أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - كاظم حبيب - الدور الذي يفترض أن تلعبه قوى حركة التحرر الوطني الكردية في كردستان العراق في نضال الشعب العراقي في المرحلة الراهنة















المزيد.....


الدور الذي يفترض أن تلعبه قوى حركة التحرر الوطني الكردية في كردستان العراق في نضال الشعب العراقي في المرحلة الراهنة


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 504 - 2003 / 5 / 31 - 05:15
المحور: القضية الكردية
    


 

لعبت حركة التحرر الوطني الكردية في كردستان العراق دور المحرك المستمر في العملية الثورية في العراق. وتركز النضال الثوري للشعب الكردي في أعقاب تأسيس الدولة العراقية وإلحاق كردستان الجنوبي بالعراق حتى الوقت الحاضر على ثلاث مسائل مركزية هي الديمقراطية للعراق والحقوق القومية العادلة والمشروعة لشعب كردستان ووضع الثروة الوطنية في خدمة مصالح الاقتصاد الوطني والمجتمع. ولم تتغير هذه الشعارات طيلة العقود المنصرمة, رغم ما طرأ على الواقع العراقي من تغيرات كبيرة وعميقة. إلا أن هذا الاستقرار على الشعارات الرئيسية لا يعني جموداً, بقدر ما كان يعود إلى عدم تحقق تلك المطالب, مما حدا بالقوى المناضلة أن تواصل رفع تلك الشعارات مع منحها المزيد من الملموسة أو التفاصيل الإضافية الضرورية لتحديد وجهة التطور والمهمات الأخرى. فشعار الحقوق القومية المشروعة بدأ بالاتحاد الفيدرالي في الفترات الأولى لقيادة الملا مصطفى البارزاني للنضال الثوري للشعب الكردي, ثم تحول إلى شعار المناداة بالحكم الذاتي في إطار الجمهورية العراقية نتيجة العديد من التحولات في الواقع العراقي, ثم تحقق هذا الشعار شكلياً, في حين تم انتزاع مضمونه عملياً من خلال السياسات والإجراءات العدوانية التي مارستها الحكم الدكتاتوري سلطة البعث وصدام حسين, ثم عادت قوى التحرر الوطني الكردستانية إلى شعار الاتحاد الفيدرالي في أعقاب انسحاب الحكم المركزي من بعض مناطق كردستان والذي أصبح واقعاً ملموساً وحياً وفق قرار المجلس الوطني لكردستان في عام 1992. وإذا كان هذا الشعار قد تغير عدة مرات ارتباطاً بالظروف الملموسة في العراق عموماً وكردستان على وجه أخص, فأن شعار الديمقراطية للعراق وكذلك شعار وضع الثروة النفطية وثروات البلاد الأخرى في خدمة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية حافظا على حيويتهما واستمراريتهما حتى الوقت الحاضر, إذ لم يتحقق أي تغيير يذكر في واقع الاقتصاد والمجتمع في العراق, بل عانى الشعب كله من عواقب السياسات التدميرية والحروب العدوانية التي شنها أو تورط بها النظام الدكتاتوري على الصعد المحلية والإقليمية والدولية, وتنظيم حملات الإرهاب البشعة ضد الشعبين العربي والكردي والأقليات القومية وأصحاب المذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية. والمعاناة  في العراق ما تزال مستمرة وستبقى آثارها المباشرة وغير المباشرة لفترة غير قصيرة قادمة.
واستطاعت حركة التحرر الوطني الكردية, رغم كل المصاعب والمشكلات والعقبات والصراعات وعواقبها على مجمل الحركة الديمقراطية في العراق, أن تلتزم بصواب, وهذا لا يعني عدم الوقوع بالأخطاء, كما هو حال حركة التحرر الوطني العربية أو غيرها من حركات التحرير والأحزاب السياسية, أن تحافظ على عدد مهم من المؤشرات الجوهرية في نضال الشعب العراقي كله, وأعني بها ما يلي:
أولاً: إصرار الشعب الكردي وقواه السياسية الديمقراطية وقيادته على النضال الدؤوب والمطالبة الدؤوبة بحقوق الشعب الكردي العادلة والمشروعة, رغم التضحيات الجسيمة التي قدمها هذا الشعب المقدام وقيادته على مدى أكثر من 80 عاماً. فلم تخمد انتفاضة, إلا وتحركت انتفاضة أخرى, ولم يسكت المثقفون حتى تحرك الفلاحون أو الطلبة وسكان المدن. وهكذا بقيت القضية ساخنة حتى احتلت موقعاً بارزاً في ضمير الشعب وفي واقع المنطقة ومشكلاتها وقضية دولية تستوجب الحل.
ثانياً: الربط العضوي والصائب بين نضال الشعب الكردي والشعب العربي والأقليات القومية في العراق. إذ التزم أغلب قادة الحركات السياسية في كردستان العراق والأحزاب التي يقودونها بهذه المسألة الحيوية, إدراكاً منهم بأهمية هذا الربط وحيويته لصالح النضال المشترك وتحقيق النصر بصورة مشتركة.
ثالثاً: الاستعداد الكبير لدى القيادات والأحزاب الكردية على امتداد الفترات المنصرمة على تقديم الحماية والدعم لمناضلي الوسط والجنوب الذين كانوا يجبرون على مغادرة الوسط, ومنها بغداد, والبصرة من طغيان وإرهاب النظم الدكتاتورية والإرهابية. وكانت جبال كردستان والشعب الكردي قاعدة مهمة لا لحماية المناضلين وتأمين ما هو ضروري لهم فحسب, بل ومن أجل مواصلة النضال من هناك أيضاً ضد النظم الدكتاتورية, وخاصة في أعقاب انقلاب شباط الدموي عام 1963. وإذا كان هذا الواقع قد شمل الشيوعيات والشيوعيين على نحو خاص وفي فترات مختلفة, فأنه لم يقتصر عليهم في فترات أخرى, بل شمل الكثير من القوى والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية العراقية, وبشكل أخص في أعقاب خلاص كردستان العراق من هيمنة الحكم المركزي ووجود الحماية الجوية.
خبر المناضلون من النساء والرجال في الوسط والجنوب هذه الحقائق الثلاث في سنوات النضال ضد النظام الملكي-الإقطاعي الجائر والحكومات الرجعية المتعاقبة, وكذلك في فترات النضال في العهد الجمهوري وخاصة عهد البعث الذي دام أكثر من 35 عاماً. كما خبرت الجماهير الشعبية خلال العقود المنصرمة خمس حقائق جوهرية أخرى, رغم إن بعضها استخدم أحياناً بصورة خاطئة واعتبر بمثابة "كلمة حق أُريد بها باطل", وخاصة تلك التحالفات التي حصلت مع نظام الجريمة المنظمة والعهر السياسي, نظام البعث في العراق, وهي:
1. إن وحدة النضال العراقي, عرباً وأكراداً وتركماناً وآشوريين وكلدان وغيرهم تعتبر القاعدة المتينة التي يمكن استناداً إليها ليس الحفاظ على وحدة العراق وصيانة استقلاله وسيادته الوطنية فحسب, بل وتأمين تقدمه وازدهار اقتصاده وتقدمه الاجتماعي والثقافي.
2. إن وحدة الأحزاب السياسية الديمقراطية التي تسعى للتعبير عن مصالح وإرادة الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة في إطار القوميات المذكورة أو على صعيد العراق ككل كانت في الواقع الضمانة الفعالة في تحقيق النجاحات والحفاظ عليها, والعكس صحيح أيضاً.
3. إن الاعتراف بالحقوق القومية المشروعة والنضال المشترك لممارستها فعلاً, سواء أكانت للشعب الكردي أم للأقليات القومية, هو الطريق الوحيد الذي يعزز التفاهم والتآخي والأمن والاستقرار في البلاد, وبغير ذلك تسود الفوضى ويعم الاضطراب وتنجح المؤامرات, إذ أن من يرفض تلك الحقوق يعبر عن نزعة استبدادية وشوفينية تشم منها رائحة العنصرية المقيتة.
4. وأن الحرية والديمقراطية وممارسة حقوق الإنسان هي الأدوات الفعالة والحقيقية لضمان التطور والازدهار للشعب العراقي, وضمان التلاحم بين الحكم الديمقراطي أو الحكام الديمقراطيين والشعب. وهو الذي يستوجب سيادة الدستور الديمقراطي والحياة البرلمانية والتعددية السياسية والتداول الديمقراطي للسلطة ... الخ.
5. وأن هذا لا يكتمل إلا بضمان الاستخدام الفعال للثروة الوطنية, النفط والكبريت والفوسفات والمنتجات الزراعية وغيرها, لصالح ازدهار الاقتصاد الوطني وتأمين التنمية الاجتماعية والحفاظ على العدالة الاجتماعية في المرحلة الراهنة والبعيدة المدى على أسس ومبادئ "اقتصاد السوق الحر الاجتماعي" وتامين مستلزمات تحقيق ذلك. وعدالة التوزيع وإعادة التوزيع للثروة أو الدخل القومي المطلوبة لا تمس الأفراد والجماعات فحسب, بل تمس أيضاً المناطق المختلفة من العراق, أي اتحادية كردستان والمنطقتين الوسطى والجنوبية. 

كان انسحاب الحكم المركزي من بعض مناطق إقليم كردستان وأخذ السلطة من قبل الأحزاب القومية الديمقراطية الكردية قد منح الشعب الكردي فرصة ذهبية في إقامة الاتحادية الفيدرالية في إطار الجمهورية العراقية بالضد من رغبات وإرادة النظام الدكتاتوري, بعد أن عاث في كردستان فساداً وبعد أن أرسل إلى طاحونة الموت أكثر من ربع مليون إنسان على امتداد سنوات حكمه وبعد أن فرط بالموارد الأولية, وخاصة بالثروة النفطية ومواردها المالية, وخرب ريف كردستان وزراعته. ومن المؤسف أن هذه الفرصة الذهبية لم تستثمر كما يفترض فنشبت الخلافات ووقعت النزاعات العسكرية الدموية لفترة غير قصيرة بين الحزبين المؤتلفين في الحكم, إلى أن أمكن, بجهود محلية وإقليمية ودولية, إيقافها والبدء بحوار سلمي وعقلاني لصالح الشعب وقضية كردستان العراق. ومنذ عام 1998 بدأت الأوضاع في كردستان تتحسن, بالرغم من وجود حكومتين في كل من أربيل والسليمانية وجهازي دولة ...الخ. وشاركت مع غيري من الأحزاب والناس الذين كانوا وما زالوا يريدون الخير للشعب الكردي ولكردستان العراق, باعتباره ضمانة أيضاً لخير الشعب العربي والأقليات القومية في العراق, في توجيه النقد لتلك المرحلة والسياسات التي مورست فيها, ودعونا إلى تغيير هذا النهج. وعلى امتداد السنوات الخمس المنصرمة تحقق الكثير على طريق معالجة المشكلات القائمة بين الحزبين الحاكمين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. 
إن سقوط نظام الإرهاب في العراق على أيدي قوات التحالف الأمريكي – البريطاني يعتبر من حيث المبدأ والواقع ضعفاً كبيراً في قدرات قوى المعارضة العراقية مجتمعة على الإطاحة به. وكنت في حينها قد كتبت قائلاً, بأن النظام العراقي ضعيف جداً ولكنه بالقياس إلى المعارضة العراقية يعتبر أقوى الضعفاء. وكانت هذه الملاحظة حقيقة واقعة بغض النظر عن العوامل المعروفة لدينا جميعاً. ولكن المهم في الأمر هو أن النظام قد سقط وأن العراق قد تحرر من رجسه, ويعيش الآن تحت الاحتلال الرسمي الذي قرره مجلس الأمن الدولي بالإجماع وعلى أساس الأمر الواقع.
وفر سقوط النظام للقوى الوطنية العراقية, رغم كل المصاعب والعقبات الراهنة, أرضية صالحة وجديدة لبناء جمهورية عراقية اتحادية ديمقراطية ومجتمع مدني حديث, إضافة إلى إمكانية توفير مستلزمات إنهاء الاحتلال بأسرع وقت ممكن. وتقع مسؤولية ذلك على عاتق جميع القوى السياسية العراقية ابتداءاً من الحزبين الديمقراطيين في كردستان العراق وبقية الأحزاب الوطنية هناك, ومروراً بالحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكردستاني والأحزاب الديمقراطية الأخرى وأحزاب الإسلام السياسي المعتدلة التي تعترف بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والتعددية الفكرية والسياسية والفصل بين الدين والدولة والفصل بين السلطات الثلاث.
ويبدو لي بأن القوى السياسية الديمقراطية في كردستان العراق, وأخص بالذكر منها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني, ولا أبخس دور الأحزاب والقوى السياسية الأخرى في كردستان العراق, قادرة على لعب دور ديناميكي فعال لضمان التحرك السياسي العراقي باتجاه تحقيق تحالف القوى الوطنية العراقية, فأنا لا أغالي بهذا الدور ولا أحملهم ما لا طاقة لهم به, بل أدرك حجم الإمكانيات والقدرة على التأثير والمساحة التي يمكن التحرك فيها لصالح القضية التي أثيرها. المطلوب البدء بحركة نشطة ومسؤولة ومكثفة, وهذا لا يعني أنها غير قائمة حالياً, ولكني أشعر اليوم بحاجة استثنائية أكبر قبل أن يحاول الأعداء إغراق البلاد بالدم والحرائق والاغتيالات وبالشعارات العدوانية المفككة لوحدة القوى والمجتمع, صوب معالجة الأمور التالية:
أولاً: معالجة وحدة الحكم في كردستان بعد أن عولجت جملة من الإشكاليات التي كانت تواجه الحزبين الحاكمين. وفي هذا يتحمل الشخصيتان الوطنيتان الأخ مسعود البارزاني والأخ جلال الطالباني والمكتب السياسي واللجنة المركزية للحزبين مسؤولية تعجيل هذه العملية وتقديم النموذج الذي يحتذي به في معالجة الإشكاليات الداخلية. هذه ليست صرخة لإثارة الحمية, بل هي رؤية علمية واقعية لحاجات كردستان حالياً, وبالتالي لحاجات العراق عموماً. ويمكن للقوى السياسية العراقية أن تلعب دوراً إيجابياً على هذا المسار المهم. ويصعب تصور الوصول إلى نتائج مستقرة أو ثابتة حقاً دون معالجة هذه المشكلة الكردستانية. إن وحدة الحكم ومؤسساته وأجهزته المختلفة ليست عملية سهلة, ولست ناكراً ذلك بعد مرور عدة سنوات على أمر أصبح واقعاً, ولكنها ليست بعيدة المنال, بل كما أري قريبة جداً وعلينا البدء المعجل بها.
ثانياً: طرأت تغييرات واسعة على الواقع العراقي قبل سقوط وبعد سقوط صدام حسين ونظامه وبرزت عوامل فاعلة جديدة يفترض أن تؤخذ بنظر الاعتبار عند تحديد اصطفاف القوى السياسية العراقية لمواجهة الأوضاع الجديدة وقطع دابر إثارة الفوضى في البلاد. أشعر بالحاجة الماسة على قيام الحزبين الكرديين, الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني, بالعمل سوية وعبر حوار مع جميع القوى لتجاوز الصيغة السابقة وإعداد قائمة بأسماء من يتم الاتفاق عليهم ليشكلوا نواة المؤتمر الوطني العراقي, على أن تقر القائمة من القوى السياسية المختلفة. وهو أمر ممكن ومفيد ويتجاوب مع الوضع الجديد والانسلاخات التي حصلت في القوى والإضافات التي جاءت والشروط التي تغيرت. إذ لم يعد هناك من هو ضد الحرب ومن هو إلى جانبها, بل أصبحت القضية من يريد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي والأقليات القومية في العراق ومن يريد بالضد من ذلك.    
ثالثاً: وإذ يجري العمل على معالجة هذه القضية يراد إعداد تصور من جانب الحزبين عن طبيعة وبنية الحكومة التي يراد تشكيلها كمقترح أولي يمكن تقديمه إلى بقية قوى المعارضة العراقية الذي يأخذ بالاعتبار من مواقع المسؤولية التاريخية بنية القوى ودورها وتأثيرها والحاجة إليها, ومن ثم يمكن طرح هذا المشروع وبصورة مستقلة على كونفرنس لقوى المعارضة العراقية, سواء تلك التي أيدت الحرب أم رفضتها, يحضر له ويعقد في كردستان لبحث موضوع الحكومة التي يراد تشكيلها. وعند الاتفاق العام على ذلك يمكن تقديمه للمشاورة التي لا بد منها من الناحية الواقعية مع سلطات الاحتلال لعقد مؤتمر وطني واسع يعقد في بغداد لإقرار الصيغة التي تم الاتفاق عليها في الكونفرنس, على أن يكون الحضور واسعاً نسبياً ليمثل أوسع الأطياف العراقية. ومن هنا يمكن القول بأن الوصول إلى تشكيل التيارات العراقية سيساعد على اختصار التعدد الحزبي الواسع, ويتم التعاون مع التيارات لتشخيص الأسماء المطلوبة القادرة والمقبولة شعبياً لأخذ المسؤولية من أجل إنجاز مهمات فترة الانتقال. ليس هدفي أن أقول هنا بأن الأخوة في كردستان لم يحاولوا ذلك, بل أدعوهم لتجربة الأمر مرة أخرى ووفق أسس جديدة, إذ ربما الأخذ ببعض المتغيرات واختيار آلية أخرى في هذه المسيرة يسهمان بدور أفضل لمعالجة المشكل الراهنة, خاصة وأن خشيتي تتوجه صوب احتمال حصول انشقاقات جديدة في القوى التي كانت تعمل موحدة قبل سقوط النظام. وسيلاحظ مثل هذه الانشطارات بين صفوف القوى التي تكونت في الخارج وبين القوى التي كانت تعمل معها في كردستان العراق أم في داخل البلاد.
رابعاً: إن من مصلحة العراق والشعب العراقي, وهي ليست مناقضة لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية من حيث الرؤية الواقعية, إنجاز فترة الانتقال بسرعة والخروج من العراق, رغم أني أدرك بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تترك العراق قريباً قبل أن تنجز ما في خطتها في الشرق الأوسط, وخاصة إزاء الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي, والصراع السوري/اللبناني – الإسرائيلي, والذي سيستغرق سنتين على أقل تقدير. ومع ذلك فمن مصلحتها تسليم السلطة إلى العراقيين بعد فترة الانتقال وخلال سنة واحدة حيث يمكن إعادة تشكيل مؤسسات الدولة وقوة عسكرية حدودية صغيرة مع الاحتفاظ بقوات البيشمركة ضمن القوات العسكرية العراقية وقوة شرطة (نجدة) مناسبة للأمن الداخلي.
