-كفر ناحوم - ضحايا الانجاب

فاطمة دالي

الحوار المتمدن-العدد: 7491 - 2023 / 1 / 14 - 00:48
المحور: حقوق الانسان
    

"كفر ناحوم " ضحايا الانجاب


شاهدت فيلم كفر ناحوم للمخرجة اللبنانية نادين لبكي , الفيلم لم يفشل في جعلي ابكي أكثر من مرّة مع كلّ مشهد يبكي فيه أحدهم تنهمر الدّموع
قصّة الفيلم واضحة وصريحة منذ البداية عائلة فقيرة اشدّ الفقر اطفال كثر من مختلف الأعمار أكبرهم "زين " طفل لا يعرف كم عمره وحتّى والديه لا يعرفان متى انجباه لانّه غير مسجّل كما باقي إخوته

الفيلم يسلّط الضوء على قضيّة الانجاب في ظلّ ظروف لا تسمح بذلك تتداخل الأحداث وفي ذروتها يقع تزويج "سحر " الاخت المفضّلة لزين الٌذي رفض تزويجها لانّه يعرف ما ستمرّ به أخته ويبدو أنّ الفقر والخصاصة علاّماه اشياء كثيرة قبل الأوان
سنرى نظرته لامّه تتغيّر شيئا فشيئا فهو يعرف أنّها سبب البؤس الذّي يعيشه هو وإخوته لو عزفت عن الانجاب لكان الأمر مختلفا
زين كان يدرك أنّ تفريخ الاطفال في ظروف قاسية كتلك جريمة في حقّه وحقّ كلّ طفل يولد أدرك زين أنّه لا يستطيع المضي في العيش رفقة أسرة لا تعرف غير الانجاب وعلى كلّ حال لن يشغل غيابه بال احد فالامّ كفّت عن أن تكون أمّا منذ زمن بعيد
رحل زين بعد أن فشل في تهريب أخته من الزواج قرّر أن يهرب وذهب لينسى الجحيم الذي كان فيه
ليلتقي" رحيل" بعد مدّة وجيزة ورحيل قصّة أخرى وامّ أخرى تصارع للحفاظ على طفلها
رحيل مثلّت الوجه الآخر للامومة ورغم أنّها قد أنجبت خارج إطار الزواج إلاّ أنّها كانت أكثر حنانا و أمومة من أمّ زين المتزوجة بطريقة شرعيّة
يؤكّد الفيلم أنّ الأمومة خارج أو داخل إطار الزواج تبقى أمومة لكنّنا نحن ككائنات بشرية لا نريد أن نرى داخلنا وخوفا من أن تعمينا الحقيقة نبحث دائما عمّا يقيّدنا من الخارج أيّ شيء يقيّد الحقيقة نجري نحوه قانون دين معتقد عادات الخ

رفض زين بعمر الثانية عشرة لواقعه كان نابعا من المعاناة التي عاشها وعايشها وادرك أنّ تفريخ الاطفال في وسط فقير لن ينتج الا مزيداً من الفقراء وهذه نظرية اجتماعية يعجز عن إدراكها اكبر العقول لذلك حاول ثني عائلته عن تزويج أخته (11سنة) لانّه يعلم أنّها ستكون بدورها آلة لتّفريخ لا اكثر

تموت سحر بنزيف حادّ ويعلم زين بذلك فينتقم لأخته من الزّوج المغتصب ويسجن, وراء القضبان لم يشعر زين بايّ ندم ولم يتحرك فيه أيّ شعور بالخزي أو العار بما اقترفه إنّه على حقّ أو هكذا يرى أنّه على حقّ طالما أنّ الكبار لم يشعروا بالخجل أمام اخطائهم وجرائمهم

على امتداد الفيلم سنرى "زين المتمرّد " يقوم باشياء يصعب على الكبار القيام بها كان طفلا ذكيّ يسعى لأن يجعل عالمه جميلا لكنّ الواقع كان قاس و كان حاسما أيضا ليحيلنا إلى نتيجة هامّة أنّ الفقر لا ينتج فقط فقراء لكن ينتج مجرمين لا يردعهم قانون ولا تثنيهم شريعة

في السّجن اتصّل زين الصّغير بأحد البرامج وكان طلبه واضحا وصريحا وحاسما " ارجوكم لا تنجبونا.. لا تنجبونا "
هل أجرم "زين" لا طبعا
زين ضحّية إنجاب في عالم لا يرحم

#فاطمة_دالي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات