أبو ظبي 29 آيار 2003
[email protected]
المقابر الجماعية التي صدمت العالم أجمع، والتي لم تصدم العرب بالطبع لأنهم وكالعادة آخر من يفهم بالرغم من أنهم أول من كان يعلم، تلك المقابر لم تكن هي كل ما اقترف البعث من جرائم. فلو أردنا أن ندرج كل جرائم البعث، فإننا سنحتاج إلى كتاب من الحجم الكبير لعناوين الجرائم فقط. وآخر المطاف يأتينا بعثيون ويتهجمون على رموز العراق متخذين من المقابر الجماعية التي تركها البعث ستارا لما يريدون أن ينفثوه من سم زعاف. كفانا فخرا بعبد الكريم قاسم حين بقيت صورته في القمر أعواما، إو هكذا يراه الفقراء ولم يروا زمر البعث إلا في مزبلة التأريخ. وكفا الجواهري فخرا أن يكون له تمثالا بدلا من التمثال الرمز لصدام والذي بسقوطه إعلنت نهاية البعث وإلى الأبد. والأهم في الأمر إن التمثال الجديد للجواهري بدلا من تمثال صدام لم تقمه حكومة بل الشعب هو الذي أقامه.
إذا لم يسمع البعثيون عن ما فعله حزبهم الذي يعتبر مسلة الإجرام، وهذا ما عرفناه عن البغثيين من صمم وعمى في العيون والقلوب، فإنني سأورد له بعضا من جرائم البعث.
الحروب العنصرية:
لقد خاض البعث حربا عنصرية ضد أبناء العراق من أصول غير عربية، تحديدا الأكراد وكلنا يعرف سياسات التهجير المصاحبة والإبادة الجماعية في عمليات أنفال وبالأسلحة الكيماوية كما حصل في حلبجة. وغيرهم كثيرون من الاقليات القومية الأخرى كاللآشوريين وغيرهم.
الحروب الطائفية الداخلية والخارجية:
حرب النظام الطائفية ضد الشيعة العراقيين لم تقف يوما من الأيام مادام البعث من يمسك بالسلطة، سواء في العام 1963 أو حكمهم الدموي الطويل جدا والذي إبتدأ في العام 1968 ولم ينتهي إلا قبل أيام. وكل ما سنورده من جرائم في سياق الموضوع كان الضحية الأكبر والشريحة الأوسع من المتضررين منها هم الشيعة. إما الحرب الطائفية الأكبر فهي مع إيران والتي دامت مدة ثمانية أعوام وكان الضحية لها، من حيث الأساس هم أبناء الشيعة العراقيين ومن الجانب الثاني هم الشعب الإيراني الشيعي. إما حروبه الطائفية الأخرى في الداخل فإنها لا تخفى على أحد.
الإبادة الجماعية:
الأسلوب الأمثل لتنفيذ الجرائم، لذا أصبح ومنذ اليوم الأول للسلطة يمثل سياسة لهذا الحزب والتي اتبعها بشكل واسع لتصفية خصومه. الوثائق والأدلة متوفرة.
الأخلاق والقيم والعادات والتقليد كهدف للبعث:
من أهم الأدوات التي استخدمها البعث لمحاربة خصومه هو البعد الأخلاقي والمنظومة القيمية الإنسانية العميقة لأبناء الشعب العراقي، ألم يقتل العراقي لأنه تستر على ابنه كونه معارض للبعث. إن هذا الإجهاز على الأخلاق قد أمتد إلى كل الجوانب الأخلاقية والقيم والعادات والتقاليد في المجتمع، فصاحب الحظوة لدى البعث هو من يوغل أكثر بالاستهانة بالأخلاق. الأخلاق والقيم والتقاليد والعادات هي العدو الرقم واحد للبعث وبوجودها لا يمكنهم تحقيق أي هدف من أهدافهم. فحين يقتل المرء أخاه من أجل البعث فإنه أنقذ أمة بكاملها من الموت المحقق، هذه هي القيمة الأخلاقية الجديدة لهم، وحين يكذب المرء من أجل البعث فهو الصدق بعينه، وحين يخون الإنسان أخيه الإنسان من أجل البعث فهو الوفاء بعينه، ومن تزني من اجل البعث فهو العفاف بعينه. وهكذا قلبت الأخلاق ولم يعد هناك حرمة لشيء سوى البعث. إن تقدم البعثي حزبيا مشروط بمدى ما قام به من جرائم من أجل البعث. الوثائق والأدلة متوفرة.
