|
ماذا تبقى من تشى غيفارا؟ - الجزء الثاني
مسعد عربيد
الحوار المتمدن-العدد: 1702 - 2006 / 10 / 13 - 10:40
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ماذا تبقى من تشى غيفارا؟ الغيفارية في حقبة العولمة (الجزء الثاني) "تشى، رمز العالم لامكانيات رجل واحد" فرانز فانون
(3) مناهضة الامبريالية: الثورة الاممية
اكذوبة التعايش السلمي أخذ خروشتشيف في خمسينات القرن الماضي (في أعقاب المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي المنعقد عام 1956) بتعزيز مفهوم رجعي مرتد مفاده ان التوازن بين قوى الاشتراكية وقوى الراسمالية قد تبدل لصالح الاولى، مستنتجاً ومبشراً بان إنتصار الاشتراكية ممكن وقادم من خلال التعايش السلمي بين النظامين المتناحرين، بل ذهب الى ما هو أبعد معتقداً أن تنمية القدرات الذرية التدميرية من شأنه أن يردع الراسمالية والامبريالية وقد يكون الدرب الوحيد والممكن أمام الاتحاد السوفييتي.
لو كان حيّاًً، لكان تشى "إرهابياً" بامتياز أما تشى، فقد فهم كما لينين في العقد الثاني من القرن الماضي، أن الامبريالية مرحلة متقدمة من النظام الراسمالي. وعليه، فان الصراع الطبقي على المستوى العالمي، يشكل وحدة مترابطة لا تتجزأ. وان التضامن بين الشعوب وبين الطبقات المستغََلة (تضامن الطبقات الشعبية) ليس ترفاً ولا مجرد خيار مفضل للشعوب، بل هو ضرورة يقتضيها النضال ضد راس المال وعولمته ومصالحه. هذا التضامن، كما رأى تشى وكما أثبتته التجربة الكوبية بما لا يمكن إنكاره، شرط لانتصار الطبقة العاملة والطبقات الشعبية في العالم الثالث. كما لاحظ تشى بدقة ان محاولات التغيير الاجتماعي الساعية الى القضاء على التخلف تصطدم بالضرورة، عاجلاً أم آجلاً، بمواجهة كاملة مع الامبريالية. ومن هنا اطلق صيحته لثورة العالم الثالث ضد الامبريالية وكافة أشكال التبعية. ورأى ان الضمانة الوحيدة لانتصار هذه الثورة هي في أمميتها حيث تنخرط فيها شعوب العالم الثالث، وتدعمها الدول الاشتراكية (آنذاك) بوضوح ودون تحفظ ومن باب الواجب الثوري لا العمل الخيري. ضمن هذا الاطار أصبح التضامن واجباً ثورياً وليس مجرد خيار: تضامن شعوب العالم الثالث وحركات التحرر الوطني فيما بينها وتضامن الدول الاشتراكية والقوى التقدمية في العالم مع العالم الثالث والدول النامية. وكي لا يدع تشى مجالاً لللبس، أضاف انه إن لم تتضامن الدول الاشتراكية مع ثورات العالم الثالث فانها تصبح شريكة ومتواطئة مع القوى الرجعية: "إن تمني النجاح للضحية لا يكفي، فعلى المرء ان يشاركها مصيرها. على المرء ان يشارك الضحية الموت أو النصر". يتجلى في هذه الرؤية المسار الفكري والثوري لتشى غيفارا حيث طغى الطابع الانساني والاممي على فكره وممارسته وأسس لمواقفه من وحدة القارة اللاتينية pan-americanismo ووحدة شعوب العالم الثالث في نضالها وتمسكه بالابعاد الانسانية العميقة للماركسية وإيمانه بالثورة والنضال الامميين ضد الامبريالية. ومن هذا المنطلق أيضاً أدرك تشى في مرحلة مبكرة من الحرب الفيتنامية أن التضامن الاممي مع الشعب الفيتنامي عن طريق خلق "فيتنامات" متعددة ضرورة تاريخية ومهمة كل الثوار في العالم. الماويون وأممية غيفارا أثار التعايش السلمي و" الامبريالية السوفيتية" حفيظة ماو تسى تونغ ونقده اللاذع إذ إعتقد الزعيم الصيني أن حرب الشعب طويلة المدى هي العامل الحاسم في الانتصار على الراسمالية والامبريالية وليست الاسلحة المدمرة والمتطورة (كما جاءت الحرب الفيتنامية لاحقاً لتؤكد