حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 7503 - 2023 / 1 / 26 - 01:11
المحور:
المجتمع المدني
السَلعَنةُ (Commodification) هي عمليةُ تحويلِ بضائعٍ أو خِدْماتٍ أو أفكارٍ، أو أي نَوعٍ آخرٍ لا يُعتبرُ من أنواعِ البضائعِ كالبشرِ إلى سِلعةٍ تُباعُ وتُشتَرى. السَلعَنةُ هي إذن وضعُ قيمةٍ اقتصاديةٍ لما لم يكنْ يُعتبرُ اِقتصاديًا.
للخِدماتِ فوائدٌ أساسيةٌ تنفعُ المجتمعَ ككلٍ، فهي تتمثلُ في التعليمِ و الصحةِ والخِدماتِ الهندسيةِ والأمنِ والنقلِ. في فترةٍ مضَت كانت الخِدماتُ كالتعليمِ والصحةِ مجانيةٍ بينما كانت باقي الخِدماتِ بمقابلٍ يتفاوتُ حسب الخِدمةِ. الخِدماتُ مقياسٌ للدولِ، فإتاحةُ وتيسيرُ الاستفادةِ منها يدُلُ على دولٍ مُتقدمةٍ.
الدولُ الغربيةُ التي يتباهى بتقليدِها من يرفعون شعاراتِ تطويرِ التعليمِ تُوفرُ تعليمًا مجانيًا على كافةِ المستوياتِ لا يقلُ عن نظيرِه الخاصِ. أما عندنا فالتعليمُ الحكومي سواءَ كان تحت الجامعي أو الجامعي يُعاني ميزانياتٍ شحيحةٍ أثَرَت سلبًا على الرواتبِ وإتاحةِ الأساسياتِ من فصولٍ ودورات مياهٍ لائقةٍ ناهيك عن المكتباتِ والمعاملِ. التعليمُ الجامعي وجَدَ مخرَجَه في البرامجِ المدفوعةِ بمُسمياتِ التَمَيُّزِ، وكأن التعليمَ الأصلي قديمٌ مُتهالكٌ.
السَلعَنةُ أصبَحَت نَهجًا غالبًا والتعليمُ ليسَ عنها بمنأى. ليس بغريبٍ أن نُطالعَ إعلاناتٍ عن مَنحِ درجاتٍ دراسيةٍ بتخفيضاتٍ لأعضاءِ تجَمُعاتٍ بعينِها كالأنديةِ؛ درجاتٌ علميةٌ شأنُها شأنُ أي سِلعةٍ تُباعُ وتُشترى. أفرزَت السَلعَنةُ ظاهرًا براقًا لامعًا وواقعًا قاتِمًا، تمامًا كالفاكهةُ الطازجةُ على وشِ القفصِ بينما العَطِبُ تحتَها.
السَلعَنةُ تعني غيابَ أو تأكلَ الدورِ المجتمعي للمؤسساتِ العامةِ وقيامِها بدورِ التاجرِ، لا أكثرَ؛ إذن، لما تُفقدُ فيها القدوةُ يتحولُ المجتمعُ إلى سوقٍ.
ليتَ السَلعَنةَ تَخِفُ ولو شوية.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