أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - حول العشائرية.... وحمامات الدم في مدن العراق!















المزيد.....

حول العشائرية.... وحمامات الدم في مدن العراق!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 7483 - 2023 / 1 / 5 - 15:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اندلعت قبل ايام اشتباكات عشائرية مسلحة طاحنة في ناحية السلام التابعة لمحافظة ميسان. وقد قُتِل وأُصيب ما يقارب (20) شخص من شباب العشيرتين المتحاربتين، ثم توالت الانباء بعدها عن معارك اخرى طاحنة بين العشائر في اهوار الجبايش في الناصرية. إن هذا الامر ليس بجديد في مجتمع اليوم. حيث ازدادت الصراعات المسلحة بين العشائر التي تندلع بين فترة وأخرى في مدن العراق ومنها البصرة والناصرية وبغداد بل ووصل الامر الى مدن لم تشهد هكذا صراعات، مثل محافظة ديالى!
وكما هو الحال في أغلب الاحيان تندلع تلك الصراعات المسلحة لأتفه الاسباب وأسخفها والتي تذهب بارواح شباب أبرياء لا ذنب لهم ضحية لها. أسبابُ لا تتعلق الا بقلة تعقل اصحابها ونرجسيتهم وسعيهم للاستعراض الفارغ. وفي الغالب يسخر عامة الناس ويتندروا على اسباب نشوب تلك النزاعات.
المجتمع "عشائري"... تصوير مغرض!
يتمحور تفسير مدافعي الطبقة الحاكمة، البرجوازية، من اكاديميين وجامعيين وساسة و"رجالات الدولة" وغيرهم لهذه الاعمال بانها نتاج لهذا المجتمع باعتباره "عشائريا"، وهي امتداداً وانعكاساً له، أي ان المجتمع، وفي الحقيقة اناس المجتمع، أناس من مثلي ومثلك هم المسؤولون عن وجود هذه الظاهرة في المجتمع، او في أحسن الاحوال، يحيلو هذه الظاهرة المفتعلة والمصطنعة الى "الغيب" و"القدر" بوصفها أمراً "أزلياً" طُبِعَ على جبين المجتمع، هكذا كان مجتمعنا وهكذا سيبقى. لا أحد مسؤول عنها، ولا أحد بوسعه أن يزيلها او يغيّرها أو يحذفها من حياة المجتمع. انها "قد" علينا ان نطأطأ الراس له ونبلع جراحه!
إن كان لقسم في المجتمع، رجالات العشائر ومن يرمون لهم بفتات خبز السلطة المليشاتية الحاكمة، مصلحة مباشرة في إشاعة مثل هذا التصوير، فان هذه التصورات التبليهية والتحميقية لـ"سادة الفكر" هي من اجل ادامة وضعهم وامتيازات وبقائهم كعبيد، حيث يسعى هؤلاء الى أيجاد مبررات "فكرية" و"نظرية" اجتماعية "عميقة" لتفسير الواقع وتخدم بقاء الوضع الراهن و بقاء ألطبقة الحاكمة، وما أكثرهم في عراق اليوم.
حيث يهدف هذا التصوير الى ترسيخ واقع لهم مصلحة فيه، مصالح قسم من طبقة حاكمة، طبقة الرأسمال. وهي تسعى الى حرف أنظار الناس عن حقيقة وواقع الامور، والى طمس الحقيقة الواقعية والطبقية للمجتمع المنقسم إلى طبقتين أساسيتين: سائدة ومسودة، مالكة وغير مالكة، حاكمة وغير حاكمة، تغط احداهما بالثروات والنعم، وأخرى فقيرة ومعدمة ومحرومة. الطبقة البرجوازية وطفيلييها من جهة والطبقة العاملة ومعها سائر محرومي وكادحي المجتمع من جهة اخرى. وفي ظل انقسام المجتمع الطبقي هذا، تسعى الطبقات الحاكمة الى "غض النظرعن هذه الاوضاع وتصويرها بأنها نابعة من ثقافة المجتمع، وكأنهم، بلا حول ولا قوة تجاه مجابهتها وانهائها.
عشائرية وعشائرية!
ان العشائرية اليوم في العراق هي ليست عشائرية أوائل القرن المنصرم، المرحلة الاقطاعية، عشائرية علاقات الانتاج ما قبل الرأسمالية. فاليوم، لم يبق مكان "مادي" و"اجتماعي" لتلك العلاقات التي دمرتها البرجوازية وسيّدت علاقات انتاج اخرى محلها، علاقات انتاج رأسمالية صرفة. فإن كانت لها ارضية وأساس في مرحلة تاريخية معينة، فانها تفتقد هذا الاساس والارضية في عالم اليوم. ولهذا، فانها "مفتعلة" و"مصطنعة"، اي هناك قسم من المجتمع لديه مصلحة في اعادة احيائها والابقاء عليها، مثل الدين والأئمة والطائفة و...غيرها ! فالسبب سياسي، يتعلق بالوضعية السياسية أكثر مما هو مرتبط بواقع فعلي لا يمكن القفز عليه!
ففي اوائل سبعينيات القرن المنصرم، وبهدف التاكيد على الدولة ودور النظام البعثي بوصفه "أب الدولة" وبناء مجتمع عصري كسائر بلدان العالم المتقدم، سُنَّت القرارات المناهضة للعشائرية وحلّها وانهاء مكانتها في المجتمع، ومن بين هذه القرارات "قرار الغاء الالقاب" في أوائل سبعينيات القرن المنصرم، ولكن حين تردى وضع النظام البعثي واجهزته الامنية والقمعية بعد انتفاضة 1991، عَمَدَ النظام الى اللجوء للعشائرية واحياء دور ومكانة العشيرة في المجتمع بهدف السيطرة على السخط والمعارضة الجماهيرية له. ردَّ على تردي اجهزته الامنية وانهيار تنظيمات الحزب، حزب البعث، ووجوده الاجتماعي إجمالاً، عبر احياء العشائر ودعمها وتمويلها وكسب ولائات أزلامها، عبر رشوة أزلامها الطامحين للمكانة والسلطة والمال! كوسيلة لاعادة همينة النظام على المجتمع.
والشيء ذاته قد جرى بعد 2003. فاستناداً الى إرث البعث هذا، عاظمت الاحزاب وقوى السلطة السياسية القائمة من دور العشائر واشترت ذمم شيوخ العشائر واستمالتهم وذلك لأهداف انتخابية صرف وكسب موالين لهم ايام الانتخابات، وبالاخص ان الاغلبية الساحقة من الاحزاب المليشياتية الحاكمة منبوذة أو مهمشة إجتماعية الى ابعد الحدود. وحتى أحزاب معروفة من مثل حزب الدعوة او المجلس الاعلى فقدت جزء كبير من تنظيماتها بعد فترة قليلة من ممارسة الحكم وانفضاح ماهيتها السياسية والاجتماعية وفسادها ونهبها واجرامها. ولهذا يسعوا، وعبر العشائرية، الى ردم الهوة التي تفصلهم عن الجماهير عبر تقوية العشائرية. وهي، من جهة أخرى، تشكل اليوم "الموعود" بالنسبة للجماعات العشائرية وهي ترى تكالب هذه الجماعات عليها وتعاظم مكانتها وثرواتها ودورها في المجتمع ونهب ثرواته. وبالأخص، ان كلاهما كاحزاب مليشياتية طائفية واسلامية وكعشائر ينهلون من الاناء ذاته، إناء الرجعية والتخلف ومعاداة الانسان والحريات والحقوق وغيرها.
من يدفع ثمن هذه الوضعية؟ّ
مثلما ذكرت، ينهل الطرفان، اي العشائر والاحزاب الحاكمة، من نفس المنبع، يرنون الى الاهداف ذاتها، أهدافاً لا تمت بأية صلة بمصلحة الجماهير العاملة والكادحة، ليس هذا وحسب، بل معادية لحد النخاع لمصالحها وآمال الاغلبية الساحقة من المجتمع. لا يهم هذه الاحزاب والتيارات والجماعات و"مفكريهم" شيوع القيم والعادات والتقاليد البائدة جراء شيوع العشائرية. لا يهمهم وضع المرأة الدوني والعبودي، لايهمهم شيوع قتل النساء أو دفعن كـ"ديّة" او تعويض عند الجرائم ولحسم الخلافات، لا يهمهم دفع المجتمع ومدنيته والقيم المتقدمة والانسانية للوراء وشيوع قيم "الدكّة العشائرية" وغياب القانون والثار والقتل وعصبيات قرووسطية وغيرها من قيم بالية. انهم يتعقبون مصالحهم الضيقة حتى ولو على حساب تسييد حركة رجعية تعيد المجتمع قرن للوراء!
من يدفع ثمن هذه الوضعية هي مدنية المجتمع والمرأة وكل قوى التحرر والمساواة وكل الساعين الى عالم انساني وراقي. وأولهم، اؤلئك العشرين شخصاً الذي سقطوا في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل في ميسان، ثم في ذي قار. شباب تستغل العشائر "فورة دمهم" و"قلة بصيرتهم" المعروفة في مثل هذا العمر، شباب تم اغراقهم بالتخلف والجهل و"غسل دماغهم" بقيم العشيرة، شباب لا دولة ولا قانون ولا ... يحميهم، ولهذا يرمون انفسهم بالعشيرة كي تحميهم من انياب مجتمع متكالب وغير انساني وبشع. اذ تزودهم العشيرة بـ"قوة" و"حصن" لا توفره الدولة ولا القانون ولا.... ولهذأ تستغل الاحزاب الحاكمة وتوظف هذا الغياب للدولة والقانون وتكرسه كي تدعم العشائر وتديم وضعية شاذة وغير طبيعية لها مصلحة كبيرة فيها.
العشائرية، وتقسيم البشر على اسس عشائرية والتمايز العشائري هو عار بكل ما للكلمة من معنى على بشرية القرن الحادي والعشرين. وطالما هذه النزعة التي تتغذى من السلطة المليشياتية الطائفية والقومية قائمة لن يمكن الحديث عن حياة افضل للمجتمع. ان سبيل كنس هذه النزعة اليوم يمر عبر كنس السلطة المليشياتية الحاكمة، وارساء سلطة تستند الى الانسان نفسه وارادته الحرة والواعية بمعزل عن دين او قومية او طائفة او عشيرة.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكاسب انتفاضة جماهير ايران!
- حول سمات هبّة جماهير ايران
- شكرا لكم -لطفكم-، ولكن لتكف اياديكم عن النساء!
- كيف أطاح نضال المرأة في إيران، بـ-صروح- نظرية بالية؟!
- ما الهدف السياسي وراء ضجيج -عاشوراء والاربعينية- هذا العام؟!
- ان ما يبعث السرور هو وجود هذه الراديكالية العمالية والنسوية ...
- إنه نموذج لانعدام المسؤولية السياسية والأخلاقية!
- صور أفلتت كل هذه العفونة!
- حدود وأهداف حركة التيار الصدري الاخيرة!
- بصدد أهداف -الصلاة الموحدة-
- -قانون تجريم التطبيع-: -عرب وين ... طنبورة وين-!
- تكتيك مفضوح!
- الصراع في أوكرانيا ومهمة الشيوعيين!
- دور أمريكا في خلق هذه الحرب، ليس أقل من الدور الروسي!
- إنها ليست قباحة وزير، وانما قباحة طبقة!
- السعودية و-حجة قرداحي-!
- من فشل لفشل...!
- بصدد ما بعد إعلان نتائج الانتخابات وقرع الولائيين طبول الحرب ...
- أن تكونوا خلف القضبان، هذا ما تتطلع إليه جماهير العراق!
- بصدد خديعة -من تشرين الى تشرين-


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - حول العشائرية.... وحمامات الدم في مدن العراق!