خامساًً: إن استمرار الوضع الراهن على هذا البطء بالتحرك سيقود إلى بروز جملة مشكلات معقدة, وأبرزها تحرك قوى صدام حسين المنظمة حزبياً وأمنياً وتخريبياً ومالياً وجماهيرياً ونسوياً ودينياً وعربياً أولاً, وقوى الإسلام السياسي السني, وخاصة القوى الوهابية, حتى لو أنكرت أنها وهابية, فالتقية معروفة عند المسلمين, إضافة إلى الجماعات الأخرى التي بدأت تتحرك تحت واجهات دينية ولكنها في الجوهر بعثية. كما يمكن أن تتحرك قوى الإسلام السياسي الشيعية المتطرفة التي ترفض الديمقراطية وحقوق الإنسان والحقوق القومية .. وتريد إقامة دولة الله على أرض العراق, وهي غير مستعدة للتفاهم, بل سلاحها العنف وفرض الرأي على الآخرين. ورغم الضربات الموجعة التي تلقتها قوى جند الإسلام (فرع القاعدة في كردستان العراق والعراق ), فأنها ستجد الفرصة مناسبة للتحرك وضرب أهداف معينة للوصول إلى غايات محددة في هذه المرحلة بالذات. إن الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت ما لم نستعد لها, كما ستتفاقم ظاهرة سلبية جديدة, هي أن بعض الأحزاب السياسية العراقية التي كانت في صف المعارضة حتى سقوط صدام حسين ستحاول امتصاص أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذي ارتبطوا بصيغ مختلفة بحزب البعث العربي الاشتراكي, وسوف لن يقتصر هذا على الوفاق الوطني, بل سيشمل قوى أخرى, خاصة تلك التي لا قاعدة جماهيرية واسعة لها, أو حتى القوى الدينية في مقابل توبة كاذبة, وكذا الجماعات أو العناصر العاملة في الصحافة وأجهزة الإعلام... الخ. وهذه الظاهرة خطرة جداً. وخطورتها تكمن في أنها ستمنح تلك الأحزاب أو الجماعات غطاء سياسياً آمناً لجماعات ونشاطات حزب البعث ضد الوضع الجديد, أدركت ذلك أم لم تدركه. وعلينا أن ننتبه إلى محاولة جادة من جانب العوائل التي تدين للبعث بالولاء في مناطق معينة من العراق في منع إجراء تحري في دورها لمعرفة مدى وجود أتباع صدام أو صدام ذاته في تلك البيوت بحجة حرمة البيوت والكفار لا يدخلون مثل هذه البيوت. لهذا يفترض تنظيم الأمر على أسس أخرى لكي لا يفلت هؤلاء من الاعتقال, إذ أن صدام حسين ومجموعة القيادة موجودة تماماً في بيوت غربي بغداد أي في محافظتي الأنبار وصلاح الدين.
سادساً: إن الإشكالية الكبيرة التي تعاني منها الجماهير الواسعة تكمن في ستة مسائل, وهي:
• غياب الأمن والخشية من السرقة والسطو والعنف والاغتصاب والموت على  أيدي العصابات المنظمة ومن القوى السياسية المعادية.
• غياب أو استمرار ضعف الخدمات الضرورية التي تحتاجها الجماهير الواسعة والتي يفترض توفيرها من جانب سلطات الاحتلال, والتي أرى ضرورة تدخل القوى السياسية العراقية في هذا المجال لتحقيق تسريع العملية وتعبئة الجماهير بالذات للمشاركة في هذه العملية وليس انتظار قوات الاحتلال لتنظيمها أو إنجازها.
• تصاعد تذمر الجماهير الشعبية من هذا الوضع ومن عدم دفع الرواتب وقلة توفر المواد الضرورية مما يدفعها إلى الاحتجاج والتظاهر, وهي ليست خاطئة بذلك.
• احتمال كبير وفعلي باستثمار تذمر واحتجاج الجماهير الواسعة في مختلف مدن وأرياف العراق من جانب القوى المعادية التي تنتظر ذلك لتوجيهها الوجهة التي تريدها. ويبدو أن الاستعداد النفسي متوفر عند جمهرة غير قليلة من الناس. وهو جزء من التغيرات الكبيرة التي طرأت على الوضع النفسي والعصبي والمزاجي والسلوك اليومي للناس وخشيتهم من المستقبل وعدم الثقة بأحد ...الخ.
• يمكن أن يلحق هذا الاتجاه في التطور الضرر الكبير بالأحزاب والقوى الوطنية التي ناهضت النظام الدكتاتوري من الناحيتين السياسية والأخلاقية, وبالتالي تراجع المصداقية. وهو أمر بالغ الخطورة ينبغي أن نعالجه بسرعة لصالح المجتمع وتطور العراق الديمقراطي. إن مثل هذا التطور سوف لن يترك كردستان بمعزل عنه. ومن هنا تأتي أهمية الانتباه والتعامل الواعي مع مجريات الأمور, وإعارة الانتباه على دفع رواتب الموظفين في كردستان والعراق عموماً, إذ أن عدم الدفع يعمق التذمر ويدفع بهم إلى اتجاهات سياسية خاطئة .    
• والإشكالية الكبيرة التي تواجهنا هي أن قوى المعارضة الوطنية والديمقراطية في العراق محاطة بحكومات لا تكن لها الود على الأقل ولا تريد أن تراها بالسلطة وتتمنى إجراء تغيير أخر لقوى أخرى تأخذ زمام الأمور بيديها. ورغم صعوبة حصول مثل هذا الأمر إلا أنه قادر على التشويش على القوى الديمقراطية وعلى اتجاهات تطور الأوضاع في العراق.
• والقضية الأخيرة التي أود التنويه عنها في هذا الصدد هي أن الأحزاب السياسية العراقية كانت وما تزال بحاجة إلى إصلاح داخلي وخارجي, إصلاح يشمل إجراء تغيير في علاقاتها المتبادلة, وتغيير في بنيتها الداخلية وبرامجها المختلفة, سواء السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم الثقافية أم العسكري, وتغيير في خطابها السياسي.

