|
ياسر عرفات كان على حق
تيسير خالد
الحوار المتمدن-العدد: 7482 - 2023 / 1 / 4 - 12:00
المحور:
القضية الفلسطينية
بقلم : تيسير خالد انطلت حيلة بن غفير على الكثيرين من الذين صدقوا أنه قرر تأجيل اقتحامه لساحات المسجد الأقصى كوزير للأمن القومي في حكومة بنيامين نتنياهو السادسة . بن غفير فاجأ الجميع وقام بعملية الاقتحام معززا بقوة كبيرة من الشرطة التي خصصت لحراسته وتمكينه من فعلته . بنيامين نتنياهو لم يكن بعيدا عن المشهد ، فهو لا يرضي لنفسه ان يكون آخر من يعلم أو ( شاهد ما شافش حاجة ) ، فجاءت ردود الفعل واسعة بما في ذلك ردود الفعل الاجنبية والعربية المطبعة مع الكيان الاسرائيلي ، فالجميع شعر بالخذلان ووقع تحت وطأة الخديعة . ولكن ما الذي يريده بن غفير من فعلته ، هل تكرار الممارسات الاستفزازية التي اعتاد ان يقوم بها في غير مناسبة قبل ان يصبح وزيرا . الجواب على هذا السؤال في متناول اليد ، فوزير الأمن القومي الاسرائيلي هو الآن في موقع صاحب القرار ، إنه صاحب الشرطة وخطواته من هذا الموقع لها مدلول أبعد من الاسنفزاز ، الذي اعتاد الجميع عليه . صاحب الشرطة يريد بهذه الخطوة الوزارية أن يختبر ردود الفعل على ما هو ابعد من الاستفزاز في مخططاته ، ولا أظن أن هذا يزعج نتنياهو ، فلماذا لا تكون أفعال صاحب شرطته بالون اختبار . كثير من الحكام في موقع المسؤولية الاولى يستخدمون مثل هذه الأساليب لقياس ردود الفعل والبناء عليها ، ونتنياهو مع بن غفير ليس استثناء بل هما القاعدة لما هو أبعد , فكلاهما يخططان لخطوة بعيدة المدى في تأثيراتها ، وهي خطوة يجب ان تذكر الجميع بالتقسيم المكاني والزماني للحرم الايراهيمي الشريف في الخليل . فمن الاستيلاء على الحضرة الابراهيمية وتحويلها الى كنيس يهودي الى قرار لجنة شمغار بعد مجزرة الحرم الابراهيمي الشريف ، التي ارتكبها شبيه بن غفير عام 1994 ، تم انجاز المهمة . هكذا هو المخطط للمسجد الأقصى المبارك وهو ليس مخطط بن غفير وحده بقدر ما هو وجهة بنيامين نتنياهو ، الذي يكرر الادعاء دون ملل مستعينا بالأساطير وأقوال العرافين بأنه لم يأت وأسلافه الى هذه البلاد غزاة على ظهر وعد بريطاني بل محررا لأرض الآباء والأجداد ، وهي اساطير تزخر بها أسفار الملوك والأيام . المخطط واضح وهو التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى ، خطوة على طريق إعادة بناء الهيكل المزعوم . وفي حديث الأساطير فإنها ترسم لنا في العادة صورة اقرب الى الخيال منها الى الواقع عن عادات و تقاليد وطقوس فى مجتمع معين ومرحلة في التاريخ معينة لتقوم في العادة بتضخيم الشخصية او الحدث وتكسبه رمزية او حتى قداسة ، وهو ما نجده كثيرا في الميثولوجيا الدينية ، التي لا تقتصر على شعب معين او فئة بشرية معينة . فكثير من الشعوب والفئات البشرية لها أساطيرها بما في ذلك الدينية . وعلى كل حال ، كلما ابتعدنا في الزمن عن حدث الاسطورة الدينية او غيرها كلما تغيرت صورتها زيادة او نقصانا حتى ترسو بصورتها النهائية على اعتبارها امرا لا يقبل التشكيك . اسطورة الخلق مثلا موجودة في ملحمة جلجامش البابلية فقد خلق الله انكيدو من الطين ، تماما كما كان الحال في سفر التكوين . حتى في الأساطير الهندوسية والأساطير الصينية خلق الانسان من تراب الارض ، لا يهم هنا لون ذلك التراب فقد يكون أصفرا كما هو الحال في الأساطير الصينية . الهيكل المزعوم هو أيضا من ذلك النوع من الأساطير او الميثولوجيا الدينية ، بناه سليمان لعبادة الرب ، غير انه استضاف الى جانب يهوه اربابا آخرين تجسدوا في تماثيل احتلت مكانها في الهيكل لآلهة زوجاته من المؤابيات والصيدونيات والآدوميات والعمونيات والحثيات والقبطيات ، ما استدعى غضب الرب ووعيده بتمزيق مملكته بعد وفاته مباشرة . مثل ذلك الهيكل لم يعثر عليه علماء الآثار ، فقد كان اسطورة . لم يكن لذلك الهيكل معنى او وجود عند القبائل العبرانية التي استوطنت شمال بلاد كنعان ، تماما كما هو الحال مع السامريين هذه الأيام . فأورشليم لا تعني لهم اكثر من مدينة عادية ، أما هيكلهم فهناك على قمة جبل جرزيم لمدينة نابلس . هيكل بن غفير وغيره من أمناء وجماعات الهيكل له قصة مختلفة وهي قصة مشوقة وتنتمي الى عالم الميثولوجية الدينية . هي قصة فريدة في نوعها ، اسطورة ليس كغيرها من الأساطير ، فهي وفقا لأسفار الملوك والأيام وتحديدا سفر الملوك الأول ( الاصحاح الثاني ) على النحو ، الذي يؤكد انتماءها لعالم الميثولوجيا الدينية . المواد المستخدمة في البناء وعدد العمال كان خياليا ، فالذهب المستخدم في البناء كان مائة ألف وزنة ، [ والوزنة تعادل ستة عشر جراما تقريبا] أي : 1,6 طن من الذهب ، والفضة : مليون وزنة أي : 16 طن ناهيك عن الحديد والنحاس بلا وزن ، فضلا عن أخشاب لبنان وحجارة ما وراء النهر . بناء ذلك الهيكل المزعوم استغرق سبع سنوات وكان عدد العمال المشاركين في البناء 180 ألف عامل ، منهم 30 ألف عامل أرسلهم سليمان إلى لبنان لقطع الأشجار وعليهم رؤساء عددهم 3600 أو 3400 حسب اختلاف الأسفار في عددهم . اما مساحة البناء بطبقاته فكان ستون ذراعا (30 مترا تقريبا) طولا ، وعرضه عشرون ذراعا (10 أمتار) ، وارتفاعه ثلاثون ذراعا (15 مترا) ، مع رواق أمامه طوله عشرون ذراعا وعرضه عشرة أذرع .ذلك يعني اننا امام بناء صغير لا يحتاج بناؤه كل هذه السنوات ومثل هذه المواد وهذا العدد الهائل من العمال . بن غفير بأعماله الاستفزازية الشيطانية كغيره من جماعات الهيكل ، يحملون في ايديهم أعواد ثقاب وعلى اكتافهم براميل بارود ، يرقصون في باحات المسجد الأقصى ، يمجدون الاسطورة ويرون فيها ضالتهم وأعينهم على التقسيم المكاني والزماني ، خطوة على طريق إعادة بناء الاسطورة . أما نتنياهو فغير بعيد عن ذلك ، فهو كذلك يعتقد ، كما كان حال بن غوريون ، أن مملكة الرب حدودها خط حمص في الشمال السوري ومركزها هيكل لا تكتمل المملكة دونه . وفي المقابل كان ياسر عرفات على حق . ففي كامب ديفيد خاطبه الرئيس الاميركي بيل كلينتون منوها بشجاعته يطلب منه الاعتراف بوجود الهيكل المزعوم في المكان . عرفات أدار ظهره للرئيس ورفض طلبه بشجاعة وأحاله الى الطائفة السامرية على جبل جرزيم .
#تيسير_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من جيش الشعب الى جيش الرب ..تحولات في مسار صعود الفاشية
-
بنيامين نتنياهو ، ميكافيلي من الطراز الوضيع
-
دولة الاحتلال تبني من خلال الاستيطان نظام فصل عنصري في الضفة
...
-
لبيد ليس بن غفير ، ولكنه شبه فاشي بالتأكيد بقلم : تيسير خالد
-
حكومة نتنياهو والانقلاب الجديد في منظومة الحكم في اسرائيل بق
...
-
هرتسوغ أصاب في التعبير عن قلقه وأخفق في تقديم النصائح
-
صعود الفاشية في اسرائيل تضع الفلسطينيين أمام تحديات مصيرية
-
عملية - كاسر الأمواج - الاسرائيلية ترفع مستوى الغضب واللهب ف
...
-
في اسرائيل يتجاهلون السمة الشيطانية للعلاقة مع اليمين المتطر
...
-
صبرا وشاتيلا ومسؤولية اسرائيل والولايات المتحدة عن الجريمة
...
-
نعم .... هناك أمل وهناك ضوء في نهاية النفق
-
خواطر في أوجه الشبه بين يورغ هايدر وكل من بن غفير وسموتريتش
-
معاداة السامية ، صنم عبادة قادة اسرائيل والحركة الصهيونية
-
قراءة في واقع النظام السياسي الفلسطيني في ظل الانقسام
-
لو كنت في موقع المفاوض الفلسطيني في القمة الاقتصادية المرتقب
...
-
الاستيطان الاستعماري يؤسس لبناء نظام التمييز العنصري الاسرائ
...
-
الانتخابات القادمة تبشر بصعود القوى الفاشية في اسرائيل
-
حرب هجينة في اوكرانيا تقودها الولايات المتحدة لضمان هيمنتها
...
-
لا أمل في هذا الرجل ...فقد هبط على المحكمة بمظلة صهيو – أمير
...
-
للنكبة روايتان : الأولى تاريخية تعكس الحقيقة والثانية محض أك
...
المزيد.....
-
-لا مؤشرات على وجود حياة-.. مشاهد صادمة تلاحق الفلسطينيين مع
...
-
كيف تضغط العقوبات النفطية الأمريكية على أساطيل الظل لروسيا و
...
-
رؤساء سوريا عبر التاريخ: رئيس ليوم واحد وآخر لأكثر من عقدين
...
-
السودان.. حميدتي يقر بخسائر قواته ويتعهد بطرد الجيش من الخرط
...
-
الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي تم رصده م
...
-
برلماني مصري من أمام معبر رفح: الجمعة القادمة سنصلي في تل أب
...
-
السودان.. قوات الدعم السريع تتوعد بـ-طرد- الجيش من الخرطوم
-
السلطات النرويجية تبلغ السفارة الروسية بعدم احتجاز طاقم السف
...
-
الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب تعتبر قناة بنما أصولا استرات
...
-
قوات كييف تهاجم مدينة إنيرغودار مجددا حيث تقع محطة زابوروجيه
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|