|
هل القضية الكردية مسألة أمنية أم سياسية ؟
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7501 - 2023 / 1 / 24 - 14:02
المحور:
القضية الكردية
( ثم جمع السلطان سليم الأول رجال الحرب والعلماء والوزراء في مدينة أدرنة في16 من شهر مارس 1514 ، وذكر لهم خطورة إسماعيل الصفوي في إيران، وأنه اعتدى على حدود الدولة العثمانية، ) ومن حينها أي منذ معركة – جالديران – قبل ستة قرون كان الكرد وسيلة تستخدم لمصالح ( الامن القومي ) لهذا الطرف او ذاك ، ثم اصبحوا في مرحلة لاحقة ضحية لمصالح ( الامن القومي ) للأطراف الأوروبية الثلاثة – فرنسا – انكلترا – روسيا ، الموقعة على اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916 لتوزيع مغانم الإمبراطورية العثمانية ومناطق النفوذ فيما بينها ، كما تجاهل مسؤول شؤون المستعمرات البريطانية في الشرق – مارك سايكس ، ورئيسه – ونستون تشرشل – الكرد واستحقاقهم بالحرية والاستقلال اسوة بالشعوب الأخرى حفاظا على مصالح ( الامن القومي ) للتاج البريطاني مع حكام الشعوب الأخرى ، ومرة أخرى تناغمت مصالح ( الامن القومي ) لكل بلدان الغرب الاستعماري مع مصالح دولة – اتاتورك – وكيانات العراق ، وسوريا في – لوزان – عام 1923 ، على حساب كرد الشرق الأوسط ، وحلمهم المشروع في الاستقلال . خلال الحربين العالميتين ، وبعد التحالف بين الشرق والغرب ضد النازية ، والفاشية ، والتوافق على تقسيم مناطق النفوذ تخلى السوفييت عن دعم القضية الكردية بحجة الحفاظ على مصالح الامن الوطني السوفييتي ، وعدم اثارة المتاعب مع الحلفاء الغربيين ، وكانت النتائج الأولية سقوط جمهورية مهاباد الكردستانية بعد احدى عشر شهرا من قيامها ، وتهاوت اول تجربة في تحقيق الحلم الكردي في العصر الحديث ، حيث اجتمعت مصالح ( الامن القومي ) للجميع في ذلك . وتوالت المحاولات الغربية في إطفاء أي بصيص امل من جانب كرد المنطقة ، واقام الاحلاف العسكرية ، والاتفاقيات الأمنية ( مثل حلف سعد اباد ، وحلف بغداد ، والسنتو ، والناتو ووو) مع أنظمة الدول التي تقتسم الكرد ووطنهم التاريخي تحت شعارات ان امن تلك الأنظمة الحاكمة هو جزء لايتجزأ من امن دول الغرب خصوصا إنكلترا ، وفرنسا ، وامريكا لاحقا ، وان الحركات الكردية التحررية في عداد أعدائها ، وتشكل خطرا امنيا علىى مصالحها . في عام 1975 تم القضاء على ثورة أيلول الكردستانية في العراق ، بعد حصول التكامل بين متطلبات ( الامن القومي ) لاكثر من طرف : الامريكان – السوفييت – نظام الشاه – النظم العربية الشوفينية خصوصا نظاما الدكتاتورين صدام وبومدين . الاتفاقات ، واللقاءات الأمنية والدبلوماسية بين عواصم الدول الأربع ( تركيا – ايران – سوريا – العراق ) منذ بداية التسعينات عقدت بهدف ( الحفاظ علىى الامن القومي ) للأنظمة الأربعة ، كما ان كل الغزوات العسكرية ، والاجتياحات ، والقصف ، والحروب التدميرية ، والحصار الاقتصادي ، والحرمان من الحقوق ، والتهجير يتم تحت عنوان الدفاع عن الامن القومي التركي والإيراني والسوري والعراقي وكان الكرد