أ .د.وليد ناجي الحيالي/عضو المنظمه الوطنيه للمجتمع المدني وحقوق العراقيين
منذ سقوط النظام المخلوع في 9ابريل من العام الجاري والعراق يعيش بدون اي شكل من الاشكال القانونيه للسلطه اوحتى مقومات للدوله. ان ما حدث في العراق لم يحدث له مثيلاَ في التاريخ على الاطلاق .اذ ان التجارب التاريخيه السابقه للشعوب تحدثنا بأن انهيار حكومه ما في دوله ما سرعان ما يحل محلها نظام جديد ليواصل المشوار وفق برنامج يتعاطى معه لتصفيه اثار الماضي السيئه وبناء المستقبل.لكن ما حدث بعد سقوط النظام الفاشي،لم يكن منسجماَ مع رغبه وتطلعات الشعب العراقي،متمثله في غياب مطلق للسلطه الوطنيه الجديده، مع بقاء كامل لكل عناصر ومقومات السلطه السابقه. مما ادى الى احلال قانون وسلطه الغاب من خلال50 الف مجرم محترف اطلق سراحهم النظام المقبور قبل ايام من سقوطه بالاضافه الى اكثر من مئه الف مجرم من محترفي القتل والتصفيات الجسديه من فدائي صدام ورجال المهمات الخاصه ومجموعات ليست بالقليله من رجال الامن والمخابرات المسوؤله عن عمليات الاغتيالات والتصفيات الجسديه وبعض المرتزقه العرب الكثير منهم يقيم في العراق منذ سنوات والبعض الاخر تعاقد معهم النظام قبل سقوطه الدراكوميدي بأيام . بالاضافه الى التحريض المتواصل من بعض دول الجوار المستفيده من استمرار الوضع الحالي للعراق على ماهو عليه، لتحقيق مصالح سياسيه تسعى اليها .الا ان الضحيه التي تدفع الثمن باهضاَ عن كل يوم تاخير لقيام الشكل القانوني للسلطه اوالحكومه الوطنيه الموقته هم ابناء الشعب العراقي. الذين يدفعون ثمن ذللك خوفاَ وجوعاَ وعطشاَ وابتزازاَ من هذا الطرف اوذاك.كما ان بقاء الوضع الحالي على ماهو عليه سوف يلحق اكبرهزيمه بالانتصار الذي حققته دول التحالف على النظام البعثفاشي في العراق، على الاقل في مصداقيه الوعود اتي اطلقتها كل من الولايات المتحده الامريكيه وحليفتها بريطانيا الاعظمى امام شعوب المنطقه وقواها وأحزابها السياسيه. كما ان هذه الهزيمه سوف تتجسد في رفض شعوب المنطقه التعامل مع المشاريع السياسيه لدول التحالف.ولعل في مقدمتهاالديمقراطيه للشعوب والسلام بين دول
الجوار التي روجت لها كل من امريكا وبريطانيا قبل احتلال العراق.
هذا الوضع السياسي المعقد والشائك في الحاله العراقيه يدفعنا الى طرح سؤال مهم يدور في خلد كل عراقي حريص على بلده وشعبه.ولعل هذا السؤال هو: من هو المسؤول عن غياب السلطه او الحكومه الجديده في العراق. وماهي الاثار المستقبليه لهذا الوضع على الشعب العراقي.وباعتقاد الكاتب ان الاجابه الصحيحه على هذا السوال سوف تساعد اطراف عديده لتلمس المستقبل اوالاتي منه. وانا هنا لاادعي امتلاكي لجوهر الجواب وفيصله، بل انا احاول ان اتلمس البعض من جوانبه غير متشائم وبنفس الوقت ليست بمتفائل بالمستقبل.ولكل ذلك اسبابه ومبرارته.وعليه انا من الاشخاص الذين يرفضون تحميل كل الاخطاْ على الطرف الخارجي رغم عدم براءته من هذا الذي يجري في بلادي.الااني ارى بأن القصور الاعظم يكمن في القوى الوطنيه العراقيه متمثله باحزابها وحركاتها بكل الاطياف والالوان ،دينيتاَ كانت ام علمانيتاَ.بالرغم من الصراع الدامي و المرير الذي خاضته هذه الاحزاب من اجل تخليص الشعب العراقي من نظام البعث فاشينازي.ودور بعض الشخصيات العراقيه الوطنيه من اقناع العالم ودولها الفاعله على المسرح السياسي بضروره التخلص من نظام صدام حسين باستخدام كل الوسائل الممكنه.على الرغم مما كان يمثله صدام من شراكه استراتيجيه وقويه في المنطقه مع هداف ومصالح الولايات المتحده الامريكيه.وفي سبيل عدم بخس هذه الشخصيات الوطنيه التي لولا دورها وفاعليتها التي عجز عن تحقيقه الشعب العراقي على مدى عقود لبقى صدام وزمرته جاثمين على صدورنا حتى هذه الحظه، ولربما كان سيستمر الى اجل غير مسمى، وياتي في مقدمه هذه الشخصيات المثيره للجدل الدكتور احمد الجلبي هذا الرجل الذي تعرض الى موامره لااخلاقيه ملفقه من قبل النظام العراقي البائد بالتعاون للاسف مع احدى دول الجوارالمعروفه بعلاقاتها المخابراتيه المصلحيه مع النظام العراقي البائد.هذا الشئ اكاد اكون متيقنن منه بحكم معرفتي بالعديد من الشخصيات التي عملت بالقرب من الجلبي او كانت مطلعه او من ساهمت في تلفيق هذه التهمه عليه والبعض منهم اسرني بحقيقه اللعبه وليعذرني القارئ الكريم من عدم ذكر هذه الاسماء من مواطني بلد اللعبه لكوني غير مخول بذكرها اولاَ ولأن البعض منهم لايزال يحتل موقعاَ حساساَ في هذه الدوله. اقول هذا احقاقاَ للحق وموكداَ بعدم مصلحتي اومعرفتي بالدكتورالجلبي .
وتاسيساَ على ما تقدم نستطيع ان نشخص الاسباب الداخليه والخارجيه التي تعرقل لحد الان قيام الحكومه الموقته وبروز من جديد الدوله العراقيه التي هي مضمحله منذ التاسع من ابريل ولاتزال مستمره لهذه الحظه.وهذه الاسباب كما يراها الكاتب هي:
1- غاب عن اذهان القوى الوطنيه العراقيه احزاب وشخصيات المشروع الوطني المتكامل والمترابط بعضه البعض، الذي كان من المفترض ان يتم التعامل معه حال سقوط النظام.والاسباب التي تستشف من غياب هكذا مشروع كما تبدو للمتتبع هي توجيه كل البرامج والانشطه السياسيه التي كانت تمارس قبل سقوط النظام نحو هدف واحد ومركزي دون غيره الا هو اسقاط النظام. ومن دون اخذ بالحسبان البدائل السياسيه المحتمله للسلطه او الحكومه الموقته التي يجب ان تملئ الفراغ السياسي ، وانما هي كانت احدى النقاط الجوهريه لموضع الخلاف بين القوى والاحزاب الوطنيه، من حيث طبيعه وشكل الحكومه والقوى الرأسيه فيها.لدرجه شكلت من الخلاف الذي ادى الى ابعاد قوى فاعله وموثره في الشارع العراقي من التحالفات الاستراتيجيه التي شكلت قبل سقوط النظام وحظيت باحتضان الولايات المتحده الامريكيه من جهه، وبريطانيا من جهه اخرى.
