|
الصهيونية كلمة الإرهاب
مصطفى النجار
الحوار المتمدن-العدد: 1704 - 2006 / 10 / 15 - 10:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مفهوم الصهيونية الصهيونية كلمة أخذها المفكر اليهودي "ناثان برنباوم" من كلمة "صهيون" لتدل على الحركة الهادفة إلى تجميع "الشعب اليهودي" في أرض فلسطين، ويعتقد اليهود أن المسيح المخلص سيأتي في آخر الأيام ليعود بشعبه إلى أرض الميعاد، ويحكم العالم من جبل صهيون. وقد حول الصهيونيون هذا المعتقد الديني إلى برنامج سياسي، كما حولوا الشعارات والرموز الدينية إلى شعارات ورموز دنيوية سياسية، ورغم تنوع الاتجاهات الصهيونية (يمينية ويسارية، ومتدينة وملحدة، واشتراكية ورأسمالية) ظلت المقولة الأساسية التي تستند إليها كل من التيارات الصهيونية هي مقولة "الشعب اليهودي"، أي الإيمان بأن الأقليات اليهودية في العالم لا تشكل أقليات دينية ذات انتماءات عرقية وقومية مختلفة، إنما تشكل أمة متكاملة توجد في الشتات أو المنفى بعيدة عن وطنها الحقيقي: "أرض الميعاد أو صهيون، أي فلسطين".
المنظمة الصهيونية العالمية عملت المنظمة الصهيونية العالمية بجد منذ صدر قرار تأسيسها في المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 على إقامة وطن لليهود, وهو ما تحقق على أرض فلسطين عام 1948. النشأة والأهداف نجح ثيودور هرتزل في الترويج لفكرة العودة إلى فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك, وتبلور ذلك النجاح في عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا عام 1897 وكان من أهم نتائجه إقامة المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ البرنامج الصهيوني الذي ينص على أن "هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام". أجهزة المنظمة اتخذت المنظمة لنفسها عدة مؤسسات وأجهزة داخلية تقوم على تنفيذ هدف إقامة الدولة، من هذه الأجهزة رئيس المنظمة ونائب الرئيس ومكتب التوجيه المركزي واللجنة التنفيذية والمجلس العام (شبه التنفيذي شبه التشريعي) والمؤتمر الصهيوني وهو السلطة التشريعية العليا في الحركة الصهيونية. أما الأجهزة المحلية في المنظمة في كل بلد على حدة فقد ترك تقرير شكلها النهائي وشكل العضوية فيها للظروف المحلية السائدة في ذلك البلد. أعضاء المنظمة فتحت المنظمة باب العضوية فيها لكل من يؤمن بالأفكار الصهيونية ويعمل على الإسراع بتحقيق أماني وتطلعات الشعب اليهودي، ونمت هذه العضوية بشكل كبير، ففي المؤتمر الصهيوني السادس الذي انعقد عام 1903 وصل عدد أعضائها إلى 600 عضو وكان عدد الجمعيات الصهيونية 1572 جمعية موزعة على بلدان مختلفة، ثم ازداد بصورة كبيرة أثناء ترؤس حاييم وايزمان فأصبح في عام 1939 تعداد الأعضاء قرابة 1.5 مليون عضو. الصهيونية العملية والسياسية برز داخل المنظمة الصهيونية العالمية اتجاهان كادا يعصفان بوحدتها. الاتجاه الأول: يقوده ثيودور هرتزل ويؤمن بأن الخلاص لليهود لا يمكن تحقيقه عبر عملية متقطعة لإقامة المستعمرات وإنما عبر عمل سياسي كامل محمي على الصعيد العالمي، ولذا فقد كرس أصحاب هذا الاتجاه جهودهم للحصول على موافقة الدول الكبرى وبالأخص تركيا بوصفها بلد الخلافة الإسلامية ليكون لليهود موطئ قدم في فلسطين.