ليس لهم امن قومي كما لغيرهم . قضايا الكرد ، ونضالهم المشروع لرفع الاضطهاد ، ونيل الحقوق كان ومازال من اختصاص الأجهزة الأمنية المخابراتية في الدول الأربعة ، وليس الحكومات ، والبرلمانات ، والمؤسسات المدنية ، وتخضع للاجراءات السرية ، والكتمان ، حيث يتم تنفيذ إجراءات مخالفة للقوانين ، ترقى الى درجة جرائم ضد الإنسانية من بينها : التصفيات ، وحروب الإبادة ، والحرمان من كل الحقوق ، والتهجير ، وتغيير التركيب الديموغرافي . يتذكر مسؤولو الأحزاب الكردية والكردستانية الذين لجأوا الى دول الجوار او نسجوا علاقات ، او تلقوا مساعدات مالية وعسكرية من أنظمة دمشق ، وبغداد ، وطهران ، وانقرة ، خلال العقود الخمسة الأخيرة كيف كانوا بضيافة الأجهزة الأمنية بتلك البلدان حصرا ، وقد كنت اسمع مرارا من أصدقاء في الحركة الكردية بكردستان العراق ان علاقاتهم كانت محصورة بجهاز المخابرات العسكرية السورية ، واحيانا الفرع الخارجي لامن الدولة ، والامن السياسي ، والمخابرات الجوية فيما بعد ، وعندما كان يصل وفد قيادي لحزب او فصيل الى دمشق يلتقي أولا بمسؤولي الامن بسرية كاملة ثم يمر الى القيادة القومية ويشرب القهوة في مكتب ( الأمين العام المساعد للقيادة القومية بحزب البعث – عبد الله الأحمر – ) ويجري الحديث في الشأن العام ثم يصدر بيان من طرف واحد وليس ثنائي ، وفي اغلب الظن هكذا كان الامر في العواصم الأخرى . ولكن لماذا حصر الموضوع الكردي في أروقة الأجهزة الأمنية السورية ؟ لان عقيدة النظام الحاكم ترفض وجود القضية الكردية كقضية شعب وحقوق مشروعة ، بل مجرد أداة لاستغلالها ضد خصومها وجيرانها ، ومن ثم اختراق تنظيماتها واحزابها ، واستثمار أي دعم لها لمصلحة ( امنها القومي ) هذا ما حصل خلا العقود الأخيرة ويحصل الان ولو باشكال أخرى . القضية الكردية السورية مازالت ملفا امنيا عسكريا ، ففي حسابات الأنظمة والحكومات السورية عدم الاعتراف بوجود شعب من السكان الأصليين يقيم على ارضه منذ القدم ، بل عبارة عن مجموعة بشرية مهاجرة ، ووجود الكرد خطر على الامن القومي العربي ، وخلال تقديم مناضلي الحركة الكردية الى محكمة امن الدولة ،والمحاكم العسكرية في ظل قانون الطوارئ ، او سجنهم ، كانت ومازالت التهمة الجاهزة منذ عهود ( المكتب الثاني وحتى الان ، ( خطر على امن الدولة ) و ( الامن القومي ) ، ( وقد نلت نصيبي من التهمتين مرة عندما حاكمونا امام محكمة امن الدولة العليا بدمشق عام 1968 وصدر الحكم بالتهمة الأولى ، والمرة الثانية لدى حرماني من الحقوق المدنية بقرار من نائب الحاكم العرفي وزير الداخلية – محمد عيد عشاوي – 1969 استنادا الى التهمة الثانية ) . في مرحلة إدارة الضابط الأمني محمد منصورة للملف الكردي العام خلال ترأسه للمخابرات العسكرية بالقامشلي ، تم الانتقال الى مرحلة عملية جديدة في تدشين ( الطبيعة الامنية ، والنظرة الامنية – والمعالجات الامنية ، والعلاقات الأمنية ، والاختراقات الأمنية ، ولم تطرح يوما قضايا الكرد على وزارات الحكومات والبرلمانات ، بل كانت ممنوعة التداول