الغدر:
الغدر كان ولم يزيل من شيم البعث، فمنذ تأسيسه في أواسط الخمسينيات وهو الحزب الذي لم يحفظ له عهدا مع حزب أو جهة سياسية. تحالف مع كل القوى السياسية في العام 1956 وهو أول من خانها بعد ثورة تموز. وتحالف مع القوى القومية فكانت أول ضحاياه بعد العام 1968 . وتحالف مع الأكراد في أكثر من مرة ولكن الشعب الكردي كان من أكبر المتضررين من سياساته التي تأتي في السياق، وتحالف مع الشيوعيين إلا أنه أجهز عليهم بكل وحشية. ووقع البعث معاهدة الجزائر مع إيران وأول فرصة ضعفت بها إيران بعد سقوط الشاه، دخل معها بحرب دامت ثماني سنوات أحرقت الأخضر واليابس. ولم ينسى أحد ما فعله بدولة الكويت التي فعلت المستحيل من أجل تحاشي شرور البعث قبل ذلك. حفظ المواثيق والعهود على المستوى الشخصي بين أعضاء البعث أنفسهم كانت هي الأخرى من باب المناورة من أجل صناعة الدكتاتور، وهذا السلوك البعثي ليس حكرا على بعثيي العراق بل كل بعثي عربي. وأي عهد قطعته السلطة البعثية عبر تأريخها إلى الشعب العراقي ولم ينقضوه؟ الوثائق والأدلة متوفرة.
الحق عند البعث:
تعريف الحق بالنسبة للبعث هو ما يكون بجانب السلطة البعثية وغيره هو الضلال المبين. الوثائق والأدلة متوفرة.
القانون عند البعث: صدام من قال( شنو القانون؟ أنا القانون)، أما غير ذلك فليس هناك قانون.
معنى المجتمع المدني عند البعث:
بعد أن عرفنا قانون البعث، فالنقابات والمنضمات الطلابية والمهنية والمؤسسات الاجتماعية والثقافية عبارة عن دور تصدر الإرهاب والتجسس على الأعضاء والمجتمع المدني بكامله حتى تحول المجتمع إلى خلايا للمخابرات. اللجنة الأولمبية على سبيل المثال وليس الحصر صارت سجنا معروفا في بغداد يمارس فيه أبشع أنواع التعذيب. الوثائق والأدلة متوفرة.
حقوق الإنسان عند البعث: أكبر ملف لتجاوزات حقوق الإنسان في العالم لدى البعث. الملفت موجودة على الأنترنت.
التعليم:
التعليم في ضل البعث إهانة لكل مفاهيم التعليم في العالم. الوثائق والأدلة متوفرة.
الخدمات الاجتماعية:
هذه الخدمات فقط لعينة من الناس، يكفي ما شاهدناه من مدى الخراب وتدهور الخدمات في البصرة ومقارنتها بباقي المدن التي نشاهدها كل يوم على شاشات التلفزيون، تلك المدن التي تتظاهر يوميا من أجل عودة العصر الذهبي لهم وهم يرفعون شعارات (لا كرامة بدون صدام، وبالروح بالدم….). لهم كل شيء وغيرهم الموت الزؤام. الوثائق والأدلة متوفرة.
لمن الثروة:
كانت المناطق الأفقر في العراق، وبعد مجيء النظام البعثي تحولت إلى قصور فخمة وسيارات فارهة وحديثة وأموال طائلة ووووو، وغيرهم من العراقيين ليس له سوى الفقر والمرض والذباب والمياه الآسنة والمالحة والخرائب التي لا تصلح لشيء. الوثائق والأدلة متوفرة.
الرهائن:
إن أي إنسان هو بمثابة رهينة لدى البعث لمن يحبون ذلك الإنسان. حين يكون المرء هدفا للبعث، فإن كل أهله هم رهائن لدى البعثيين لكي يجبرونه على تسليم نفسه. الوثائق والأدلة متوفرة.
