أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العقل اليوناني














المزيد.....

العقل اليوناني


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7503 - 2023 / 1 / 26 - 14:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٤٥ - خصائص العقل اليوناني

الفكر اليوناني كان يثق ثقة مطلقة في الكائنات الخارجية، لأن الطبيعة والعالم وجغرافية المنطقة ذاتها كانت أول مصدر أو دافع للتساؤل. ومن خصائص الفلسفة اليونانية في العصور الأولى إذا أنها كانت كما سبق القول تبحث في الطبيعيات ومتجهة نحو الكون الخارجي الفسيح، ولم تكن تبحث في الطبيعة الداخلية للأشياء والإنسان، وبذلك لم تكن تفرق بعد بين المادي والروحي قبل افلاطون وأرسطو حيث ألقي الضوء على ثنائية الروح والمادة أو بين الهيولى والصورة، رغم أن المدرسة الفيثاغورية كما رأينا كانت أساسا طريقة تهتم بالجانب العملي في الحياة وكونت مباديء أخلاقية وسياسية ودينية تتسم بالغموض. لا شك أن العقل اليوناني بعد إجتيازه للمرحلة الأولية للفكر والكف عن النظر إلى السماء والنجوم، عندما بدأ يتسائل عن حقيقة الأشياء وواقعيتها، كان يتسائل عن طبيعة العقل ذاته لأنه منذ البداية كان العقل مرتبطا بالواقع أو بالحقيقة إرتباطا أونطولوجيا، غير أنه في البداية لم يكتشف هذا الفكر إمكانية وجود تناقض وتعارض جوهري بين العقل أو القوة المدركة وبين الأشياء التي هي موضوع الإدراك العقلي وبين اللغة التي هي المسرح الذي تتجسد فيه الفلسفة، أي أن مشكلة المعرفة بقيت معلقة. فالهدف الذي وضعه العقل هو معرفة الحقيقة والإحاطة بكل جوانبها، سواء كانت هده الحقيقة تتعلق بالإنسان أو بالطبيعة، بالروح أو بالمادة. فالواقع هو موضوع العقل. غير أن التعارض والتناقض بين الذات والموضوع وبين الروح والمادة يبدو أنه لم يكن ملائما للروح اليونانية وثقافتها التقليدية القائمة على الإنسجام والتماهي بين العالم الخارجي والداخلي. وهكذا عاد هذا الفكر لمحاولة إصلاح هذا الشرخ الذي بدأ يتكون بين العقل وموضوعه، فالعقل ذاته ما مدى واقعيته وحقيقيته وإلى أية درجة يستطيع أن يؤكد مصداقيته وفعاليته ويكتشف قواعده ؟ وإذا كان الواقع هو موضوع العقل وهدفه، فهناك إحتمال بأن هذا الواقع في هذه الحالة محدد ومكون بواسطة العقل ذاته، وبذلك يفقد بالضرورة جزء من حقيقيته وواقعيته. بمعنى ألا يتحول الواقع ويفقد ماديته ليصبح موضوعا عقليا بالضرورة ويفقد واقعيته؟ هناك إشكالية وتناقض عميق في صميم هذا العقل ظهر منذ البداية، ذلك أن العقل عندما يريد معاينة العالم الذي حوله، فإنه بالضرورة سينعكس على ذاته لمعاينتها، لأنه جزء من هذا العالم ومكون من مكوناته، وبذلك يصبح بدوره موضوعا للمسائلة، هل العقل واقعي، وهل هو قادر على معاينة ذاتيه؟ ولكن ربما العقل ليس سوى فكرة جنونية أو أداة إصطناعية أضيفت بعشوائية من الخارج على العالم للتمويه والتلاعب وخلق عالم من الأوهام والخيال؟ وهو موقف الإرتيابية الذي سنعالجه فيما بعد. إن السؤال الذي تطرحه العلوم والفلسفة المعاصرة : ماهو الواقع ؟ هو نفس السؤال الذي طرحه اليونانيون رغم ادواتهم الفكرية البدائية منذ ما يقارب الخمسة وعشرين قرنا. ولكن هل يمكن للعقل أن "يعرف" الواقع ؟ وهل الواقع هو موضوع معرفي أم انطولوجي؟ العقل في اليونانية يعين عادة بكلمة لوغوس - λόγος Logos والتي تعني الكلمة واللغة واللسان والخطاب وكل ما يمكن أن يعين الحقيقة كموضوع. وذلك في مقابل ميثوس μῦθος - Mythos والتي تعني الأسطوري والخيالي. في بداية الفلسفة اليونانية، عند هيراقليط، اللوغوس كان يحمل معنى أنطولوجيا أكثر منه معرفيا، حيث كان يعين عنده نمط أو نسق للكينونة وروح العالم أو الطبيعة كمكون عضوي منظم وكعقل عام متعالي. ومع سقراط بدأ التحول، حيث الخطاب الفلسفي العقلاني بدأ يتخلى عن الإهتمام بالطبيعة والتركيز على الإنسان، أي إنزال الفلسفة من السماء إلى الأرض كما يقال. ولكن إشكالية المعرفة بقيت كما هي رغم أن الإشكالية الرئيسية التي كانت تؤرق الفكر اليوناني بعد سقراط، تحولت من التساؤل عن عقلانية الطبيعة، إلى التساؤل عما إذا كان ما يقوله الإنسان هو عقلاني أم لا؟ أي وضع اللوغوس محل التساؤل.
وقد ذكرنا في المواضيع السابقة بعض خصائص العصر الأول للفلسفة اليونانية الذي يمكن تقسيمه زمنيا إلى قسمين : القسم الأول وهو ما يعرف بما قبل السقراطيين، ويشمل المدرسة الأيونية والفيثاغورية وينتهي بالمدرسة الإيلية، أما القسم الثاني من تاريخ الفلسفة اليونانية فيبدأ بهيراقليطس، أنبادوقليس، ثم المدرسة الذرية وينتهي مع أنكساغوراس.. وقد أنتهينا من دراسة هذه المرحلة الأولى المتعلقة بالمدرسة الأيونية، والمدرسة الفيثاغورية. ثم تأتي دراسة المدرسة الإيلية والتي تشمل اكسينوفان، بارمينيدس، وزينون، وهو موضوع الفصول القادمة.
يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يعرف مصلحة الأغنياء سوى الأغنياء
- نهاية النبي المحزنة
- ترنيمة لأبوللون
- العودة للماضي
- الدروب الوعرة
- نهاية الرحلة
- الأعداد الصماء
- العدد الذهبي
- الثقوب
- فيثاغوراس والكابالا
- الأعداد في نظام فيثاغوراس
- الطريقة الفيتاغورية
- التصوف، بين الدين والفلسفة
- الطريق المسدود
- دكتاتورية القانون
- خصائص الآلهة
- الديانة اليونانية
- الموت والعدم
- الفن وضرورة العدم
- العقل العرضي


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العقل اليوناني