ذلك). راى ماو، وبحكم تجربته الطويلة في سنوات الثورة الصينية أن الضمانة الوحيدة للثورة وللقضاء على الراسمالية ودحر الامبريالية والاحتلال الاجنبي تكمن في تراكم الدعم الشعبي للثورة عبر حرب الشعب طويلة المدى التي يبادر بها رجال العصابات من قواعدهم الإرتكازية. أما كاسترو وغيفارا فقد وسعوا، كما إعتقد الكثيرون من الماويين، من دور هذه القواعد في العملية الثورية ونسبوا لها القدرة على خلق الشروط اللازمة للثورة في أميركا اللاتينية. ويصبح الامر أكثر جلاءً في التهم التي كالها الماويون لتشى غيفارا والقيادة الكوبية بان دعوتهم للثورة الاممية وللحركات الثورية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية لم تنبع من موقف اممي في النضال ضد الامبريالية، بل كان حسب إدعائهم، خاضعاً "للمصلحة الوطنية الكوبية". "تتمثل الاممية الغيفارية، في نهاية المطاف، حسب ما قاله بعض الماويين، في مداعبة الطموحات الثورية للشعوب المضطَهدة، فقط من أجل إستخدامها كذخيرة للجانب السوفييتي في النزاع الدولي بين القطبين". وفي حين سرقت دعوة تشى غيفارا للتضامن مع الثورة الفيتنامية والى خلق "فيتنامات متعددة" لب الجماهير والثوار في كافة أصقاع العالم وأضحت، منذ ذلك اليوم، انشودة لتضامن الشعوب ضد الامبريالية الاميركية، وجد الماويون مأخذهم على تشى في أنه لم يذكر (ولم يتذكر) ان الصين كانت تدعم فيتنام دعماً مباشراً وعلنياً. وربما التفسير الحقيقي لمثل هذه المآخذ يقبع في مكان آخر: في علاقة كوبا بالاتحاد السوفييتي آنذاك. هكذا فهم المايون اممية تشى، بين "المصلحة الوطنية الكوبية" و"ذخيرة للسوفييت في النزاع بين القطبين". ولا شك بأن الموقف السياسي، أياً كان، لا يخلو من الحسابات والمصالح المحلية والدولية، وليست مواقف تشى والقيادة الكوبية إستثناءً. إلاّ انه يجوز لنا أن نتسائل: اين صحة هذا القول بعد أربعة عقود من إستشهاد تشى وخمسة عشر عاماً من الانهيار السوفييتي؟ ويتصاعد النقد الماوي الى حد إنكار الغيفارية كخيار مقاومة للشعوب المضطهدة: "أن الغيفارية ليست، ولم تكن يوماً، اسلوباً مختلفاً لحرب الشعب: إنها استراتيجية معارضة لحرب الشعب، وأكثر من ذلك إنها معارضة للثورة الضرورية للامم المضطهدة". (4) بناء الاشتراكية شرع غيفارا في معالجة البناء الاشتراكي وإشكاليات التخطيط الاقتصادي والبيروقراطية في مطلع عام 1961 كوزير للصناعة في الحكومة الكوبية ، إلاّ أنه لم يكمل المشوار بسبب مغادرته الجزيرة منطلقاً في ثورته الاممية. لم يتسنى له، إذن،أن يبلور مفاهيم ونظريات متكاملة رغم أنه إنكب على دراسة النظريات الاقتصادية الماركسية طيلة تلك الحقبة. وبالرغم من رحيله المبكر، فان الفكر السياسي لغيفارا ومفاهيمه في البناء الاشتراكي كان متقدماً على عملية التنمية الصناعية بمعناها الاقتصادي البحت. "لن يكون للاشتراكية معنى، وبالتالي لن يتم إنجازها إلاّ إذا طرحت حضارة وأخلاق إجتماعية ونمطاً لمجتمع يقف كليةّ على النقيض من قيم الفردانية التافهة والانانية والمزاحمة وحرب الكل ضد الكل التي تتسم بها الحضارة الرأسمالية، أي ضد هذا العالم حيث "يأكل الانسان أخاه الانسان". تكتسب مساهمة غيفارا في البناء الاشتراكي ، رغم عدم إكتمالها، أهمية خاصة للاعتبارات التالية: 1) الانسجام بين النظرية والممارسة. 