|
الإجهاض
إبراهيم رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 7517 - 2023 / 2 / 9 - 00:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تبحث المرأة إذا انقطع الحيض، عن دلائل الحمل ـ خاصة ـ الغير المرغوب فيه. وللتأكد من الحمل تعتمد "أساليب" تقليدية قد تكون غير مأمونة أو غير مؤكدة النتائج، أو، وسائل متوفرة بالصيدليات، بالنسبة لمن لها إمكانيات مادية .. ونصيب معرفي ملائم. وإذا تأكدتْ، فقد ترغب في التخلص من "مُضْغةٍ" غير مكتمِلة. (كل ذلك يُتَداوَل في حدود الشهرين المواليين لانقطاع الحيض. أي ما مجموعه ثلاثة أشهر). ولا أسْلمَ من إتمام الإجهاض طبّيا، وليس بطرق اعتباطية وأيدٍ متطفّلة، قد تؤدي إلى "كوارث" ضارة بالصحة، أو إلى الوفاة.
الراغبة في الإجهاض لها دوافعها ومبرراتها الشخصية: قد تكون متزوجة ولا ترغب في الأولاد، أو تفضل تأجيل الإنجاب. وقد تكون متزوجة ولا تحب كثرة الأولاد، وتريد الاقتصار على العدد الذي تحدده، والملائم لوضعها الصحي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي ... وقد تكون متزوجة مريضة، تخاف من التأثير المضاعف للحمل على صحتها، وقد تكون حديثة عهد بالطلاق، ولا تريد "رابطا" يربطها بطليقها. وقد يكون الحمل ناتجا عن اغتصاب، ... أو خداع غَريرة، وسقوطها في شَرَك الكذب طائعةً مستسلمةً للوعود "الوردية". وأخيرا الحالة التي تتبادر للذهن، والتي يتم التركيز عليها دون غيرها: الحمل كنتاج للذة "المحرمة"، التي تنعت باشتراك رجل وامرأة في ممارسة "الزنا" خارج نطاق "المشروعية الزوجية". مع أنهما ـ إذا كانا متراضيين ـ مارسا حبهما وعشقهما كما اقتنعا به، دون إيذاء أحد، سوى "المتعصبين" المتألمين من أوهام التطفل على حياة الغير. الذين لا يثيرهم إلا هذا الموضوع، ويخرسون إزاء المشاكل الأكثر حساسية: السياسية، الاقتصادية، الخدمات الاجتماعية، ...
وعلى النقيض من النساء المذكورات أعلاه، قد نجد المرأة الأيِّم أو العانس التي تعاني الفراغ العاطفي، ثم ترغب في ملء حياتها باللجوء إلى التبني. ولكن "شروطه الدينية" تُفْرِغه من اللمسة الإنسانية. وقد تبحث عن الحمل عن طريق التلقيح الاصطناعي، وتلك قصة أخرى.
(من يتسقّط العيب لا يجده إلا في الغير، فقط). الخيال المريض يعمّم ـ بدون تحفظ ـ انغماس المجتمع في الرذائل وفي الزنا، بسبب فئة قليلة، لا تشكل أي نسبة تذكر بالنسبة لعدد أفراد المجتمع. وهو أمر عادي يفرض نفسه على الحياة الاجتماعية، ومنذ أقدم العصور. لكن المريض المهووس يسحب من المجتمع صفات العفة والفضيلة والاستقامة .. ولا يرى فيه إلا مستنقعا للفاحشة تعلنها خصلة شعر منفلتة، أو نَمَص حواجب، أو ارتداء ملابس ضيقة، .. وخارج هذا المجتمع ـ أو على هامشه ـ تعيش نساءُ أسْرته المنَزّهات التقيّات الصالحات الملتزمات المترفعات عن الدنس والانحلال.
النفاق الاجتماعي يميل ظاهريا لأدبيات معينة، ويغرق حتى الأذنين في الإقبال على ممارسات "سرية". "يستنكرها" علنا، ويستمتع بها (مسْتتِرا) بعيدا عن الأنظار. ولكن "الاستخفاء" ربما ينكشف ـ بحمْل أو بدونه ـ، فيصير تشهيريا ومدويا، ويفضح شيوع "الفاحشة" بين بعض أفراد المجتمع.
هل يمكن لمن يعارض الإجهاض أن يكون صادقا مع نفسه، ومع الملإ، ليقرّ أنه مارس "الصوم"، وبقي محافظا على "عذريته" حتى الزواج .. وأنه ـ قبل "الإحصان" ـ لم يكن إلا رفيق "عمَيْرة" يجلِدها بلا رفق منذ بدأ هوَسُ مراهقته؟ وأنه لم يمارس أبدا أية ممارسة "محرمة" أو "منحرفة"؟ ونسأله مازحين: هل يوافق على تضمين القانون المجرِّم للإجهاض عقابا كالإخصاء، مثلا، ـ لشريك المرأة ـ المتسبب في الحمل خارج نطاق عقد شرعي؟. وذلك لتوزيع أثقال "الخطيئة" على طرفيْها؟
لا أحد يرغب في تقويض الفضيلة .. ولكن غلواء "حراس المعبد" لا تلقَى القبول من الجميع، وتضع ديكتاتوريتهم المترهلة المتعارضة مع حقوق الإنسان، في قفص الاتهام. مراجعة القانون مع التقيد بالبحث عن "مسوغات شرعية"، تقتضي مغادرة منطقة الغباء الموروثة، وظلام الاجتهادات البشرية المتقادمة. لإنتاج اجتهادات معاصرة يمكن أن تستمد مقوّماتها من التفاعل ـ دون أيّ تهميش ـ مع الفكر المستنير، واجتهادات الطوائف الدينية، وفرقها المتعددة، ومذاهبها المختلفة، لوضع قانون يلائم التوازن والسلم الاجتماعي، دون تعسف على أي فئة مجتمعية.
03/02/2023
#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرق
-
سنذهب جميعا إلى الجنة
-
تفاهة
-
تشاؤم وتفاؤل
-
لحظات شاردة
-
مصور فوتوغرافي
-
سورة الطيران
-
تذكر المواطن
-
حزن وضحك
-
إجهاض دجاجة
-
استراحة برلمانية
-
صندوق
-
شروط مرشح
-
برنامج انتخابي
-
التَّبْوِيقَة *
-
لصوص الكتابة
-
ذكريات حزينة
-
هل أشكر فيروس كورونا؟ أم ألعنه؟
-
العاملات المهاجرات (تنبيه ل: فهد الشميري)
-
وباء وغباء ورياء
المزيد.....
-
-مرتان فقط- في اليوم.. حقيقة تعديلات رفع الأذان في الكويت
-
مستوطنون محتلون يقتحمون باحات المسجد الأقصى المبارك
-
بابا جابلي بلون.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات الم
...
-
باقري كني يؤكد على ضرورة وجود دور فاعل ومبتكر لمجموعة الدول
...
-
روسيا: مقتل 15 شرطيا وكاهن إثر هجمات على كنائس أرثوذكسية وكن
...
-
فيديو يرصد اللحظات الأولى لهجمات دامية على كنيس يهودي وكنيسة
...
-
هجمات دامية تستهدف معابد يهودية وكنائس.. ماذا حدث في داغستا
...
-
هوجم كنسيهم.. ماذا تعرف عن يهود داغستان؟
-
داغستان الروسية تعلن حصيلة جديدة لضحايا هجمات إرهابية طالت ك
...
-
إطلاق نار في داغستان ومهاجمة معبد يهودي وكنيستين
المزيد.....
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
المزيد.....
|