الاتجاه الثاني: يعتبر الصهيونية العملية التي يقودها حاييم وايزمان وديفيد بن غوريون مهمتها العمل بكل جدية على تهجير أكبر عدد ممكن من اليهود إلى فلسطين وزيادة المستوطنات بها. العلاقة مع بريطانيا تأثرت المنظمة الصهيونية بالحرب العالمية الأولى تأثرا سلبيا في بعض جوانبه وإيجابيا في جوانب أخرى. فقد دبت الفوضى الإدارية في صفوفها وانقطعت مكاتبها المركزية عن الأجهزة والوحدات المحلية والأعضاء, وتعرضت الأجهزة الصهيونية في فلسطين إلى هزات قاسية أدت إلى حل الكثير منها وهجرة الكثير من الصهيونيين إلى خارج فلسطين, لكنها في المقابل وبجهود حاييم وايزمان أعادت إبراز أهدافها وتحديدها في النقاط الأربع التالية: • ضرورة انتصار الحلفاء. • إقامة انتداب بريطاني في فلسطين. • يسهل هذا الانتداب دخول مليون يهودي أو أكثر إلى فلسطين. وأسفرت جهود المنظمة ورئيسها حاييم وايزمان عن الحصول على وعد بلفور عام 1917 ثم التفت إلى إعادة ترتيب أوضاعها واستكمال الناقص من أجهزتها التأسيسية، فأنشأت الصندوق التأسيسي لفلسطين الذي اختص بنشاطات الهجرة والاستيطان، و"الوكالة اليهودية الموسعة" التي ضمت غير الصهيونيين بعد أن تأكدت من سيطرتها على هذه الوكالة. المنظمة بعد قيام إسرائيل عادت الصراعات الداخلية تدب في صفوف المنظمة بعد قيام دولة إسرائيل إذ رأى البعض أن وجودها أصبح غير ذي جدوى ويجب أن تندمج في مؤسسات الدولة، في حين رأى البعض الآخر أن تظل المنظمة مستقلة وتنشط في خدمة إسرائيل في الخارج. وقد تغلب أصحاب الاتجاه الأول وزاد تأثيرهم بعد انتخاب ناحوم غولدمان رئيسا للمنظمة عام 1949. أهداف المنظمة بعد قيام إسرائيل عدلت المنظمة الصهيونية من أهدافها بعد قيام إسرائيل، ثم عادت إلى بلورة أهدافها من مرة ثانية بعد هزيمة العرب عام 1967. ففي المؤتمر الصهيوني السابع والعشرين الذي عقد عام 1968 صدر "برنامج أورشليم" ونص على أن أهداف الصهيونية هي: • وحدة الشعب اليهودي ومركزية أرض إسرائيل. • جمع الشعب اليهودي في وطنه التاريخي عن طريق الهجرة من كل بقاع الأرض. • المحافظة على أصالة الشعب بتنمية التعليم اليهودي واللغة العبرية وبث القيم الروحية والثقافة اليهودية. كما ورد في ذلك البرنامج نصوص واضحة تؤكد الغلبة الحاسمة لإسرائيل على المنظمة الصهيونية، وقد رحب المؤتمر الصهيوني (أعلى سلطة تشريعية) بسلب إسرائيل واحدا من أهم اختصاصات المنظمة ألا وهو استيعاب المهاجرين اليهود وذلك باستحداث وزارة الاستيعاب، كما أقر المؤتمر تحويل المنظمة إلى "حركة عامة" تفسح المجال أمام انضمام الفئات والجماعات التي لا تنتمي إلى أحزاب صهيونية. فتبنى المؤتمر قرارا بتأسيس "حركة الهجرة" لإنجاز هجرة اليهود إلى "الوطن التاريخي"، وكان ذلك إيذانا بتخلي المنظمة الصريح عن دورها التاريخي لدولة إسرائيل، وساعد على ذلك سقوط غولدمان في الانتخابات التي جرت عام 1972.
ومن ناحية أخرى يعلم دارسو الدين اليهودي أن الارتباط اليهودي بالعودة إلى الأرض المقدسة هو ارتباط توراتي مشروط، إذ أن الدين اليهودي يحرم العودة إلى أرض الميعاد، ويعتبر أن مثل هذه المحاولة هي من قبيل التجديف والهرطقة، لأن عودة اليهود حسب المعتقد الديني ـ لا يمكنها أن تتم إلا على يد مبعوث من الله، هو المسيح المخلص، وليس على يد حركة سياسية مثل المنظمة الصهيونية العالمية، ولذا حينما ظهرت الحركة الصهيونية عارضتها المنظمات اليهودية في العالم، وما تزال أقلية من هذه الجماعات تنادي بهذا المفهوم مثل جماعة "ناطوري كارتا" اليهودية المتدينة والتي تتمركز في الولايات المتحدة.