2) المشاركة الجماهيرية هي ضمانة السيادة الوطنية: بدأ غيفارا منذ عام 1960 (أي بعد عام واحد من إنتصار الثورة الكوبية) بمعالجة إشكالية السيادة الوطنية والاستقلال الاقتصادي منطلقاً من أن الخطوة الاولى في تحقيق السيادة الوطنية تكمن في الاستقلال السياسي، يلي ذلك العمل تدريجياً نحو التنيمة والاستقلال الاقتصادي. تتمحور كافة الجهود، بعد إحراز السلطة السياسية، حول صيانة السيادة الوطنية التي ترتكز أساساً على الاستقلال الاقتصادي والتخلص من البتعية، وتصبح الانتصارات والانجازات الاقتصادية، كما يرى غيفارا، عنصراً هاماً في الوصول الى الهدف الاستراتيجي الاساسي: السيادة الوطنية. وذهب تشى الى أبعد من ذلك فأكّد على أن السيادة الوطنية، كي تتسنى لها الديمومة، تتطلب تحولاً بنيوياً يقوم على سلطة الشعب وعلى المشاركة الكاملة للجماهير في صنع القرار وتوجيه عملية التغيير. 3) إلتقاط مأزق الستالينية والنمط السوفييتي في البناء الاشتراكي مبكراً ونقده علناً ودون تقديس للكهنوت السوفييتي. 4) محاولة طرح بديل أصيل للاشتراكية والبناء الاشتراكي ينبع من إنسانية عميقة تقوم على علاقات إنسانية جديدة. (انظر لاحقاً) 5) إعادة الروح للاشتراكية والشيوعية والجمع بين التنمية الاقتصادية وبناء البنية المادية للانتاج وتوفير الحاجات والخدمات الاجتماعية للمواطنين من جهة، وضرورة تزامن هذه العملية هذا مع خلق وتطوير وعي جديد للانسان الذي يعمل على بناء المجتمع الجديد ضمن رؤية شيوعية جديدة وإخلاقية شيوعية أصيلة.
نقد الاشتراكية القائمة فعلاً بدأ تشى رحلته في البناء الاشتراكي في كوبا متأثراً بالنمط السوفييتي، وكان، كما يعتقد الكثيرون، مهندس العلاقات الكوبية ـ السوفيتية في مطلع ستينات القرن الماضي. إلاّ أنه سرعان ما أدرك، وخصوصاً بعد زياراته للاتحاد السوفييتي، أن النمط السوفييتي في البناء الاشتراكي لا يمكن أن يوصلنا الى شاطئ الاشتراكية، فاتخذ، منذ ذلك الحين، مواقف ناقدة وصريحة حياله. وقد شكلت هذه المواقف، التي لم تعرف المهادنة، إحراجاً للقيادة الكوبية. كان يرى أن إستيراد نمط البناء الاشتراكي من دول اوروبا الشرقية يحمل مخاطر عديدة أهمها البييروفراطية وغياب العدالة الاجتماعية وتعميق الفجوة بين فئات المجتمع وتشكيل طبقة منتفعة من التكنوقراط والبيروقراط اللذين إحتكروا لانفسهم العديد من الامتيازات. إتخذ البناء الاشتراكي في أنظمة الاشتراكية القائمة فعلاً (المنظومة الاشتراكية آنذاك) كما رآه تشى مساراً منفصلاً عن القيم الثورية وهو ما تجلى في حالة الركود التي سادت المجتمعات الاشتراكية آنذاك والتي كانت نتيجة مباشرة لأخطاء كثيرة في التخطط والسياسات التي أبعدت ما بين الجماهير وسلطة الدولة. فقد قامت الدولة في تلك المجتمعات بتهميش الجماهير وقلّصت مشاركتها في صنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. أما نتيجة ذلك فهي معروفة للجميع، إذ فقدت الجماهير كل أمل بالمستقبل الموعود وتخلت عن مبادئ الاشتراكية والماركسية والتي هي في صميمها وجوهرها مبادئ إنسانية وأممية. لهذه الاسباب، أخذ تشى في السنوات الاخيرة من حياته بالابتعاد قدر المستطاع عن النمط السوفييتي، وخلّف فيما يبدو الكثير من الاعمال الناقدة لهذا النمط والتي لم تنشر بعد. ولعل أهم هذه الاعمال وأكثرها راديكالية ما كتبه في نقده ل"كتيب الاقتصاد السياسي"Manual of Political Economy الصادر عام 1966 عن أكاديمية العلوم السوفيتية. وقد اتيح لكارلوس تابلاداCarlos Tablada نشر جزءٍ من هذه الملاحظات النقدية للخطط الاقتصادية السوفيتية التي يصفها غيفارا بانها طرائق "ميكانيكية" و"غير ماركسية". "لا بد للجماهير ان تدير بشكل مباشر مصيرها وأن تقرر أية حصة