|
السم العربي في ربيع الثورات كان مُتربِصاً
عصام محمد جميل مروة
الحوار المتمدن-العدد: 7500 - 2023 / 1 / 23 - 13:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حينما أُعلِن عن مبادرات مباشرة على الاذاعات المرئية والمسموعة والمقروءة حول ثورات وقعت احداثها على اراضي دول العالم العربي كان الإستغراب مُدهِشاً الى درجة إعتبارها كذبة نيسانية تتكرر كل مطلع ربيع . لكن الفرق كان شاسعاً ما بين الواقع والنفاق وحتى التحرر من براثن ازمات كذب الإعلام المحلي والاقليمي والدولى . لماذا بعد ثلاثة عشرة اعوام من إنبثاق ما أُتفق على تسميته الربيع العربي الذي غير وجه التاريخ المعاصر للأنظمة التي صارت ثوراتها شعبية تتنقل من عاصمة الى أخرى على الاقل منذ الإنتقام المُجاز بعد مواجهة البوعزيزي في ساحات تونس ضد جلاوزة وحماة نظام الظلام الدامس في عز وقت الديموقراطية العمياء التي بث سمومها زين العابدين بن علي الرئيس الثاني في محطة تأسيس تونس ونظامها ودستورها الذي وضعه الحبيب بورقيبة كورقة اساسية معتبراً اياها انتفاضة غير مسبوقة في المغرب العربي بعد إنتصار ثورة الجزائر والتحرر بين مزدوجين من الاستعمار والاحتلال والوجود الفرنسي . لكن دروس بورقيبة تبقى عاصية على التفهم لما دار خلال مراحل التأسيس للحكم الديموقراطي في تونس ومن ثم البناء للنظام وتقبل الشعب التونسي النظرية الاولى للمدافع عن حقوق ألشعب بعد عودته من فرنسا حيث تعلم عن كيفية حمل مفاتيخ ابواب التكوين السياسي والاقتصادي والاجتماعي حيث كان بالياً والبناء للدولة منذ البداية . لماذا كان غير مألوف او يستحق بلا مواربة هو الارتباك في كيفية سريعة للتخلص من الاستعمار "" كما من يداوى العلل بالسم والترياق الازلي الغارق في فوضوية لا قواعد لها "" . الذكرى التي سوف تُطِلُ لاحقاً خلال اسابيع على إزاحة الانظمة العربية التي تصدعت بعد إنتقال الصورة النمطية للثورة وللحراك الغير منظم للربيع العربي الخائب ، والغير الصائب ، على الاقل انطلاقاً من تونس ،ومصر ،وليبيا ،واليمن ، ولاحقاً سوريا . والى اللحظة لم تتمكن الثورة في سوريا لتحديد اذا ما كانت ربيعية ام منظمة ومدعومة من "" الامبريالية العالمية الكبيرة "" سيما وان التساؤل والجراح هل الثورات المتتالية انتهت وحققت مطالبها والثورة السورية هي من كانت مستهدفة كنظام ربما الوحيد المعادي للامبريالية المتحالفة مع الصهيونية العالمية وموقع اسرائيل كدولة بديلة عن فلسطين !؟. رغم انف الانظمة الساقطة التي وقعت بضربات ثوار الربيع العربي التي انتجت تقسيماً غير مسبوق في زعامة وترؤس قيادة الثورات خصوصاً بعد بروز الحركات الاصولية الاسلامية في تونس ، بعد المنصف المرزوقي ، وفي جمهورية مصر العربية بعد وصول محمد المرسي ، وفي ليبيا بعد النزاع القبلي بين سكان المدن وسكان مناطق العشائر والبدو !؟. وفي اليمن بين من تابع محاولات الثوارت كما قادها في مطلع التسعينيات علي عبدالله صالح ، متنقلاً بين جنوب اليمن الاشتراكي ، واليمن الشمالي الموالي الى المملكة العربية السعودية ، العلامات والاشارات تدلنا الان لمعرفة كيفية وضع العالم العربي المأزوم والملغوم منذ مطلع العقد الثاني للقرن الحالي "" مطلع حركة البوعزيزي -18 تشرين الثاني - نوفمبر - 2010 وصاعداً "" . يعود بنا الى مجريات احداث بقايا نزاعات التقسيم للجغرافيا العربية بعد انهيار تفكك الإمبراطورية العثمانية وسيطرة اللاعب المستحدث الاحتلال الصهيوني المغلف ، تحت غطاء فرنسا وبريطانيا، وبروز وعد "" بلفور -واتفاقيات -سايكس بيكو "" ، التي اسست الى ما نحنُ عليه اليوم من تشرذم خطير لعدم ايجاد فرصة واقعية للاحكام التي فرضتها ايجاد سموم متداولة لحماية نظام ما !؟ ودعمه ، وللثورات المتتالية التي لم تحقق مراد الاكثرية عند الشعوب العربية المنتفضة ، وفشلها التاريخي منذ طرد الشعب الفلسطيني من اراضيه وتوزيعه على جيران فلسطين قبل تقسيم وارساء الانظمة للدول العربية المتزمتة والساقطة شكلاً ومضمونا . الاحتجاجات المستمرة السلمية والتجمعات التي تتشكل حيال انتقادها لما تقوم به قيادات الثورات التي قطفت ثمار الانهيار للأنظمة التي غابت عن الصورة بعد ربيع تونس . ماذا وكيف ؟ وما هي الحلول الجوهرية المنوطة والمعمول بها لكى نحقق او التوصل للإستدراك عن قطف ثمار الانجازات الثورية بعد مهازل تدحرج الرؤوس للزعماء واحدُ بعد الاخر . اذاً ، مع الاسف هكذا ترتسم امامنا مآل ضئيلة في تحقيق المطالب الجوهرية للثورات مما اكدهُ مرافقة ومراقبة الحركات الربيعية التي قُطِفت ثمارها من خارج ارادات الشعوب التي غيرت وبدلت واعدمت وقتلت وسحقت زعماء على طريقة مقاصل الثورة الفرنسية حينما"" أعدم روبسبير "" وهو ينظر الى جلاديه رافضاً التيهان بعد اعدامه . هكذا كان يسأل صدام حسين بعد شنقهِ ،والعقيد معمر القذافى بعد مقتله ، الشنيع حيث حاول ملاطفة قاتليه مترجيا دون نتيجة . الامثلة تتشابه ومتعددة بين من قاد البلاد الى السواد والفساد واطالة الاعباء وإثبات محكمة لحبال غليظة حول اعناق الشعوب . وما بين الانتفاضات الشعبية والعدوى الثورية المتسارعة المتنقلة من مدينة لأخرى ومن عاصمة الى اخرى . الإستبداد السائد كان ومازال يتحكم بمعظم انظمتهِ الامنية على كافة الاراضي العربية طيلة فترات قبل وبعد سقوط الانظمة كأحجار الدومينو تِباعاً ، لكننا الى حين كتابة هذه السطور لم نتوصل الى اى نتيجة إيجابية بعد اندلاع الثورات الربيعية لا بل انتجت كيانات وانظمة اكدت إلتصاقها بالمنظومة الأمريكية والعالمية الغربية على غرار قرارت الكيان المصري الحالي حيث وضع الرئيس المصري السيسي كل الامكانيات العلنية والسرية في توسيع رقعة مراقبة حدود جمهورية مصر العربية مع جيرانها وخاصة إسرائيل والمملكة العربية السعودية تحت مراقبة مشددة في عدم تكرار متواصل لإندلاع حِراك ثوري يتجه نحو التغيير دون مس او دون تأثير على علاقات مصر في اتفاقات سلمية على غرار كامب ديفيد تحت رعاية السادات و كارتر ومناحيم بيغين منذ نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي . السم العربي كان يتربص بكل عفوية ودراسة من الذين كانوا ولا يزالوا يراقبون إنتقال السلطة تحت غطاء الثورة او الانقلابات المتعددة ، المهم في ادارة الازمات لدى دول محيطة محلية واقليمية لها علاقات طبيعية ورسمية كوسيلة تتعامل من خلالها مباشرة وغير مباشرة لإرضاء غرور تسلط إسرائيل مع المحيط العربي . الثورات الربيعية عواصفها لم ولن تهدأ مهما تبدل زمان ومكان الظلام والإستبداد والعبودية والاحتلال الفكري والديني . كان المأمول تطوير نظريات الحرية والعدالة والمساواة بعد بزوغ الثورات لكننا لم نحقق سوى التخبط المتعثر نتيجة ضبابية مَنْ مهد ومَنْ ثار !؟. بدون دراسة اولية تحت شعارات نيل المطالب بالتمنى وليس بالفعل والعمل الجماعي . الإعتقاد الناتج عن بُهتان الوان الربيع الثوري يُؤرق كل من مشى وسار وإنتفض لإحداث تقدم وتغييّر شعبي في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا ومناطق ودول تنتظرُ إشارات غامضة بلا جدوى .
#عصام_محمد_جميل_مروة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم ميلادُكِ يُعيدُني الى زمن العشق
-
محنة رِئاسة أم رواج تخبط سياسي بغية مآرب تعويم إنتظار واهم
-
رحيل قامة لبنانية مُشرِعة للدستور في عصر الحرب
-
تمهيد الدخول اولى صفحات كتاب -- واقع الحال في فحوى و صدى الم
...
-
المصير الزائغ فوق ترهُل جاثم مُرتَقب
-
الإهتمام في قضية إنتخاب الرئاسة مؤجَلْ
-
لا تحصد المآسى و طينُها ألجاثم فوق همومنا
-
البحث الأوكراني عن متاعب ودعم في نفس الزمن
-
الذكرى التاسعة والعشرين .. ما بعد الرحيل المُبكِر ..
-
كلمتي في توقيع كتابي -- واقع الحال في فحوى وصدى المقال --
-
الروح الرياضية المغربية فوق الخسارة المدوية
-
قمة درب الحرير تتجه مجدداً من الصين
-
بيان عسكري رقم واحد من الرايخ الألماني
-
أين قيمة التطبيع عند الإعدامات العلنية
-
الأمكنة التي صارت خيالاً بعد الهجر
-
غطاء رأس مهسا أميني وعمائم ملالي الجمهورية الغائرة في التخبط
...
-
العنصرية المُفرِطة إتجاه قطر وكأس العالم
-
قمة شرم الشيخ -- المتهالك -- فقراً بلا حلول -- 27 cop --
-
من ذاكِرة الفقر المُدقع
-
جلسة خامسة زواياها غير متساوية
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|