أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - زائر الليل














المزيد.....


زائر الليل


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 7482 - 2023 / 1 / 4 - 02:23
المحور: الادب والفن
    


كان اليوم الثاني من عودتهما بعد قضاء ثلاث أيام من العسل وذلك لظروفهما المادية، و لسوء الأحوال الجوية حيث صادف زواجهما في فصل الشتاء .وقد اتفقا مع نجار الموبيليا على أن يكون الأثاث الغرفة حين عودتهما جاهزة حسب وعده لهما , حيث استلم معظم نقوده , ولكن النجار نكث بوعده ولدى عودتهما كان نصف المواد غير جاهز , كل ما قام بتجهيزه السرير أما الخزانة كانت الأبواب غير جاهزة . حيث أصبح منزلهماالصغير المكون من غرفة - بالاسم صالون - وغرفة منامة محصورة لا يستطيع المرء التحرك بداخلها , غير مرتب لا يمكنهم استقبال الضيوف .

رن جرس الباب , سألته من يكون في هذا الوقت المتأخر من الليل .

- أكيد أحد من أهلي , قد يكون أخي جالباً بعض من الحلويات، أحب أن "يضيفنا "قبل أن يذهب إلى منزله .

كانت السماء ملبدة بالغيوم وأنوار الشارع منطفئة واحتمال الكسر وارد , لأن أولاد الحارة يقذفون بالحجارة إلى عامود الكهرباء وكأنه دريئة يتدربون عليها للرماية .

فتح الباب ودون أن يمد رأسه للخارج منتظرا الطارق للدخول , فجأة ظهر أمامه شبح شخص ملثم , ذي هامة كبيرة , هزه الخوف الكامن في داخله , كاد قلبه يقفز خارج صدره , ارتعدت أوصاله لاشعورياً ولم يعد قادراً على النطق , تسمر في مكانه للحظات ,كان ضوء المنزل ينعكس إلى وجهه الملثم , لم يتراءى له سوى عيناه الجاحظتين , ولم يدر كيف بدر منه صوت خافت :

- أهلا وسهلا , هل من خدمة أقدمها لك .

- لم ينطق !!! .

- قال في سره : لعله يبحث عن بيت أحد السائقين، أو أحد معارفه ولم يعد يتذكر الاسم. هناك أناس ينسون الأسماء بسرعة، وقد يكون هذا واحد منهم ومصاب بهذا المرض اللئيم , عسى خيراً يا أخ , هل تبحث عن أحد في هذا الليل..؟

- ظل الملثم صامتاً , وعيناه تتفحصان صاحب الدار من رأسه إلى أخمص قدمه , تحرك صوبه ودون أن يستأذن له بالدخول ولج الدار , لم يعد يتمالك نفسه , غمر بحر من الحيرة والارتباك , مدد يده المرتجفة إلى صدر الملثم لصده وباليد الأخرى لنزع اللثام ليكشف عن وجهه وبرهبة سيطرت على كيانه سأله : عفوا لحظة , إلى أين ..؟. و ماذا تريد ؟ .

- تأتأ قائلاً : دعني أدخل وأشر بكلتا يديه حركات إيمائية على انه جائع , ثم ردد بثقل : جائع , طعام !.

- استغرب لهيئته , تردد في دخوله , كونه يعلم إن دخوله في هذا الوقت المتأخر من الليل لمنزله غير مأمون قد لا تحمد عقباه , و هذا الشخص غريب ليس من بلدته ولا حتى من قراها , انه في الأربعينيات من العمر وقال في سره : لو من منطقتنا لرأيته أو لمحته ذات مرة في السوق , في الأعراس أو العزوات , غريب أمر هذا الرجل , ولكن كلمة (( جائع )) آلمه ومزقه من الداخل , سيطر على جسده قشعريرة جعله ينصرف من مخاوفه وتردده وأدخله إلى الصالون .

كانت عروسه مترددة لا تجرؤ دخول الدار , ترتعد وجلا ًوتهمس: سأهتف لأهلك , إن أطواره غريبة , ثم اقتربت بخوف من الباب ومدت عنقها وقالت:

- انظر ..!. كيف تمدد واستلقى على البساط، وسحب وسادة دون أن ينتظرك , غداً سأحرق تلك الوسادة لأنها تعشش فيها قمله , مستحيل أن يكون شخصاً سوياً , إن تصرفه وحركاته تدل على إنه مختل عقلي , زفرت بغيض واستأنفت : هل من الحكمة أن تسمح لإنسان تجهله لا تعرفه , لو كان في وضح النهار لقلنا فقير أو معتوه وجائع وأدخلناه , لماذا سمحت له بالدخول , ألا تخاف على أنفسنا , في هذه الأيام من لا يحسب لا يسلم ؟.

- لا يجوز يا امرأة أنه جائع وطرق بابنا , المقدر والمكتوب ليس له من هروب , اذهبي واحضري الطعام ولا تنسي الشاي ..؟.

كان الضيف لا يأبه بما يدور من حديث بين الزوجين , ينظر للسقف وللستارة المؤقتة للنافذة ومد يده للستارة لمسها و"دعكها" بين أصابعه ورفعها قليلاً ،وبدأ يلتفت يمنة ويسرة ولا يتفوه بشيء وحدقتاه كبندول الساعة لا تهمدان , حاول أن يأخذ منه معلومة , حادثه , سأله عن اسمه ومن أي مكان , هل له أقارب هنا في المنطقة , لكن دون جدوى .

لدى حضور الطعام , تناول بضع لقيمات لا تدل على إنه كان جائعاً كما ادعى، وشرب كأساً من الشاي الساخن وقبل أن يكمل المضيف كأسه , سمع رنة غريبة ظنها من هاتفه المحمول في غرفة المنامة , توجه لجلبها إلا أن الهاتف لم يكن متصلا , وما إن رجع إليه رآه قد انتصب واقفاً , رفع كفه المبسطة كتحية شكر وبعجالة انتعل الحذاء وغادر .

- تنفسا الصعداء وكأن هماً كبيراً قد زاح عن كاهلهما .

بعد إغلاق الباب مباشرة ،لاحظا بأنه قد ترك حذاءه، وانتعل حذاء آخر , أسرع نحو الباب للحاق به , لكنه اختفى بلمح البصر في ذاك الشارع الطويل, وغادر النوم جفونهما حتى طلوع الشمس , وترك في ذهنهما أسئلة عدة لم يحصلا على إجابتها حتى اللحظة .



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاسد ؟؟؟
- المعطف...
- بمناسبة يوم اللغة العربية
- من الذاكرة المنسية
- -بائعة الخبز -
- الادارة والمجلس و« المغارة » ...الأخوين قاسم و علي بابا .
- مقال
- - كورد سوريا والعام الجديد -
- - وماذا بعد سجن الصناعة في الحسكة -
- قصة قصيرة - الارستقراطي .
- الخرائط الجديدة والترقّب
- الاخطبوط التركي أمام صمت الأمم
- مذكرات ..خوشو ..مبدعاً..؟.
- قصة قصيرة - المشهد..؟.
- قصة قصيرة خبر مثير...لاجتماع الحمير ..؟.
- - تركيا ...والرقص مع الفيلة -
- الجسر _ قصة قصيرة
- - تركيا و التهديد بين حين وآخر بورقة المياه ..-
- ثورة أيلول والآمال على 14تموز
- قصة قصيرة


المزيد.....




- شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43 ...
- اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
- ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران- ...
- 80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع ...
- بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب ...
- مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند ...
- كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت ...
- إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
- هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف ...
- كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - زائر الليل