|
دور فرنسا في السقطة المدوية للبرلمان الأوروبي
محمد إنفي
الحوار المتمدن-العدد: 7513 - 2023 / 2 / 5 - 16:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تلعب فرنسا دورا خبيثا في مؤسسات الاتحاد الأوروبي بهدف الإضرار بسمعة المغرب ومكانته الاعتبارية، رغم ما لها من مصالح كثيرة وكبيرة مع هذا الأخير. وسوف تكون خسارتها فادحة في حال لم تستوعب أن مغرب اليوم ليس هو معرب الأمس، واستمرت في إصرارها على لعب هذا الدور الخبيث. وقد ظهر هذا الدور جليا في التصويت الأخير للبرلمان الأوروبي على توصية تدين المغرب في موضوع حقوق الإنسان وحرية الصحافة. وقد كان وراء هذا التصويت العدائي الفريق البرلماني لحزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قاد حملة بالبرلمان الأوروبي، لا شك بتوجيه وتحريض من الرئيس، عبأ لها كل طاقاته من أجل الوصول إلى التصويت بإدانة المغرب باسم حقوق الإنسان وحرية الصحافة، في الوقت الذي يسجل فيه الرأي العام العالمي، الحقوقي والسياسي، التراجع الملموس في هذه الحقوق وفي هذه الحرية (آخر مثال على هذا التراجع الصارخ يتمثل في طرد صحافي فرنسي من أصل مغربي من قناة تليفزيونية فرنسية بسبب تعبيره عن موقف إيجابي من مغربية الصحراء) في الدولة التي شهدت عاصمتها (باريس) التوقيع على الإعلان العالمي لحوق الإنسان في دجنبر من سنة 1948. لم يكن الغاز الجزائري غائبا عن المهزلة التي عرفها البرلمان الأوروبي. ووقد بدأت التقارير تكشف هذه الحقيقة؛ حقيقة تورط الجزائر مع فرنسا في هذه المهزلة أو السقطة المدوية. وليس من الصعب إدراك أسباب ذلك. وهناك، على الأقل، سببان رئيسيان؛ الأول هو أن الجزائر دائما مستعدة للدفع كلما تعلق الأمر بالإضرار بمصالح المغرب؛ أما السبب الثاني، وهو مدفوع الأجر كذلك، فيتعلق بالتستر على الوضع الحقوقي في الجزائر، الذي يوجد في الحضيض؛ ولا مجال للمقارنة مع المغرب الذي يشهد له العالم بمدى تقدمه في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة؛ وذلك تشريعا ومؤسساتيا وممارسة. لقد طفت إلى السطح خلفيات التقارب الكبير بين باريس والجزائر في تحركات فرنسا على مستوى البرلمان الأوروبي، لجمع الأصوات المؤيدة للتوصية المعادية للمغرب. وقد بذل الطرفان مجهودات حثيثة، إن في الإغراء والإرشاء، أو في نشر وترويج المغالطات والافتراءات على المغرب ومؤسساته بهدف تحقيق بعض المكاسب السياسية والجيوسياسية على حساب المغرب الذي أصبح يقلق منافسيه على الريادة الإقليمية والقارية والجهوية، وبالأخص فرنسا التي تقلص نفوذها في القارة الأفريقية بشكل كبير. لقد وجدت فرنسا في الجزائر كل الاستعداد للدفع نقدا وبالشيكات أو بالدفع العيني (صفقات البترول والغاز بثمن رمزي، ما لم يكن بالمجان في بعض الحالات)؛ ووجدت الجزائر في فرنسا الاستعداد التام للتآمر على المغرب سرا وعلانية للمساس بمكانته ومصالحه بهدف الاستفادة من الصراع بين الجزائر والمغرب. والجزائر سعيدة بهذا الدور الفرنسي لأن ما يهمها ليس مصلحة الجزائر؛ بل مصلحة البوليساريو الذي من أجله تم إفقار الشعب الجزائري رغم الثروات الهائلة التي تدخل إلى خزينة الدولة من البترول والغاز؛ لكنها، مع الأسف، تُنهب وتُبدد فيما لا يعود بأي نفع لا على البلاد ولا على العباد. وهي مستعدة دائما للدفع، ماديا ومعنويا، لشراء مواقف تؤيد استفتاء تقرير المصير في الصحراء المغربية، رغم أن العالم يعلم أن مجلس الأمن الدولي أقبر خيار الاستفتاء منذ أن قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي سنة 2007. فهل ستنجح جزائر عبد المجيد تبون - المستعدة للتضحية بالغالي والنفيس، بما في ذلك كرامة الدولة والشعب الجزائريين، التي مرغها إيمانويل ماكرون في التراب في مناسبات عدة- في ثني فرنسا عن موقفها المعتاد في مجلس الأمن، والمتمثل في التصويت لصالح مقترح الحكم الذاتي؟ أم أن فرنسا تناور مع الجميع وتلعب على الحبلين، من جهة، للحصول على ما تريده من الجزائر (الغاز والبترول، بعد انقطاع الإمداد الروسي)، ومن جهة أخرى، لممارسة الضغط لعل المغرب يتنازل عن، أو على الأقل، يخفف من شرط الخروج من المنطقة الرمادية فيما يخص قضية الصحراء التي تعتبر كنظارة "ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات"، كما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب؟ ويبدو من خلال بعض المعطيات والسلوكات، أن فرنسا "ماكرون" قد أصبحت تشبه إلى حد ما جزائر "تبون" في كثير من الجوانب، بما في ذلك التهور والغباء السياسي والعجرفة والاستعلاء والعنتريات الفارغة وغيرها. وربما لهذا السبب تساءل السفير الفرنسي السابق بالجزائر، في مقال نشر بصحيفة "Le figaro"، إن كان انهيار هذه الأخيرة سيجر معه فرنسا. لا شك أن السفير الفرنسي يعرف حق المغرفة الوضع ببلاده والوضع بالجزائر؛ كما أنه يدرك جيدا الارتباط الوثيق بين عبد المجيد تبون الذي يقود بلاده إلى الهاوية على يد الجنرالات المتحكمين في كل شي، وبين ماكرون الذي فقد البوصلة ويعرض فرنسا لأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية. وبما أن فرنسا ماكرون ترى في المغرب منافسا لها في محيطها المتوسطي وفي أفريقيا، فإنها تسعى، وبغباء كغباء جزائر تبون، إلى عرقلة تقدم المغرب ووقف مسيرته التنموية وإشعاعه القاري والجهوي. فالرئيس الفرنسي يبدو أنه لم يستوعب الرسالة الملكية التي تحدثت عن ملف الصحراء كنظارة ينظر بها المغرب إلى العالم؛ كما أنه لم يدرك الدرس الأمريكي والدرس الألماني والإسباني. خلاصة القول، اللعب على الحبلين مع المغرب، لم يعد لا مقبولا ولا مجديا. والمغرب واع باللعبة الخبيثة التي يلعبها ماكرون ليستفيد من الصراع الجزائري المغربي. وهي، بالنسبة للمغرب، لعبة مكشوفة وغبية، وخاسرة لاعتمادها على طرف أغبى وفاشل على كل الأصعدة. فما لم يراجع ماكرون نفسه، فإن انهيار الجزائر سيجر معه فرنسا لا محالة. العيون في 5 فبراير 2023
#محمد_إنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزائر وأزمة الهوية
-
ماذا يوجد في دماغ إعلاميي الجزائر؟
-
مونديال قطر وتجليات -تمغربيت-
-
بعد نجاح مونديال قطر، هل ستراجع الفيفا قرارها بشأن مونديال 2
...
-
فرحة الشعب الفلسطيني بأسود الأطلس عَرَّت حقيقة تجار القضية ا
...
-
هل أتاكم حديث دولة تعاقب مواطنيها بسبب تعبيرهم عن الفرح؟
-
الفرحة أصبحت مغربية ولا عزاء لأعداء الفرح
-
الجزائر ومونديال قطر
-
الجزائر تفتقر لرجال دولة
-
البَرْدَعَةُ كأسلوب للحكم في الجزائر
-
الجزائر قوة ضاربة أم قوة مضروبة؟
-
الجزائر: لا أمل في شفاء النظام وأبواقه من عقدة اسمها المغرب
-
المُوَّاء الديمقراطي ممكن مع برلمانيين من طينة لحبيب بن الطا
...
-
القمة العربية وورطة الجزائر
-
الجزائر والشعور بالحرمان
-
السقوط الأخلاقي للنظام الجزائري ونخبه وأبواقه
-
رسالة مفتوحة إلى السيد الأمين العام للأمم المتحدة والسيد رئي
...
-
ماذا يعني أن تتقاطع تقارير استخباراتية فرنسية مع توصيات دراس
...
-
الجزائر تعود لديبلوماسية الشيكات وسياسة الابتزاز
-
رسالة مفتوحة من مواطن مغربي إلى السيد قيس سعيد رئيس الجمهوري
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|