|
تساؤلات .. هل رجال الأفتاء هم نواب الله على الأرض
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7517 - 2023 / 2 / 9 - 00:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تنتشر الفتاوى بين عموم المسلمين ، وخاصة في جمهورية مصر وغيرها ، وهذا المقال هو مجرد أضاءات وتساؤلات في موضوعة " الفتاوى " ، دون الدخول في مصدر و أنواع وتصنيفات الفتاوى - ودون أي أستشهاد نصي من القرآن أو من الموروث الأسلامي ، التي تعج بها المصادر والمراجع .. وما أقدمه هو مجرد رأي . الموضوع : بداية لا بد لنا من تعريف الفتوى ، الفتوى في اللغة : اسم مصدر بمعنى الإفتاء ، والجمع : الفتاوى والفتاوي ، يقال : أفتيته فَتْوى وفُتْيا : إذا أجبته عن مسألته . والفتيا : تبيين المشكل من الأحكام ، وتفاتَوْا إلى فلان : تحاكموا إليه وارتفعوا إليه في الفُتيا . أما تعريفُ الفتوى في الاصطلاح ، فقد عرَّفها العلماء بتعريفات عديدة منها : قال القَرافي : " الفتوى إخبارٌ عن حكم الله تعالى في إلزام أو إباحة ". وقال الجرجاني : " الإفتاء : بيان حكم المسألة " . والفُتيا مَقامُها عظيمٌ ، وخطرُها جسيمٌ ، لذا اعتنى أئمَّة السلف وعلماؤهم من أصوليين وفقهاء بشأن الفتيا ، حيث وضعوا لها القواعدَ ، وبيَّنوا الشروط التي يلزم تحقُّقُها في المفتي والمستفتي . قال الإمام النووي في كتابه آداب الفتوى : " قال العلماء : فإن المفتي موقع عن اللَّـه ". وقال الإمام أبن القيم في كتابه إعلام الموقعين : " والمفتي هو المبلغ عن اللَّـه تعالى ، والواسطة بين اللَّـه وخلقه في بيان الحلال والحرام لمن استفتاه ، ومقامه عظيم ، خصوصًا فيما يتعلَّق بالصدع بالحق ، وبيان الحلال والحرام في المسائل التي تحتاجها الأمة ويكثر فيها الالتباس والخفاء ، أو تكثر فيها الأهواء والباطل " . / نقل ما سبق من موقع طريق الأسلام ، بتصرف مع أضافات الكاتب . القراءة : أولا - ما قاله شيوخ وأئمة الأسلام عن رجال الأفتاء ( " فإن المفتي موقع عن اللَّـه ". " والمفتي هو المبلغ عن اللَّـه تعالى ، والواسطة بين اللَّـه وخلقه في بيان الحلال والحرام لمن استفتاه " .. ) ، جعلهم في مكانة أكثر من مقدسة ، ووضع هالة من اللاهوت المتفرد دنيويا على مكانتهم في المجتمع ، وعلى ودورهم في الحياة بكل تفاصيلها ، لأنهم يقومون بنصح بل بتوجيه العامة ، بتحديد ما يصح وما لا يصح ، وما يحل وما لا يحل للفرد ، وعن تصنيف الحلال والحرام ، فهم يعتبرون الوسطاء بين الله وبين العامة ، وهم بذات الوقت المبلغين عن الله ، وأرى أن هذا الوضع غير مقبول لا منطقيا ولا عقليا .
ثانيا - أما القول من أن الفتوى " الفتوى إخبارٌ عن حكم الله تعالى في إلزام أو إباحة " ، فهذا القول لا يمكن أن ينطبق على الزمن الحالي ، لأن الله وضع قواعدا أساسية ، وهي ( لا تقتل لا تسرق لا تزني .. ) ، وليس من المنطق أن ينجر الله الى تفاصيل أحكاما حياتية مجتمعية للقرن 21 ، ولكن رجال الدين كالعادة ، يضعون أنفسهم في مجالات تفسيرية وأيضاحية وتأويلية للنص القرآني الماضوي ، ومن جهة أخرى ، أن رجال الأفتاء أخذوا يفتون بما لا يحق لهم ، لأنه حتى القواعد الأساسية لأحكام الله ، لا يمكن أخذها بما أنزلت قبل ألاف السنين ، وما يصح أنذاك لايمكن أن يصح الآن . ثالثا - هذا الأمر / الأفتاء ، وضع حجرا وسياجا حديديا على عقول المسلمين ، وأسدل غشاءا على عيونهم ، وجعلهم لا يبصرون ، وهذا الوضع أيضا ، أحال المسلمين الى عبيد لرجال الأفتاء .. وللعلم ، لقد تأسست دوائر للأفتاء في معظم الدول الأسلامية ، لها مكاتب ، وتعتمد على أليات حول كيفية الحصول على الفتاوى ، مما زاد في عملية تحجير عقل المسلم ، خاصة من الطبقات غير الواعية ، وحتى الواعية منها .
رابعا - وجود دوائر للأفتاء ، وأنتشار أنظمة الأفتاء المؤسساتية - خاصة في الدول العربية الأسلامية ، جعل من السلطة المدنية القضائية ، مهملة ومهمشة وغير فعالة ، خاصة في الدول التي يسيطر أو يغلب عليها الوازع الديني / كمصر ، وكان من المفروض على الدول ، أن تلجأ الى قانون مدني / حضاري ، للبت بقضاياها على أختلاف تصنيفاتها وتبويباتها ، حتى وأن كان الأمر يتعلق بقضايا الزواج والطلاق والأرث وحضانة الأطفال .. فيجب الأبتعاد عن الفتاوى واللجوء الى المحاكم الشرعية / على أقل تقدير أن وجدت ، أو الى محاكم الأحوال الشخصية ، في البت بالقضايا الأشكالية . الختام : 1 . أذا أستمر وضع الفتاوى بالتطور على هذا المنوال ، فالأمر يمكن أن ينسحب الى باقي الطوائف الدينية ، فيصبح لليهود وللمسيحيين والصابئة و .. هيئات أفتاء خاصة بهم ، وهذا الأمر سيعمل بالتأكيد على شل مؤسسات الدولة القضائية النظامية ، وأحلال لجان الأفتاء عوضا عنها . 2 . الى متى يظل العامة من المسلمين يعتقدون ، بأن الحل لا زال فقط في الأسلام ، كمعتقد ، ونهج حياة ، وأسلوب تعامل مجتمعي ، والى متى يبقى الأعتقاد بأن الحل يجب أن يستقى من فتاوى تستند على أحكام نصوص ماضوية لا تمت بصلة حداثوية للواقع المجتمعي الحالي ، بكل تغيراته الزمكانية ، من جانب أخر ، هل الله أوصى بأن تنقل أو تبلغ شرائعه أو أحكامه عن طريق رجال الدين ، وهل أصبح الله كما يقال : " حلال مشاكل " ، وهل عملية الوصول الى حلول للمشاكل الحياتية تحتاج الى فتاوى من قبل رجال الدين ، وهل المجتمع بمفكريه / خاصة رجال القانون منهم ، عاجزين عن أيجاد حلول حضارية لمعضلاتنا المجتمعية - التي يجب أن تعتمدعلى المعالجات والحلول العقلانية للمشاكل ذاتها ، وليس على الفتاوى .. هذا هو التساؤل والسؤال بذات الوقت ! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرسول الأمي بين المخفي والمستور
-
أضاءة .. بين الهوية الدينية و الهوية الوطنية
-
أضاءأت .. شيوخ الأسلام والأرهاب الفكري
-
تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان
-
ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلاب النصوص
-
المثلية الجنسية .. أضاءة
-
أضاءة حول تكفير الفكر الأخر
-
مونديال قطر 2022 .. والدعوة للأسلام
-
شيوخ الأسلام و - الكهنوت -
-
الأحزاب والأنظمة الأسلامية .. و الوطن
-
قراءة للآية 55 آل عمران – وجهة نظر ثانية
-
قراءة للآية 79 من سورة الأسراء ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمو
...
-
قراءة في آية الفتح / 10 .. ودورها في تكريس السلطة
-
المجئ الثاني للمسيح .. أضاءة
-
المخفي والمسكوت عنه في آيات - ملك اليمين .. -
-
لمحة عن الحجاب .. مع أضاءة عن مقتل الأيرانية مهسا أميني
-
يحتضر الوطن .. عندما يصبح - الوطن - مجموعة مكونات / العراق
...
-
الهرولة وراء المستقبل - كهرولة الفهد وراء الغزال .. أنه كالق
...
-
قراءة - للآية 26 من سورة البقرة -
-
الهوس الجنسي لدى دعاة المسلمين
المزيد.....
-
ترامب يوقع على أمر تنفيذي يهدف إلى مكافحة -التحيز ضد المسيحي
...
-
متى الايام البيض شهر شعبان 1446؟ .. دار الإفتاء تكشف عن أهمي
...
-
عاجل | البيت الأبيض: ترامب يوقع أمرا تنفيذيا للقضاء على التح
...
-
ترامب يعتزم إنشاء لجنة للقضاء على التحيز ضد المسيحيين
-
الإعلان عن موعد دفن آغا خان زعيم الطائفة الإسماعيلية في مصر
...
-
ماما جابت بيبي..استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
رئيس بلدية رفح يناشد الدول العربية والاسلامية إغاثة المنكوبي
...
-
وزير الدفاع الأسبق: يكشف العقيدة الدفاعية للجمهورية الاسلامي
...
-
-ترامب سينقذ العالم من الإسلام المتطرف- – جيروزاليم بوست
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|