من الانتاج ستخصص من أجل التراكم وأي منها يذهب للاستهلاك. ويتوجب على التقنيات الاقتصادية ان تدار ضمن حدود هذه المعطيات ولا بد لوعي الجماهير أن يضمن تنفيذها". أما نقده لستالين فيكاد يصل ذروته حين يقول: "تكمن جريمة ستالين التاريخية الكبرى في أنه إنتقص من قيمة التثقيف الشيوعي ومأسس لصنمية منفلتة للسلطة". على النقيض من السياسيات الاقتصادية السوفيتية التي تعظ "بتنمية قوى الانتاج" والتي نادى بها ستالين وخرشتشيف وخلفاؤهما، فان غيفارا لم يرى إنفصاماً بين بناء الاشتراكية والقيم الاخلاقية: "لست معنياً بالاشتراكية الاقتصادية الخالية من الاخلاق الشيوعية. نحن نكافح الفقر وفي الوقت ذاته نكافح الاغتراب أيضاً... اذا تم فك الاتباط بين الشيوعية والوعي، فانها تصبح [اي الشيوعية] مجرد وسيلة للتوزيع ولكنها لن تكون أخلاقية ثورية". تمثل الاشتراكية في مفاهيم تشى مشروعاً تاريخياً للمجتمع الجديد الذي يقوم على قيم المساواة والتضامن والعمل الجمعي وإيثار الغير والجدل الحر ومشاركة الجماهير. وقد إستوحى غيفارا هذه القيم والمفاهيم في نقده للاشتراكية القائمة فعلاً في الاتحاد السوفييتي، حييث تصدى للعديد من القضايا التي تتعلق بالبناء الاشتراكي بجراة نادرة الامر الذي أثار الكثير من السخط والعداء له. إلا أن التطورات التي صاحبت وتلت إنهيار هذا النمط تشير الى صحة ومصداقية الكثير مما ذهب اليه غيفارا في نقده آنذاك. وما زلنا بحاجة الى الكثير من الدراسة والتدقيق في هذه المسائل ذات الارتباط الوثيق بما يجري من حولنا اليوم وتأثيراتها الكبيرة على مستقبل الاشتراكية والانسانية.
(5) البحث عن البديل الاشتراكي
الاشتراكية مشروع تاريخي لمجتمع جديد إرتكز تشى في بحثه عن درب جديد في البناء الاشتراكي على اسس ثلاثة: 1) وسائل الادارة الاقتصادية: رفض النمط الاوروبي الشرقي في بناء الاشتراكية ومجمل مؤثراته على الانسان والمجتمع. "لا يمكن للاشتراكية ان تتحقق" كما قال تشى "دون تغيير في الوعي لموقف أخوي حيال الانسانية، ليس فقط داخل المجتمعات التي تسعى الى بناء الاشتراكية أو تلك الني أنجزت هذا البناء، بل على المستوى العالمي حيال كافة الشعوب التي تعاني من الاضطهاد الامبريالي". وخلافاً لمفاهيم "المدرسة الاقتصادية" في البناء الاشتراكي التي ترى في الاقتصاد والسياسات الاقتصادية فضاءً معزولاً عن الانسان والمجتمع محكوماً بقانون القيمة والسوق، رأى غيفارا ان القرارات والسياسات الاقتصادية التي تحدد اولويات الانتاج ووسائله يجب ان تحتكم بالمقام الاول الى المعايير الاجتماعية والاخلاقية والسياسية. وعليه، توخى تشى نمطاً في البناء الاشتراكي يقوم على اسس مغايرة تماماً للنمط السوفييتي. 2) حرية الجدل: كان تشى يرى ان الاختلاف في وجهات النظر وحق الجمهور العام في التعبير عن هذه الخلافات أمر طبيعي في عملية البناء الاشتراكي في سبيل شرعنة الاجماع الديمقراطي في الثورة. وكان يعتقد بانه ليس من الممكن تدمير الآراء المخالفة لآرائنا بالقوة لان هذا سيحول دون التطور الحر، وعليه يتوجب علينا إمّا ان ندمر هذه الآراء بالمحاججة أو ان نسمح لها بالتعبير عن ذاتها. 3) الديمقراطية الاشتراكية: رفض تشى مفاهيم الحكم الاستبدادية والديكتاتورية التي تسببت في أضرارٍ فادحة بالتجارب الاشتراكية في عصره، كما رفض، بشكل مطلق، الديمقراطية البرجوازية والبيروقراطية. إلاّ أنه لم يتسنى له، بسبب رحيله المبكر، أن يصيغ رؤية متكاملة للديمقراطية الاشتراكية أو أن يغني مساهماته في هذا المضمار.
