات فيها وفي مصر لمتطلبات المعركة المصيرية الكبرى ضد الاستعمار. تلاه انقلاب عسكري وطني في العراق ، سرعان ما دفع ناصر لتحريك اعوانه لضمه لامبراطوريته ، ولكن الوطنية وقفت حاجزا امامه فحرك الضباط القوميين للتآمر وزودهم بالمال والسلاح وتم نقل الصراع للشارع وتم انهاء النظام الوطني الجمهوري على يد اتباعه والبعثيين عام 1963 بشكل فاشي متوحش . وتوالت الانقلابات في ارجاء العالم العربي ولم تسلم سوى الدول الصغيرة مثل تونس ولبنان ومشايخ في أوحول الجزيرة لم تمثل وقتها وزنا او قيمة امام التيارات الفكرية المتصارعة ، وهيمنت الديكتاتوريات خلال خمسين عاما وتفسخت ومنها انحلالها او بقاياها في سوريا ومصر لليوم ، انهارت الدول العربية الكبيرة ومهدت لسيطرة الاصوليات الاسلاموية على مقاليدها او على جمهورها كما نراه اليوم في العراق واليمن ولبنان ، أي عمليا تم دفن العلمانية في حياة المجتمعات العربية بتحويل معاركها الوطنية للبناء الى ايديولوجية وخارجية، اردت من خلال هذا الاستعراض ان اصل لبعض النتائج . اولها واهمها ربط الوطنية بالعلمانية، كون التيارات الثلاثة الكبيرة تؤمن بفكر عابر للحدود، ومنها فالقضاء على النظم الوطنية سواء الملكية او الجمهورية ، ادى لفشل العلمانية ، وهو ما يمكن اثباته من نفس مقولات الاصوليات ، التي طابقت بين اطروحات مقولاتها وبين الوطنية، والاخيرة لاتلتقي معها ، فمثلا الوقوف ضد حضارة ونظم الغرب ، وهو موقفا مشتركا لها ، لا ولن يلتقي مع الحاجة الحقيقية لمجتمعاتنا ومصالحها الوطنية بتطويرها على اسس علمانية. والاستنتاج الثاني هو ان فشل العلمانية وصعود الاصوليات ادى فعلا لأغتيال الحريات واقامة نظم ديكتاتورية تمارس القمع والعنف لتصفية الخصوم ، وهذا ماشهد عليه نصف القرن الماضي، والثالث ان فشل الايديولوجيات، أي ألأصوليات ، الفكرية يؤدي لصعود ولتنمر الاصوليات الدينية وهيمنتها على المجتمع كما في العراق واليمن ولبنان ، او استمرار الديكتاتوريات العسكرية تحت حجة مقارعة الاصوليات السلفية الدينية كما في سوريا ومصر والجزائر ، وفي كل الاحوال لاعلمنة لمجتمعاتنا وتطويرها حضاريا وفكريا تحت حراب الميليشيات وجزم العسكر ، فهؤلاء كما اظهرت الاحداث متآمرين وبلطجية وطلاب سلطة من كلا الطرفين، والعلمانية تقوم على النخب المتنورة ،وإذ تم تصفية الاخيرة ، بقيت النخب المؤدلجة التي تدعي العلمانية في اطروحاتها ولكنها في الواقع ادعاءا مزيفا لا علاقة لها بنخب التنوير التي كانت تقود الحركة العلمانية الاجتماعية في النصف الاول من القرن الماضي. ان المقصود بالعلمانية المزورة هو طرح العلمانية بشكل شعارات مؤدلجة انتقائية، وكونها تقوم على مقولات مؤدلجة فهي تنافي اساسا منهج العلمانية واسسها التي تقف ضد المقولة الاصولية بكل انواعها ، فهي تدعو اساسا لتحرير العقل من المقولات، كما وتدعو لمنع التمييز على اساس العقائد ، وصولا لاقامة نظم تقوم على فصل الدولة عن الاصولية الواحدة ، وشجب فكر الكراهية في المجتمع. ساناقش كل منها واوضح نقاط التزوير العلماني من خلال الواقع العملي الذي يجهز بامثلة على التناقض بين رفع شعار والممارسة ضده، واخص هنا تحديدا تيارين مؤدلجين القومي والماركسي العربي ونقاط لقائهما مع السلفي الاسلاموي الذي اساسا يقف ضد العلمانية. ابدأ من ان كلاهما يرفع شعار العلمانية بفصل الدين عن الدولة، وهو شعار علماني ووطني بلا شك، وبقدر ماهو شعارا ، فالعلمانية ليست جزيرة فكرية قائمة لحالها دون ، أو اكسيرا ذو وصفة لحل مشاكل المجتمعات ،بل منهجا يطال كل اركان المجتمع واسسه تقوم على اقامة نظم الحريات والحقوق والمساواة لتطبيقها، وهذه النظم في ترجمتها العملية في العالم هي نظم الغرب وانتاج تطور الحضارة الغربية على مدى القرون الاخيرة في مجالات نظم الحكم وادارة المجتمع والتحضر والتمدن بصفة عامة. والتناقض هنا للعلمانيين العرب ( إن لم يكن الدجل بعينه) انهم يرفعون شعارا غربي الفكر والتطبيق، بينما يهاجمون الغرب وحضارته يوميا وفي كل اطروحاتهم كأحدى أهم مهامهم . كيف يستقيم هذا الامر بالمنطق السليم ان تجمع الامر ونقيضه بان واحد . والسؤال الحقيقي هو كيف تدعو لنظاما علمانيا وانت تسبه وتشتمه بنفس الوقت ؟ اليست نظم وحضارة الغرب علمانية وقائمة على العلم والعقل والحريات والحقوق ونبذ الكراهية والتمييز، ام ان هذه هي كاذبة ومزورة لان اقتصادها رأسمالي ومنه فهي تخدم الرأسماليين ومصالحهم فقط وليست شعوبهم. وايهما نصدق المقولة المؤدلجة ام الواقع الذي بفضل التطور التكنولوجي للاتصالات والسفر وملايين اللاجئين في هذه البلدان يرون العكس. وكيف يستقيم الامر وان نفس هذه الشتائم يرددها السلفية والاخونجية والولائية ،وهم اعداء العلمانية . ما هو شكل ومحتوى العلمانية التي تقصدون؟ فهي واضحة باصولها واسسها ونظمها ودعواتها، اما نسف العلمانية باسم اقامة الاشتراكية فهي كمن يقتل مريضا تحت باب معالجته، وليس معالجته ليشفيه من الرأسمالية . ولماذا لاتستفيدوا من تجارب الشعوب ، والتجارب أقوى واصح علمانيا من المقولات الجاهزات ، والتي اثبتت ان الاشتراكية يمكن تحقيقها على اسس نظم الحريات واحترام العقائد وحيادية الدولة تجاهها واحترام عقائد مواطنيها وحرياتهم ، وتقام على شكل برامج اجتماعية ، لا بتهديم اسس التحضر العلماني لاقامتها ، بل في البناء فوق اسسها وخصوصا في الحريات،كما اثبته الواقع من تجارب الدول الاوربية الرأسمالية ، وأثبته فشل المقولات السوفياتية المؤدلجة التي حولت الماركسية من منهج للعدالة الى اداة ايديولوجية ضد الغرب وحضارته العلمانية الليبرالية التي تقيم العدالة الاجتماعية ، كما تهدف الماركسية ، ولكن دون معاول سوفياتية تهدم الحريات والحقوق وحيادية الدولة تجاه العقائد والمعتقدات لمواطنيها، ومنها تهدم العلمانية لصالح الايديولوجيا. الزيف الثاني هو بث فكر الكراهية ويشترك فيه ايضا العلمانيون المزيفون مع السلفيين في وصف حضارة الغرب بشتى الاوصاف تتراوح بين غياب القيم الاخلاقية للمجتمعات الرأسمالية كونها تتفاوت طبقيا، واستغلال الانسان لاخيه الانسان ، وصولا ان جامعاتهم تبث التجهيل ، وعقول مواطنيهم مغسولة ومضللة ، حتى يتراى للمواطن العربي ان الغرب ليس سوى بؤرة للشر والاستغلال ، وليس مركزا للتقدم العلمي والتحضر الانساني والحريات التي لم يحلم بها الانسان حتى قبل مئة عام. انها حالة الازدواجية التي شخصها الدكتور علي الوردي ، ونقلا عنه انه لو خير العربي لصوت لنظام اصولي في بلده ولكنه يفضل العيش في الغرب وحرياته. والنقطة الاخرى في التزييف العلماني ادعوها دجل التجهيل، فبقدر ماتدعو العلمانية