|
رواسب تراجيدية في الذاكرة
كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7500 - 2023 / 1 / 23 - 03:27
المحور:
سيرة ذاتية
في عام 1958 كنت تلميذا في الصف الاول الابتدائي بمدرسة الرشيد، التي لا زالت موجودة قرب سوق خمسين حوش، وكان مديرها وقتذاك الاستاذ عبدالوهاب النعمة، الذي يسكن بيوت (china camp). . كانت المدرسة تجمع بين ابناء كبار الموظفين في الموانئ وابناء العمال والطبقة الفقيرة. وكنت من ابناء الطبقة المسحوقة. كانت ملامح الفقر واضحة من ملابسي الرثة، وحذائي الممزق، وشعري المنكوش. كنت اعاني من الفقر والجوع ونقص التغذية بسبب ظروفنا المعيشية البائسة. . التصق في ذاكرتي تلميذان فقط من تلك المرحلة، بينما تبخرت أسماء معظم التلاميذ. . أتذكر التلميذ (مؤمن محمد فاضل الريفي) الذي يتصدر الآن قائمة أطباء العيون والجراحين، ويقيم في البحرين. اتذكره دائما لأنه كان مثالا للتلميذ الودود الخلوق المتفوق المواظب. واتذكر التلميذ (سمير عبدالوهاب النعمة) الذي كان حقوداً نزقاً مدللا مشاكساً متعالياً على التلاميذ الفقراء. من دون ان يحاسبه احد لأنه الابن المدلل للمدير. . ثم انتقلت من مدرسة الرشيد إلى مدرسة الخورنق الابتدائية، وكانت مبنية بالقصب والبردي، وجميع تلاميذها من طبقة تعيش تحت خط الفقر، لكنني كنت مميزا في مادة الرسم، وامتلك موهبة فطرية في التعبير الانطباعي، فاحتضنني الأستاذ (طه التميمي) رحمه الله، وهو ابن عم الفنان (جاسم محمد عودة التميمي). فشجعني الاستاذ (طه) على مواصلة الرسم والمشاركة في المعارض التي تقيمها مديرية تربية البصرة على قاعة متوسطة المعقل التي كانت قريبة من اعدادية المعقل للبنات، وهي غير موجودة الآن. . كانت لوحاتي تحصد الجوائز الأولى بلا منافس، وكان لابد من تواجدي في الركن المخصص لمدرستنا، لكن التلميذ (سمير ابن المدير) ظل يحرّض ضدي مدير القاعة دونما سبب، فيطردني خارج المعرض، لأخرج مهزوماً منكسراً، بانتظار مجيء الاستاذ (طه التميمي) الذي يعيدني إلى القاعة بوجهي المبلل بالحزن والخذلان والتعاسة. . جميعنا تُشكِّلنا أحزاننا وخبرات مراحلنا الأولية، لكن ثقتنا بانفسنا ولوحاتنا هي التي نتفاخر بها عندما نكبر، فيتحدث عنا مَن حولنا بالإعجاب. . لقد أتيت من فقر مدقع، فلم يكن لي خيار إلا الصعود والتألق. . والحديث عن أوجاعنا المعقلية ذو شجون.
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بغلة القاضي وبغال المحاصصة
-
مولات على الرصيف: اسواق البالات
-
معامل لا تعمل وتجارة بلا رسوم
-
مساجد للمواطنين ومساجد للوافدين
-
عناكب مدغشقر تنتج الذهب
-
العراق بعد خليجي 25
-
فضائيات عراقية أساءت إلينا
-
معمل نسيج يستورد النسيج بلا رسوم
-
مستشفيات لتجارة السجاد والمفروشات
-
مطارات عربية صادمة
-
التشويش على خليجي 25
-
مواقف متأرجحة: بين العرفان والنكران
-
تجميد الاعتراف بشهاداتنا البحرية
-
متغيرات الثورات الصناعية المتعاقبة
-
زوابع دولارية تعصف بعملات الشرق
-
دموية المجرمين وطباعهم الغادرة
-
الفائز الاستثنائي: خليجي 25
-
كوميديا سياسية: رؤساء في المصيدة
-
لا أظنهم يسمحون لنا : خليجي 25
-
فرص بحرية ضائعة ووظائف شاغرة
المزيد.....
-
ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
-
بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي
...
-
وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس
...
-
سياسي عراقي: انسحاب القوات الأمريكية من البلاد قد يتأخر
-
-الغارديان- : ترامب سيضطر إلى مراعاة مصالح روسيا والصين
-
الخارجية الأمريكية: نقل الفلسطينيين إلى خارج غزة سيكون مؤقتا
...
-
خلافات بشأن حكومة لبنان: اجتماع لعون وسلام وبري ينتهي بلا تص
...
-
الطيران الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان وشرقه رغم اتفاق
...
-
دعوة للانتباه.. مسار ضم وتهجير الضفة بدأ
-
جوا وبحرا.. كاتس يدرس السماح لسكان غزة بالسفر عبر إسرائيل
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|