|
الهاشمية السياسية -ملاحظات حول الحلقة الثانية-1-2
قادري أحمد حيدر
الحوار المتمدن-العدد: 7483 - 2023 / 1 / 5 - 13:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"الهاشمية السياسية" ملاحظات على ما ورد في الحلقتين.
(23)
*ملاحظات على الحلقة الثانية:
وفي ذات السياق من القراءة والفهم الذي أشرنا إليه في الحلقة الأولى (السابقة)، يقول العزيز عيبان، وتأكيداً لما يذهب إليه في دحض البدهيات والمسلمات في عقولنا الجامدة، وتأكيداً لنقده مصطلح "الهاشمية السياسية" يقول: "لا يفتأ الكثير من الكتاب والناشطين الاستشهاد بهذه الوقائع التي قام بها الإمام المتوكل على الله إسماعيل وغيرها من الأعمال التي قام بها أئمة آخرون وتقديمها كأدلة دامغة على ما يعتبرونه "التاريخ الأسود للزيدية الهادوية"، وممارساتها "الإجرامية"، بحق أبناء اليمن الأسفل التي تعبر عن عنصرية سلالية، وتعصب مذهبي مقيت ..إلخ من التوصيفات الباطلة. – والكلام لعيبان - لا يختلف اثنان حول توصيف تلك الوقائع بأنها "أعمال إجرامية"، - لاحظوا وضعه، أي عيبان، تعبير الأعمال الإجرامية بين مزدوجين والتي كتب أنه تحفظ عليها – الباحث – ولكن الاختلاف يكمن في طريقة فهم تلك الوقائع، ناهيك عن طريقة استدعائها، وتوظيفها في سياق يمن اليوم(1).
أتصور، والحكم هنا للقارئ الكريم، أن الكتاب والناشطين اليوم لا يحتاجون لاستجرار العودة إلى فتوى المتوكل إسماعيل، لتأجيج الثقافة المذهبية والطائفية والسلالية (العنصرية)، فما يحصل في الواقع اليوم يكفي ليرد على من يقول غير ذلك.
وهنا أسأل العزيز/ عيبان: إذا لم تكن "مدونة السلوك الوظيفي" والقول بــ"الولاية" وبـِ"الإمامة"، وهي أقسى أشكال ودرجات المذهبية والطائفية، وهي التي يعملون جدياً ومن خلال السلطة، وكل إمكانيات الدولة التي تقع تحت سلطتهم، لفرضها قهراً على الناس، هي إعادة إنتاج للمذهبية والطائفية، ، فماذا يمكنك، من وجهة نظرك تسميتها؟!
هي بحق، وبدون أي لغة خطابية، مدونة مذهبية طائفية وسلالية تفرض بالإكراه، وعلى أبناء المذهب الآخر أن يلتزموا بها ليس في أعمالهم الوظيفية بل وفي طقوسهم الدينية، وهي لا صلة لها بمذهبهم (الشافعي)!!.
ناهيك عن أن مبدأ "الولاية"، يجرد الناس من إرادتهم السياسية العامة، ويحجز اختياراتهم السياسية الحرة عند حد إرادة "الولاية" كما يقول بها المذهب السياسي الهادوي (الجارودي) في صورة حرية اختيار سقفها الأعلى هو ما تقوله "الولاية".
وكأن "الهاشمية السياسية المعاصرة" تحاول تكريس إعادة إنتاج المذهب الزيدي الهادوي (الجارودي)، كمذهب رسمي للدولة، بعد أن نقضت ثورة 26 سبتمبر 1962م، ذلك التاريخ السياسي، لتطرح حالة من تعددية المذاهب لا علاقة لها بالسلطة، كما هو حالنا اليوم مع "الهاشمية السياسية المعاصرة"، التي يرفض البعض القول بوجودها كفكرة وممارسة!!.
هي حالة عجيبة عبثية من الخلط بين السياسة والوظيفة والمذهب والدين والدولة ، ولا تفسير لكل ذلك سوى الجذر الأيديولوجي في القول إن الإمامة أصل من أصول الدين، وكل ذلك لا يراه ولا يعترف به البعض، مع أن ذلك أبشع وأقسى أشكال تعبير "الهاشمية السياسية" عن نفسها.
إن تماهي وتوحيد الدين بالسياسة، وبالسلطة والثروة تحديداً ، هو المصدر الأساس للحروب الأهلية والدينية، وهو الجذر العميق للتكفير الديني، والتخوين السياسي ،وهذا ما حدث ويحدث مع "الهاشمية السياسية" التاريخية والمعاصرة في صورة ما يحدث في البلاد اليوم.
ولمن لم يفهم، وحتى لا يقال إنني استدعي وغيري، فتوى الإمام المتوكل إسماعيل لإثارة الضغائن والكراهية المذهبية والطائفية ، هنا أجد نفسي مضطراً لمزيد من الإيضاح والتوضيح إلى تدوين نص الإقرار للموظف للالتزام بمدونة السلوك الوظيفي كما أنزلت إلى واحدة من مؤسسات الدولة، ،يقول النص: "أقر أنا (....)، بأنني استلمت نسخة من مدونة قواعد السلوك واخلاقيات العمل في وحدات الخدمة العامة، وأتعهد بالاطلاع عليها، والالتزام بما جاء فيها، وأتحمل كامل المسؤولية والإجراءات التأديبية المترتبة على مخالفة أحكامها"!! . هذا النص أيها العزيز/ عيبان ، فرض على العديد من مؤسسات الدولة للتوقيع عليه قهراً مالم فلن تستلم الراتب!! ومن لا يوقع على إقرار صك العبودية الوظيفية والسياسية والمذهبية، قد يعرض نفسه للفصل، وللعقوبات الجزائية، مدونة تعكس حالة اللامعقول السياسي والإداري والاقتصادي الذي تدار به البلد.
لاحظوا أننا أمام "صك عبودية"، حتى أنها لا تشابه "العبودية المختارة". لقد فاق الاستبداد السياسي والعنف المذهبي في هذه المدونة، وفي غيرها من السلوكيات الطائفية اليومية التي نشهدها، كل تاريخ الطغيان الديني في التاريخ الحديث والمعاصر، أنت فقط لا خيار أمامك سوى "الاطلاع والالتزام بما جاء فيها" كما جاء في نص اقرار الموظف على نفسه، وتتحمل فوق ذلك كامل الإجراءات التأديبية (الجزائية/ العقابية) على مخالفة أحكامها دون أن توضع أمامك وتوضح لك حتى ما هي حدود هذه العقوبات؟ وعلى ماذا ستعاقب بالضبط؟! وكيف سيكون العقاب وحدوده؟
إن المدونة هي فتوى إكراهية تفوق فتوى المتوكل إسماعيل قبل أكثر من ثلاثمائة سنة!! بعد حساب فارق الزمن التاريخي، ولا يحتاج الكتاب والناشطون اليوم، أيها العزيز/ عيبان، إلى العودة إلى فتوى المتوكل إسماعيل "للنفخ في بوق الطائفية" كما أشرت يا عيبان في الحلقة الثانية من مقالتك.
إن ما أستغربه حقاً، ونحن في القرن الحادي والعشرين، وفي العقد الثالث من الألفية الثالثة، أن نجد كائناً من كان، وباسم الموضوعية والعقلانية والواقعية التاريخية المستندة إلى شروط البحث العلمي، يحاول جاهداً أن يجد تبريراً سياسياً (مناخاً سياسياً )، لشرعنة الفتوى أو التخفيف من وطأتها على الوعي الاجتماعي، والفكر والحس السليمين في قراءة التاريخ السياسي، وهو فعلاً تاريخ سياسي اجتماعي معقد وشائك، تاريخ يشتبك فيه المذهبي، بالطائفي، بالديني، بالسياسي، بالاجتماعي بالاقتصادي، بالحرب،"الجهاد", على خلفية "التكفير الديني".
واستطيع القول إنني أول مرة أقرأ تبريراً أو تلطيفاً سياسياً لفتوى اجرامية بكل المعاني والمقاييس، - بدون مزدوجين لكلمة اجرامية كما فعل عيبان - فتوى أدانها الجميع، وتكاد تكون من الفتاوى التي وجد حولها اجماع نقدي، رافض ديني، وسياسي، واجتماعي، واخلاقي، لخطورتها وسوئها، من بعض علماء اليمن، في ذلك الحين، الا من كان مع خيار الفتوى وداعما أو منتجاً لها مثل كاتب سيرة الإمام المتوكل، المطهر بن محمد الجرموزي( الكاتب الرسمي), في كتابه "تحفة الأسماع والأبصار...".
وفي تقديري أن المؤرخ المطهر الجرموزي يكاد يكون الوحيد – طبعاً إلى جانب فقهاء السلطان - الذي دعم الفتوى والذي رأى "أنه أي شيء من حيث المبدأ يعرضه الإمام على الناس من أجل المصلحة العامة هو قانوني"، بما فيه فتوى التكفير بالإلزام إلى جانب الضرائب التي استمر في فرضها الإمام إسماعيل بن القاسم في عام 1085هــ/ 1674م، مثل ضريبة الصلاة على الشخص الذي يصلي (مطلب الصلاة) ضريبة التبغ "التنباق" ضريبة الربح "مطلب الرباح" ورسم الرصاص "الطلقة"، ورسم الأمير "مطلب سفرة الوالي" ورسم العيدين (...)وضرائب أخرى غير معروفة ، ضريبة يدفعونها أصحاب الحوانيت في الأسواق، لشيخ الليل "العسس"(2).
لا حظوا هنا أنه (أي المطهر الجرموزي) لم يقل عن الفتوى، إنها شرعية ودينية، بل قانوني، - كما أشارت الباحثة سلوى الغالبي، في النص الذي تم إيراده - أي أننا أمام دفاع سياسي عن إمامه وولي نعمته، علماً أن مؤرخ وكاتب سيرة المتوكل إسماعيل، المطهر الجرموزي لم يتعرض في جزئي كتابه لعرض وبحث الفتوى وكأنها لم تكن.
والملفت للنظر هنا أن العلامة شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني وهو في معرض ترجمته للعلامة الحسن بن أحمد الجلال "أفرد قائمة لأهم أعمال الجلال، إلا أنه لم يرد لتلك الرسالة/ الفتوى (براءة الذمة في نصيحة الأئمة) بالرغم من قيمتها العلمية ومطارحاتها الجرئية لقضايا شرعية مسيسة ترقى إلى مستوى باكورة أعماله الفقهية (ضوء النهار المشرق على صفحات الأزهار)، لولا أن صاحب كتاب طبق الحلوى وصحائف المن والسلوى) سرعان ما تنبه إلى تلك المسألة المسكوت عنها في كتب التراجم والسيرة فكتب عنها (3)
حقاً، لقد ابتدع المتوكل على الله إسماعيل ضرائب هي عقوبات مالية واقتصادية، ما أنزل الله بها من سلطان، كما أشار إلى ذلك ابن أخيه يحيى بن الحسين مستنداً على الآية القرآنية " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ",(4), فرض ضرائب تتناقض وتخالف ما كتبه عنه مؤلف سيرته، المطهر الجرموزي من أنه رحيم ولديه عطف وشغف بالفقراء والضعفاء. ومما جاء في ذلك "أنه رأى شدة ما الناس عليه فخلى في موضع من بيته الطاهر مفتوحاً إلى السماء، فجعل يبتهل ويتضرع ويبكي، فما عاد من موضعه إلا وقد التفتَّ ثيابه عليه من المطر"(5)، فكيف يبتهل ويتضرع ويبكي إلى الله داعيا إنزال المطر، رحمة بالفقراء، وهو من فرض الضرائب المجحفة والجائرة التي لا سابق لها، في تاريخ الجبابات "الفيد"، والتي كانت تطال أفقر الفقراء وهم من نسميهم اليوم بــ"البطالة المقنعة/ عمالة الشوارع"، وهو ما أشارت إليه د. أمة الغفور الأمير، وذلك حين تم فرض ضرائب على الجزارين، وعلى من يبيعون في الشوارع، الباعة (البساطين) (6)، الذين يبيعون على الأرض، ولا محلات تدل على تجارتهم. ، وهم من نطلق عليهم اليوم أصحاب "العربيات"، حتى في الأسواق الهامشية، من أهل مناطق اليمن المختلفة الفقراء. وسترون أنه بين تاريخ خروج الأتراك 1635م، وتاريخ الاستمرار في فرض الضرائب أو الجبايات الجائرة وفقاً لسنة إصدار الفتوى العام 1648م، وما بعدها من إجراءات جبائية مجحفة، كما تشير إلى ذلك المصادر التاريخية، جبايات استمر اصدارها وفرضها بأشكال مضاعفة رغم الانتقادات لها , حتى تاريخ 1674م، هناك قرابة (39) سنة، تسع وثلاثين سنة، من عام خروج الأتراك من اليمن، فعن أي مناخ سياسي مساعد، أو مناخ تحريضي كان قائماً في مقاومة الأتراك!!
بل إنه فرض إصدار "قانون صنعاء"، الذي أصدر في سياق خدمة الفتوى ، وليس تنظيم الأسواق ورفع الجبايات الظالمة، أو التخفيف منها، والتي طالت كل سكان الجنوب" والشرق ، أو ما تسميه بعض الكتابات ، "اليمن الأسفل ", مقابل " اليمن الأعلى", بصرف النظر عن صحة ودقة التسمية، بعد أن فرض "الجزية" على التجار البانيان (الهنود)، الذين يمارسون التجارة في اليمن، وكانوا في تقديري، يساعدون في حل بعض المشاكل المالية والتجارية للناس، ولذلك رفض غالبيتهم الجزية، وعادوا إلى الهند،(7), كما يشير كاتب سيرته، وهو ما كان قطعاً يؤثر على عملية وحركة النشاط التجاري والاقتصادي، على محدوديته، والذي لاتستطيع أن تقرأ حوله ما يدل على نشاط زراعي أو تجاري أو صناعي، أو عمراني، وفقاً لما تضمنته الكتابة الرسمية، في سيرة المطهر الجرموزي، عن المتوكل على الله إسماعيل .
وحول "التكفير بالإلزام" التي قال بها المتوكل واستند عليها في فتواه وعارضها، ونقضها شرعياً العديد من العلماء يقول : "الإمام الحسين بن أمير المؤمنين القاسم كان يمثل حالة انفتاح ديني، وكان رحمه الله يرى أن الخلاف بين العلماء في أصول الدين لفظي، وأنه لا يجوز التكفير والتفسيق بالإلزام"(8).
بما معناه رفض الفتوى، ورفض السياسة المالية والجبائية الجائرة، وغير الشرعية للمتوكل إسماعيل، المستندة عليها .
لقد خاض الأئمة من بيت شرف الدين، ومن بعدهم آل القاسم بن محمد، (المنصور)، ومعهم جميع أبناء اليمن من المناطق اليمنية المختلفة حروبهم ضد العثمانيين خلال فترة حكمهم لأسباب اقتصادية اجتماعية مالية بدرجة أساسية، أي بسبب الظلم الاقتصادي الاجتماعي، بما فيه الفساد الأخلاقي والإداري والمالي، ولكنهم ما إن استولوا على السلطة (الأئمة القاسميين) حتى ما رسوا ذات الممارسات العثمانية، وحافظوا على كل ما كان قائماً وسائداً في الفترة العثمانية على أنهم جميعا لم يفكروا في تكفير أبناء المذهب الآخر (الشافعي) لتوسيع نطاق الجبايات والضرائب، وتحويل أراضيهم "العشرية" إلى أراضي "خراجية" والتي وصلت حد فرض ضريبة على الصلاة ... إلخ كما كان الحال مع الإمام المتوكل على الله إسماعيل!!
وهنا نجد أن أبناء الجنوب (اليمن الأسفل)، والمشرق، كانوا هم ضحايا العنف المزدوج : ضحايا الاستبداد الإحتلالي العثماني، وضحايا ظلم وقهر الأئمة القاسميين، وخصوصا في صورة فتوى الإمام المتوكل على الله إسماعيل وحربه وتكفيره لهم .. فقد كان يحاربهم "جهاده التكفيري" ويجيش الجيوش ضدهم للاستيلاء على أراضيهم بالأموال التي يصادرها منهم عنوة وقهراً وباسم الدين!!
والحديث حول ذلك يطول ولا يتسع له هذا المقام من الرد، ويمكنكم العودة إلى المؤرخ يحيى بن الحسين بن القاسم في كتابه "بهجة الزمن في تاريخ اليمن"، الذي يعارض فيه فتوى عمه المتوكل إسماعيل.
ولا أتصور أن هناك من يمكنه أن يسقط أخطاء وجرائم العديد من أئمة الزيدية الهادوية ، على كل المذهب الزيدي أو على الفكر الزيدي في العموم، أو على أبناء هذه المناطق المقهورة. فمع مثل هكذا منطق من القراءة ، ومن التفكير سنجد أنفسنا أمام قراءة تعميمية إطلاقيه هي أقرب للتفكير العدمي والعبثي (قراءة لا تاريخية)، وهي في الغالب أحكام ذاتية مجانية ومجانبة للقراءة الموضوعية العقلانية النقدية التاريخية، فليس كل التاريخ السياسي للأئمة بالإطلاق. وفي العموم هو تاريخ الحسين بن القاسم بن علي العياني، ولا هو كذلك تاريخ، عبدالله بن حمزة، مع المطرفية، ولا هو كذلك تاريخ المتوكل على الله إسماعيل في فتواه، ولا هو تاريخ تكفير بيت حميد الدين، لأبناء تعز/ الحجرية في عشرينيات القرن الفارط، وحروبهم السياسية "الجهادية"، ضد التهائم، التي ارتكبت خلالها جرائم فظيعة، ضد أبناء هذه المناطق.
كما نجد كتابات تاريخية منصفة لبعضهم، ومنهم الإمام الحسين بن أمير المؤمنين القاسم بن محمد، وكذلك كتابات ابن أخ المتوكل إسماعيل، في صورة المؤرخ/ يحيى بن الحسين بن القاسم، وغيرهما.. علماء عارضوا ورفضوا فتوى المتوكل إسماعيل، وعلى رأسهم العلامة الحسن الجلال، وهي معارضات تعكس وتمثل رؤية الأقلية المستنيرة ، وليس التيار الغالب في (الهادوية)، أو "الهاشمية السياسية" - أقصد الأقلية في النخبة المفكرة من فقهاء السلطان - وهي قطعاً آراء ووجهات نظر محددة في قلب التيار "الهادوي" وهي أيضاً التي تقول إننا أمام مذهب مفتوح كمذهب، وكفكر، ولكن أغلقته الإمامة الدينية والسياسية أي "الهاشمية السياسية"، على نفسه، وعلى المجتمع من حوله فارضة عليه حالة من الجمود، بتعظيمهم "للجهاد" على "الاجتهاد". ولذلك ستجد أن الإمامة في كل تاريخها السياسي لم تتمكن من إنتاج فكر سياسي خاص بها، يساعد في خلق نظام سياسي مستقر وبناء الدولة، ومع ذلك، وجد من داخل المذهب من يدافع عن عقلانيته واستنارته، التي ما تزال تتمسك بزيدية الإمام زيد بن علي، خاصة وأن فتوى المتوكل إسماعيل تعرضت لقضية دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية عامة حولها إجماع عند معظم علماء المسلمين. وهو ما شكل حراجة سياسية مذهبية عند بعض العلماء المستنيرين من الزيدية الذين لم يسيروا مع التيار الهادوي "الهاشمية السياسية"، إلى النهاية في أيديولوجية التكفير، فضلاً عن رفض ديني للفتوى من أغلبية المسلمين.
إن الغاية الاستراتيجية من فتوى الإمام المتوكل على الله إسماعيل، كانت سياسية واقتصادية هدفها : التوسع في جغرافية البلاد تحت شعار التوحيد للأرض، والهدف المباشر (الاقتصادي)، منها هو نهب وغنيمة الثروة (المال)، بعد أن اقطع الإمام المتوكل إسماعيل معظمها في (العدين) وغيرها، لرموز النخبة من أفراد أسرته وأعوانه كما تشير المصادر التاريخية.
إن الطبيعة التكوينية لأئمة الزيدية الهادوية في طبعتهم (الجارودية)، من حيث طبيعة تفكيرهم الأيديولوجي، وتكوينهم السياسي الثقافي، القائم على الغلبة والتغلب هي "الخروج" كمبدأ شرعي/ ديني، والأهم تحول الإمامة من إمامة دينية (خلافة عامة)، إلى "الهاشمية السياسية" ، وبدون عصبية محلية وازنة ومؤثرة في المجتمع، كل ذلك جعل الأئمة يتكيفون ويتواءمون مع واقع البنية القبلية (شيوخ القبائل)، في صورة وحدة وصراع، حيث تجتمع على المستوى الفكري والاجتماعي المتناقضات (الشرع/ والأعراف), (السيد/ والشيخ)، حتى وجد الأئمة انفسهم في مراحل مختلفة يُغلِّبون العرف, والعصبية الأسرية "الهاشمية السياسية"، على النص الشرعي "الديني" كما كان الأمر مع فتوى المتوكل على الله إسماعيل، الذي حول العصبية الأسرية إلى سلطة مخصوصة بــ"الهاشمية السياسية"، ولذلك حول الأرض "العشرية" لأبناء الجنوب والمشرق، إلى أرض "خراجية" وليس شعار التوحيد بــِ"التكفير بالإلزام" سوى ورقة سياسية للتمدد في الأرض للاستيلاء على الثروة، وليس لإنجاز شعار "الوحدة" كما يتوهم البعض، أو كما هو شائع في خطاب فقهاء السلطان ، لأن فكرة الوحدة والتوحيد "الوطني"، لم تكن حاضرة في عقل الإمام المتوكل إسماعيل، إلا بمعنى الغنيمة والفيد، فالفتوى غايتها الغنيمة للأرض، ونهب أموال من كفرهم .
إن المتوكل على الله إسماعيل تمثُّلٌ وتجسيد لظاهرة موضوعية وذاتية تاريخية، وايديولوجية، وهي مستمرة ما دامت شروطها الذاتية مستمرة، وهي الزيدية الهادوية "الهاشمية السياسية"، وليست حالة فردية، كما يذهب إلى ذلك عيبان في سياق تخفيفه وتلطيفه من عنف وجور فتوى المتوكل على الله اسماعيل، وبهذا المعنى هي ظاهرة متكررة، وتعبير وتجسيد عن موقف مذهبي طائفي تجاه المغاير المذهبي والفكري والسياسي، وليس كما كتب عيبان بــ"بطلان قول البعض بأن تلك الفتوى تعبر عن موقف مذهبي من قبل الزيدية الهادوية ، إزاء الشافعية، أو أنها تمثل إحدى القناعات الأيديولوجية لما يسمى "الهاشمية السياسية" .(9).
إن الفتوى عند هذا التيار، أو هذه المجاميع الكبيرة،في صورة " الهاشمية السياسية", هي قناعة أيديولوجية/ سياسية، ضد الشافعية، وضد الإسماعيلية أكثر ، بل وضد كل من يعارضهم ويخالفهم من رموز الحداثة والمدنية والعلمانية الديمقراطية في يومنا هذا. إن فتوى المتوكل على الله إسماعيل ، وما سبقها من فتاوى، وما لحقها من فتاوى، وما قد يصدر بعد ذلك ، وهو ما نسمع عن بعضه اليوم، أيها العزيز/ عيبان جميعها عنوان أيديولوجي وسياسي ومذهبي، لمسمى "الهاشمية السياسية".
إننا حقاً ومع المذهب الإمامي الهادوي، "الجارودي" ، لا يمكننا الفصل بين المذهبي والديني، وبين السياسي، وحتى المعنى "الجهادي"، وهو الأمر الذي مثل عقبة حقيقية أمام تطور المذهب، وأمام إنتاج فكر سياسي يتوافق مع حقائق السياسة والاجتماع والسلطة (النظام السياسي)، والبداية مع الهادي كانت في التغيير الجذري في أصول المعتزلة الخمسة، - كما سبقت الإشارة- حين استبدل مبدأ، وأصل "المنزلة بين المنزلتين"، بأصل الإمامة باعتبارها أصلاً من أصول الدين، (10)، وهو ما تشير إليه مصادر تاريخية عديدة، ، وهو أمر له صلة بالمذاهب والأديان التي تماهي وتوحد وتمزج بين الديني والسياسي، وتجعل من الدين أداة لخدمة السياسة والسلطة (الإمام/ الإمامة)، والعكس صحيح، والزواج الكاثوليكي في العصور الوسطى الأوروبية المسيحية، وما قبلها "الملك/ الكنيسة"، هو قمة التعبير عن ذلك المعنى والمفهوم. والمتوكل على الله إسماعيل وغيره عشرات ومئات نماذج صارخة في التاريخ السياسي الإمامي للتعبير عن هذه الأزمة في تطور المذهب، وفي عجز الفكر السياسي عن مواجهة الحياة، والتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بصورة سلسة وطبيعية (عقلانية). وتاريخ العنف ضد المجتمع في كثير من المراحل الإمامية، قد يكون سببه إلى جانب عوامل أخرى، هذا البعد الكارثي من العلاقة بين الديني، والسياسي بدون انفصام، وقد أشار القاضي/ العلامة عبدالله بن عبدالوهاب الشماحي إلى ذلك قائلاً: "إن الهادي مؤسس دولة، ومؤسس مذهب ، ربط بينهما بقاعدة الإمامة الضيقة، فأخطأ على الدولة، وعلى المذهب جنى أن قيد الدولة والمذهب من الانطلاق الذي هما كانا مهيئين له، لو تخلصا من هذا القيد، فالدولة ذات عناصر قوية أضعفتها عنصرية الرئاسة، والمذهب ذو أنظمة اجتماعية واقعية جذابة نفر من ربطه بالإمامة المتحجرة، وقد كان الإمام زيد بن علي أبعد نظراً من الهادي، فقد أبى أن يأخذ بنظرية حصر الخلافة على أبناء جدته فاطمة الزهراء، ثم يربط بهذه الإمامة مذهبه، ويبني عليه دعوته ودولته"(11)،
وهنا تكمن الأزمة في المذهب ، وتحديداً الأزمة في الفكر السياسي الإمامي، وهي أزمة جمعت بين حكم سياسي عضوض، بخلفية أيديولوجية "الحق الآلهي".
أي أن الأزمة تجسدت، وتمثلت في عدم تحديد أدوات ووسائل وطرائق أخذ الإمامة (انتقال السلطة)، من إمام إلى آخر، بصورة شرعية وعملية سلسة. بعد أن تحولت الخلافة/ الإمامة إلى حق ديني/ إلهي.
لقد قام الإمام أحمد بن يحيى المرتضى، بإعادة ترتيب وتبويب وتنظيم شروط الإمامة الزيدية، دون أن يحدد لا هو، ولا غيره عملية وكيفية انتقال السلطة بدون حروب، والسبب الأول، شرط البطنين والسبب الثاني شرط ومبدأ "الخروج"، الذي ترك الباب مفتوحاً لكل من له القدرة على إشهار سيفه، وإعلانه "الخروج"، لأخذ الإمامة، وفق منطق الغلبة والتغلب، وهذا ما يفسر وجود وقيام ثلاثة وأربعة أئمة في منطقة صغيرة مثل صنعاء، وغيرها، (㿌), وهنا إلى جانب ما سبق ، يكمن أحد أبعاد أزمة الفكر السياسي الزيدي، حول مسألة الإمامة/ السلطة، وانتقالها، وقد ناقشت الباحثة أشواق غليس، هذه المسألة بتوسع نسبي في رسالتها للماجستير" (㿎).
في تقديري، أن المتوكل إسماعيل كشخصية سياسية وسلطوية قد بالغ في تقدير حقه السياسي في الإمامة إلى الحد الذي تجاوز كل الخطوط الحمر الدينية، والسياسية والاجتماعية، التي عليها إجماع في صلاحية حدود سلطة وحكم الإمام، مثله مثل العديد من الأئمة الذين بالغوا وشطحوا في فتاواهم ضد معارضيهم، كما هو الحال مع عبدالله بن حمزة الذي لم يكفر "المطرفية"، وقبلهم الأيوبيين، بل واستباح دماءهم وأموالهم حتى سبي نساءهم وقتل رجالهم،(أي المطرفية), دون إنكار أن حالة أو ظاهرة تكفير الأئمة أو غالبيتهم لكل من يعارض القول: بحقهم في الإمامة الدينية، وفي شرط البطنيين، فقد كان ذلك يواجه بالحرب وبالتكفير. فعند هذا الأمر يتفق غالبيتهم، ولكنهم يختلفون في الموقف من تكفير المسلم، وفي الموقف من فتوى المتوكل على الله إسماعيل الذي أجاز لنفسه ليس فحسب أخذ ضرائب جائرة مجحفة جردت طائفة واسعة من مذهب معين في حقها في التصرف بأموالها، بل وكفرهم. مع أن المتوكل على الله إسماعيل كان يمكنه أن يصدر الفتوى " الجبائية" تحت تبرير الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وحاجة الحكم/ السلطة إلى مثل تلك الإجراءات الجائرة لمواجهة تحديات الحكم، وسيجد في النصوص وفي الأحكام الفقهية والمذهبية الهادوية ما يساعده على ذلك، ولكنه لم يغادر عقلية التكفير للآخر، وعدم القبول به، فكانت الفتوى، وكأنه مع الفتوى (الفتنة) وجد نفسه يحقق رغبته في الفيد، وفي فرض قناعاته المذهبية المتعصبة بذلك الإجراء المزودج أو المركب، الحرب، والفيد والتكفير.
وفي فترته ضيَّق على الناس من أصحاب المذهب الآخر، وفرض زيادة في الأذان بهذه المناطق بــ"حي على خير العمل"، كما منع قراءة كتاب "راتب الحداد" في حضرموت، وهو كتاب يحتوي أدعية دينية، ومواعظ، ولا صلة له بالسياسة، كتاب أثير عند أبناء حضرموت "قل أن يعقد مجلس وعظ أو تذكير بين الحضارمة، إلا ويستشهد فيه بكلام الحداد" (㿎)، وفي نفس الاتجاه، وسيراً على منوال الإمام المتوكل إسماعيل ، في التدخل في حياة الناس الدينية، وفرضه طقوسه المذهبية عليهم في طريقة ادائهم لطقوسهم المذهبية والثقافية الاجتماعية، فإن الأمير أحمد بن حسن بن القاسم الذي دخل "فتح حضرموت" قام "بتحريم، كل ما لا يقره مذهب الزيدية ، ونودي بأن يزاد في الآذان "حي على خير العمل"، تطبيقاً للمذهب الزيدي في صيغة الآذان، ومنع الناس في "تريم" من إقامة الذكر المعروف بــ"راتب السقاف" كما يشير إلى ذلك د. حسين العمري. (15).
"وقد بلغ بسلطات صنعاء أن تدخلت في تفاصيل حياة الناس اليومية إلى حد أنها استدعت "كل سنادنة ومؤذني جوامع ومساجد مدينة إب، وأخذ عليهم العهد والميثاق أن يدخلوا في ألفاظ الآذان ولإقامة لفظ حي على خير العمل.. كما سلم لخطباء الجوامع والمساجد ورقة مملوءة بالخطبة الثانية من يوم الجمعة كيف يخطبون بها، وسرد فيها الأئمة الزيدية من أولهم إلى آخرهم مقرونين بكل تمجيد وتعظيم (16).
ولا تفسير لكل هذه الأعمال والممارسات المذهبية والطائفية سوى وهم نقل وتعميم نشر المذهب الرسمي للأئمة على كل البلاد .. توحيد الناس بالمذهب الزيدي" الهادوي/الجارودي", وتوحيد ملكية الأرض بالإمام وأسرته، وهو ما يراه البعض توحيداً لليمن !!
وهي فترة/مرحلة ،تحولت فيها الأرض اليمنية إلى قسمة بين الأسرة/الأسر القاسمية، كرسها المتوكل على الله إسماعيل، ومن جاء بعده، وحول هذا المعنى، وفي هذا السياق يشير العلامة المؤرخ،محمد زبارة، في مؤلفه (نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف....), كيف كانت تتم مقاسمة ارض اليمن بينهم، قائلا : " ثم وقعت المقاسمة للبلاد على حسب الشروط المتقدمة، فصار إلى صاحب المواهب، بلاد خبان وبلاد ريمة وبيت الفقيه، وصار إلى المولى العلم القاسم بن الحسين، بندر عدن والمخا ولحج وحيس وصنعاء وبلادها واللحية والزيدية وأبي عريش وحجة وكحلان عفار والشرفين والسودة، وإلى المولى محمد بن اسحق وأخوته بلاد وصاب وتعز والعدين وشرعب ومغارب ذمار، وإلى المولى محمد بن الحسين بن عبدالقادر بلاد كوكبان جميعا...",(17).
هذا هو منطق وواقع التوحيد لليمن الذي يتحدث عنه البعض اليوم ، وعي وفهم أيديولوجي مسطري نقلي(ميكانيكي) للتاريخ .
وبهذا المعنى، وفي هذا السياق التاريخي من القراءة والفهم لا يمكننا اعتبار المتوكل إسماعيل - وغيره- حالة فردية، كما ذهب إلى ذلك عيبان، هي ظاهرة متكررة في التاريخ السياسي للإمامة، أو في تاريخ "الهاشمية السياسية".
تاريخ، يحتاج إلى قراءة وبحث أشمل وأعمق مما أضعه بين أيديكم في هذه الصفحات العجولة .
أنا أفهم وأتفهم أن الواقع الموضوعي التاريخي (السياسي الاجتماعي الاقتصادي)، ليس وحده من يصنع التاريخ، وخاصة في مثل تلك القرون والعصور التي وجد وكان فيها المتوكل على الله إسماعيل، - بل وحتى اليوم - ومن أن للأفراد تحديداً في مثل تلك المراحل والبلدان، دوراً كبيراً في تحديد اتجاهات مسار التاريخ (صناعته)، في لحظة معينة، بهذا الاتجاه أو ذاك. فالسياق التاريخي الذي أشار إليه عيبان، لم يكن حركة ساكنة ، تحركها العوامل الموضوعية التاريخية وحدها، فتدخل إرادة الفرد، الأفراد في صناعة التاريخ كبيرة حيث التاريخ تصنعه الحقائق والوقائع والأحداث، ولكن في واقع يعطي للأفراد دوراً كبيراً في صناعته، نتيجة غياب المؤسسات، وطبيعة الدولة التقليدية، وتجمع سلطات جميع المؤسسات بيد الفرد، الملك/الإمام، وهيمنة الأيديولوجية الدينية، فما بالكم حين يحل الإمام/الإمامة، بديلا عن الدولة .. إمام / فرد، يرى في نفسه حاكماً "بوصية" أو أمراً إلهياً، حيث الفرد/ الإمام هو الدولة، وهو ظل الله في الأرض، ومن هنا تقديسه، خاصة في واقع تماهي الدولة فيه، وفي إمامته، وهو ما كان يعطي الحكام الأئمة، الملوك، سلطة طاغية وطغيانية على السياسة والفكر والمجتمع والسلطة. وبهذا المعنى كانت الفتوى تعبيراً عن سياق ذاتي بدرجة أساسية، وموضوعي وتاريخي هو ما أنتج الفتوى، بمثل ما أنتج فتاوى عديدة في ذات الاتجاه، مع هذا الإمام أو ذاك، وهي ما تزال مستمرة حتى اليوم.
فالإمام المتوكل على الله إسماعيل، هو ظاهرة تاريخية، بقدر ما هو كذلك، حالة فردية مستبدة، لها دورها الكبير في صناعة التاريخ وتحديد اتجاهاته بهذا المسار أو ذاك، ولو كان لكلمة "لو" من معنى في سياق قراءتنا للتاريخ، لقلت أشياء قد يكون لها معنى في هذا السياق، مثل: لو كان الإمام، هو المؤرخ يحيى بن الحسين بن القاسم، الذي رفض أي موقع إمامي أو رسمي، أو أمثاله، هل كان مسار التاريخ سار بمثل ذلك المسار الذي فرضه المتوكل على الله إسماعيل، والدليل على ذلك أن الإمام المؤيد (محمد الكبير)، الذي حكم من بعد خروج الاتراك 1635م، إلى 1644م، مارس ونهج نهجا فكريا وسياسياً واقتصادياً، مخالفاً لممارسة وسياسة المتوكل على الله إسماعيل، الذي جاء لينقض ويخالف ذلك النهج وتلك الممارسة؟ هذا مجرد سؤال افتراضي لا مكان له في القراءة التاريخية، ولكنني أوردته لأدلل على دور مكانة الفرد في التاريخ، وظاهرة "ستالين" و"هتلر" في التاريخ المعاصر، وغيرهما خير شاهد على ذلك.
إن دور الفرد،/ البطل أو المجرم القاتل/ الحاكم، في التاريخ السياسي ما يزال قائماً وحاضراً وفاعلاً حتى يومنا هذا، وهي فكرة وقضية تم مناقشتها في الأدب السياسي، وفي الأدب الروائي، وفي الأدب الاجتماعي، وفي النقد الأدبي، بأشكال وصور مختلفة. وأنا هنا لا أذهب مع رأي "توماس كارلايل" في كتابه "الأبطال وعبادة البطولة" على صحة رؤيته من بعض النواحي، ولكني أضع الفرد في سياقه الموضوعي التاريخي.. أقرأ دور الفرد في شروطه التاريخية، شروط ضعف الدولة، وهيمنة الدولة التقليدية، وفي غياب مؤسسات الدولة، (الدواوين)، وهيمنة الأيديولوجية الدينية على مناحي الحياة الفكرية والسياسية والإجتماعية، وهذه مجتمعة هي التي تصنع ظاهرة دور الفرد في التاريخ، سلباً وإيجابا، علما أن المفكر (توماس كارلايل) جعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم في قائمة "بطل أبطاله".
الهوامش:
1-عيبان السامعي، (الحلقة الثانية ).
2-سلوى سعد الغالبي : الأمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، ودوره في توحيد اليمن...، ص166-167. 3-د.عبدالعزيز المسعودي (الشوكانية الوهابية تيار مستجد في الفكر العربي الحديث)، مكتبة مدبولي/ القاهرة، ط 2006م، ص121.
4- د. رياض الصفواني: موقف العلماء اليمنيين من سياسة أئمة الدولة القاسمية، صنعاء، مركز الدراسات والبحوث ط(1),2015م،ص 203
5-المطهر الجرموزي : تحفة الأسماع.. ـ نفس المصدر، ص620.
6- د. أمة الغفور عبدالرحمن الأمير : الأوضاع السياسية في اليمن في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي (1054-1099هــ/ 1944-1688م)، مع تحقيق "بهجة الزمن من تاريخ اليمن" للمؤرخ / يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد ط(1)، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية ، صنعاء، 1429هــ/2008م، ص91.
7 -انظر عبدالحكيم عبدالمجيد الهجري: دراسة وتحقيق، لكتاب، المطهر بن محمد الجرموزي " تحفة الاسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب الأخبار "، ص67.
8-انظر عبدالله بن علي الوزير : تاريخ طبق الحلوى وصحاف المن والسلوى في تاريخ اليمن خلال القرن الحادي عشر الهجري (1045هــ-1090هــ)، تحقيق: محمد عبدالرحيم جازم ، عن مركز الدراسات والبحوث ط(2) 2007/ 2008م، مكتبة الجيل الجديد ، ص80-81.
9-عيبان السامعي : الحلقة.
الثانية، بتاريخ، 12/9/2022م. 10- د. علي محمد زيد: معتزلة اليمن، دولة الهادي وفكره)، دار الكلمة ، 1985م، ، ص225-252. حيث يشير إلى إن الإمام الهادي "يدخل المعتزلة في عداد الفرق الهالكة، أي أنه يكفرهم. وهذا أمر لم يستطع ابن المرتضى فهمه ..." والتعايش حول هذه الفكرة والمسألة والحديث حول ذلك يطول. انظر د. علي زيد نفس المصدر، ص35.
11- عبدالله الشماحي: (اليمن الانسان والحضارة ص،148. وقد أكد الاستاذ / أحمد محمد الشامي، هذا المعنى والفكرة في كتابه "تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي" دار النفائس بيروت ط(1)1987م، ص112.
㿌- انظر تاريخ الحرازي. فترة الفوضى وعودة الأتراك إلى صنعاء/ السفر الثاني في تاريخ الحرازي / 1276هـــ/1872م، تحقيق ، ودراسة د. حسين العمري، دار الفكر دمشق، دار الحكمة اليمانية/ صنعاء، ط(1)، 1986م، ص26-27.
㿍- د. أشواق غليس: (التجديد في فكر الإمامة عند الزيدية في اليمن، مكتبة مدبولي / القاهرة ط(1)، 1997م، ص110-115.
㿎-محمد بن أحمد الشاطرى ج(2)، ص321-322، نقلاً عن سلوى الغالبي، مصدر سابق ، ص70، هامش* أي بعلامة نجمة.
15-د. حسين عبدالله العمري: تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، (922-1336هــ/1516-1918م)، دار الفكر، دمشق/ سوريا، دار الفكر المعاصر/ لبنان، ط(1)، 1997، ص56-57.
16-)، د. عبدالعزيز المسعودي (الشوكانية الوهابية...) ، نفس المصدر، ص130
17 محمد بن محمد بن يحي بن عبدالله بن أحمد بن إسماعيل بن الحسين ابن أحمد زبارة....( تقاريظ، نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف، إلى 1357 هجرية/المشتملة على تراجم نبلاء اليمن بالقرن الثاني عشر للهجرة), مركز الدراسات والبحوث اليمني- صنعاء/المجلد الأول، ص 616, بدون تاريخ نشر.
#قادري_أحمد_حيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهاشمية السياسية: ملاحظات على الحلقة الثانية 1-3
-
الهاشمية السياسية -ملاحظات على ماورد في الحلقتين- 3-3
-
الهاشمية السياسية -ملاحظات على ماور في الحلقتين -2-3
-
الهاشمية السياسية - ملاحظات على ما ورد في الحلقتين 1-3
-
مقبل حلم الحرية الذي لايشبه القادة -الفارغين- 2-2
-
مدونة السلوك الوظيفي أداة لتفجير المجتمع
-
مقبل: حلم الحرية الذي لايشبه القيادات الفارغين 1-2
-
عبد العزيز المقالح الإنسان
-
الهاشمية السياسية -ملاحظات على التعقيبات- 5-4
-
الهاشمية السياسية -ملاحظات على التعقيبات - 5-5
-
الهاشمية السياسية -ملاحظات حول التعقيبات- 5-3
-
الهاشمية السياسية - ملاحظات على التعقيبات- الحلقة الأولى 1-5
-
الهاشمية السياسية -ملاحظات على التعقيبات 2-5
-
في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 5-5
-
في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 4-5. الإمامة والهاشمية السيا
...
-
في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 3-5 الإمامة، والهاشمية السيا
...
-
في صوابمصطلح الهاشمية السياسية 3-5 الإمامة، والهاشمية السياس
...
-
في إشكالية مصطلح الهاشميية السياسية 2-5
-
في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 1-5 مقاربة أخرى
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|