ويذكر أن من أبرز الاتجاهات الصهيونية الصهيونية الدينية: تقوم الصهيونية على أربعة أسس رئيسة: ـ الإيمان بالإله الواحد. ـ الإيمان بأن اليهود هم شعبه المختار. ـ الإيمان بأن المسيح سوف يرسله الرب لتخليص شعبه والإنسانية. ـ الإيمان بعودة اليهود إلى وطنهم الأصلي. ويبني اليهود المتدينون آمال المستقبل من العبرة بالماضي، فهم يفسرون التوراة بأن الإسرائيليين القدماء أضاعوا الأرض المقدسة بسبب ارتكابهم المعاصي ضد الآخرين، وبسبب تخليهم عن إلههم الواحد من أجل آلهة أخرى. واليهودية في جوهرها، دين ميثاق أو عهد. وإن اختلف هذا العهد من جيل إلى جيل، فهو دائماً يبقى عقداً بين الشعب والله، فالله وعدهم بالأرض، وبأن يعيشوا فيها عيشة ازدهار. لكن، في مقابل ذلك، على اليهود من جانبهم أن يقوموا بتنفيذ الشروط الخلقية والمبدئية للعهد، كما يشرحها أنبياء الله في كل عصر. فالصهيونية الدينية تختلف عن الصهيونية السياسية التي قرر رجالها في مؤتمر بازل سنة 1897 العودة إلى الأرض المقدسة، ولم ينتظروا المعجزة الإلهية، حيث أن الصهاينة المتدينين لا يرون في أي مؤتمر سياسي طريقاً للعودة. وهم، أكثر من ذلك، لا يرون حتى في عذاب الهولوكوست ومعسكرات النازية، سبباً للعودة، فالعودة إن لم تقترن بالإرادة الإلهية، أي بقدوم المسيح الجديد، هي عودة باطلة. الصهيونية الدينية، إذا، براغماتياً، نهج يصعب جداً ترجمته إلى حركة سياسة فاعلة، ومن هذا المنطلق، يرى الصهاينة المتدينون أن قيام (إسرائيل) الدولة قيام باطل، لأنه جاء بناء على قرار سياسي لا تطبيقاً لشروط الوعد الإلهي. وظهرت مواقف وأقوال متعددة من قبل اليهود، تشرح وجهة النظر الدينية الأرثوذكسية، كان من أولها عريضة بتسيبرغ الصادرة سنة 1885 التي جاء فيها "نحن لا نعتبر أنفسنا شعب بل جماعة دينية، ولذلك فنحن لا نتوقع عودة إلى فلسطين". الصهيونية الثقافية ـ الروحية: الصهيونية الثقافية، أو الصهيونية الروحية، كما يطلق عليها أيضاً، تنبع فلسفتها في القومية اليهودية من أولوية التراث الثقافي والخلقي، واللغة العبرية، وعلى الرغم من الأهمية التي تعطيها لقضية تجميع اليهود في أرض الأجداد، فإنها ترفض، من أجل الحصول على الأرض، إدعاء الصهيونية السياسية بحجة معاداة السامية واستفحالها، أو بالأوضاع المتردية التي تحيط باليهود اقتصادياً وسياسياً، وعوضاً عن ذلك، فهي ترى أن أعظم تهديد لبقاء اليهود في العقد الأخير من القرن التاسع عشر خاصة، يكمن في الضعف الداخلي للمجتمعات اليهودية، وفي فقدانها أي إحساس بوحدتها، وفي تداعي إمساكها بالقيم التقليدية والمثاليات والآمال. قبل ظهور هيرتزل، برز عدد من المفكرين اليهود الذين أكدوا أهمية العامل الثقافي في بعث روح القومية اليهودية، ومن أبرزهم موشى هس، وبيريز سمولنسكين، وكذلك كان للتوجه التراثي أهمية بارزة في جمعية "أحباء صهيون"، إلا أن الفضل في تطوير مضامين الصهيونية الثقافية، فكراً وتوجيهاً، يعود إلى أحاد هاعام الذي كان يشدد على اللغة العبرية والقيم اليهودية التاريخية. مستفيداً في ذلك من تجربة استقلال البلدان الأوروبية التي بدأت فكريا بانفصال اللغات عن اللغة اللاتينية مما عزز الشعور الوطني والقومي لدى الشعوب ونمى إحساسها بكيانها وبالتالي دفعها للقيام بالثورات لنيل الحرية. انتقد أحاد هاعام ، في مقاله "الطريق الخطأ" الذي نشره سنة 1889 سياسة الاستيطان في فلسطين، وقال أن "لا أمل بنجاح حركة الاستيطان، ما لم توقف وسائلها بإغراء القادمين عن طريق الخداع والأوهام بطرح المكاسب الذاتية، وتتوجه عوضاً من ذلك إلى إيقاظ وطنيتهم اليهودية الخفية، وحبهم لصهيون، لأنهم هكذا فقط يستمدون قوة معنوية لمواجهة صعوبات الحياة التي تجابههم في أرض الأجداد". شن آحاد هاعام حرباً صحافية على مؤتمر بازل الذي كان أحد حضوره واتهم هيرتزل بإهمال الجانب الثقافي الذي كان يرى في إحيائه الضمانة الوحيدة ضد الاندماج، وأظهر خشيته أن تؤدي الحملة الدبلوماسية إلى إجهاض العمل قبل الأوان. الصهيونية العملية ـ البراغماتية: اشتهرت الصهيونية العملية كمصطلح في تاريخ الحركة الصهيونية، وكحركة نشيطة ذات برنامج واحد، بعد صعود هيرتزل وصعود برنامجه السياسي معه، فالصهاينة العمليون كانوا يرون في النشاط الدبلوماسي اللاهث وراء وعود وضمانات دولية مضيعة للوقت، لذلك عارضوا هيرتزل، وحصروا جهودهم في تنمية المستعمرات داخل فلسطين، والعمل على زيادة الهجرة إليها، حتى تفرض سياسة الأمر الواقع نفسها. إلا أن هذا لا ينفي وجود بدايات، ولو متعثرة، للصهيونية العملية، تندرج في نشاطات الحركة التي عرفت باسم "أحباء صهيون". (لمزيد من التفاصيل راجع جمعية "أحباء صهيون"). الصهيونية السياسية: اصطلاح يستخدم للتمييز بين البدايات الصهيونية مع جمعية "أحباء صهيون" التي كانت شبه ارتجالية تعتمد على صدقات أغنياء اليهود وبين صهيونية هيرتزل التي حولت المسألة اليهودية إلى مشكلة سياسية، وخلقت حركة منظمة محددة الأهداف والوسائل. وتعتبر الدعوات الفكرية التي أطلقها رواد الصهيونية، ولاسيما بنسكر، حجر الأساس في قيام الصهيونية السياسية التي أطلقها هيرتزل سنة 1897، وبمعنى آخر، فالصهيونية السياسية كانت قائمة، لكن في عالم النظريات، حتى جاء هيرتزل وحولها إلى حركة سياسية. وهناك من يكتفي بالإشارة إلى الصهيونية السياسية بالصهيونية فقط، غير أن نعتها بالسياسية قد نجم عن معارضة الصهاينة العمليين والثقافيين لهيرتزل، مما أدى إلى تمييز دعوته ونهجه على أساس كونها "الصهيونية السياسية" أو "الصهيونية الدبلوماسية". وقد أدرك هيرتزل إمكانية الاستفادة من المخططات الإمبريالية الغربية في مسعاه لاستعمار فلسطين نظراً لتفكك السلطنة العثمانية والتسابق الإمبريالي المحموم على المستعمرات وعلى فلسطين بوجه خاص. إلا أن الفرصة لم تسنح إلا خلال الحرب العالمية الأولى عندما اتضح أن العرب يتجهون نحو الاستقلال والوحدة، الأمر الذي يهدد المصالح الإمبريالية، فكان وعد بلفور والزواج الإمبريالي البريطاني الصهيوني المعروف. وقد أثرت الصهيونية السياسية على جميع التيارات الصهيونية بشكل أو بآخر. الصهيونية العمالية (الاشتراكية)
يركز الصهاينة العماليون أو الاشتراكيون على الجانب الاقتصادي والاجتماعي في وضع اليهود الناتج عن فقدان القدرة على الاندماج، لا على الجانب الديني من المسألة اليهودية. ولعل أهم تيارات المدرسة الصهيونية العمالية هي مدرسة غوردون التي ركزت على فكرة اقتحام الأرض والعمل كوسيلة من وسائل التخلص من عقد المنفى ووسيلة عملية لغزو الأرض وصهر القومية اليهودية الجديدة. وقد بادر رواد "الهجرة اليهودية الثانية" إلى إنشاء منظمات عمالية عديدة مثل عمال صهيون والعامل الفتي والحارس الفتي والتي تحولت في فترة لاحقة إلى أحزاب عمالية رئيسية من المستوطنين الصهيونيين تمخضت عنها منظمات اقتصادية سياسية مثل الهستدروت والكيبوتز والهاغاناة والبالماخ والتي شكلت بمجموعها الأدوات الرئيسية لعملية الغزو الصهيوني لفلسطين. وهناك اتجاهات صهيونية أخرى لم يكن لها انتشار بين اليهود لأسباب كثيرة، منها هيمنة الصهيونية السياسية على تطور الفكر الصهيوني الذي حقق الهدف الأساسي للصهيونية في إقامة (دولة إسرائيل) ومن هذه الاتجاهات الصهيونية: "الصهيونية الإقليمية" و"الصهيونية التنقيحية" و"الصهيونية التوفيقية" و"صهيونية الدياسبورا" و"الصهيونية الراديكالية" و"الصهيونية العمومية" و"الصهيونية الكولونيالية".
وعلى صعيد أخر نتناول نشأة السينما الصهيونية كما توضحها حنان عثمان فى موقع اسلام أون لاين حيث تقول نشأ الاهتمام بالسينما بالنسبة لليهود من خلال المؤتمر الصهيوني بازل 1879 وقد أكد هذا المؤتمر في بنده الثالث على أهمية الإعلام التثقيفي لخلق إسرائيل، وضرورة نشر الروح القومية والوعي القومي بين يهود العالم، ومن هنا برز الاهتمام بالسينما، وبعد ذلك قام جورج ميليه أحد الرواد الأوائل لفن السينما بإخراج فيلم "قضية دريفوس" 1899، وهذا الفيلم يحكي قصة الاضطهاد الذي عانى منه اليهود في أوروبا؛ من خلال موقف صغير يعمد المخرج إلى تهويله حتى يجد المتفرج نفسه أمام قضية إنسانية. ثم توالت الأفلام تباعًا منذ ذلك التاريخ لتكرِّس مبادئ الصهيونية من خلال ستار خفي؛ فظهر عام 1900 فيلم "الماعز تبحث عن الحشائش"، وفي عام 1901: "شمشون ودليلة" و"الابن الضال" وكلها أفلام تحكي قصص العهد القديم. وهذه أولى مراحل السينما الصهيونية التي اعتمدت على القصص التوراتي وكان الدافع وراء ذلك تأكيد أن فلسطين هي أرض الميعاد، وهذه هي أولى المراحل لتحقيق أول وجود لها. وبعد بلفور 1917 وإعلان أن فلسطين هي إسرائيل الجديدة، وهي أرض الميعاد صار أمام اليهود مرحلة التهجير إلى هذه الأرض الموجودة وتجميع شتاتهم، ودخلت السينما مرحلة بث هذه الفكرة من خلال أفلام مثل: "ابن الأرض" و"الوصايا العشر" عام 1925 و"صابر" إخراج الكسندر فورد عام 1932. السينما بعد حرب عام 1948 بعد إعلان الدولة اليهودية في عام 1948 قامت لدى اليهود مرحلة التي تدفع بها الناس لاقتناع بهذا الكيان القائم ونسيان ما يسمى بفلسطين. وهذه المرحلة أظهرت فيها السينما اليهودي أنه هو الذي ساهم في بناء الحضارة الإنسانية، ودمجت بجانب ذلك صورة تاريخ مشوه للعرب والمسلمين. وبعد عدوان 56 على مصر أحجمت تلك السينما عن معالجة موضوعها ربما السبب في ذلك هو أن هذه الحرب كانت عدوانًا سافرًا تم