أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حنضوري حميد - التفكير الإبداعي: رغبة وتدريب.















المزيد.....

التفكير الإبداعي: رغبة وتدريب.


حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)


الحوار المتمدن-العدد: 7512 - 2023 / 2 / 4 - 00:13
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


يبقي موضوع "التكفير الإبداعي" من بين المواضيع التي استأثرت باهتمام مجموعة من الباحثين قديما وحديثا، سواء كانوا عربا أو أجانب. ولم يقتصر الاهتمام به فقط على الباحثين المشتغلين بميدان التربية أو التنمية الذاتية، بل اتسعت دائرة الاهتمام لتشمل علماء النفس والوراثة والبيولوجيا، نظرا لما يكتسيه هذا الموضوع من أهمية بالغة، وما يلعبه من دور في نشوء الحضارات وتقدم الأمم، وتطوير حياة الإنسان، ومساعدته على خلق أسلوب جديد في الإبداع وخلق أفكار جديدة. وتدريب الذات على إيجاد حلول وبدائل كثيرة مُساعدة على حل المشاكل التي تعترض سُبُل الإنسانية، وتُشكل لها عقبات في مسار الحياة اليومية.
وأكثر من ذلك، أصبح هذا الموضوع كونيا يفرض نفسه على الصعيد العالمي، سواء على الدول المتقدمة أو النامية، لكونه أمسى من الضرورات أو الركائز المهمة في حل المشاكل الحالية، بل ومواجهة التحديات المستقبلية. كما يعد التفكير الإبداعي من المفاهيم الشائكة والمعقدة، باعتباره عملية ذهنية تهدف إلى تقديم الحلول والمقترحات والأفكار الجديدة ذات الخصائص الفريدة والمعقدة التي يفتقر إليها المجتمع. وهي أفكار لم تكن معروفة بين أوساط هذا المجتمع في السابق.
وعليه؛ فإن التفكير الإبداعي هو عملية فكرية مركبة، تسعى إلى محاولة تجاوز ما هو معتاد وسائد من الأفكار، ويسعى إلى ضرورة ابتكار طرق ومناهج جديدة في التفكير. وتوليد البدائل، وتحرير العقل من قيود التقليد المجتمعية، وإخضاعه إلى العصف والزوبعة لاستفزازه بشكل مستمر، من أجل القدرة على التفكير، وإفراز المنتوج الإبداعي، وتحويل الأفكار إلى أفعال. كما يساهم أيضا في الانفتاح بشكل كبير على المحيط الاجتماعي، والدخول في دائرة أوسع تجعل من الجماعة أو الفرد يفكر خارج الصندوق في أكثر من مجال، باستخدام أساليب مختلفة. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن التفكير الإبداعي لم يقتصر على مجال معين بل يشمل مجالات شتى.
وبالتالي فإن الاهتمام بالتفكير الإبداعي ليست بفكرة جديدة أو وليدة اللحظة الراهنة، بل شغلت تفكير الإنسان منذ القدم، ولا زالت تشغله إلى حد الآن، حيث تعود جذوره إلى عصور تاريخية قديمة، عندما بدأت تظهر معالمه الأولى مع الإغريق والرومان، وتطور مع مرور الحقب والأزمنة إلى أن وصل عصر النهضة الأوروبية، لكن لم تظهر الدراسات العلمية بشكل جدّي والتي اهتمت بالتفكير الإبداعي كنشاط عقلي إلا مع بداية العقد الثالث من القرن الماضي. أمام ظهور كم هائل من المشكلات والتحديات التي عرفها العالم المعاصر، والتي يعيشها الأفراد والمجتمعات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية حتى، وكذلك تزايد حدة التنافس والتباري بين الدول لإثبات الوجود والتمكّن من بسط السيطرة على مختلف الأقطاب، ولهذا تحتاج إلى الابتكار والابداع في هذه الأنشطة الإنسانية لتخطي هذه التحديات، والارتقاء بالإنسانية إلى مراتب عُليا، الشيء الذي جعل الاهتمام به في وقتنا الحالي ضرورة قصوى، دعت إلى التركيز على تعليم عملياته، وتدريب الأجيال الصاعدة للتمكن منه.
وبناء على هذا، ظهرت أهمية التفكير الإبداعي، وبدت فعاليته في حل المشكلات، واسهامه في تنمية الوعي الذاتي للمجتمع، والرفع من مستوى الذكاء الفردي والجماعي. وكذلك الارتقاء بالمجتمع وتكوين الحضارة ذات المقوّمات الخاصة والفعالة.
ومن الأساليب التي تساهم في تنمية التفكير الإبداعي، والتغلب على إزالة المعوقات التي تحول دون تحقيق العملية الإبداعية: أولا وكبداية، ضرورة التخلص من القيود الذاتية والمجتمعية في طرائق التفكير، والتخلي عما هو مألوف ومعتاد، أو أصبح تقليديا. ثانيا: وجوب التخلص من الشوائب التي تشتت التركيز، والابتعاد عن المحيط السلبي الذي يقمع الطاقة الإيجابية في الإنسان، ويمنع الابداع. والتدريب على تطوير وتنمية هذا الأخير. فأغلبية العلماء المختصين في مجال التنمية يرون أن هناك طريقتين لتطوير مستوى التفكير الإبداعي: الأولى مباشرة من خلال خلق برامج تدريبة خاصة في هذا الشأن، والثانية محاولة تطوير بعض الأساليب والمناهج التربوية المستخدمة عند السابقين، ومحاولة النظر مجدّدا إلى ما نراه دوما أمرا بديهيّا. ومن بين الطرق المقترحة في تدريب على التفكير الإبداعي وتطويره ما يلي:
- العصف الذهني أو الزوبعة الذهنية: هو تقنية يعتمد عليها الطالب أو الكاتب قبل البدء في إنجاز موضوع ما، وهي عبارة عن كتابة المعلومات التي يعرفها في ورقة بشكل اعتباطي وبدون ترتيب، بعدها تأتي مرحلة الكتابة الأولية، وحينها يتمّ انتقاء ما يليق من الأفكار المطروحة. وهذه التقنية لها دور مهم جدا في تطوير التفكير الإبداعي لأنها لا تعوق تفكيره أو تجعله يخاف من الخطأ.
- التعلم التعاوني: هي استراتيجية حديثة للتعلم، تسمى كذلك التعليم بالقرين. حيث تعتمد هذه الاستراتيجية على العمل بالمجموعات وتشجيع الأفراد على القيام بالأعمال الجماعية، والاشتراك فيها سواء بشكل كلي أو جزئي، حيث يتعلم الأفراد من بعضهم البعض، ويتعاونون من أجل تحقيق المصلحة المشتركة. فالتعلم التعاوني هذا، استراتيجية تعتمد بالأساس على مبدأ اختلاف الكفاءات المتوفرة لدى الأشخاص المشاركين، سواء في مستوى الذكاء أو الميول، أو تخزين المعلومات. وتستمدّ جذورها من النظرية الفارقية. وهذا الأسلوب من التعلم يساعد الفرد على الخروج من دائرة الاشتغال الفردي المحدود، إلى دائرة أوسع تتسم بالمرونة، واقتراح الأفكار الجديدة ومناقشتها من زوايا عدة، وبآراء مختلفة، والوصول إلى إنتاج مشترك أكثر فائدة وفعالية.
ومن الوسائل المساهمة أيضا في العملية الإبداعية، هي الحصول على هامش من الحرية، والبيئة الآمنة، وكذلك الراحة النفسية والشعور بالأمان، فكل هذه الأمور تجعل من الفرد يفكر خارج الصندوق دون أن يشعر بالرقابة أو الخوف، وكلها وسائل تخلق من الفرد أنسانا مبدعا. كما ينصح أيضا بممارسة التأمل والطقوس الملهمة.
وفي الختام يمكن القول إن التفكير الإبداعي هو أمر مكتسب ليس عطاء البيئة الوراثية أو البيولوجية، بل هو عملية صعبة تقوم على تدريب مستمر للتمكن من سقل العقل، وتعويده على التفكير والعمل الجماعي. إذ يعتبر الابداع أعلى مراتب المعرفة، وأسمى أنواع التفكير والذكاء العالي، ويمكن لأي فرد يبذل جهدا كبيرا، ويثابر بنجاعة متميزة، وله دافع قويّ، وقابلية التعلّم والانصهار الثقافي، والتمثل الفكري أن يكون مبدعا. كما تبقى مسؤولية الإسهام في غرس ملكة التفكير الإبداعي بشكل أساس على عاتق المنظومة التربوية التعليمية، والتي تعد الركيزة الأساس في المجتمع بعد دور الأسرة والفرد نفسه، تضاف إليه مسؤولية الجميع في الرغبة في تطوير عملية التفكير الإبداعي لإسهام في تقدم بالمجتمع السير به إلى الأمام.



#حنضوري_حميد (هاشتاغ)       Hamid_Handouri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرق الحفاظ على الوظيفة
- الذكاء العاطفي
- بين الواقع والخيال كنت أعيش
- مشهد لن أنساه أبدا
- العقل يبحث عن معنى
- علي الفياض: عاشق لتراث الشعبي وخادم لقطر معنويّا
- قالت لي أمي لا تشرب القهوة
- البعد الإنساني للمؤرخ وجيه كوثراني
- الوالي سيدي المخفي: من المقدس إلى المدنس
- تمثّلات الفاسدة عن الفلسفة
- مسألة الأكراد سورية ... الواقع ...والتاريخ... والأسطرة.
- تبلور فكر القومية العربية.
- موجز عن كتاب الجماعات المتخلية للباحث بندكت أندرسن
- قراءة في كتاب -الحركة التونسية رؤية شعبية قومية جديدة-
- المشترك بين الشريعة والعرف - الإرث والقضايا الأخلاقية أنموذج ...
- نقاش حول مسألة النهضة العربية من منظور وجيه كوثراني
- دور الفئة غير العالمة في مواجهة الوباء في المغرب خلال القرني ...
- ساطع الحصري والدفاع عن القومية من خلال كتابه العروبة بين دعا ...
- قراء في كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد لعبد الرحمان ا ...
- قراءة في الفصل الأول من كتاب تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب ...


المزيد.....




- إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي ...
- 10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
- برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح ...
- DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال ...
- روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
- مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي ...
- -ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
- ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
- إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل ...
- الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حنضوري حميد - التفكير الإبداعي: رغبة وتدريب.