بالاعلام ، وبسبب الطبيعة الكردية للمنطقة ولان قضيتهم أمنية فقد كان هذا الضابط هو الحاكم الاوحد ، يمثل رئيسه حافظ الأسد ، وكان مسؤولو غالبية الأحزاب الكردية في خدمته ، يقيمون له الحفلات ، حيث خاطبه احدهم بإحدى المناسبات : ( سنرد لك الجميل بالجميل وكررها ثلاث مرات ) . منذ بداية الثورة السورية المغدورة اضيف الى التصنيف الأمني للقضية الكردية السورية من جانب النظام التصنيف العسكري أيضا وذلك بعد انتشار الفصائل المسلحة ل – ب ك ك – في عدد من المناطق ، بموجب اتفاقات تمت في السليمانية ( 2011 – 2012 ) باشراف كل من المرحوم جلال الطالباني ، والمقبور قاسم سليماني . طريقة تعامل ( الأحزاب الشقيقة الكبرى ) مع قضية الكرد السوريين بسبب غياب الاستراتيجية القومية ، وتحكم الأحزاب بمصائر الكرد ، وعدم التوافق بين تعبيرات الأجزاء الأربعة على مركز قومي واحد ، او مرجعية مشتركة ، فان معظم القوى التي تقودها الأحزاب الكلاسيكية تنطلق في مفاهيمها القومية من المنظور الذاتي – القطري – والمصلحة الحزبية الضيقة ، ويتعامل مع كرد سوريا بحذر واضعا مصالحه فوق كل شيئ . ب ك ك – تخلى عن مجاله الجغرافي الطبيعي لاسباب عديدة وينظر الى أجزاء كردستان الأخرى كمجال حيوي وجغرافيا لغزوها والسيطرة عليها ارضا وشعبا وخيرات ومصادر مالية ، كما حاله الان مع كردستان سوريا ، ويتعامل مع الكرد السوريين باعتبارهم وقودا بشريا عسكريا له ، ومنبعا اقتصاديا ، ومنذ عقود اعلن عن عدم وجود جزء من كردستان في سوريا على لسان قائده ( المفدى !) ، وتبرأ من مقولة حق قرير مصير الشعوب ، والابتعاد عن أي نضال قومي من اجل الحقوق ، وهو يعتبر أيضا ان موضوع الكرد السوريين مدرج في القائمة الامنية العسكرية ، وينتظر قرار المركز العسكري ل ب ك ك في قنديل ، كما يدير قضايا الكرد السوريين عبر منظومات امنية تحت غطاء مراكز البحث ، والمؤسسات الثقافية والإعلامية . إقليم كردستان العراق بعد الانتقال من مرحلة الثورة الى مرحلة السلطة وبناء مؤسسات الدولة ، تحولت قضية الكرد السوريين وحركتهم القومية ( التي مازالت موضع حب واحترام شعب كردستان العراق بمختلف طبقاته واطيافه كما كانت منذ عهد الزعيم الراحل مصطفى بارزاني ) الى مادة للمنافسة والاستئثار بين الأحزاب ، كل يبحث عن توسيع نفوذه ، من دون اغضاب النظام السوري ، ومن المعلوم ان التعامل مع موضوع الكرد السوريين باسم الأحزاب وليس من خلال حكومة الإقليم ، او مؤسسة الرئاسة ، او البرلمان ، ولكن عبر مؤسساتها الأمنية وكانها تعتبر مثل الأنظمة الحاكمة ان قضية كرد سوريا مسالة حزبية - امنية ، او يمكن لها بهذه الطريقة الناي بالنفس عن الالتزامات القومية تجاه شعب احوج مايكون الى الدعم والاسناد من اجل الإنقاذ وفي المقدمة ان يستقل بقراره السياسي ويعيد بناء حركته ، ، لايكون تابعا لاحد قسرا او من خلال مصادر المال السياسي ، ومما له دلالته العميقة ان مؤتمرات الأحزاب الكردستانية واجتماعات مكاتبها السياسية والمركزية لاتتضمن عادة في جدول الاعمال أي بند حول القضية القومية