محمد أبو قمر
الحوار المتمدن-العدد: 7490 - 2023 / 1 / 13 - 06:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لرئيس السادات قال : أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة ، هذه العبارة لم تكن عبارة اعتباطية ، وإنما كانت بداية لمجموعة من الإجراءات من شأنها إحداث تغيير جذري في مسيرة المصريين وفي حياتهم بشكل كامل .
كان من المفترض استغلال الروح التي دبت في المصريين بعد نصر اكتوبر للبدء في تحديث الدولة المصرية وتأهيلها للدخول في معترك الحضارة الإنسانية ، لكن عبارة الرئيس السادات ( أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة ) كانت تعني شيئا آخر تماما ، إذ بموجب هذه المقولة تحالف السادات مع الاسلام السياسي لضرب القوي المناوئة له والمتطلعة إلي نهضة مصر والمتأثرة بمفكري النهضة أمثال طه حسين وجمال حمدان وغيرهما .
تحالف السادات مع الإخوان ، وأخرج جميع المتطرفين والارهابيين الاسلاميين من السجون ، وأطلق يدهم في الجامعات المصرية والمدارس والمصانع وانتشر مشايخهم ودعاتهم في كل قرية وفي كل نجع من شمنال مصر إلي جنوبها ومن شرقها إلي غربه.
ليس ذلك وحسب ، وإنما كانت عبارة ( أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة ) إيذانا بالبدء في تفكيك الدولة المصرية وإسقاط كل عناصرها ومؤسساتها التي يتصل منتجها بالوعي وتفعيل العقل النقدي والارتقاء بالروح والوجدان والتأكيد علي القيم الأخلاقية والإنسانية النبيلة والتعايش والسلم الاجتماعي والمتطلعة إلي النهضة الحديثة وإلي أن تصبح مصر دولة مدنية عصرية حديثة تشارك بفعالية في مسيرة الحضارة الإنسانية.
هذا التفكيك والاسقاط والمحو طال التعليم والفنون وكافة المنافذ الثقافية والفكرية ،وقد تولي هذه المهمة جيش من الدعاة بمباركة ورعاية من السلطة التي تولت إخلاء الساحة أمام هؤلاء الدعاة لكي يقوموا بهذه الجريمة بلا أي مقاومة أو منافسة ، وفي هذه المرحلة تم تدجين وإخضاع وتوظيف الإعلام بمختلف أشكاله ليصبح الأداة الحاسمة لتنفيذ مهمة هؤلاء الدعاة في تسخيف العلم وتحريم مختلف أنواع الفنون وتحقير المرأة وإلغاء كل دور لها وإعادة مصر مسافة ألف عام إلي الخلف .
المتابع لبرامج التلفزيون آنذاك ، والمتابع لما حدث للتعليم وللمؤسسات الثقافية وللساحة السياسية والفكرية سيكتشف يسهولة أن مقولة الرئيس السادات ( أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة ) لم تكن تعني سوي أنه كان رئيسا مسلما بالفعل لكن لدولة تتفكك وتتحلل وتنحدر إلي مستنقع الضياع.
#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