أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نعيم عبد مهلهل - الارهاب يقتل شيخا مندائيا














المزيد.....

الارهاب يقتل شيخا مندائيا


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1702 - 2006 / 10 / 13 - 10:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



واظبنا وطوال عمرنا الثقافي على ان نري العالم الروح النقية لواحدة من اقدم الديانات على وجه البسيطة . الديانة المندائية التي نزحت باحلامها المغسولة بطهر الفراتين من سفوح دهلران في الجانب الايراني الى بطائح الجنوب العراقي ، ولتعيش منذ سومر وقبلها اقلية مؤمنة بما تلته كتبها المقدسة وبما يمنحه زيوا ملاك النور فيها من طمأنينية وحب وتعايش من المجتمعات التي سكنت ارض العراق منذ زمن الكتابة وحتى زمننا هذا .
عاش المندائيون سليلي نوح وابراهيم على هذا الاديم ولم يعرف عنهم طوال تاريخ المشاركة الفعلية والوجدانية والحضارية لحياة هذا البلاد إن قاموا بتمرد او معصية او ساهموا باحداث فتنة او مشاغبة . كان جمال وجودهم انهم اثروا الحياة الروحية وعزلة العيش ضمن طقوس ماتفرضه الديانة القائمة اصلا على مايهديه النور الى القلوب والنور ات في العرف المندائي من جوهر الحي المزكى الواحد الذي لاشريك له ، وهذا يعني ان المندائيين متمسكين بازل التوحيد منذ ازل النبوة الاولى وأنهم جعلوا من الماء مغتسل لكل خطيئة وهو يقابل القول الكريم وجعلنا من الماء كل شيء حي.
هذا النسيج الروحي والاجتماعي الرائع ظل وعلى امتداد اعوام لاتعد مثالا لممواطنة الحية والبقاء الاصيل لما خلدته الحضارة العراقية واورثته لاجيالها الاتية ، اندثرت سومر ، وبقي من بابل سوى اطلالها ،واشور لم يبق منها سوى ثيرانها المجنحة والواح مكتبتها العظيمة ، وغابت دويلات ومسحت امبراطوريات ، والمندائيون باقون كما هم . الوجه الحي للعطر العراقي وضميره . ورغم قلتهم وانعزال طبيعة حياتهم بحرف ومشاغل خبروها وتفننوا بها منذ اول عصور المهنة ، كالصياغة والعرافة وبعض المهن النجارية والحدادية إلا إن لهم مشاركة حضارية وفكرية في التاريخ العربي ، ويكفي لتاريخ العراق الحديث ان يكون اول رئيس لجامعة بغداد هو العالم العراقي المندائي الدكتور عبد الجبار عبد الله ، وهم ايضا لم يبخلوا في عطاءهم للعراق من حيث كم الشهداء والساسة والعلماء ورجال العملية التربوية والاطباء وغيرها من الواجهات التي دفعت من المسيرة الحضارية العراقية الجديدة منذ تاسيس الدولة العراقية .
ورغم ان المندائيين من اهل الذمة والكتاب كما ورد في القران الكريم إلا ان بعض النظرات الضيقة والتكفرية ظلت تلاحقهم على أسس من اعتقاد خاطئ قائم على الخرافة والتعصب والتخلف رغم ان المرجعيات الدينية المسلمة والمسيحية كانت تقر بوحدانية ووجود هذا الدين والطائفة كما حصل في استنتاج اية الله علي الخامينئ في قراءته عن الطائفة المندائية واستنتاجه ان الصابئة المغتسلة هم من اصحاب الديانات وانهم يمتلكون حرية التمسك بعقيدتهم وديانتهم رغم الفوارق التشريعية والفقهية بينهم وبين الديانات الاخرى .
وهكذا عاش المندائيون يمتلكون اصرارهم الوجودي بقوة وثبات وظلوا رغم كل ماعانوه عبر هذا الوجود من تعامل ومذابح واهمال وعزل في فترات من التاريخ .عاشوا ليثبتوا احقية تاريخهم وحضارتهم ونقاء المكون الروحي الذي ينتمون اليه .
لكن النظرة العدائية للبعض ومحاولة الاخر ممن يعتقد باحقية فكره ومعتقده ليبقى ، وهو فكر نشاز وغير عام يحاول ان ينال من هذه الطائفة المسالمة من خلال الحاق الاذي بابنائها وتهميش دورهم في حياة بلد ساهموا في بناء حضارته قبل الكثير الموجود من المكون الاجتماعي العراقي ، ورغم قلتهم اليوم بسبب هجرة غالبية العوائل المندائية من ارض الرافدين الى المنافي والمهاجر إلا ان من بقي ظل رهن التهديد والقتل بسبب بعض الفتاوى التي لاتمت للاسلام الحقيقي ولاللوطنية والديمقراطية التي ننشدها فكان الدم المندائي شانه شان الدم العراقي مسفوحا على مذابح التكفير والمعتقد الساذج والنظرة الطائفية الضيقة ، فنالهم من الشهادة مانال العراقيين رغم انهم قلة ظلت تتمسك بمبادئ الحياد والعمل لخدمة العراق دون جعجعة وفضائيات ورغم سلب الكثير من حقوقها الدستورية في العراق الجديد كونهم اقلية نادرة وهم ان عدوا في الموازنة السكانية والتاريخية علينا ان ننتبه اليها كاقلية ضمن التراث الكوني النادر لتكوين الشعوب لانها ظلت ومنذ الاف السنين تحتفظ بخصائص تكوينها الاجتماعي والروحي وهذا نادر حصوله بسبب التغيرات الهائلة التي مرت عليها المجتمعات .
وهاهو شيخ مندائي اخر يقتل امام بيته في مدينة الصويرة العراقية / 60 كم جنوب مدينة بغداد التي لو عدت العوائل المندائية فيها لما تجاوزت اصابع اليد ، قتل بنار الارهاب الكافر ضمن مسلسل محموم يهدف الى ابادة هذه الاقليلية المؤمنة بعقيدتها وعراقيتها ووطنيتها .
واذا كان الشيخ رعد صالح مطر ممثل المندائئين في الصويرة هو ثمن للالتصاق المندائيين بوطنهم ووجودهم فهم يكتسبون بذلك شرف المواطنة اكثر من الكثير من اصحاب المزايدات الوطنية والسحت والتعاون الخفي مع قتلة العراقيين .
وهكذا يعطي المندائيون قربانا اخرا ثمنا لتمسكهم بالتراب العراقي ، ثمنا لشجاعتهم وصمودهم في وجه المتغير مهما كان .فطوبى لشهداء المندائية ، وطوبى لشهداء العراق من شتى المذاهب والطوائف .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم بين الابيض والاسود
- الروح السومرية والروح العلوية وامكنة الاغتراب
- هلو سنيور .. دافنشي من أهل الجبايش *
- عطر الله في رئة الدمعة . ضوء الله في عين الوردة
- سريالية : أذن ببغاء وغليون غونتر غراس
- في الناصرية ..السيد كولمبنكيان بنى متحفاً
- بلادٌ و حادلة إسفلتْ
- صلاح نيازي ..وكيف ستكرمهُ مدينة الناصرية
- دمشق ..قبر النبي يحيى
- حوار مع الشاعر المغربي محمد الصابر
- المغرب ..الايام الرائعة وفواكه البحر...
- المملكة المغربية والأيام الرائعة وفواكه البحر
- المملكة المغربية ..الأيام الرائعة وفواكه البحر 4
- المغرب..الأيام الرائعة وفواكه البحر
- المغرب .. الأيام الرائعة وفواكه البحر
- المغرب ...الأيام الرائعة وفواكه البحر
- ابكي عسلاً
- المعيديات يكتبن على ساحل الاطلسي قصائدهن السريالية
- بحرٌ في طنجة ..نهرٌ في عينيك
- لا أحاور إلا نفسي


المزيد.....




- السودان.. تجدد جدل ارتباط الجيش والإخوان بفوضى -التمليش-
- اعتذار ماكرون إلى شيخ الأزهر عن -الإساءة إلى الإسلام-.. ما ح ...
- دائرة الإفتاء العراقية تؤكد على ضرورة الجهاد والقتال نصرةً ل ...
- كيف نشأت الطرق الصوفية في مصر؟ وما علاقتها بالتشيع؟
- بابا الفاتيكان يلتقي ملك بريطانيا
- طريقة تثبيت تردد طيور الجنة الجديد على النايل سات والعرب سات ...
- حدث طيور الجنة بييبي على ترددها الجديد 2025 النايل سات وعرب ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى.. وتوسعات استيطانية للاحتلال ...
- ماذا نعرف عن الأفكار الدينية لوزير الدفاع الأميركي؟
- صار عنا بيبي جديد..تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على نايل س ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نعيم عبد مهلهل - الارهاب يقتل شيخا مندائيا