أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد عبد الحسين - أهمية أن تكون يهودياً














المزيد.....

أهمية أن تكون يهودياً


أحمد عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 505 - 2003 / 6 / 1 - 06:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



بالمعنى الذي يقال فيه ان الهولوكوست دخلت الوجدان الجمعي اليهوديّ والألمانيّ (بل الأوربيّ بعامة ان لم يكن الوجدان العالميّ) واستوطنت فيه وصارت باعثاً ومحرضاً على الحراك السياسيّ والثقافيّ على ما نشاهد آثاره الى الآن:
 سياسياً في عقدة الذنب التي مازالت تدرّ على اسرائيل أموالاً ومواقف مؤيدة،
 وثقافياً: كان آخر تجلياتها وقوع جائزة نوبل على رأس روائيّ ميزته الأبرز انه من ضحايا الهولوكوست وموثّق لها.
وبالمعنى الذي يمكن أن يقال فيه ان مذابح الأرمن هي ما أسهم بشكل أساس في رسم وجدانهم.
بهذا المعنى وبذاك لا بدّ ان تسهم المقابر الجماعية في تشكيل صورة الوجدان الجمعيّ العراقيّ حاضراً ولآماد طويلة.

مليون ونصف المليون عراقيّ قتلوا ذات ليل ودفنوا كيفما اتفق، وكان العرب وما زالوا يرفعون صورة بطل المذبحة ويهتفون باسمه. فأيّ درس علينا استخلاصه؟

لا يجب أن نطرد هذه المشاهد من ذاكرتنا. غير مسموح لنا نسيانها أو تلافي فداحتها والتقليل من شأنها بداعي طيّ صفحة الماضي والبدء بصفحة جديدة كما يقال، جهلاً أو سوء طويّة.

مشهد العظام والجماجم العراقية المعروضة تحت الشمس يجب ترسيخه وتأكيده واشاعته واشهاره والتنويع عليه. فبهذا وحده يمكننا حفظ وفهرسة خلاصة عهد سياسيّ وثقافيّ يجب أن لا يتكرر. وليكن معلوماً لدينا ان نسيان هذه المأدبة من الجثث أو التخفف من أعبائها انما هو ثغرة سيطل منها عهد يكرّرعلينا ما سبق من خطاب عربيّ وحشيّ أنتج لنا هذا العار الانسانيّ الذي ندر مثيله على مرّ القرون.

وغير مسموح أيضاً (بصورة أشدّ) التعويل على أن تأخذ هذه الواقعة الكارثية طريقها الى الوجدان العربيّ بدلاً عنا نحن العراقيين، لأننا خبرنا أكثر من سوانا ان وجدان العرب حديديّ لا ينفذ منه الا ماكان مشوباً بوهم تفوّق، أو نبوءة خلّب، أو مجد تليد يحدّث نفسه دائماً بأن يتكرر... فلا يتكرر.

من ليس مستعداً للاعتراف بضعفه وهشاشته حتى وهو يحتضر (كحال العرب اليوم) لن يكون له وجدان حيّ أبداً. كيف وواقعة العظام العراقية هذه تكشف للعرب ان صلاح دينــ(هم) الجديد كان يمزق شرفهم ليرقّع به صورة هتلر ويجمّلها، ولينسينا دموية شارون والعصابات اليهودية التي لا أظنها تجرؤ على هذه الفظائع العربية بحق العراقيين (الأغيار).
للعرب ميزة لا تمتلكها شعوب الأرض: إجماعهم على نسيان العار الذي يكون منشؤه داخل البيت، لديهم القدرة على التصرف في أحلك ساعات الانحطاط كما لو ان كل شي على ما يرام، بمقدورهم تجاوز الفضيحة العائلية بتلقائية، هي تلقائية المعتاد على الفضائح. وان لم يكن  تجاوزها ونسيانها ممكنين لفداحتها، فتحريفها أو اختراع معاريض وقصص وأساطير لتعوميها وطردها من الذاكرة. وها هم بدأوا العمل العربيّ التقليديّ ذاته لمحو عارهم الجديد: المقابر الجماعية للعراقيين (يهود العرب).

بدأ العرب عملهم مبكرين جداً:
هذا محلل سياسيّ (من الصنف الذي جادت علينا به قنوات العرب الفضائية في هذه الأيام) قال: ما أدرانا ان هذه الجثث لم تكن لجنود أيرانيين؟. آخر أكثر عروبة وانحطاطاً ( لأنه أشدّ طائفية) صرخ: ان هؤلاء القتلى من أبناء السنة الذين قتلهم الشيعة في انتفاضة آذار. ثالث ( هو محمد المسفر) قال ان المشهد كله صناعة اعلام أميركيّ. رابع يقول ان المشهد حقيقيّ لكنه مبالغ فيه. وخامس كشفت له المقابر الآن ان صدام كان مظلوماً اذ كان مبتلى بهذا القدر من الأعداء.
 
معاريض عربية ألفناها، هي عدّتهم عند الشدائد وملجأهم لدى كل نازلة، فلا أمل يرتجى منهم، ليس لجبنهم عن مواجهة أنفسهم فحسب، ولا لاعتياشهم على الوهم الذي أدمنوه،  بل لأن كل مافعلوه طوال محنتنا العراقية يشي بحقيقة أنهم شركاء في الجرم، لا في الحزن.

واذاً؟

لا اتكال على أن يكون لعظام أبنائنا نصيب في وجدان عربيّ غير موجود أصلاً، بل الواجب البدء منذ الآن في توثيق هذه النازلة وأرشفتها واشهارها، علينا استثمار ما فعله اليهود بعظام أبنائهم، ترسّم ألاداء اليهوديّ المبدع في تحويل مآسيهم الى قوّة ضاغطة على من حولهم من الأعداء والأصدقاء.
أعلم ان عدم وجود اعلام عراقيّ يعتدّ به الان، حاجز أمام انجاز مهمة كبيرة كهذه، الا ان هذه ستكون معركتنا القادمة لسنوات طوال، مباشرتها منذ الآن بما هو متاح أمر بالغ الأهمية.
هذا الأمر وحده كفيل بالابقاء على مسافة مطَمْئنة بيننا وبين العرب.
هي أيضاً ستكون مسافة بيننا وبين أن يعود العراق دولة عربية بالاكراه، لأننا نعلم ان هذه العظام هي في المحصلة الأخيرة ثمار الشعار العروبيّ الذي لا ينفكّ عن الشعار الطائفيّ ( قتل الشيعة والكرد على الهوية).
هذه المسافة لا بدّ منها لترسيخ هوية عراقية تكون العروبة احدى مكوناتها لا الحاكمة فيها.
موقف العرب من المقابر الجماعية أصبح واضحاً: انهم يريدون إنسائنا إياها أو تحريفها بهرائهم الذي يلقونه علينا من على الفضائيات.... وفي ذلك مكسب لنا ، انها فرصتنا
فرصة أن نكون نحن العراقيين يهود العرب أو أرمنهم.
فلنبدأ من هنا.... الآن.


http://aqwas.com



#أحمد_عبد_الحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسامينا.... شو تعبوا أهالينا...


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد عبد الحسين - أهمية أن تكون يهودياً