أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الجالسون مكان الربّ














المزيد.....

الجالسون مكان الربّ


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 7511 - 2023 / 2 / 3 - 20:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أكاد ألامس مشاعر وكلاء الله الذين ندروا حياتهم لحمايته، سواء كانوا بعمائم أو بربطات عنق، إنهم منتفخون زهوا إلى درجة الشعور بجنون العظمة، كيف لا وهم ضروريون ولا غنى عنهم في هذا العالم، ولولاهم لكان الله في خبر كان، ولكان الناس قد هجروا بيوته وصارت آياته أثرا بعد عين.

لكن وكلاء الله لشدة تضخم ذواتهم سرعان ما يجدون أنفسهم جالسين مكانه، يحكمون ويقرّرون ويدبّرون شؤون العالم ويفهمون حتى الآيات المنسوبة إلى الله كما لو أنهم من أبدعها وأخرجها إلى الوجود، وكأنهم الوحيدون الذين يعرفون معانيها، بل هم من يُقرر إن كان من حق الناس أن يتنفسوا الهواء أم لا، كما يقررون بدل الكلّ ما يُؤكل ويُشرب ويُشاهد ويُسمع،، شيء طبيعي،، أليسوا هم من وهبنا هذه الحواس جميعها ومن حقهم علينا أن يتابعوا كيف نستعملها ويحاسبونا على ذلك ؟

يسعى وكلاء الله إلى وضع قوانين لضبط حياتنا على إيقاع جنونهم ونزواتهم، وهم يفعلون ذلك في غيابنا ودون أن يكون لنا الحق في مساءلتهم، فالله "فعّالٌ لما يريد" وهم كذلك، فمن يجلس في مكان الربّ لا بد أن يتلبس صفاته وقدراته.

ولأن صورة الله عند وكلائه أنه منتقمٌ جبارٌ وقاسي، فإنهم يبذلون قصارى جهدهم لكي يظهروا غاية في القسوة حتى يستحقوا أن يجلسوا مكانه، ولهذا لا يختارون من النصوص إلا أشدّها وقعا، ولا من الحوادث إلا أفظعها، فتبدو لهم مظاهر الجمال تفسخا وانحلالا، وآيات الإبداع جرأة على الخالق الذي له وحده القدرة على خلق ما لا يوجد.

ولأن الموت هو ما يقلق الكائن الحي العاقل، والسؤال الميتافيزيقي الذي ظلّ بدون جواب نهائي، فإنه يصبح الوتر الحسّاس الذي يعزف عليه وكلاء الله، فتصبح المعادلة: "الخوف من أجل الإخضاع" هي مفتاح الهيمنة على مصائر البشر، وتعطيل قدراتهم على التفكير والتحرر. وكلما ازدادت الألوان قتامة كلما فهم الناس أن الأمر جدّ كل الجدّ، وأن عليهم أن يحزموا أمورهم ويستمعوا ويطيعوا.

ومن أسوأ نتائج هذا التأطير الديني المنحرف أن الناس يقضون حياتهم في مراقبة بعضهم البعض، ولا ينتبهون إلى الحياة وهي تفلت من بين أيديهم إلا في اللحظة الأخيرة.

لكن وكلاء الله مثل جميع البشر ذاكرتهم ضعيفة، ولا تستوعب كل دروس التاريخ، فجميع وكلاء الله الذين سبقوهم لم تكن نهاياتهم سعيدة، كما أن إشاعتهم للبغض والكراهية أدى بهم في النهاية إلى أن يبغضوا أنفسهم، بأن حرموها من السعادة، ومن الحب، ومن متعة الحياة، بل ومن القرب من الله، ذلك أنهم في مهاوي ظلمة الروح لم يعانقوا إلا نفوسهم القبيحة.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين منطق الفقهاء ومنطق حقوق الإنسان ؟
- أسُس النجاح الكروي المغربي
- من فرحة الكرة إلى التخريب، أية علاقة ؟
- قمة الجزائر: تمخض الجبل..
- لماذا فشلنا ؟
- حول الموجة الشبابية الساخرة من الأديان
- حول أدوار المثقفين
- مشكلتنا ليست مع شخص بعينه
- المشترك الحقيقي من الماء إلى الماء
- النقاش حول نظام الإرث ليس نقاشا دينيا
- من المدرسة القرآنية إلى المدرسة الحديثة،، مسافة ضياع
- مشكلات الكتاب والقراءة بالمغرب
- أبطال التفاهة
- تجزيء الديمقراطية معرقل للتغيير
- جهاد المشايخ: نكوص عقلي مزمن
- المغرب بين الأمني والثقافي
- هزائم السلفية
- -الإفطار العلني- في القانون الجنائي المغربي
- الدراما التلفزيونية بين الدين والتاريخ
- شيخ الأزهر و-قواعد- ضرب النساء


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الجالسون مكان الربّ