2- سعي بعض الاحزب والقوى الوطنيه العراقيه الى تهميش دورها بالاحداث الجاريه بالرغم من تاريخها السياسي الطويل في النضال من اجل اسقاط الدكتاتوريه في العراق وذلك.من خلال تغليب الخلافات الايدلوجيه الكلاسيكيه مع الولايات المتحده الامريكيه والامبرياليه العالميه وفق مفاهيم النظام العالمي القديم الذي كان يتميز بوجود معسكرين متصارعيين عملاقيين.دون ان تعي الاضرار التي سوف تلحق بنضالها ونضال الشعب العراقي المركزي في الفتره التي كان يجري الاعداد لشن الحرب ضد النظام العراقي المقبور.من خلال اثبات هذه الاحزاب ايمانها المطلق بمبادئ ورثتها من النظام العالمي القديم عن طريق المساهمه الفاعله في المسيرات العالميه المليونيه التي نددت بالحرب وترجمت ترجمه خاطئه من قبل النظام العراقي السابق بانها تضامنيه مع حكمه ودفعت بغباءه السياسي المعهود بالتمسك بقرار المواجهه ضد دول التحالف. وهذه القوى كما بداء لي انها كانت متناسيه ان العالم يعيش في مرحله انفراد الولايات المتحده الامريكيه في صنع القرار الدولي ولم يعد للدول والمنظمات الدوليه اي اثر يذكر دون موافقه السيد الجديد في العالم.وبذلك لم تخسر هذه القوى حقها المشروع والطبيعي في المساهمه مع القوى السياسيه الاخرى في صنع البديل السياسي المشترك ضمن الواقع المفروض وخياراته فقط وانما خسر العراق كله فعاليه هذه الاحزاب في رسم سياسه ومستقبل العراق في هذه المرحله التي هي من اهم بل من اخطر واكثر حساسيه في تاريخ القديم والحديث معاَ.
3- عدم قيام دول التحالف بدورها الفاعل والموثر منذ الايام الاولى لسقوط النظام في السيطره على الامن الداخلي. والتعامل بحزم وقوه مع العناصر المخربه والمنحرفه على اختلاف اهدافها وغاياتها مما شجع فلول النظام المتمسكه بامل العوده للحكم من جديد الىتطوير اساليب التخريب والتدمير واشاعه الفوضوى والرعب والخوف وسط الجماهير.مما زاد من ارباك قوى التحالف وترددها في اتخاذ خطوه تسليم الحكم الموقت بيد العراقيين.
4- القرار الدولي المتمثل بالحصار على العراق والذي يتطلب رفعه وجود شكل من اشكال النظام الدائم وفق صيغ القانون الدولي الذي يتعامل معه مجلس الامن.وهي الجهه الوحيده المخوله برفع الحصار. لكي يكون في الامكان التحكم بالثروه الماديه الرئسيه في العراق والمعول عليها في رفع معانات الشعب العراقي.ومن ثم لتساهم في أعاده الحياه الاقتصاديه الطبيعه للبلد.هذا السبب القانوني الدولي الذي دفع بالولايات المتحده من اتخاذ قرار تاجيل اقامه الحكومه العراقيه الموقته.
5- قيام بعض الدول الاقليميه من محاوله التاثير على القرار الامريكي بعدم الاسراع بمنح قرار الحكم بيد الاحزاب الحاليه في العراق بعتبارها لاتمثل كل طبقات وشرائح وتطلعات الشعب العراقي،هذه من ناحيه،ومن ناحيه اخرى تم تبني عن قصد اومن دونه الطروحات التي يروج لها عصابه النظام السابق وكوادره الحزبيه في داخل العراق وخارجه بمسانده الاعلام الماجور من بعض الفضائيات والصحف العربيه. وان هذه الطروحات تقوم على خدعه مفادها ان هذه الاحزاب قدمت من الخارج وليس لها جذور جماهيريه في العراق.والواقع ان هذه الدعايه كذبه رخيصه صيغت من قبل البعثفاشي التي صدقت من قبل الامريكان للاسف الشديد،والحقيقه ان معظم هذه الاحزاب شكلت في العراق منذ عشرات السنين ، والكثير من كوادرها وقياداتها غادرت العراق في سنوات تصاعد وتيره التصفيات الوحشيه التي تعرضت لها كوادر هذه الاحزاب متذ قدوم البعث للحكم في العراق.
ولعلني في الختام لاابالغ حينما انبه الى خطرجسيم يحدق في العراق وشعبه ومستقبله فيما لو لم يتم التعامل بواقعيه ومرونه وبروح المسؤوليه من جميع الاطراف لتفويت الفرصه على الكثير من الاطراف .وفي مقدمتها عصابه البعث الداخليه والخارجيه، والعديد من الدول المجاوره للعراق لحسابات تخص كل طرف منها وفقاَ لمصالحها الخاصه.