شجبه في العالم كله، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في هذه الفترة ظهرت الأفلام التي تصور اليهود رسلاً للحضارة وتصور العرب ذئابًا جائعة، وذلك في إطار الحرب الباردة. حرب 67 وارتفاع منحنى السينما الصهيونية حاز فيلم "الخروج" الذي أنتج عام 1960 شهرة كبيرة، وكان مؤشرًا لارتفاع نجم إسرائيل، وبعد الحرب ظهرت الأفلام التي تدعو العرب لنسيان قضية فلسطين وتقبُّل وجود الكيان الصهيوني، ولانتصار الصهيونية ليس كحقيقة واقعة وإنما من منطلق أن حق اليهود في فلسطين كان مسلوبًا فاستعادوه، ومن أفلام هذه المرحلة "معركة سيناء" 1968 وفيلم "اهمس باسمي" 1972 إخراج جيمس كموللر. حرب 73 وانكسار العنجهية الإسرائيلية بعد حرب 73 تغيرت الأوضاع النسبية بالنسبة لصناعة السينما، وبدأ اتجاه نحو أفلام الإباحية الجنسية؛ وهذه الأفلام مُغلَّفة بطابع علمي الغرض منه إظهار هذا الانحلال الخلقي في ثوب علمي؛ مما يحدث نوعًا من التفكُّك الاجتماعي والأخلاقي، وخاصة عند المراهقين العرب. وبعد حرب 73 ومعاهدة السلام بدأ تيار السينما يتخذ أشكالاً عدة خاصة بعد تضخم مستوى إسرائيل السياسي، وسيطرتها على العديد من الأجهزة السيادية في العديد من الدول الكبرى، وظهرت السينما الصهيونية تارة تبث فكرة اليهودي البطل منقذ العالم مثل: فيلم "يوم الاستقلال" إخراج رولاند اميريتش 1996 الذي حاز العديد من الجوائز. وتارة تستجدي عطف العالم ودولاراته كذلك من قصص الهولوكوست والأوشنينز، مثل فيلم: "قائمة شندلر" الذي نال 7 جوائز أوسكار عام 1994 إخراج ستيفن سببليرج. السينما داخل إسرائيل صدر أول قانون لصناعة السينما في إسرائيل عام 1954 بعد قيام الدولة الصهيونية في عام 48، وقبل ذلك كانت سينما إسرائيل تقوم بعملها في الخارج، ولقد ظل الإنتاج السينمائي في إسرائيل مقتصرًا على الأفلام التسجيلية القصيرة حتى عام 1962 وبعد حرب 67 نما وتطور بمساعدة شركات السينما الأمريكية الكبرى في هوليود، ولقد تأخر إنتاج الأفلام الروائية الطويلة في إسرائيل بسبب عدم وجود أساس ثقافي وطني مشترك يمكن أن يصنع سينما تصلح لأن تكون جزءًا من الثقافة الوطنية، وذلك بسبب تعدد واختلاف القوميات التي أتي منها يهود الشتات. وتحوي إسرائيل 267 دار عرض، ومؤسساتها السينمائية تتأرجح ما بين الحكومي والشعبي ولكنها جميعًا تعمل في إطار سياسي واحد. السينما الإسرائيلية والجوائز العالمية بعد حرب 67 بدأ الإنتاج الصهيوني السينمائي يغزو العالم من خلال المهرجانات الدولية والعالمية، وكانت أول جائزة تحصل عليها إسرائيل في مهرجان كان 1967، وتمَّ هذا قبيل الحرب عن فيلم: "ثلاثة أيام وطفل" جائزة أحسن ممثل، وقد تحوَّل اشتراك إسرائيل في هذا المهرجان إلى مظاهرة سياسية قادها الممثل الأمريكي اليهودي جيري لويس المعروف بتعصبه الشديد للصهيونية، ولقد رأت لجنة التحكيم أن تعلن تأييدها لإسرائيل في أول مرة تشترك بها في كان. ومن أشهر الأفلام الصهيونية -وإن كانت إنتاجًا أمريكيًّا وليس إسرائيليًا- التي نالت مساحة تساؤل كبيرة عن الأسباب الكامنة وراء إصرار إسرائيل على استجداء عطف