سعد عطية.
الآن وقد ولى حزب البعث إلى غير رجعة، بعد أن أذاقنا من المآسي والويلات سنوات معروفة للجميع، يجدر بنا أن نستذكر حرفة الندم التي اكتوينا بها ونحن نرى هذا الحزب وقد تعملق فجأة وعلى غفلة منا ليستحيل وحشاً خرافياً ينشب مخالبه في مفاصل حياتنا وحيثياتنا، متحكما في الهواء الذي نتنفس والخبز الذي نأكل والحلم الذي "ينبغي" أن نحلم.
الآن وقد زال الكابوس ذاك وانقشع، ثمة مشروع كابوس آخر بدأ يتشكل أمامنا، في وضح النهار، ووضوح الأبصار، وجلاء البصيرة.
الكابوس الجديد ذا اسمه: أهل العمائم، ونقطة "إشعاعه" اسمها: الحوزة العلمية.
أهل العمائم هؤلاء العائدون من المنافي والمقيمون شرعوا يتحدثون عن إسلام معاصر، إسلام يواكب إيقاع الحياة، وروح العصر، ونشهد أنا رأينا هذا الإسلام على شاشة ا لتلفاز مجسداَ بالصورة والصوت.
رجال يشجون رؤوسهم بالسيوف لتسيل منها الدماء.
آخرون يجلدون ظهورهم بالسلاسل حتى تدمى
ألوف تزحف على أربع، كما الحيوانات، عند مدخل الأضرحة.
(والحال الأخيرة استوردها العائدون من إيران…ولم لا! السنا شعباً من القرود، من المصفقين تعظيماً لكل ما يأتينا من وراء الحدود: عفلق، ماركس، عبد الناصر، الخمينى، الماكسي جوب، المينى جوبن سوالف الرجال، شوارب هتلر منتصف القرن الماضي ..الخ)
وللإسلام العاصر أجنده أخرى سيأتي أوانها: رجم العاشقات، إعدام الكتب، مطاردة الأغاني، إغلاق السينمات، ورذائل أخرى على اللائحة.
هل نريد تغريب العراق؟ لا.
ما تريده ببساطة عراقاً يشبهنا لا يشبههم، تماماً مثلما يشبه الياباني يابانه، والصيني صينه، والحبشي أثيوبياه.
فيا مثقفي العراق لا تتفاءلوا، فليست سوى استراحة المحارب، فسواء اعتلى المعممون كراسي الحكم أم منابر الخطابة، فالأمر ببركة العقول الخاوية سيان، بل أن سلطة المنبر أفعل وأشد مضاء من سلطة السلطة، أليس المنبر أعل من الكرسي؟
ويا مثقفي العراق، ثمة خارجون من ظلمات العصور يعدون لنا وطنا ندا وصدا..
فلنتذكر حرفة الندم الأولى تلك.
---------------------------------------
ملاحظة: أهداني الأخ الكاتب الشاعر سعد عطية هذا التعليق الجميل على الأحداث الأخيرة، وبدوري فأنا أهديه للآخرين.
مصطفى علي نعمان.