بالمنطقة عموما وقضية كرد سوريا على وجه الخصوص ، كما لاتتضمن بياناتهما أي التزام معلن بهذا الشأن وهذه الحقيقة المؤسفة تسري على جميع الأحزاب الكردية في العراق وايران وتركيا ، فقط الحركة السياسية الكردية السورية كانت واضحة في التزاماتها القومية ، ومواقفها المبدئية ، منذ نشوئها وحتى قبل نحو عقدين ، أي قبل تواجد – ب ك ك – وظهور أحزاب تعتمد على الخارج والمال السياسي . من الواضح ان هذا الموضوع في غاية الأهمية والخطورة ، ولا يمكن الإحاطة به، واستخلاص الدروس حوله الا بمشاركة أصحاب الراي والفكر خصوصا بإقليم كردستان ، والاجزاء الأخرى ، ومن على منبر – كولان – ادعوهم جميعا الى المساهمة ، والنقاش . مادامت القضية الكردية في الشرق الأوسط في عداد المسائل الأمنية – العسكرية بنظر القريب والبعيد ، والقوى الإقليمية والدولية ، فانها ستكون معرضة في الحاضر والمستقبل للطعن بمصداقيتها السياسية ، وأهدافها المشروعة ، وحجب أي حل وطني ديموقراطي عنها ، وتصفية الإنجازات التي تحققت حتىى الان خصوصا في كردستان العراق وبشكل اخص عندما ينتفي البعد القومي الحاضن في الجوار ، ثم من السهولة بمكان ادراجها في قوائم الإرهاب بحسب منطق وتعريف القوى السائدة ، واستخدامها أيضا عسكريا وفي الوقت ذاته لأغراض وفائدة اجندات خارجية وضد الكرد تحديدا . على التعبيرات الحزبية الكردستانية إعادة النظر بكامل المسؤولية في الملف الكردي السوري ، وتوضيح الموقف بكل شفافية من الكرد السوريين ، وقضاياهم ، بما في ذلك نوع العلاقة مع حركتهم السياسية ، وقبل ذلك وخلاله على الكرد السوريين الاستيقاظ من غيبوبتهم ، والبحث عن الذات ، والشخصية المستقلة ، واستعادة القرار ، وتعزيز الدور القومي والوطني من جديد ، ولن يتحقق ذلك الا من خلال إعادة بناء حركتهم السياسية ، وتوحيدها ، واستعادة شرعيتها عبر الطرق المدنية الديموقراطية وفي المقدمة : المؤتمر الكردي السوري الجامع .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة البناء كرديا وسوريا
-
الحوار سبيلنا لاعادة بناء الحركة الكردية السورية
-
محطات مضيئة في الذاكرة السياسية
-
حراك - بزاف - يدعو الى لقاء تشاوري عاجل
-
تركيا - ب ك ك : من يحارب من ؟
-
اشكالية الصديق والعدو لدى الكرد
-
ندوة حوارية ببرلين حول الحركة الكردية السورية
-
مسرحية فاشلة بكل المقاييس
-
قراءة سياسية عامة لحراك - بزاف -
-
عشية المؤتمر ( ١٤ ) للحزب الديمقراطي الكردستاني
...
-
الكرد في حقبة حافظ الأسد (
...
-
في الحالة الكردية السورية الراهنة
-
لا تضعوا العصي في دواليب التغيير
-
لامستقبل للكرد السوريين من دون حل أزمة حركتهم
-
فلنفتح كل الدروب المغلقة امام الحوار
-
لن تتشكل شخصية ثقافية للكرد السوريين الا باستعادة الشخصية ال
...
-
مؤتمر وطني جامع ولا مائة مؤتمر حزبي
-
في السياسة التعليمية للكرد السوريين
-
شروط الحوار الناجح بين الكرد السوريين
-
اعادة بناء الحركة الكردية السورية مهمة أولى وعاجلة
المزيد.....
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|