أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سعدون محسن ضمد - وداعاً شهاب الفضلي.. ما دمت هناك وأنا هنا














المزيد.....

وداعاً شهاب الفضلي.. ما دمت هناك وأنا هنا


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 1704 - 2006 / 10 / 15 - 10:49
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


ما كان ضرَّك لو أنك استشرتني قبل أن تجمع متاعك وتغادر المدينة.. مدينتنا.. مدينتنا المتعبة الفقيرة، ما كان ضرك لو أنك استأذنتني، لو أنك بررت لي قرار رحيلك، كان يمكن لي أن أصدق بأنك تريد المغادرة بسبب الأنقاض التي تمتلئ بها مدينتنا، بسبب غبارها الكثيف، بسبب المياه الثقيلة التي ستغرقها عمّا قريب، حتى بسبب انقطاع الكهرباء. صدقني لو أنك تذرعت بانقطاع الكهرباء لعذرتك، ولصدقت حينها بأن الكهرباء تتعثر في مدينتا فقط، وأنك لا تريد أن تهجر العراق نزولاً عند رغبة ملوك الظلام.
أما أن أشمَّ رائحة رحيلك من أزيز الرصاص، من زعيق المفخخات، من جنون البارود، فهذا ما لا أطيقه، نعم يا صديقي فأنا لا أطيق أن تهرب منّي، أن تشعرني بأنني عدوّك، لا أطيق أن استيقظ في يوم مشؤوم لأكتشف هكذا وبدون مقدمات، بأننا حقّاً أنا وأنت سني وشيعي، وأننا لم نعد إنسانين عراقيين بلا إضافات.
لكن أولم نكن وقبل أيام قلائل نجتمع معاً، نتجادل، نختلف، يعارض بعضنا البعض، ثم نضحك. ألم نكن قبل أيام قلائل يساري سنّي وإسلامي شيعي يختلفان بينهما وهما يضحكان؟
لماذا لم يشعر أحدنا في تلك الأيام بأننا من طوائف أو أعراق مختلفة؟
ثم لماذا أُحِسُّ الآن بأنك أهنتني وأنت تغادر مدينتنا، هل تدري كم أنك أهنتني وأنت تغادر. ليس بسبب أنك غادرت مُرغماً وأخليت الساحة لملوك الظلام، وليس لأنني لا أستطيع حمايتك من الجحيم الذي استعر في عراقنا وبات يهددنا نحن الاثنان، وليس أيضاً بسبب من أننا نحن الاثنان عاجزان عن التصدّي لعواصف الخراب. كان سبب شعوري بالإهانة ناشئ من إدراكي حقيقة الهزيمة التي أتعرض لها أنا، وتتعرض لها أنت أيضاً، بل ويتعرض لها كل العراق. الهزيمة التي انطلقت بانطلاق مسلسل سقوط القباب.
أنا لا أعتبر بأن خطورة (تفخيخ) القباب ناشئ من كونها مقدَّسة فقط، بل لأنها كشفت لنا مأزقنا الحقيقي، أيضاً لأنها وحدها التي أقنعتك بأنك لم تعد بين أهلك، خطورة عملية تفخيخ القباب تكمن بأنها هددتك أنت، أنت الذي لم تشعرك دماء أطفال بغداد الجديدة، بأنك شريك فيها، وأن عليك المغادرة، ولم تشعرك الدماء التي سالت في الحلة ولا في الكاظمية ولا في النجف بأنك شريك، أبداً ولا كل الحرائق التي اشتعلت بالعراق، فعلت بك ذلك، كنت يومها تشعر بأن الدماء دمائك والأشلاء أشلائك، والحرائق ناشبة بجسدك أنت، كنت تدري بأن الجميع يُُصَدِّق بك، فلماذا استجد عندك اليوم اعتقاد جديد، لماذا إذاً فاجأتني برحيلك لحظة سقوط القباب؟ لماذا جعلتني أشكُ بنفسي؟
لو تدري كم جُنَّ جنوني، وأنا أصيح خلف قوافلك المُغادِرة:
بريييييييييييييييييييييييييييييء.
لكنك بريء يا صديقي. توقف.. لا تغادر، أبيض أنت، مليء بالمروءة، جياش بالفرح، خالص البراءة، مفعم بالتلقائية.. فلماذا تغادر؟؟
سأُقسم للجميع إذا أردت بأنك لست منهم، أحميك بجسدي، أقدم لك نذوري، أبيت معك، أتخندق بخندقك، أتسمى بأسمائك. قل لي فقط ماذا تريد ثمناً لعودتك، وسأفعل. عودتك التي تساوي برائتي. ارجع فقط وسأبتدع لعينيك صلاة جديدة، صلاة تخص العراق، العراق فقط، صلاة لا تخص أحد، ولا تتحيَّز لأحد، ولا تستفز أحد ولا تشرعن لأحدٍ سفك الدماء أو (تفخيخ) القباب.
إرجع، فقط لئلا يتلاشى الأمل، عد إلى مدينتنا، مدينة الغبار، مدينة المتعبين، المنسيين، مدينة الجياع. إرجع!
لماذا تبتعد؟
أرأيت..!
أرأيت كيف أننا أصبحنا فجأة مهزومين، أنا وأنت، كيف أننا انتقلنا كل إلى الضفَّة التي يُنسَب لها.
أنت هناك وأنا هنا.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسقاط الرمزي لشكل الأعضاء التناسلية.. دراسة في عدوانية الذ ...
- ولمية عفاريت
- مدفع الشرق الأوسط الكبير... الدرع الأميركي بمواجهة القذيفة ا ...
- تحضُّر العجرفة... ضريبة أننا لا نريد الاعتراف بالعجز
- تجريم الإسلام.. دعوة للتنقيب بحثاً عن كل جذور العنف في العرا ...
- تهافت المنهج في العلوم الإنسانية
- إفلاس الانثروبولوجيا
- الثابت والمتحكم في جدل الإنسان والدين
- المجد لحضارة المقابر... حيث الموتى وحدهم يتكلمون*
- العقل الخالي... تخبط السياسة الأمريكية بين نموذجي خاتمي ونجا ...


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سعدون محسن ضمد - وداعاً شهاب الفضلي.. ما دمت هناك وأنا هنا