الاشتراكية والانسان الجديد إعتبر تشى أن إقامة علاقات إنسانية جديدة هي الهدف المركزي من وراء الثورة والاشتراكية. هذا هو المعيار الاساسي لتقييم كافة الانجازات، سلباً أو إيجاباً، أي بقدر ما يسهم كل إنجاز في التسريع أو التأخير في هذا المشروع: مشروع الانسانية الجديدة. وعليه، حذّر تشى من المخاطر التي تقع فيها الطليعة الثورية عندما تنشغل في بناء عملية الانتاج لتلبية حاجات الناس والتغلب على الفقر الذي عانت منه قروناً طويلة. وكان يخشى، أكثر ما يخشى، ان يصبح الانتاج (مقداره ومعاييره) هو الغاية القصوى ويضيع الهدف الاساسي الذي من أجله قامت الثورة. ومن هنا إصطدم مع مدرسة العقلانية الاقتصادية لانها حصرت إهتمامها بالانجازات الاقتصادية البحتة والتي رأى تشى أنها ستؤدي الى إستخدام وسائل وتنفيذ سياسات تركز على النجاحات الاقتصادية في المدى القصير وتجازف بالمستقبل الثوري برمته لما تسببه من تآكل تدريجي في الوعي. نادى غيفارا بإستخدام الموارد المتوفرة، على شحتها في المراحل المبكرة للبناء الاشتراكي، في إنجاز تنمية متعددة الوجوه والابعاد: الاقتصادية والاجتماعية والانسانية. ولن يتسنى هذا، كما رأى، إلا في التلازم والتكامل بين البناء الاقتصادي من جهة والتثقيف الشيوعي للانسان من جهة اخرى دون فصل بين الاعتبارات الاقتصادية وتلك السياسية ـ الايديولوجية:"يتطلب بناء الشيوعية، بالاضافة الى بناء القاعدة المادية الجديد، بناء الانسان الجديد". وفي رده على الذين يلهثون وراء النتائج السريعة، أكد تشى ان الانتقال السريع الى الاشتراكية، في ظروف الشعوب المضطَهدة التي تعاني من التخلف المزمن ونهب مواردها وقلة رأس المال، سيكون محالاً دون تضحيات جسيمة وعلى كافة المستويات. "ليست الاشتراكية مجتمع رفاه، كما أنها ليست مجتمعاً طوباوياً يقوم على طيبة الانسان كإنسان. الاشتراكية نظام ينهض تاريخياً ويرتكز أساسا على وضع وسائل الانتاج الاساسية والتوزيع المتساوي للثروة في خدمة المجتمع باسره ضمن إطار الانتاج الاجتماعي. في رأينا أن الشيوعية هي ظاهرة وعي وليست مجرد ظاهرة إنتاج. لن نستطيع الوصول الى الشيوعية عن طريق التراكم الآلي البسيط للبضائع التي يتم توفيرها للناس ... لا يتسنى تحقيق الشيوعية كما عرّفها ماركس، وهي الشيوعية التي نطمح اليها، اذا لم يكن الانسان واعياً، إذا لم يخلق الانسان وعياًُ جديداً تجاه المجتمع". وكان شعاره: " إنتاج، مزيد من الانتاج، وعي ...تلك هي الاسس التي ينبغي للمجتمع الجديد أن يقوم عليها".
#مسعد_عربيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا تبقى من تشى غيفارا؟ الجزء الاول
-
نيبال: الثورة المنسية
-
العرب الاميركيون والانتخابات الاميركية: مفاهيم وخلفيات
-
العرب الاميركيون والانتخابات الاميركية: إشكاليات وتحديات
-
الانتخابات الاميركية ـ الرئيس الاميركي: نموذجاً أم استثناءً؟
-
مشاهدات مغترب في إشكاليات الانتخابات الاميركية ـ الحلقة الاو
...
-
بين ناصر ولينين تأملات في الموت المبكّر وإغتيال الحلم
-
الانتفاضة الساباتية بعد عشرة اعوام: مرحلة جديدة أم خيار بين
...
-
في رحيل إدوارد سعيد مفكراً وإنساناً
-
الهيمنة المطلقة...خواطر في اسلحة الدمار -الاشمل
-
تشى غيفارا ... والحضور الدائم خواطر في الغيفارية في زمن العو
...
-
مستقبل الاشتراكية في كوبا: اشكاليات الحاضر وتحديات المستقبل
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|