أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صفاء عبد المنعم - الكرسي الهزاز بجوار النافذة














المزيد.....

الكرسي الهزاز بجوار النافذة


صفاء عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 1702 - 2006 / 10 / 13 - 05:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النافذة مفتوحة على عالم واسع وعميق ولا نهائى صحت من نومها على غير عادتها , اليوم متأخرة .. فكانت العصافير قد أكلت وشبعت من الزرع وطارت مخلفة وراءها بعض الزغب والبراز ونقرات الزرع الواحة التي تحولت إلى الأصفر الباهت , جاءت ببخاخة الماء ووضعت بها بعض الأدوية المقوية للأوراق والأدوية القاتلة للهاموش , واخذت ترش زرعها وهى تتأمل الأوراق وتأخذها بين كفيها حزينة صامتة , وأتمت عملها بهمة ونشاط ثم أعدت فنجانا من القهوة السادة على غير المعتاد , فهى دائما تشربها مظبوطة , ولكن اليوم شربتها سادة حزنا على روح الوريقات الخضراء المفقودة . قطعت ورقة النتيجة , وتأملت التاريخ جيدا . اليوم يمر ذكرى العشاق الخمس الذين مروا بحياتها ولم يؤثروا فيها سوى الأخير . ظلت تعد العشاق المعاشيق الذين صادفتهم فى حياتها وجدتهم اكثر , بصقت على النتيجة وتركتها لم يعد أحد منهم يعنيها الآن , ولا تذكر من تلك العلاقات إلا الخيبات الضاحكة , والمواقف الباكية , والمهذلة المستمرة .دخلت المطبخ وأخذت ترج كنكة القهوة بعنف , وبطء , حتى تذيب السكر وتصنعها جيدا فهى تحب القهوة تستوى على نار هادئة . اخذت قطعة لحم صغيرة وقرن فلفل حاذق وبلعتها دفعة واحدة , شعرت بحرقان شديد فى حلقها , صرخت زاعقة : إيه ده شطة . ثم تمخضت ما علق بحلقها من حرقان وبصقته على الأرض وداست عليه بقدميها . ثم أحضرت فنجان القهوة وجلست على الكرسى الهزاز . هذه هي النافذة المطلة على الميدان الواسع والأفق اللامتناهى أمامها . قليل من المارة بدءوا يعبرون الطريق إلى الجانب الآخر . أشعلت سيجارة وأخذت تتأمل العابرين . طلبة المدرسة البعيدة والذين يأتون صوتهم مصوصوين يدفعون بالكرة من السور إلى الشارع . ينط أحدهم السور ويجرى وراء الكرة , عندما لمحها تتأمل من النافذة , احتضن الكرة بقوة وضحك . فضحكت ’, وأشارت له بيدها ( برافو ) تبسم ونط السور ثانية . وهى أخذت أول رشفة من الفنجان , وأول نفس من السيجارة ودفعتها داخلها مبتلعة الدخان , ثم وضعت شريط ( أنغام ) داخل الكاسيت وأدارته . خرج الصوت هادئا , ناعما ( لو حسيت انك حيران .. ) أخذت تتوالى الكلمات على أذنيها , فجلست على الكرسى باسترخاء وهو يهتز بها , وهى مغمضة العين , مستمتعة بدفي الشمس وصوت العود البارز فى اللحن دفع بها إلى منطقة شجن مستحبة داخلها . فدخلت بذاكرتها وراء العزف والصوت والغناء , متتبعة خطوة خطوة تلك المشاعر والأحاسيس بهدوء ونعومة , وانسابت الحكايات داخلها ... ( وإن حسيت إنك عطشان .. ) فجأة خرجت الكرة هاربة من المدرسة إلى السور إلى الشارع , يتتبعها وهى تتدحرج أمامه . ونظر نحو النافذة , وجد الجالسة صامتة , نائمة فى هدوء واسترخاء , مغمضة عينيها . اقترب . اقترب . حاول إيقاظها , تنبيهها , فكر أن يسهل , يتخخ , أن يقذف الكرة فى رأسها كى تصحو , ولكنه أمسك بحجر صغير وقذفه . فصحت . فتحت عينيها مثل طفل صغير , وابتسمت . تبسم ورفع الكرة عالية وقذف بها نحوها . التقطتها بيديها , احتضنتها لثوان قليلة وقبلتها ثم قذفتها له . فقذفها لها . وتوالت القذفات والابتسامات والضحكات والصوت والعزف والغناء . ( ولو حسيت انك عطشان قوم للهوى وافتح له بيبان .. )



#صفاء_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- يشبه -قميص النوم-..فستان جورجينا رودريغز في حفل ميت غالا يثي ...
- رئيس لجنة الدفاع الليبي لـRT: نرفض بشدة تحويل ليبيا إلى معتق ...
- رويترز: وزير دفاع ألمانيا يريد زيادة الإنفاق الدفاعي إلى أكث ...
- مقتل 38 شخصاً في قصف متبادل بين الهند وباكستان، وبريطانيا تب ...
- هجمات أوكرانية تعطل مطارات موسكو تزامنا مع زيارة رئيس الصين ...
- قرار تاريخي غير موازين القوى العالمية!.. كيف ومتى صنع الاتحا ...
- الجمهوريون في مجلس الشيوخ يعارضون اقتراح ترامب ترحيل المواطن ...
- خبير مصري: صمت المجتمع الدولي عن كشمير -تواطؤ مخز-.. والعالم ...
- صفعة دستورية.. البرلمان الأوروبي يصعّد ضد فون دير لاين
- حماس تنعى أحد قادة القسام في لبنان


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صفاء عبد المنعم - الكرسي الهزاز بجوار النافذة