لتحرير العقل ،وتمكينه لجعله قادرا على التعرف على الواقع وتعريفه عليه، نجد ان هناك مشتركا ثالثا بين السلفية والعلمانية العربية المزورة ، وهو تجهيل العقل وحبسه في مقولاتها وجعله اسيرا لها ، وكل مايخالفها هوالكفر عند السلفية ، والتكفير بانه ضد التقدمية عند العلمانية المزورة، فالمقولة المؤدلجة سوفياتيا وحدها صحيحة وليس الواقع كما تراه الأعين والعقول، وواجب العلماني المؤدلج ان يدافع عن المقولة ويكفر ويتهم من يخالفها ، حتى بشكلها البسيط، تحرير العقل من المقولة. يبدو لي ان ادعاء المؤدلجين العرب بالعلمانية هو مجرد صراع سياسي مع السلفية الاسلاموية وليس للاخذ بالعلمانية كمنهج لتنوير مجتمعاتنا وتطوير دولنا الوطنية على اسس العلم والحريات والحقوق وتطوير الديمقراطية السياسية والاجتماعية، والمشكلة تكمن ان هذه مفاهيم غربية، وهو يتخذها شعارات له، ومنه استدل ان علمانيتنا العربية شعاراتية ، فهي انتقائية ومزورة لصالح تمرير مقولات ايديولوجية لاتمت بصلة لمنهج وجوهر افكار ونظم العلمانية كما يعرفها العالم على واقع الأرض . ان العلمانية تشكل اساسا ومنهجا متينا لبناء الدول وتطويرها نظمها على ممارسة الافراد والمجتمعات لحقوقها وحرياتها وتطوير معيشتها بامان من القمع الفكري والتلسطي لمقولات شعبوية، فهي ليست بشعارات، بلاشك. د. لبيب سلطان 12/02/ 2023
#لبيب_سلطان (هاشتاغ)
Labib_Sultan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية النظرية وزيف العلمانية العربية -1
-
من ذاكرة طفل عن فاجعة 8 شباط 1963
-
بحث في نجاح النظم الملكية وفشل الجمهورية في العالم العربي
-
فهم حضارة الغرب لمواجهة الاصوليات الشعبوية ـ3
-
فهم حضارة الغرب لمجابهة الاصوليات الشعبوية -2
-
فهم حضارة الغرب لمجابهة الأصوليات الشعبوية-1
-
الحرب الروسية الاوكرانية من منظور أوسع-3
-
الحرب الروسية الاوكرانية من منظور أوسع-2
-
الحرب الروسية الاوكرانية من منظور أوسع مما معلن-1
-
الأدلجة كأهم اسباب التخلف في العالم العربي
-
حول نشأة المعتزلة والفكرالعقلي المشرقي الاول
-
حول الحوار الليبرالي الماركسي -2
-
لماذا ينجح الحوار الليبرالي الماركسي في الغرب ويفشل عند العر
...
-
لماذا الرأسمالية وليست الماركسية دواء الشفاء للتخلف العربي
-
سقوط الرموز الخمسة لقلعة اية الله
-
بوادر عدوان واسع وآثم على الشعب الكردي
-
صواريخ بوتين في سجل جرائم الحرب والأرهاب
-
قراءة في نتائج الانتخابات النصفية الامريكية
-
حكومة السوداني اهانة للشعب العراقي سيدفعون ثمنها سحلا
-
تحليل بنيوي لفشل الديمقراطية في العراق-4
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل
...
-
وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
-
بالصور.. الزاوية الرفاعية في المسجد الأقصى
-
جماعة -الإخوان المسلمون- تنعى الداعية يوسف ندا
-
قائد الثورة الاسلامية: اثارة الشبهات من نشاطات الاعداء الاسا
...
-
قائد الثورة الاسلامية يلتقي منشدي المنبر الحسيني وشعراء اهل
...
-
هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س
...
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
-
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات
...
-
مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|