العالم لما فعله النازي بيهودها- فيلم: "قائمة شندلر" 1994 الذي تخلَّى مخرجه ستيفين سبيلبرج عن سينماه الخيالية المعتادة من أجل هذا الفيلم؛ والذي به حصل على تكريم واحترام الـ Motien Picture Acadamy -أكاديمية السينما الأمريكية في هوليود- الذي طالما سعى إليه طيلة أعوام، ولم يحظَ به. والجدير بالذكر أنه بعد حرب 73 ظهرت سينما إسرائيلية معادية للصهيونية، وهذه السينما تُنتج خارج إسرائيل، وأفلامها ممنوعة من العرض داخل إسرائيل وهي من إخراج مخرجين إسرائيليين مثل: فيلم تسجيلي اسمه كفاح من أجل الأرض سنة 1977 إخراج ماريو أفنبرج، وفيلم طريق السعد إلى فلسطين سنة 1978 لنفس المخرج، وهو إسرائيلي يحمل الجنسية الألمانية، وهذه الأفلام صوَّرت داخل إسرائيل. وكذلك ظهرت على إثر التطبيع سينما عربية/عبرية يشترك فيها السينمائيون العرب واليهود بهدف التفاهم بين الشعبين وإحلال السلام الذي يحاول بعضهم السير إليه، ومن أفلامهم "كأس النهاية" إخراج كوستاجافراس الذي عرض في مهرجان فينسيا عام 1982. قصارى القول إن السينما الصهيونية قد استطاعت الدفاع عن قضاياها، رغم ما تحمله تلك القضايا من انتهاك حرمات وحقوق الآخرين، وفي المقابل فإننا نجد أن السينما العربية وإلى الآن لم تستطيع أن تحمل أية قضية، فالقدس التي هي القلب النابض لأمتنا لم تجد لها أفلامًا تستنهض الجماهير لتنصرها، وإنما وجدنا في السينما العربية أفلامًا تخاطب غريزة الجنس، وتجعل من أبطالها أنصاف آلهة!! وتنشر الأمراض الاجتماعية بين الناس … فهل يمكن أن يكون هناك استنبات جيل من السينمائيين العرب يجعلوا من الفن خدمة لوطنهم وقضاياهم؟؟
المصادر :
1. http://nakba.sis.gov.ps/Zionism/Zionism-1.html 2. موقع الجزيرة نت : http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B373527C-7C21-4B11-B28F-91316B85631F.htm 3. بيان نويهض الحوت، فلسطين (القضية ـ الشعب ـ الحضارة) التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى 1917، بيروت، دار الاستقلال للدراسات والنشر، 1991. http://nakba.sis.gov.ps/Zionism/Zionism-8.html 4. مقال بعنوان "حكاية السينما الصهيونية" .. http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/fan-23/alfanoos.asp
#مصطفى_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعتداء على الرسول
-
حماس ومزاعم الجيش الجديد
-
نوادر التعليم المصري
-
الاغتصاب جريمة الشعوب
-
جرائم المخابرات
-
عبادة.. ولكن..!
-
تاريخ الحراميه
-
من قتل شيرين؟
-
أحلام فترة النقاهة
-
واحد اتنين البت رايحه فين
-
الحرية على النهج العالمي الجديد
-
رسالة الي حكامنا العرب
-
الرذيلة الدينية بين المسيحية الصهيونية والسماحة الاسلامية
-
ظاهرة قتل الأزواج .. الأسباب .. والحالات .. والحل
-
الشهوة .. وزني المحارم
-
ملعب الحضارة .. التقدم والتأخر!!
-
التحرش الجنسي وحش يتنكر!!
-
العنوسة مسلسل لن ينتهي بلا تعقل
-
مشكلة الادمان تواجه المجتمعات العربية
-
الطلاق .. عنوان يتصدر المشكلات الزوجية!!
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|