هذه مجرد وجهة نظر شخصية أو اجتهاد وددت أن أضع بعضاً منها تحت تصرف الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وأمام بقية الأحزاب السياسية العراقية وجميع القارئات والقراء الكرام.

برلين في 29/05/2003                                                     كاظم حبيب 


               



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا وراء أحداث الفلوجة وهيت؟
- من أجل مواصلة الحوار حول وحدة قوى اليسار الديمقراطي العراق
- احتلال العراق ليس نهاية التاريخ! المخاطر الراهنة على مستقبل ...
- نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في العراق والخارج - ال ...
- الحوار المفتوح والشفاف هو الطريق الأسلم لتحقيق رؤية ناضجة حو ...
- نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في العراق والخارج
- متابعة لمقال رؤية أولية حوارية لوحدة اليسار الديمقراطي العرا ...
- رؤية أولية حوارية لوحدة اليسار الديمقراطي العراقي
- حملة من أجل الكشف عن مصير ضحايا الأنفال في كردستان العراق
- العولمة ومخاوف العالم العربي!
- العولمة الموضوعية تقرّب العالم، لكن سياسات العولمة الحالية ت ...


المزيد.....




- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - كاظم حبيب - الدور الذي يفترض أن تلعبه قوى حركة التحرر الوطني الكردية في كردستان العراق في نضال الشعب العراقي في المرحلة الراهنة