|
كيان استعماري استيطاني وليس عنصريا فقط
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 7516 - 2023 / 2 / 8 - 19:11
المحور:
القضية الفلسطينية
الكيان الصهيوني بالغ في إرهابه وسياساته العنصرية لدرجة استفزت حتى الدول والشعوب الغربية التي كانت دائما تنظر لهذا الكيان كواحة للديمقراطية تحيط بها دول وشعوب همجية تريد القضاء عليها، كما كانت تعتقد أن دولة الكيان دولة مسالمة والفلسطينيون والعرب معادون للسلام وهدفهم القضاء على دولة اليهود. جاءت الممارسات الصهيونية وخصوصا في ظل الحكومة الأخيرة التي يقودها الثلاثي العنصري نتنياهو وبن غفير وسموتريتش لتكشف زيف الرواية الإسرائيلية وتؤكد أن هذا الكيان ليس فقط استعماري غير شرعي بل ويمارس سياسة الابارتهايد التي اعتقد العالم أنه قضى عليها بعد القضاء على النظام العنصري في جنوب إفريقيا، وتؤكد هذه الممارسات أن هذا الكيان هو مصدر الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم وهو معاد للسلام حيث تنكر لكل الاتفاقات التي وقعها مع الفلسطينيين للتوصل لحل عادل كما أنه يتنكر لقرارات الشرعية الدولية ويرفض تنفيذ مئات القرارات والتوصيات الدولية، كما أن مد دول عربية يدها للسلام وتطبيع علاقاتها معه والتزام القيادة الفلسطينية بنهج التسوية السياسية كل ذلك قابلته دولة الكيان الاستعماري العنصري بمزيد من التطرف والعنصرية والإرهاب. العنصرية ليست بحالة مستجدة في الكيان الصهيوني بل هي متأصلة في العقيدة الصهيونية بل وفي نصوص توراتية يستمد منها ويستلهمها أحزاب اليمين في ممارساتهم، فما كتبه احبار اليهود عن هذه الديانة وجمعوها في كتب دينية أصبحت مرجعية ليهود العالم يوظفونها لخدمة المشروع الاستعماري الصهيوني- وهي مرجعية عنصرية لأنها تقوم على مقولتي "وعد الرب" و"شعب الله المختار" و هاتان المقولتان تتناقضان ليس فقط مع الفهم الصحيح للديانات السماوية التي ينبني وجودها على أن الله رب العالمين لا يمكنه أن يفرق بين الشعوب أو تفضيل شعبا على شعب آخر بل تتناقض مع العقل والقوانين التي تحكم الشعوب المتحضرة وخصوصا القانون الدولي الإنساني، لأن الزعم بأن شعبا أفضل من بقية الشعوب هو نفسه المبدأ الذي تقوم عليه العنصرية والفاشية والنازية. عنصرية هذا الكيان دفعت مبكرا الأمم المتحدة عام 1975 لاتخاذ قرار باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية، و تراجعت عن القرار عام 1992 عندما تعهدت إسرائيل بالدخول بالتسوية السياسية والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، إلا أن تراجع الجمعية العامة عن قرارها/ توصيتها لم يؤثر كثيرا على المواقف الدولية التي تدين العنصرية التي تمارسها دولة الكيان، وكان أقوى اتهام وإدانة للعنصرية الإسرائيلية هو الصادر عن لقاء دوربان في جنوب إفريقيا 2/9/2002 للمنظمات غير الحكومية، حيث صدر بيان باسم ثلاث آلاف منظمة غير حكومية من كل قارات العالم يعتبر أن إسرائيل: "دولة عنصرية ترتكب بطريقة منظمة جرائم ضد الإنسانية وتمارس الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني" ودعا البيان إلى "وقف فوري للجرائم العنصرية التي ترتكبها إسرائيل بانتظام ومنها جرائم حرب وأعمال إبادة وتطهير عرقي وإرهاب دولة بحق الشعب الفلسطيني". وفي أبريل 2021 اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان ومقرها نيويورك في تقرير لها إسرائيل بارتكاب "جريمتين ضد الإنسانية" عبر اتباعها سياسة "الفصل العنصري" والاضطهاد" بحق عرب إسرائيل والفلسطينيين، نفس الموقف اتخذته منظمة أمنستي لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حيث اتهمت إسرائيل بممارسة الابارتهايد. في تقرير لمنظمة العفو الدولية في الأول من فبراير 2022 يحمل عنوان الفصل العنصري (الأبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين جاء فيه أنه: "نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية كيف أن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي. ويتم الحفاظ على هذا النظام بفعل الانتهاكات التي تَبَيّن لمنظمة العفو الدولية أنها