عن التربية الاعلامية في فلسطين*

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

الحوار المتمدن-العدد: 7491 - 2023 / 1 / 14 - 20:38
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

توجد تعريفات واجتهادات عديدة لمفهوم التربية الإعلامية وهذا شأن مختلف العلوم الانسانية بشكل عام، لأن الاعلام من جهة والتربية من جهة أخرى ليست مفاهيم مطلقة ومحايدة عابرة للزمان والمكان، بل هي مفاهيم ومصطلحات ذات دلالات نسبية متفاوتة تختلف باختلاف المكان والزمان، وتتباين بين مجتمع وآخر حتى في الدولة الواحدة، فقد تكون للسلطة او الطبقة الحاكمة رؤيتها للتربية والإعلام، وقد تكون لطائفة او لمجموعة عرقية او مذهبية حاكمة أو مضطهدة رؤيتها المغايرة لغيرها من الطبقات ولكن بشكل عام يجدر بنا التمييز بين حقلين مختلفين يرتبطان بالإعلام من جهة والتربية الإعلامية من جهة اخرى وهما
- التربية الإعلامية والتي يمكن تلخيصها في دور الإعلام والإعلاميين في أداء العملية التربوية باعتبارها عملية وطنية تحمل رسالة امة او شعب، ويرى البعض أن التربية الإعلامية هي ببساطة شديدة مهارة التعامل مع الإعلام، وسوف تركز هذه الورقة على المعاني العامة للتربية الإعلامية وتمثلاتها في الواقع الفلسطيني.
- أما الإعلام التربوي فيركز على استخدام وسائل الإعلام في تحقيق أهداف التربية والتعليم والسياسة التربوية.

التربية الإعلامية
ثمة عديد الوسائل والأدوات الاجتماعية التي تساهم في تربية الأجيال الناشئة، في فترات معينة اعتمدت هذه العملية على الأسرة والمدرسة بشكل أساس، ولكن مع تطور بنى الدولة ومؤسساتها أصبح للمؤسسة الرسمية عبر ادواتها المختلفة أدوار متزايدة في المساهمة في هذه العملية التربوية من خلال تحديد المناهج ومضامينها وقيمها الأساسية. ويتمثل ذلك في دور المناهج التعليمية وقوانين الدولة والقوانين الفرعية والأنظمة والتعليمات التي تضعها المؤسسات العامة، والإعلام الرسمي ووسائل الاتصال والفنون، والمؤسسات الدينية ودور العبادة، وكل ذلك إلى جانب المؤسسات غير الرسمية التي تجاور المؤسسات الرسمية وتتبادل التأثير معها مثل الروابط والأندية والجمعيات الأهلية، والجمعيات الكشفية والشبابية، والأحزاب والنقابات والاتحادات، ووسائل الإعلام غير الرسمية ووسائل الإعلام الاجتماعي التي انتشرت على نطاق واسع جدا في السنوات الأخيرة.
ويمكن القول أن ثقافة النشء الجديد ووعيه ونظرته لنفسه وللآخرين هي نتاج ومحصلة لكل عوامل التأثير الآنفة الذكر، مع تفاوت التاثير بين عنصر وآخر من هذه العوامل وارتباطا بطبيعة النظام السياسي والمرحلة التاريخية التي يعيشها مجتمع من المجتمعات. فعلى سبيل المثال في المجتمعات التي تعيش تحت وطأة حكم استبدادي مطلق أو ثيوقراطي (حكم ديني) أو أوتوقراطية (حكم الفرد) تميل الدولة إلى نموذج الحكم الشمولي (التوتاليتاري) الذي يسعى للتدخل في أفكار الناس ووجهات نظرهم وحتى ذائقتهم الأدبية والفنية، كما تجري محاربة الأفكار التي يعتبرها الحكام معارضة لأفكار الأمة وتقاليدها وعاداتها، وفي الغالب يجري تضخيم وتغليب قيم بعينها ( مثل قيم الطاعة والالتزام ) لتبرير نمط السيطرة السائد ، بينما في الدول الديمقراطية والليبرالية لا تتدخل الدولة في توجيه أفكار الأفراد، لكن ذلك لا يعني أن هؤلاء الأفراد يكونون أحرارا تماما، فهم سوف يكون عرضة لتأثير وسائل الإعلام والثقافة والفنون التي تتولى تشكيل اتجاهاتهم وصياغة وعيهم على طريقتها وبما يخدم مصالح الفئات والطبقات الحاكمة.
خصائص التربية الإعلامية
التربية الإعلامية إذن هي عملية اجتماعية وليست مجرد أداء فردي ولا هي مجرد محصلة لعمليات فردية متفرقة، ولذلك يمكن لنا أن نستخلص عددا من السمات المهمة والضرورية التي تميز حقل التربية الإعلامية ومن بينها:
- التربية الإعلامية عملية مخططة وموجهة وليست مجرد عملية عفوية
- أنها عملية تفاعلية تتاثر بعوامل عديدة متجاورة ومتداخلة وقد تكون متناقضة ومتصارعة.
- أنها لا تسير باتجاه واحد فقط من المُرسِل إلى المُستقبِل، فقد يجري تبادل الأدوار، وتصبح التغذية الراجعة من أهم عوامل التاثير.
- أنها تستند على مفاهيم وقيم من الماضي وتنطلق من الحاضر لتتجه نحو المستقبل.
- أنها تستهدف فئات واسعة من المجتمع وبخاصة النشء الجديد.
- أنها تؤثر في الاتجاه العام لتطور المجتمع ونظامه السياسي وعلاقته بالمجتمعات الأخرى، ومستوى تطوره وتنميته.
- أنها تقوم على تقاطع وتداخل دوائر الفعل والتأثير الرسمية وغير الرسمية.
- أنها تجري في حقل مفتوح أمام تاثيرات متعددة، وهكذا فإن اتجاهات التربية الإعلامية التي تستهدفها جهة ما أو مؤسسة ما تتصارع مع اتجاهات قد تكون معاكسة أو مناقضة.
• قدمت هذه الورقة لورشة أكاديمية ومهنية متخصصة نظمها مركز الدراسات والتطبيقات التربوية (كير) ، كما صدرت في كتاب عن المركز بعنوان : الطريق الوعر ، رؤى تربوية ثقافية عملية لصون الرواية التاريخية الثقافية الفلسطينية تحت اشراف مدير المركز الدكتور غسان عبد الله

#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات