أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرح تركي - - الصرّاف - سَمِعَتْ كل شيء














المزيد.....


- الصرّاف - سَمِعَتْ كل شيء


فرح تركي
كاتبة

(Farah Turki)


الحوار المتمدن-العدد: 7507 - 2023 / 1 / 30 - 22:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عن دار الحكمة/ لندن ، صدرت الرواية الأولى للإعلامية والصحفية ( سارة الصرّاف ) بعنوان { سَمِعتُ كلَّ شيء } ، التي كُتبت بصوت وروح طفلة ترويها وكأنها تتكلم مع نفسها ، وتعبر عن مخاوفها وتصوراتها عن كل شيء عاشته، رأته، سمعته ،
ويعدّ ذلك إختيارا" ذكيا"وحرا" وموفقا"، لأن مساحة الصدق فيه كبيرة، فالطفل لا يحتاج أن يجمّل الأشياء ، بل يضع كل شيء في مكانه ، كما في قطع اللغز التي تظهر متناثرة ويطلب منه ان يعيد ترتيبها..
إختارت الروائية فترة زمنية محددة ألا وهي الثمانينات في القرن الماضي التي تزامنت مع الحرب العراقية - الإيرانية ، وتمكنت من الكشف عن الكثير من الحقائق التي كان من الصعب تناقلها والجهر بها ، فكان لكل كلمة ثمن، ربما يكون حياة قائلها ، ولم تتجاوز المشاعر، المخاوف، التحديات، المشاكل التي واجهتها النساء العراقيات بعدّهن انسانياً أكثر من يدفع الضرائب في الحروب وعادة ما يكون باهضا" جداً، فالأم والزوجة والأخت اللواتي كن ّ يعشن ويمتن مع كل معركة وذويهم في الجبهة ، وخير دليل تلك الأعداد الهائلة من الأرامل ، والجيش الجرار من الأيتام الذين ينتظرهم مستقبل مجهول ... الرواية كُتبت بحس مرهف ولغة حقيقية صادقة ، اضيف إليها بإمتياز الكثير من المفردات العراقية العامية مع شرح بسيط لها ... سعة هذه الرواية الكبيرة التي بلغ عدد صفحاتها ٤٠٠ صفحة ، دلالة على إمكاناتها السردية العالية ، وتجربتها الناضجة التي تستحق الحفاوة ، وكأنها يد كاتب لا يكل ولايمل وحبره لا يجف ..
من أهم الأمور التي عرضتها كمعالجة إجتماعية هي التحرش الذي يتعرض إليه الطفل ضمن نطاق الأقارب والمعارف وكأنها تحذر كل أم وأب عَبر الطفلة "رغد" التي انفصل والداها وبقيت تتنقل من بيت لآخر..
عشتار البطلة كانت أكثر من طفلة، فهي حفيدة لسيدة تحملت الكثير وتحلت بالحكمة وسعة الصدر ، وكان بيتها الذي يظهر من المشهد الأول وكأنه "صالون أدبي" مع تغيير عنوانه إلى المعنى الأقرب "صالون اجتماعي"، تتردد فيه جارات جدتها وصديقاتها ، فكان هذا المجتمع هو النافذة التي أطلت من خلالها على أسرار الحياة وخفايا الناس الدفينة ، حتى يظهر لها
بعد منتصف الرواية وجود بيت جدها لأمها التي توفيت وزوجها - والد عشتار - في موسكو بحادث سير، نعم هي يتيمة وكأن الإعلان عن موت والديها ليس جنائزيا" او مأسوياً ، فقد عرضته "الصرّاف" على شكل تساؤل يطرحه طفل عن وجود أبويه ، فيكون الجواب من الآخرين انهما في السماء..ومن جهة أخرى وجود العوض الذي اغدقته عليها جدتها والعمة فاطمة المسؤولة عن إدارة شؤون البيت وتربيتها ، وتعلقتْ بها جداً بعد جدتها ...
برعتْ الروائية في خلق الموازنة عبر مفارقة ذكية وحكيمة ، وكأنها تفرض علينا أسسا" اجتماعية غائبة عن كثيرين بسبب التعصب والتعنت ، ألا وهي منع أهل الطفل من جهة الأب عن اهل أمه او بالعكس في حالات اليتم او الانفصال ، فإنهم يقطعونه بمنشار ، فيعيش نصف روح، نصف انسان، نصف كيان ، دون أن يعرف ما حقيقة الطرف الآخر..
كأنها تنظر إلينا بعيون جدة عشتار وتنصحنا بعين حازمة أن ما تفعلونه خطأ" فادحا"، لذلك كانت أسرة جدها لأمها هي الجهة الداعمة للثقافة والتجلي مع ثرائها المتحضر والعيش وسط بيئة متنوعة ، فيما كانت جدتها لأبيها طيبة وكريمة وبيتها مفتوحا" للجميع ، فكانت نتيجة هاتين البيئتين
طفلة هي سند لنفسها رغم قلقها الدائم وخوفها من المستقبل ..
إن وجود اللمسة العاطفية الوجدانية ببراعة قلم أنثوي متحفظ يقدس العُرف والدين ، ولكنه صريح وجريء في تعرية نوايا الرجل اذا كانت حقيقية او مزيفة ، وفي كبت المرأة من مجتمع محافظ صارم ، يحاسبها ويترك الرجل ، تَمَثل في قصة عايدة وحبيبها الخمسيني الذي يكبرها بعشرين عاماً..
جسدت قصة حبهما بصدق وبراعة وبنصوص شاعرية ، وكأنها رواية داخل روايتها الأصل ،مما أضاف لها متانة" وتشويقا" وبلاغة" تحمل حساً رومانسيا"شفافا"...
ومما يحسب لها ، أنها ختمت روايتها بإنتهاء الحرب ، لتتوجها برحيل " فاطمة " ،
التي كانت محور حياتها لسنوات ، وهذه إشارة رمزية الى أن السلام لا نلمسه بأيدينا الا بعد سيل من الخسائر الكبيرة والتضحيات الغالية..
وعادة المضحى بهم ليسوا طرفاً في القضية، ليعش أحدنا الى النهاية.



#فرح_تركي (هاشتاغ)       Farah_Turki#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص نثري بعنوان ضوء ساطع
- على أعتاب ٢٠٢٣ ماذا سأتمنى ؟
- قراءة في رواية -بازيريك- للروائي عبد الرحمن الماجدي
- قراءة في رواية -لا يزال للحلم متسع- للروائية بسمة عمارة
- الآخرون والملكوت
- نص نثري بعنوان مواسم البنفسج
- نص نثري بعنوان يطاردني
- قصة قصيرة بعنوان عكاز وضفيرة
- هايكو
- قصة بعنوان باب المغارة
- من الذي سوف يواريني الثرى
- الخطيئة في العراق
- لا أحد يمتلك ذاكرة كذاكرتي
- هايكو بعنوان غابة جسدك
- أحبها كثيراً لكنها تأكلني
- في أنتظار الغليان..
- قصص قصيرة جداً
- حوار مع الفنان صالح الهجر -الحرف العربي أكبر من أن يكون حالة ...
- قراءة في رواية يد قمر حيث يحلو لهم الخوف للروائي العراقي محم ...
- نص نثري بعنوان الهجرة إليك -


المزيد.....




- فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار ...
- دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن ...
- لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
- لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
- قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا ...
- التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو ...
- Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
- اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
- طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح ...
- إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرح تركي - - الصرّاف - سَمِعَتْ كل شيء