تشكل فصلاً عنصرياً وجريمة ضد الإنسانية كما هي مُعرّفة في نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (اتفاقية الفصل العنصري)". كما أن العصرية تكمن في جوهر مطالبة دولة الكيان باعتراف الفلسطينيين والعالم بـ (يهودية الدولة) وهو الشرط الذي وضعته دولة الكيان العنصري كأحد الشروط لقبولها بخطة خارطة الطريق عام 2002، والحكومة الحالية شرعت قوانين كما طرحت مشاريع قوانين على الكنيست تؤكد على يهودية الدولة من خلال التمييز في المعاملات بين اليهود وغير اليهود. من المهم تثمين مواقف كنائس وجامعات ومنظمات حقوقية دولية ومؤسسات مجتمع مدني وكافة التحركات الدولية والفلسطينية لوصف الكيان الصهيوني بأنه عنصري، ولكن يجب الحذر من أن يؤدي ذلك لتغيير طبيعة وأصل الصراع ، فهذا الكيان استعماري استيطاني، وإن كان الاحتلال تعبيرا فجاً ومكثفا عن العنصرية إلا أنه من الخطورة تحويل الصراع من صراع ضد الاحتلال إلى صراع ضد عنصرية دولة اسرائيل فقط، كما أن أدوات وأهداف النضال ضد الاحتلال تختلف عن أدوات وأهداف النضال ضد العنصرية. تحويل الصراع الى صراع ضد العنصرية يمكن حله بتعديل قوانين (الدولة) أما النضال ضد الاحتلال فهدفه إنهاء دولة الاحتلال ولهذا ادواته النضالية الوطنية والدولية التي تتجاوز تعديل القوانين الداخلية للدولة. النضال الوطني الفلسطيني كما الرواية الفلسطينية يحتاجان لاستراتيجية متعددة المسارات لكن دون القطع أو التناقض بين مسار وآخر، ويكفي الاختلاطات والتداخلات التي تجرى، ما بين الحقوق المستمدة من الشرعية التاريخية وتلك المستمدة من الشرعية الدولية، والخلط بين السلام ومشاريع التسوية السياسية، وبين حالة التحرر الوطني ومرحلة السلطة وبناء مؤسسات الدولة قبل الاستقلال، و الخلط والتداخل بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية والدولة الموعودة، وأخيرا بين النضال ضد عنصرية الكيان الصهيوني والتي تصلح في حالة فلسطينيي الداخل، والنضال من أجل الحرية والاستقلال والعودة والذي يخص كل الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والشتات. [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زيارة بلينكن وملهاة حل الدولتين
-
لماذا تفشل الثورات الشعبية العربية؟
-
السلطة ورجالها في العالم العربي
-
المقاومة المسلحة في فلسطين، مقاربة نقدية
-
التباس حدود الفصل بين اليهودية والصهيونية
-
عام 2023 عام التحرر من الأوهام واستعادة الثقة بالنفس
-
لماذا لا يتم مصارحة الشعب بالحقيقة
-
المثقفون خط الدفاع الأول عن الحريات
-
المشكلة تتجاوز نتنياهو وبن غفير
-
الكيان الصهيوني عدونا ولكن هناك منا من يسهل مأموريته
-
في ذكرى اغتيال ابو عمار لماذا يتم التستر على القاتل؟
-
العودة للشعب هو الرد على مخططات نتنياهو
-
إسرائيل دولة ديمقراطية حتى وإن لم يعجبنا ذلك
-
وعد بلفور وفلسطين وإسرائيل
-
تساؤلات حول تقرير اللجنة الدولية لحقوق الإنسان الخاصة بفلسطي
...
-
نعم لـ (عرين الاسود) والمقاومة المسلحة، ولكن
-
النظام العالمي ليس مجرد موازين قوى عسكرية
-
اتفاق الجزائر وحسابات الربح والخسارة في مبادرات المصالحة الف
...
-
ما أكثر (فاعلو الخير) وما أقل خيرهم
-
ما نتمناه من الأخوة في الجزائر
المزيد.....
-
كان محكومًا بالسجن مدى الحياة.. لحظة لقاء فلسطيني بزوجته في
...
-
لافروف وفيدان يناقشان الوضع في سوريا والقضايا الإقليمية
-
كيف تصادمت طائرتان في أجواء واشنطن؟ تفاصيل غريبة عن حادث مطا
...
-
-نقوم بالكثير من أجلهما-...ترامب يصر على استقبال مصر والأردن
...
-
مظاهرة حاشدة لأنصار عمدة مدينة اسطنبول أثناء مثوله أمام القض
...
-
فرقة البيتلز تعود بالذكاء الاصطناعي وتترشح لنيل جائزة غرامي
...
-
الشرع رئيساً.. بداية لإرساء منطق الدولة أم خطوة نحو المجهول؟
...
-
الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي في منطقة ز
...
-
هيئة الأركان العامة الأوكرانية تعترف بوضع قواتها المعقد على
...
-
شبكة -NBC- تكشف تفاصيل جديدة حول حادث تصادم الطائرتين في مطا
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|