الدروع البشرية:
إن كل الأبرياء هم دروعا بشرية لحماية البعث والبعثيين. وهل نحن بحاجة إلى دليل على ذلك، عموما الوثائق والأدلة متوفرة.
الرشوة:
من أهم سياسات البعث، وكلنا يعرف الرشاوى التي كان البعثيين يقدموها للناس من اجل تمرير سياسة معينة، إما الرشاوى المالية للحكومات والسياسيين النافذين في العالم والأعلام العربي والعالمي فأنها فاقت حدود الخيال وآخرها فضيحة الجزيرة الفضائية. الوثائق والأدلة متوفرة.
الكذب:
من لم يكذب فهو ليس بعثيا، حتى البعثيين الغير عراقيين لهم أسوة بالأخ العراقي الأكبر، ألم يقل أحدهم إن تلك المجازر الجماعية هي من صنع الإيرانيين وليست من صنع البعث؟ وكأننا حين نعرض المقابر الجماعية ونجمع عظام شهدائنا لتدفن في قبور تليق بإنسان، كنا نريد من ذلك أن نكذب على ذلك المسخ من أن ذلك من صنع البعث، إنهم يتصورون إن الجميع يكذب كما البعثي. إن الكذب وكما أسلفت من قيم البعث الأخلاقية، فالنظام بقي يكذب حتى آخر لحظة. الوثائق والأدلة متوفرة.
هتك الأعراض:
من الأفضل أن لا أورد هنا تفاصيل، لأني لو فعلت ذلك لحطمت الجهاز الذي أكتب عليه قبل أن أنتهي. عموما الوثائق والأدلة متوفرة.
التجويع والترويع والتعسف الوظيفي والاعتقال والتغييب والاستباحة لكل شيء والخوف والتخويف:
منذ اليوم الأول كانت هذه سياسة البعث ولم يتخلى عنها ولا يوما واحدا طيلة أيام حكمه سواء في العراق أو خارجه. الوثائق والأدلة متوفرة.
الهجرة والتهجير والملاحقة في المهجر:
أربعة إلى خمسة ملايين مهاجر ومهجر بظل البعث. الوثائق والأدلة متوفرة، بل كل واحد منا مجموعة أدلة مادية.
والكثير الكثير:
البيئة ومدى ما تعرضت له من تخريب.
السرقة لكل شيء مباح حتى ولو كان المستهدف بعثيا أو نظام البعث نفسه.
التهريب وخصوصا للنفط لصالح أبناء الدكتاتور ولتمويل الرشاوى المالية.
تهريب التراث العراقي وبيعه في الخارج من قبل أزلام السلطة.
الثقافة وكل ما يتعلق بثقافة البعث يفوق كل الجرائم التي اقترفت بحق الثقافة.
عزل العراق عن العالم وما يجري به.
إعادة كتابة التأريخ وتزويره.
المبادئ الثلاثة للبعث أول الضحايا للبعث:
الوحدة التي لم ولن ترى النور ولن تراه أبدا.
الحرية فقط لصدام وعدي وقصي أن يفعلوا ما شاءوا، عدا هؤلاء ففي سجن مظلم، أما الديمقراطية فإنها مائة بالمائة وبعد ذلك ينعقد لساني وقلمي.
أما الاشتراكية فهذه هي الوحيدة الصحيحة‘ إذ اشترك الجميع في الهم والموت والدمار والفقر وووووو.
لكل دجال خرج من تحت الرماد البعثي النجس أقول، ألا يكفى هذا لكي يتحولوا لبعض إنسان، أو بالأحرى يستعيدوا بعضا من إنسانيتهم؟
ولكن يبدو لي إن ما أطلبه هو المستحيل بعينه، فكيف لبعثي أن يصبح إنسانا بعد أن كفر بكل شيء ومازال يكفر؟
كنت أتمنى لو إن الراحل عبد الكريم قاسم قد سمع كلام الجواهري وأنقذ العراق من البلاء الذي حل به بسبب البعث. لله درك أيها الجواهري الحكيم حين نصحت
امسك الحبل وأشدد من خناقهم فلرب في إرخائه ضرر
يا لها من حكمة عظيمة، لو إن الراحل عبد الكريم سمعها لحقن دماء الملايين من البشر عراقيين وغير عراقيين.